الديمقراطية.. كيف يجب أن تكون في عصر الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
مؤيد الزعبي
كل ما نعرفه عن كيفية ممارسة الديمقراطية هي مفاهيم وأساليب قديمة، فلم يكن بمقدور البشر التنقل بسرعة ويسر قبل 200 عام فتم تحديد آليات ممارسة التصويت أو الاقتراع بناء على هذه الإمكانيات، ولكن ما قولك عزيزي القارئ أننا اليوم لا نحتاج للتنقل لممارسة هذا الحق فبكبسة زر نستطيع أن نمارس هذا الحق وبكبسة زر يجمع ويحلل لنا الذكاء الاصطناعي نتائج التصويت، فكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على الديمقراطية في قادم السنوات؛ سلبًا وإيجابًا لا تقلق عزيزي القارئ لسوف أبحث معك الجانبين من خلال هذا الطرح.
قبل أسابيع قليلة كنت شاهدًا على عملية انتخابية برلمانية في إحدى الدول العربية، والحقيقة ما لفت انتباهي جيدًا هو استخدام الأنظمة الذكية في عمليات الاقتراع وفرز الأصوات وكيف كانت مثالية لدرجة تقول في نفسك؛ لماذا لا نستخدم هذا النموذج في الكثير من الأمور ويصبح لدينا نظام تصويت شعبي مغاير لما هو تقليدي، ونوجد أنظمة قادرة على مشاركة الشعب بشكل أكبر طالما التقنية والقدرات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي يخدم تطلعاتنا هذه.
الديمقراطية؛ قالوا لنا مرارًا بأنها حكم الشعب للشعب، وقالوا مرارًا إنها صندوق اقتراع ولك حرية الاختيار، ولكن ماذا عن توجيه الذكاء الاصطناعي لاختياراتنا والتحكم خفية بطريقة تفكيرنا، فهل هذه ديمقراطية كما وصفوها لنا أم هي محاولة للالتفاف على مفهومها وأساليبها؟، أنت تعرف الإجابة أكثر من عزيزي القارئ، وبخلاف الإجابة التي وضعتها برأسك تخيل معي كيف لدول أن تقوم بالتدخل والتشويش والتأثير على سير العمليات الانتخابية سواء عن طريق القرصنة أو باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا ما بدأ فعلًا قبل سنوات وسنكون خير شهداء عليه في قادم الوقت.
رغم أن التأثيرات والمؤثرات ستكون كثيرة على عمليات الديمقراطية في العالم بأسره ولكن أنا أجد بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعلنا أكثر قربًا من الشكل الافلاطوني لمدينته الفاضلة ونؤسس لمدن يتشارك فيها سكانها باختيار ما يريدونه وما يتطلعون إليه من القائمين على مدنهم ودولهم، وبالطبع ليس بالضرورة أن يكون هذا الأمر مرتبط فقط بالسياسة، فحتى الأشياء الاجتماعية أو التخطيط لمستقبل الحياة الاجتماعية والتعليمية والطبية والنفسية يمكن للناس المشاركة فيها من خلال استفتاء إلكتروني لا يُكلف الحكومات إلا منصات قادرة على حماية بياناتها وسهولة الوصول إليها، وحينها سيكون بمقدور الناس المشاركة في اتخاذ القرارات المناسبة لهم ولحياتهم، وعلى أن يكون لهذا الأمر جزء من خطوات اتخاذ أي قرار حكومي أو إداري، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكننا تصميم نماذج تفكير مجتمعية تُعرفنا على تطلعات الناس بناء على نتائج هذه الاستفتاءات.
ومع سعينا لتصميم مستقبلنا ومستقبل حياتنا ومستقبل مدننا فيجب أن نفكر بشكل جدي في كيفية تصميم مستقبلنا الديمقراطي بما يخدم مصالحنا كبشر وبما يتناسب ويتواجد من تطورات تكنولوجية قادرة على تحقيق أحلامنا في هذا الجانب، وأنا اعترف أن الأمر تحفه الكثير من المخاطر، ولكن هذا لا يمنع من التجربة ومحاولة إدخال مثل هذه النماذج حيز التنفيذ لنصل لمفاهيم الديمقراطية التي نريدها ونحتاجه في المستقبل، خصوصًا وأن العالم بات أكثر انفتاحًا وأكثر عولمة وتداخل كل هذه الأمور مع بعضها البعض يفتح الباب على مصرعيه لتغييرات جذرية في كيفية تعاطينا مع الديمقراطية بشكلها وبمفهومها الصحيح بعيدًا عن المفاهيم الغربية التي أتحفظ عليها في الكثير من الأمور.
إننا اليوم نمتلك تكنولوجيا يمكن أن تجعل حكوماتنا أكثر قربًا من شعوبها، ونمتلك القدرة لنجعل الشعب أكثر قربًا من قرارات حكوماته والتكنولوجيا التي بين أيدينا من سجلات رقمية وهويات رقمية وتطبيقات حكومية متطورة فلماذا لا يتم استحداث منصات تلبي احتياجات المواطنين في تصميم مستقبلهم، أو انشاء منصات تسمح للمواطنين بإبداء آرائهم وأفكارهم وتطلعاتهم حول قضية ما.
الذكاء الاصطناعي وقدراته سيمكننا من خلق منظومة ديمقراطية لا مثيل لها تتصف بالنزاهة والعدالة، وصحيح أن هناك نظرة عامة أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى تراجع الحرية الشخصية؛ حيث يمكن استخدامه لتتبع ومراقبة المواطنين، إلّا أننا يجب أن نحوِّل هذه المخاوف ونجعلها أداة قادرة تقليل الفجوة بين الحكومات وشعوبها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
بعد حصولها على جائزتين دوليتين: في المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
مسقط- الرؤية
حصلت الطالبة في بنت سالم المحروقية من مدرسة دوحة الأدب (10-12) بتعليمية محافظة مسقط، على جائزتين خاصتين في المعرض الدولي للعلوم والهندسة من خلال مشروعها: نهج قائم على التعلم الهجين لتحسين صور الرئة، وتشخيص الأورام، والتليف الرئوي بشكل أكثر دقة وفعالية.
وتقول الطالبة: "انطلقت فكرة مشروعي من ملاحظتي لأهمية تحسين دقة، وسرعة تشخيص أمراض الرئة، في ظل الارتفاع المستمر في أعداد المصابين عالميًا؛ ومن هنا استلهمت الفكرة من شغفي بالتقنيات الحديثة، لا سيما الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وحرصي على توظيفها في مجالات تخدم صحة الإنسان".
وتضيف: واجهتُ تحديات عديدة، من أبرزها تعقيدات النماذج التقنية، وصعوبة الحصول على بيانات طبية عالية الجودة، لكن بالإصرار، والدعم، والتعلم المستمر، تمكنتُ من تجاوزها.
وتشرح المشكلات التي يعالجها المشروع بقولها: يعالج المشروع تحديات حقيقية في المجال الصحي، خصوصًا في تشخيص أمراض الرئة مثل الأورام، والتليف، إذ يُسهم النظام في تحسين جودة الصور الطبية، ويعتمد على تقنيات تعلم الآلة؛ لاكتشاف المؤشرات المرضية بدقة عالية، مما يمكّن الأطباء من التشخيص السريع، والدقيق، وبالتالي الإسهام في إنقاذ الأرواح، وتخفيف الضغط على الأنظمة الصحية.
المشاركة في المعرض الدولي
وعن مشاركتها في المعرض الدولي، تقول: كانت تجربة ثرية للغاية؛ منحتني فرصة تمثيل بلدي سلطنة عُمان على منصة عالمية، والتعرف إلى مبدعين من مختلف دول العالم، وتبادل الأفكار مع مشاركين من خلفيات علمية متنوعة، واطّلعت على مشاريع رائدة في مجالات متعددة، هذه التجربة عززت ثقتي بنفسي، وفتحت أمامي آفاقًا جديدة للتطور العلمي، والبحثي.
وتستذكر لحظة إعلان فوزها: لحظة إعلان فوزي بجائزتين خاصتين كانت من أجمل لحظات حياتي؛ شعرتُ بفخر عظيم، وسعادة لا توصف؛ لأن كل التعب والجهد الطويل تُوِّج بهذا الإنجاز، كانت لحظة امتزجت فيها مشاعر الامتنان، والإنجاز، والانتماء، وأعتبرها نقطة تحول مهمة في مسيرتي العلمية.
الدعم والتدريب
وتتحدث عن دور الوزارة، والمدرسة في هذا الإنجاز: قدّمت الوزارة دعمًا كبيرًا لمشاركتي في المعرض، من خلال مجموعة من المبادرات، والإجراءات التي كان لها أثر بالغ في تمكيني من تمثيل الوطن بشكل مشرّف وفعّال؛ فقد وفّرت برامج تدريبية، وورش عمل متخصصة ساعدتني على تحسين مهاراتي في العرض والتقديم، بالإضافة إلى دعم معنوي مستمر، واهتمام ملحوظ بهذه المشاركة.
وتؤكد أن للمدرسة، والمعلمات دورًا كبيرًا ومحوريًا، يتمثل قي دعم مشرفتي، ومعلمتي إيمان بنت علي الرحبية، أثر بالغ في تحفيزي منذ بداية المشروع؛ إذ وفرت لي بيئة تعليمية مشجعة، ورافقتني خطوة بخطوة، وآمنت بإمكانياتي، وقدراتي على الوصول إلى العالمية، هذا الدعم المعنوي والعلمي شكّل حافزًا قويًا للاستمرار والتفوق.
وتتابع حديثها: الوصول إلى المنصات الدولية ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب صبرًا، وإصرارًا، وعملًا جادًا. النجاح لا يأتي من فراغ، بل من شغف حقيقي، وتطوير مستمر، وإيمان بالنفس. كل من يمتلك فكرة هادفة ويثابر لتحقيقها، قادر على الوصول والتميّز عالميًا.
الطموح والتطوير
وتقول عن طموحاتها المستقبلية: أطمح على المستوى العلمي إلى التخصص في مجال الذكاء الاصطناعي، ومواصلة أبحاثي في ابتكار حلول تقنية تُحدث أثرًا حقيقيًا في حياة الناس، أما على المستوى الشخصي، فأرجو أن أكون نموذجًا مُلهمًا، وأسهم في دعم وتمكين الشباب العماني للمنافسة على الساحة العالمية.
وتختتم حديثها: أعمل حاليًا على تطوير النموذج ليكون أكثر دقة وفعالية، وهناك خطة لتجريبه بالتعاون مع جهات طبية متخصصة، وأسعى أن يتم اعتماد هذا النظام، وتطبيقه فعليًا في المستشفيات والمؤسسات الصحية، ليسهم في تحسين مستوى الرعاية الطبية، وتشخيص أمراض الرئة بدقة أكبر.