سيد حُسين يكتب: الحقيقة الغائبة.. في باحات الأقصى
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
فى ساحات الخطيئة تتوه الحقيقة، يصبح القاتل ضحية، والضحية قاتلًا همجياً.. صمتٌ مطبق فى أروقة المجتمع الدولى وبوادر احتراب واصطفاف لم تشهده الأرض منذ إرهاصات الحرب العالمية الثانية، اختفى من ينتصر للثكالى والأرامل والأطفال الذين دفنت جثثهم غدراً تحت أنقاضٍ مخضبة بالدماء، بات الدم الفلسطينى هيناً على طاولة اجتماعات القادة فى الغرب، صُمّت آذانهم عن جرائم الحرب المكتملة، يستنهضون الهمم بالأكاذيب والادعاءات فى محاولة متعمدة لتغييب الضمير الإنسانى فضحتها استقالات بعض من يتمسكون ببقيةٍ من نُبل.
عقب طوفان الأقصى ظهرت حالة الاصطفاف الدولى على صعيد المعسكرين (الشرقى والغربى)، وفق دوافع ظاهرها التحالفات السياسية، إلا أن باطنها عقائدياً -باستثناء روسيا والصين- لتسود حالة التطرف اليمينى فى التصريحات والسياسات الغربية، وسط أجواء من القلق تجلت فى إعلان حالة التأهب من قبل بعض الأطراف استعداداً لحرب شاملة، مقابل محاولات عاقلة للتهدئة من قبل الدول العربية.
غابت الحقيقة عن طاولات النقاش والتشاور، غرباً وشرقاً، بعد تجاهل التوصيف الحقيقى للحرب على غزة، فالغرب يدعى حق الاحتلال الغاصب فى الدفاع عن نفسه ويتجاهل حق المدنيين فى الحماية وفقاً للقانون الدولى وحقهم فى الدفاع عن أرضهم، يؤيدون حرب إبادة يقودها اليمين الإسرائيلى الساعى إلى السيطرة على مقدسات إسلامية.
ويشنون حرباً إعلامية ضد حركة تباشر الدفاع عن أراضيها وفقاً لحقوق تاريخية ومبادئ عقائدية بعيدة كل البعد عن السياسة وأروقتها، فالحرب بين الطرفين، حربٌ عقائدية مهما حاولوا تغييب تلك الحقيقة، كما أنّ القوى الدولية الداعمة للطرفين تُباشر دعمها من منطلق عقائدى، حتى وإن أنكر جميع المنخرطين فى تلك الحرب، ما بين أطراف أصيلة أو داعمة، لتبقى التحركات الشعبية مؤكدة لتلك الحقيقة التى يتعمد الجميع تجاهلها.
ربما كانت اتفاقات إبراهام محاولة لحل المعضلة الفلسطينية بتقريب وجهات النظر العقائدية حول المقدسات الإسلامية، وخلق دولة تضم الجميع وفق فكرٍ حالم، إلا أن هذا الحل لم يجد قبولاً لدى أى طرف يرى فى تلك المقدسات حقاً أصيلاً له، ولا ننسى اغتيال رابين بعد تطلعه للسلام، الأمر الذى يفرض إشكالية جديدة حتى حال اعتماد حل الدولتين، لتكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، فهل سيتخلى الاحتلال عن هذا الحلم العقائدى المتأصل فى أيديولوجياته وأدبياته، وهل يقبل الفلسطينيون بخطط دولة الاحتلال فى تصفية القضية؟.
إذا افترضنا جدلاً أن اتفاقيات التطبيع استهدفت خلق توافق حول حلول سياسية للعلاقة الشائكة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإنها اكتفت فقط بمراسم تظهر مشتركات الأديان السماوية دون مناقشة حقيقية للخلافات العقائدية المتأصلة بين مختلف الشرائع، وأعتقد أن الموروث الثقافى لدى الأتباع كافة يحول دون خلق اتفاق على مشتركات، نظراً لتاريخ التداخل العميق بين الدين والسياسة على صعيد الدول والحركات الدينية.
ويجب على المعنيين بتلك الاتفاقات مراعاة ثقافات الشعوب وأيديولوجياتهم الخاصة بتلك القضية مع طرح أسئلة جادة حول إمكانية خلق مشترك واضح، ورغم الجهود إلا أننى على يقين بأن الخلاف العقائدى لم يعد هو وحده الأساس ولكن تداخل السياسة فى الشرائع وصناعة كيانات متطرفة خلق حالة من الاحتراب والاصطفاف لن يستطيع العالم تجنبها إذا استمرت حالة الاستقطاب.
سيناريوهات عدة تفرضها تفاصيل الحرب القائمة على الأراضى الفلسطينية بشأن مستقبل المنطقة والصراع الدولى، وفق معطيات على الأرض، أبرزها حالة التصعيد البادية فى تحركات جيش الاحتلال المدعومة بتحركات أمريكية وغربية تحت مسمى خطة الردع الإقليمية، تقابلها تحركات وتصريحات عربية وإيرانية وصينية وروسية رافضة لجرائم القتل العمدى لسكان القطاع والتحذير من تداعيات التهجير.
وحال تدهور الأوضاع ربما تنتقل الخطط الحربية الأمريكية إلى الشرق الأوسط عبر استدعاء قوات التحالف الدولى لحرب عقدية تستهدف إعادة ترتيب موازين القوى بما له من تداعيات قاسية على المنطقة ودول العالم بشكل عام، إلا أن المؤشرات تؤكد أن تلك الحرب لن تكون نزهة لقوات التحالف، فى مقابل سيناريوهات التهدئة وكبح جماح حالة التعصب الغربى الأعمى، ورغم ذلك ستظل نار الغضب مشتعلة تحت رمادٍ سرعان ما تذروه ريح يوم عاصف لتعود حالة الاحتراب إلى المنطقة مرة أخرى طالما ظلت القضية الفلسطينية عالقة دون حل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التحالفات السياسية الحرب العالمية الثانية فلسطين إسرائيل قطاع غزة إلا أن
إقرأ أيضاً:
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية أمنية مشددة (شاهد)
اقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك صباح اليوم الثلاثاء، وقاموا بأداء طقوس تلمودية.
وأحاطت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بالمستوطنين المقتحمين للأقصى، موفرة الحماية الكاملة لهم.
وتحضّر جماعات الهيكل الاستيطانية لاقتحام كبير للمسجد الأقصى المبارك يوم الاثنين المقبل، الذي يوافق 26 أيار/ مايو الجاري.
ويطلق المستوطنون على هذا اليوم "يوم القدس"، ودعوا إلى تكثيف الحضور لتنفيذ اقتحام كبير لباحات المسجد الأقصى.
بحراسة الاحتلال .. المستوطنون يؤدون طقوساً تلمودية خلال اقتحامهم المسجد الأقصى المبارك pic.twitter.com/eIPKwDDp3A
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) May 20, 2025