دمشق-سانا

ذهبت الباحثة غدير وهبة إلى الآثار الكلاسيكية لتصل إلى الإلمام بمعنى الآثار الحقيقي، وترتيب التسلسل الزمني والمنهجي لحركة الآثار الزمنية وتعاقبها وأثرها الحضاري عبر الزمن.

وفي حديث لـ سانا قالت وهبة: لم يكن هذا الاختيار عبثياً، وإنما قد تم بناء على أهمية هذا العلم من جهة، حيث تم تصنيف علم الآثار الكلاسيكية على أنه عميد علوم الآثار، فهو العلم الذي يهتم بدراسة وتفسير المخلفات المادية للحضارتين (الإغريقية والرومانية)، إضافة إلى الحضارة البيزنطية منذ بدايتهما الأولى (في القرنين التاسع والثامن ق.

م)، عندما شرعت دول المدن تطور مؤسساتها ونظمها الخاصة، وحتى اندماجها التدريجي في عالم البحر المتوسط في القرن الرابع ق.م، حيث نشأت الحضارة الهلنستية.

ويعتبر علم الآثار الكلاسيكيّة حسب وهبة العلم الأم لجميع علوم الآثار الأخرى، ولا يزال حتى اليوم يحتل مركز الصدارة، إذ نشأ وترعرع في عصر النهضة الأوروبية، وكان وليد الرغبة في فهم أفضل لحضارة بشرية اعتبرها مفكرو النهضة القدوة والمثال الذي يجب أن يحتذى به في المجالات كافة.

وأضافت وهبة: الآثار هي جزء من التراث، فالتراث بالمعنى العام (هو ما خلفه لنا الآباء والأجداد بالتقادم)، وله نوعان: معنوي (لا مادي) يشمل المفردات والعادات والتقاليد والمأكولات، والأغاني الشعبية والرقصات.. الخ، و(مادي) متمثل بالأدوات والأواني والفنون والمباني، مبينة أن الآثار هي الجزء المادي من التراث أي المخلفات المادية المنقولة (الفخار والنسيج والمعادن والحلي والمسكوكات والمنحوتات ..الخ)، وغير المنقولة (المسارح والمعابد والقصور والمدافن.. الخ).

وحسب وهبة فإن الحدود بين التراث المادي (الآثار) والتراث المعنوي قد تكون غير واضحة في بعض الأحيان، حيث يمكن أن تتداخل بعض العناصر على سبيل المثال، فيمكن أن تكون المباني الأثرية ذات قيمة معنوية كبيرة للمجتمع، فضلاً عن قيمتها المادية كهياكل معمارية.

وأوضحت وهبة أن عمر الإنسان أقدم بكثير من الألف الرابع ق.م، وإنما ينسب إلى ما نسميه عصور ما قبل التاريخ أو العصور الحجرية، ونعني بها العصور التي سبقت معرفة الكتابة، إذ علمنا أن الإنسان الأول قد ظهر منذ ما يزيد على مليوني سنة، ولكنه لم يخترع الكتابة إلا في مطلع الألف الثالث ق.م، لأدركنا كم كانت عصور ما قبل التاريخ طويلة قياساً إلى العصور الكتابية التاريخية التي لا تمثل إلا الخمسة آلاف سنة الأخيرة من تاريخ الإنسان، فيمكننا هنا تصور ما خلفه الإنسان آنذاك من آثار تتمثل بالهياكل البشرية للإنسان الأول (الاسترالوبيتك)، والأدوات الحجرية والعظمية والخشبية.

وأشارت الباحثة وهبة إلى التسلسل الزمني للآثار من العصر الحجري القديم إلى الوسيط إلى الحديث، فالعصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، فالعصر الحجري الحديث الفخاري، لندخل إلى ما يسمى العصر الحجري النحاسي المتأخر (الألف الرابع ق.م)، ومن ثم عصر البرونز القديم (الألف الثالث ق.م)، وعصر البرونز الوسيط والحديث (الألف الثاني ق.م)، وعصر الحديد (الألف الأول ق.م)، لتبدأ العصور الكلاسيكية كما ذكرنا آنفاً في القرنين التاسع والثامن ق.م ممتدة في العصور الميلادية حتى بداية العصور الإسلامية في القرن السابع الميلادي.

وتابعت الباحثة وهبة: لم نجد اهتماماً كافياً بهذا المضمار، فبداية اقتصرت الدراسة على الجانب النظري المرتبط كل الارتباط بالكتاب فقط، والجوانب العملية المتعلقة بالتنقيب الأثري أو الترميم أو الجولات التعريفية بآثار بلادنا فلم تكن موجودة، وهذا ما شكل فجوة بين خريج الآثار والآثار الموجودة، فجوة تحول بين قدرته على العثور على الأثر، والمساهمة في ترميمه ليعود لشكله السابق، والحديث عنه بشكل أكاديمي (تأريخه، وصفه، معرفة دلالاته).

محمد خالد الخضر

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

كوابيس في الكواليس.. إصدار جديد من هيئة الكتاب لـ سعد الدين وهبة

أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مسرحية "كوابيس في الكواليس" للكاتب الكبير سعد الدين وهبة، ضمن إصدارات سلسلة "أدباء القرن العشرين"، التي تهدف إلى إعادة إحياء تراث كبار المبدعين المصريين وتعريف الأجيال الجديدة بإبداعاتهم المؤثرة.

تبدأ المسرحية بمقدمة "غير منطقية" عمدًا، حيث يقدم وهبة نفسه داخل النص بوصفه مؤلفًا وممثلًا في الوقت ذاته، في محاولة لخلق تداخل متعمد بين الواقع والخيال، بين المؤلف الحقيقي والمؤلف المسرحي، وبين الكواليس وما يُعرض على الخشبة. هذا الكسر للجدار الرابع يُعد عنصرًا أساسيًا في النص، إذ يُشرك الجمهور منذ اللحظة الأولى في اللعبة المسرحية، ويجعلهم طرفًا في الحدث وليس مجرد متفرجين.

قسّم وهبة المسرحية إلى ثلاثة فصول متكاملة: الفصل الأول يعرض كواليس كتابة النص المسرحي، والفصل الثاني يتناول مرحلة تنفيذ العرض على خشبة المسرح، أما الفصل الثالث فيناقش كيفية تلقي الجمهور والنقاد للعمل المسرحي والحكم على نجاح المؤلف من عدمه.

وتأتي هذه البنية كجزء من فكرة أوسع أراد بها المؤلف تقديم ما يشبه "السيرة الذاتية الكوميدية"، حيث يسخر من كل عناصر العملية المسرحية، بل ويتجاوز ذلك إلى الصحافة والنقد أيضًا، في عمل يمكن اعتباره توثيقًا ساخرًا لمعاناة الفنان وسط منظومة متشابكة من الأدوار والتوقعات.

تعكس "كوابيس في الكواليس" قدرة سعد الدين وهبة على اللعب بين الجدية والهزل، الحقيقة والوهم، ليطرح أسئلة عميقة حول الإبداع، والرقابة، وتقدير الفن في المجتمع. ويُعد هذا الإصدار إضافة مهمة لمسيرة الكاتب، الذي ترك بصمة واضحة في المسرح المصري والعربي.

هذه المسرحية تم عرضها على المسرح القومي في مايو 1967، وكانت من إخراج كرم مطاوع، وتمثيل كل من: شفيق نور الدين، عبد الرحمن أبو زهرة، عبد السلام محمد، توفيق الدقن، عباس فارس، رجاء حسين، عبد المنعم إبراهيم.

طباعة شارك وزارة الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين كوابيس في الكواليس سعد الدين وهبة

مقالات مشابهة

  • ترامب يغير الشرق الأوسط وليس نتنياهو
  • مهاجم حرس الحدود يدخل دائرة اهتمام الزمالك
  • بعد تقديم بلاغ ضد خالد يوسف.. بسمة وهبة حديث جوجل
  • وزير الأوقاف لـ سانا: لدينا بعثات رئيسية تخدم الحجاج.. البعثة الدينية التي تشرف على الطواف والسعي والدعاء والمحاضرات، والبعثة الإدارية التي تعنى بالطيران والسكن والإعاشة، والبعثة الصحية التي تضم أطباء من وزارة الصحة لمتابعة الحالة الصحية للحجاج
  • وزيرا الداخلية والاتصالات يبحثان عدة قضايا ذات اهتمام مشترك
  • كوابيس في الكواليس.. إصدار جديد من هيئة الكتاب لـ سعد الدين وهبة
  • عميد تجارة كفر الشيخ: نواكب تحديات العصر برؤية رقمية تواكب المتغيرات
  • بحالة جيدة جدا.. سيارة “موسكفيتش-2140” الكلاسيكية السوفيتية تعرض للبيع بعد 42 عاما
  • سينر يقترب من إنجاز إيطالي بعد 47 عاماً!
  • لماذا لم يذهب ترامب لتركيا؟.. بسمة وهبة تكشف التفاصيل