جريدة الوطن:
2025-05-30@11:00:20 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

انتخابات مجلس الشورى: الأمانة والمسؤولية

دعت حاجة المُجتمعات وتطوُّرها وتنامي أعداد أفرادها إلى بروز فكرة التمثيل النيابي، التي مفادها اختيار جماعة الناخبين ـ عموم الشَّعب ـ لمجموعة من الأشخاص؛ لتمثيلِها والدِّفاع عن مصالحها أمام السُّلطة التنفيذيَّة، تطوَّر الأمْرَ بعد ذلك لِيناطَ بممثِّلي الشَّعب مهام دراسة وإقرار القوانين المنظِّمة لعلاقة الأفراد بالسُّلطة وعلاقتهم فيما بَيْنَهم.

والمتأمُّل للدَّوْر المخوَّل لممثِّلي الشَّعب يدرك منذ الوهلة الأولى مدى أهمِّيته الكبرى على كافَّة الأصعدة، وهذا ما يؤكِّد الغاية السَّامية من إقرار نظام الانتخاب بصفة عامَّة التي تكمن في انتقاء الصفوة ـ من قِبَل فئة مستوفية للشروط المقررة قانونًا ـ لتمثيلِها فيما رشَّحتها له، وذلك لَنْ يتأتَّى ما لَمْ تتم الانتخابات بحُريَّة مُطْلَقة وإرادة مستقلَّة ونزاهة وشفافيَّة. وقَدْ يكُونُ عزوف بعض المواطنين في مُجتمع ما عن الانتخاب رضوخًا لأمْرٍ يرونه واقعًا مؤلمًا، مفاده القناعة التامَّة بأنَّ تصويتهم لَنْ يجدِيَ نفعًا في مواجهة الأصوات الأخرى المبنيَّة على التحيُّز بدافع قبَلي أو عشائري أو فئوي، وقَدْ يكُونُ ذاك العزوف وهذا التحيُّز نابعَيْنِ من اختزال المهام الجِسام المُلقاة على عاتق ممثِّليهم نيابيًّا في بعض الخدمات المُجتمعيَّة التي لا تعدو أن تكُونَ خدمات متعلِّقة بإنجاز معاملة شخصيَّة في دائرة حكوميَّة، أو تحريك معاملة متعطِّلة لتحقيق خدمة فئويَّة، أو دعم مادِّي لكيانٍ خاصٍّ، وما هو من قبيل ذلك. وإذا ما اتَّخذنا انتخابات مجلس الشورى بسلطنة عُمان نموذجًا، فإنَّنا نجد ـ بدايةً ـ أنَّ مجلس الشورى أُنشئ بالمرسوم السُّلطاني رقم (94/1991) الصادر بتاريخ12/11/1991؛ لِيحلَّ محلَّ المجلس الاستشاري آنذاك؛ وكان يرمي إلى مشاركة المواطنين ـ من خلال الأعضاء ـ في اتِّخاذ القرارات المحوريَّة الَّتي تهمُّ الوطن والمواطن، وقَدِ اتَّبع المُشرِّع ـ لتحقيقِ تلك الغاية ـ سياسة التدرُّج في منح الاختصاصات وتوسيع الصلاحيَّات، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر. وإيمانًا من لدُن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمِّية الشورى، وتماشيًا مع نُموِّ سلطنة عُمان المُطَّرد في كافَّة المجالات، التي مِن بَيْنِها ممارسة الحقوق السياسيَّة على نَحْوٍ يتوافق مع أعرق النُّظُم الديمقراطيَّة من جهة، والموروث السِّياسي الثابت المتأصل من جهة أخرى، فقَدْ أرسى الباب الخامس من النظام الأساسي للدَّولة الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (6/2021) بتاريخ 11/1/2021 دعائم القواعد والأُسُس المُنظِّمة لمجلس عُمان ـ مجلسَي الدَّولة والشورى ـ، الَّتي كانت المرجع الذي بُنيت عَلَيْه نصوص قانون مجلس عُمان، الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم (7/2021) بتاريخ 11/1/2021 الَّذي خصّص الفصل الخامس مِنْه لأدوار انعقاد مجلس عُمان واختصاصاته، تلاه الفصل السادس المخصَّص لأدوات المتابعة ـ المراقبة ـ المقرَّرة لمجلس الشورى وآليَّات وإجراءات استعمال كُلِّ أداة من هذه الأدوات. لذلك فإنَّ المطَّلع على اختصاصات مجلس الشورى والصلاحيَّات المنوطة به وفق آخر التعديلات القانونيَّة يعي بوضوح عدم إمكان ممارستها لتحقيقِ الغاية التي تغيّاها المُشرِّع ما لَمْ تتوفَّر في ممارسيها ـ الأعضاء الذين يتمُّ انتخابهم بالاقتراع السِّري المباشر ـ الكفاءة العلميَّة والخبرة العمليَّة والأمانة والنزاهة، وغيرها من الإمكانات والصِّفات التي تُميِّزهم وتجعلهم أهلًا لتمثيل المُجتمع. وقَدْ صدر مؤخرًا قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بالمرسوم السُّلطاني رقم (54/2023) بتاريخ 27/7/2023 الَّذي فصَّل آليَّات وإجراءات الانتخاب ابتداءً بالسِّجل الانتخابي وحقِّ الترشُّح، وانتهاءً بالعقوبات التي خُصص لها الفصل السابع من هذا القانون. عَلَيْه، إن كانت مسؤوليَّة المُشرِّع ـ في هذا الجانب تحديدًا ـ هي إصدار القوانين المُنظِّمة للعمليَّة الانتخابيَّة وسدُّ الفراغات التشريعيَّة أيْنَما وجدت، وهذا ما تمَّ على أرض الواقع ولله الحمد، فإنَّنا لا ننسى المسؤوليَّة المُلقاة على عاتق المترشِّح والناخب على حدٍّ سواء؛ إذ يتوجب على المترشِّح لعضويَّة مجلس الشورى الوعي التَّام بجسامة المسؤوليَّة الدينيَّة والمُجتمعيَّة المنتظرة، ووجوب رسم نهجه على هذا الأساس، كما يتوجب على الناخب الابتعاد والترفع عن التحيُّز لانتخاب مرشَّح ما؛ لسببٍ غير السبب الذي يدفعه لاختيار الأكفأ بكُلِّ ما تحمله الكلمة من معنى، ولْيعلَمْ أنَّ صوته وإن كان ملكه إلَّا أنَّ تأثيره يعُودُ في نهاية الأمْرِ على مُجتمعه نفعًا أو ضررًا.
صفوة القول إنَّ العزوف عن الانتخاب أو التحيُّز فيه أمْرٌ يتعارض مع المصلحة العامَّة، خصوصًا في ظلِّ تطوُّر النصوص القانونيَّة بصدور قانونَي مجلس عُمان وانتخاب أعضاء مجلس الشورى المشار إليهما، اللذَيْنِ لَمْ يتركا أمرًا إلَّا وقَدْ نظَّماه، ومع ذلك فإنَّ النصوص القانونيَّة تبقى نصوصًا مسطَّرة جامدة لا تُحقِّق غايتها ما لَمْ يتم الالتزام بتنفيذها من قِبَل اللجان المعنيَّة والمرشَّحين والناخبين، لذا يجِبُ توافر الرقابة لضمان التطبيق الأمثل والدَّقيق للنُّصوص. وخير ختام لهذا المقال إنَّ للرقابة الذاتيَّة من قِبل المرشَّح والناخب والقائمين على التنفيذ، بالإضافة إلى الرقابة المصاحبة ـ المتزامنة ـ للتنفيذ من قِبَل الجهة المعنيَّة أهمِّية كبرى في إنجاح انتخابات مجلس الشورى.

جلال بن أحمد الهلالي
كاتب عُماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مجلس الشورى

إقرأ أيضاً:

عميد تمريض كفر الشيخ: امتحاناتنا للوعي والمسؤولية في قلب المهنة الإنسانية

تواصل كلية التمريض بجامعة كفر الشيخ أداء الامتحانات النظرية للفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 2024 - 2025، وسط أجواء تتسم بأعلى درجات التنظيم والانضباط، في ظل متابعة يومية دقيقة من إدارة الكلية وعميدتها، بما يعكس المستوى المتقدم الذي وصلت إليه الكلية على صعيد الإدارة الأكاديمية وضبط العملية الامتحانية.

وفي إطار حرصها على ضمان سير الامتحانات بسلاسة وكفاءة، قامت الدكتورة صباح أبو الفتوح، عميد كلية التمريض، بجولة تفقدية شاملة داخل مقار اللجان الامتحانية ومركز الاختبارات الإلكترونية، حيث اطلعت على الجاهزية الكاملة لكافة المرافق، وتابعت عن كثب تطبيق الإجراءات المعتمدة، وأكدت على أهمية تهيئة بيئة هادئة وعادلة للطلاب داخل اللجان، انطلاقًا من إيمان الكلية بأن التجربة الامتحانية لا تقل أهمية عن المحاضرة العملية أو التدريب السريري، فهي جزء من تكوين شخصية الممرض المحترف.

وأشارت «أبو الفتوح» إلى أن كلية التمريض بجامعة كفر الشيخ لم تترك شيئًا للصدفة، بل وضعت خطة متكاملة لإدارة الامتحانات منذ بدايتها، تضمنت توزيع الطلاب على اللجان بشكل يضمن التباعد والنظام، وتوفير طواقم فنية مؤهلة لمتابعة الامتحانات الإلكترونية، إلى جانب تشكيل لجان لمتابعة الانضباط داخل وخارج القاعات، وتعزيز ثقافة الالتزام كجزء أصيل من التكوين المهني للطلاب.

وأوضحت عميدة الكلية: «نحن نُهيّئ طلابنا ليكونوا مستقبلاً في الخطوط الأمامية للمنظومة الصحية. ولهذا فإننا نُولي عملية الامتحانات أهمية خاصة، فهي ليست اختبارًا أكاديميًا فحسب، بل هي تمرين على المسؤولية والالتزام والدقة، وهي قيم جوهرية في مهنة التمريض. نُراهن دائمًا على وعي طلابنا، وعلى استيعابهم لرسالتهم الإنسانية التي تبدأ من مقاعد الدراسة، وتمتد إلى ساحات المستشفيات وأروقة العمل المجتمعي».

وأضافت: «ما يُميز كلية التمريض هو شعورها الدائم بالمسؤولية تجاه المجتمع، ولذلك فإننا لا نكتفي بتأهيل طلاب أكفاء من الناحية النظرية، بل نُصمم بيئة تعليمية تحاكي الميدان، من خلال اختبارات عملية ومحاكاة مهنية تُنمي لديهم مهارات التفكير السريع، واتخاذ القرار، والعمل تحت الضغط، وهي كلها سمات أساسية للمُمرض الناجح».

وأعربت عن تقديرها لكافة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والعاملين الإداريين، لما بذلوه من جهد واضح في تنظيم العملية الامتحانية بكل دقة ومرونة، مؤكدة أن التعاون المؤسسي وروح الفريق هما العمود الفقري في نجاح أي موسم امتحاني.

ورصدت الجولة انتظامًا ملحوظًا في الحضور بين الطلاب، وحالة من التركيز والانضباط داخل اللجان، كما شهد مركز الاختبارات الإلكترونية عملًا سلسًا بفضل التجهيزات التكنولوجية التي وفرتها الجامعة، والتدريب المسبق الذي حصل عليه الطلاب، ما ساهم في خلق تجربة امتحانية أكثر سلاسة وعدالة، تعكس التحول الرقمي الذي تشهده مؤسسات التعليم العالي في مصر.

وأوضحت «أبو الفتوح»، أن الأداء المتميز للكلية يعكس بشكل مباشر الدعم المتواصل من الدكتور عبد الرازق دسوقي، رئيس جامعة كفر الشيخ، وحرصه على توفير بيئة تعليمية متكاملة، خاصة في الكليات ذات الطبيعة التطبيقية مثل التمريض، لما لها من دور حيوي في تأهيل الكوادر الصحية.

معربة عن خالص تقديرها لرئيس الجامعة على دعمه المستمر وتوفيره كل المقومات التي تضمن نجاح المنظومة التعليمية. هذا الدعم كان عاملًا رئيسيًا في انتظام الامتحانات، ويمنحنا دافعًا قويًا لمواصلة التميز والارتقاء بمستوى الكلية أكاديميًا ومهنيًا.

وجدير بالذكر أن كلية التمريض بجامعة كفر الشيخ تُعد واحدة من الكليات الرائدة على مستوى الجامعات المصرية في إعداد وتأهيل الكوادر التمريضية وفقًا لأعلى المعايير الأكاديمية والمهنية، حيث تتبنى برامج دراسية متطورة تُعزز من التكامل بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي، كما تلتزم بمواكبة المستجدات العالمية في مجال الرعاية الصحية، إيمانًا بدورها المحوري في دعم منظومة الصحة في الجمهورية الجديدة.

عميد تمريض كفر الشيخ: البحث العلمي التطبيقي ركيزة أساسية لمواجهة التحديات

الجامعات المصرية تشارك في الملتقى العلمي الرابع لـ «تمريض كفر الشيخ»

مقالات مشابهة

  • برلمانى: الحفاظ على الاستقرار السياسي سبب عدم إصدار قانون انتخابات جديد
  • ياسر الهضيبى عن انتخابات النواب: حزب الوفد يراعى المصلحة العليا للوطن
  • رئيس مجلس الشورى يعزي عضو المجلس هدى أبلان في وفاة نجلها
  • جورج الهبر ينسحب من انتخابات الأطباء
  • قانون الانتخابات الجديد يثير الجدل في بنين
  • عميد تمريض كفر الشيخ: امتحاناتنا للوعي والمسؤولية في قلب المهنة الإنسانية
  • مجموعة الصداقة البرلمانية القطرية العمانية بمجلس الشورى تزور مسقط
  • اختتام الأنشطة الصيفية في مركز الثقلين بمديرية معين
  • العيدروس يعزي في وفاة عمر أحمد السقاف
  • رئيس مجلس الشورى يجتمع مع رئيس البرلمان الهنغاري