دور «فاجنر» الروسية في الانقلابات الأخيرة بالقارة السمراء
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
لعبت شركة فاجنر العسكرية، ذراع روسيا العسكرية في الكثير من دول العالم، لاسيما أفريقيا، دورًا كبيرًا في الأحداث والانقلابات التي شهدتها القارة السمراء منذ بداية انخراط الميليشيات العسكرية الروسية في القارة عام ٢٠١٧.
الانتشار في أفريقيا
منذ عام ٢٠١٧ عمدت ذراع روسيا العسكرية، إلى الانتشار في إفريقيا، لتأمين موضع قدم لموسكو ومحاولة تقليص وتقويض النفوذ الغربي، وظهر ذلك بمنتهى الوضوح، في كل من ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والسودان، بالإضافة إلى تدخلها بأشكال متنوعة في أكثر من عشرين دولة أفريقية.
فاجنر في أفريقيا الوسطى
وأكبر دليل على ذلك أنها منذ تدخل مجموعة فاجنر في جمهورية أفريقيا الوسطى، عام ٢٠١٨، لحماية الرئيس فوستان آرشانج تواديرا، قامت فورًا بتقديم التدريب العسكري والمساعدات القتالية للقوات المحلية في مواجهة الحرب الأهلية هناك، كما حصلت على إمكانية الوصول المباشر إلى الموارد الطبيعية الضخمة في بانغي، بما في ذلك مناجم الذهب بنداسيما.
ليبيا ومالى والسودان
وفي ليبيا سيطرت فاجنر على إنتاج النفط في الحقول الجنوبية الغربية، ومن ثم الحد من التطلعات الغربية للاستثمار في البنية التحتية الليبية في إطار مساعي التمحور بعيدًا عن الغاز الروسي. الأمر نفسه تكرر في مالي عام ٢٠٢١، عقب الاتفاق الذي جرى مع المجلس العسكري الحاكم في البلاد، وتُشير بعض التقارير إلى أن فاجنر حصلت على امتيازات واسعة للتعدين في مالي، مُقابل الخدمات الأمنية التي توفرها للسلطات هناك.
كما نجحت فاجنر في اختراق السودان ووجدت لنفسها موطئ قدم بداية من ٢٠١٧، وشهدت حضورًا أكبر في عام ٢٠١٩ عقب خلع نظام، لكن هذا الوجود شهد زيادة ملحوظة منذ عام ٢٠١٩، عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، وذلك لتعزيز وصولها لاحتياطيات الذهب السوداني، ودعم مساعي موسكو للحصول على قاعدة بحرية في بورتسودان.
تعزيز النفوذ
في هذا السياق أكد محمود الأفندي، الباحث المختص في العلاقات الدولية، أن فاجنر استخدمت أدوات كثيرة لتعزيز نفوذها في دول القارة السمراء، حيث تشمل قوات شبه عسكرية، وصفقات التسليح، وحملات إلكترونية، تستهدف توجيه الرأي العام أو الترويج لأفكار معينة، وإدارة الحملات الانتخابية بما يخدم مصالح حلفائها.
وأشار، إلى أنه تم تغطية تكاليف نشاط مجموعة فاجنر في الدول الإفريقية من خلال الامتيازات الخاصة بالموارد المعدنية، فحسب تقارير غربية حديثة تجني مجموعة فاجنر نحو مليار دولار سنويًّا من أرباح التعدين في جمهورية إفريقيا الوسطى وحدها.
دعم التكتلات الجديدة
وأكد الباحث أن فاجنر تدعم في الوقت الراهن التكتل الجديد، لمجموعة دول الساحل الإفريقي، ولاسيما بعد اتفاقيات التعاون العسكري والدفاع المشترك التي أبرمتها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لمواجهة أي تهديدات محتملة من قبل مجموعة «الإيكواس»، أو لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في هذه المنطقة، كما يتوقع أن تَعمدَ قوات فاجنر إلى توسيع الدعم لمالي ضد حركات الأزواد الانفصالية في شمال البلاد.
وأضاف أن بؤر التوتر الرئيسية والأنظمة الهشة القائمة في القارة الأفريقية، ولاسيما في جمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر وبوركينا فاسو والسودان، تُشير إلى أن روسيا لا تزال تشكل ضامنًا أمنيًّا مهمًّا وشريكًا عسكريًّا موثوقًا فيه بالنسبة لهذه الدول.
ممثل الحكومة الروسية
وأكد الباحث المختص في العلاقات الدولية، أن الدول الأفريقية لا تنظر إلى مجموعة فاجنر باعتبارها شركة عسكرية خاصة، بل كممثل عن الحكومة الروسية، وذلك استنادًا لحزمة الدعم التي تقدمها موسكو للأنظمة القائمة في هذه الدول وتضمن استمراريتها وبقاءها، والتي تبدو أكثر جاذبية بالنسبة لهذه الدول مقارنة بأي مكاسب مُحتملة يمكن أن تتمخض عن اتفاقيات التعاون التي تقدمها القوى الغربية، لذا وفاة أو اغتيال زعيم فاجنر السابق يفغيني بريغوجين، في نهاية أغسطس ٢٠٢٣، لن تؤثر على مستقبل ونفوذ الدب الروسي في العديد من الدول الأفريقية.
وتوقع الخبير في الشأن الدولي، أن تدفع موسكو ببعض الشركات الروسية شبه العسكرية، لاستبدال دور فاجنر في أفريقيا، بما في ذلك شركة «ريدوت» والتي يترأسها سيرجي شويجو، وزير الدفاع الروسي، والتي بدأت مؤخرًا التجنيد في أفريقيا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: روسيا فاجنر أفريقيا أفریقیا الوسطى مجموعة فاجنر فی أفریقیا فاجنر فی
إقرأ أيضاً:
شريف الجبلي: تعزيز الحضور الاقتصادي المصري في أفريقيا ضرورة استراتيجية
شارك الدكتور شريف الجبلي، رئيس لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، ورئيس لجنة التعاون الأفريقي باتحاد الصناعات المصري، في المؤتمر الاقتصادي المصري–الأفريقي الأول، المنعقد تحت عنوان: "أفريقيا التي نريدها ... تكامل وشراكة من أجل المستقبل"، وذلك بحضور عدد من الوزراء وكوكبة من رجال الأعمال والمسؤولين، وبرعاية مجلس الوزراء.
وفي بداية كلمته، رحّب الجبلي بالوزراء والمسؤولين، مؤكدًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعاد مصر بقوة إلى الساحة الأفريقية سياسيًا، وأشار إلى ما نشهده من تزايد عدد الرؤساء والقادة الأفارقة الذين يزورون مصر سنويًا، إضافة إلى الحضور المصري الفاعل داخل القارة الأفريقية.
وأضاف الجبلي، " رغم قوة الحضور السياسي المصري في القارة الأفريقية، فإننا نرى أن الوضع الاقتصادي ودور مصر التنموي في أفريقيا ما زالا أقل من الإمكانات الحقيقية التي تمتلكها الدولة، فمصر كانت من أوائل الدول التي عملت بجد على ترسيخ الدبلوماسية الأفريقية، إلا أن الوجود الاقتصادي لا يزال بحاجة إلى تعزيز أكبر ليواكب هذا الدور السياسي".
وأوضح الجبلي، أن التواجد الفعّال في أفريقيا يأتي عبر مسارات متعددة، منها التحركات الدبلوماسية المكثفة، فقد قام وزير الخارجية، الدكتور بدر عبد العاطي، بزيارة ثماني دول أفريقية مؤخرًا، وهي زيارات وصفها بأنها في غاية الأهمية لتعميق العلاقات ودعم التعاون الإقليمي.
وتابع الجبلي، أن التواجد الحقيقي في الأسواق الأفريقية يتطلب وجودًا مستمرًا على الأرض، ومكاتب تمثيل نشطة، وهيئات تعمل بشكل مباشر وسط المجتمعات المحلية، كما كان الحال في فترات سابقة حين كانت الدبلوماسية الاقتصادية المصرية في ذروتها.
وأكد أن الواقع الحالي لا يسمح بالعمل مع أفريقيا من خلال الأساليب التقليدية أو عن بُعد، بل يحتاج إلى تواجد فعلي وقوي، وإلى توسيع دور الصناعة المصرية والشركات الوطنية في مختلف الدول الأفريقية، حتى تستعيد مصر مكانتها الاقتصادية الطبيعية داخل القارة، مؤكدا علي أهمية التواجد الميدانى للشركات المصرية داخل الدول الأفريقية، داعياً إلى تطوير مناطق لوجستية إستراتيجية لتسهيل التجارة وخفض تكاليف الشحن.
وأضاف أن المؤسسات الصحفية والاقتصادية المصرية، ومن بينها “الأهرام الأفريقي”، تلعب دورًا داعمًا للدبلوماسية المصرية، التي تمثل إحدى أدوات القوة الناعمة لمصر في القارة.
تطوير شبكات النقل والموانئ
وأوضح أن غياب خطوط النقل البحري المباشر مع عدد من الدول الأفريقية يتسبب في تأخير وصول الشحنات وارتفاع كبير في تكاليف الشحن، مما يعوق حركة التجارة، مشددا على ضرورة الإسراع في تطوير شبكات النقل والموانئ وتبسيط الإجراءات اللوجستية لتعزيز التكامل التجاري بين مصر ودول القارة.
ودعا الجبلي إلى توحيد الرؤى بين الوزارات والجهات المعنية بما يضمن تعظيم الاستفادة من المشروعات الاقتصادية، وتعزيز أدوات القوة الناعمة المصرية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والزراعة والثقافة.
وشدّد على ضرورة امتلاك رؤية واضحة وشاملة في جميع القطاعات، سواء الصناعة أو الزراعة أو الصحة وغيرها من المجالات الحيوية، وأشار إلى الجهود التي يبذلها معالي الفريق كامل الوزير في إنشاء مناطق لوجستية بعدد من الدول الأفريقية لدعم حركة التجارة وتعزيز الربط مع القارة، كما أشاد بجهود الدكتورة رانيا المشاط في العديد من الفعاليات للتعاون مع أفريقيا وكذلك جهود وزير الشباب والرياضه حيث أقام ندوة للاستثمار الرياضي في أفريقيا.
كما أشار إلى أن مصر نفذت مشروعات ضخمة داخل أفريقيا أثبتت كفاءة الشركات الوطنية، وعلى رأسها مشروع سد جوليوس نيريرى في تنزانيا بتكلفة 2.4 مليار دولار، إضافة إلى المشروعات الاستراتيجية للبنية التحتية مثل طريق كيب تاون الإسكندرية طريق بري، وبحيرة فيكتوريا إلي الإسكندرية ممر نهري، كما ثمن علي دور شركة المقاولون العرب في التواجد المصري القوي منذ سنوات في وجود المهندس إبراهيم محلب حيث ساهم في تواجد الشركه بشكل قوي في الدول الأفريقية، مؤكدًا أن هذه المبادرات تمثل شرايين حيوية للتكامل الاقتصادي القاري وتفتح آفاقًا واسعة للتعاون المشترك.