الاهتمام بحقوق المرأة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لاستعادة الثقة بأنظمة مجلس الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا جوهريا يؤكد حماية حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم باستثناء النساء في فلسطين. تم تبني قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم "1325 يو إن إس سي آر" (UNSCR 1325) عام 2000 للاعتراف بتباين الآثار للحروب والنزاعات على النساء. ينص القرار على حماية المرأة ومنع العنف ضدها وزيادة مشاركتها في عمليات صنع السلام والمفاوضات وحل النزاعات أثناء الحروب والصراعات.
ومع ذلك، فإن هذا القرار المهم لا يشمل النساء الفلسطينيات، رغم أنه يعزو أسباب النزاعات في مختلف أنحاء العالم إلى صراعات عنصرية ودينية وعرقية، فإنه لا يذكر النساء تحت الاحتلال الاستعماري العسكري كما هو الحال في الأرض الفلسطينية المحتلة. والسؤال الذي يدور في أذهاننا -كدول أعضاء في الحوار السنوي المفتوح في مجلس الأمن للنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن في أكتوبر/تشرين الأول الحالي- هو ما إذا كان المجتمع الدولي سوف يستمع إلى أصوات النساء الفلسطينيات، ويأخذ معاناتهن بعين الاعتبار.
لم يجلب قرار مجلس الأمن رقم 1325 -الذي تم تبنيه قبل 23 سنة- الأمل للمرأة الفلسطينية وذلك لافتقاره أي آلية للتنفيذ والمساءلة. لقد فشل المجتمع الدولي في محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات الفعلية للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، ومنهم النساء، وفشل في تحقيق العدالة وتأمين الحماية واحترام حقوق الإنسان.
منذ عام 2021، تحقق المحكمة الجنائية الدولية، بالرغم من عدم اعتراف إسرائيل بها، في الاتهامات الخاصة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الأخرى في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو/حزيران 2014.
ونتيجة لهذا الفشل في التحرك، فإن العنف وانتهاكات القانون الإنساني الدولي لا تزال تهدد ليس فقط المرأة الفلسطينية، بل الشرق الأوسط والعالم. تشعر النساء الفلسطينيات بالقلق إزاء ما يعتبرنه معايير مزدوجة، أي تطبيق القرار في بلدان أخرى وعدم تطبيقه في فلسطين. وفي الفترة بين عامي 1967 و2020، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد 44 قرارا لمجلس الأمن تتعلق بإسرائيل.
من الصعب رؤية الأمل للنساء الفلسطينيات مع استمرار انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، والدعم المالي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، بالإضافة إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) المنتظم ضد قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
لقد فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي في اعتماد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية في أعقاب التصعيد الأخير. يجب على إسرائيل أن تفي بالتزاماتها القانونية، ويجب أن تخضع للمساءلة عن الانتهاكات الحالية والسابقة باعتبارها قوة محتلة بدلاً من أن يُعرض عليها شيك على بياض للإفلات من العقاب.
إذ تدعو المادة 11 من قرار مجلس الأمن رقم 1325 إلى عدم منح الحصانة لمرتكبي جرائم الحرب، علما أن نسبة 60% من القتلى هم من تشكل النساء والأطفال. بالإضافة إلى أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء في حادثة مقتل الصحفية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، بالرغم من وجود أدلة على قتلها خارج نطاق القانون.
بينما تلتزم معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الصمت، تواصل إسرائيل انتهاك قرار مجلس الأمن رقم 1325 في فلسطين من خلال اعتقال النساء والشباب والقتل ومداهمة المدن ومخيمات اللاجئين وهدم المنازل للاستيلاء عليها من قبل إسرائيل ومصادرة الأراضي وجدار الفصل العنصري وسحب الإقامة الدائمة من سكان القدس وفرض حصار غير قانوني على قطاع غزة مدة 17 عاما. ولهذه الإجراءات تأثير مباشر على المرأة الفلسطينية، إذ تسهم في تفكك النسيج الاجتماعي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وغالبا ما تسبب التوتر والصدمات.
إن النساء في فلسطين غير قادرات على الاستجابة للأزمات مع وجود القيود على الحركة وانعدام الأدوات والموارد، ومن ذلك قدرتهن على الاستجابة لأزمة تغير المناخ. تخسر النساء مصدر رزقهن بسبب إخراجهن من أراضيهن، إضافة إلى تقييد حق المرأة في المشاركة في المجتمع المدني، وذلك لتصنيف بعض المؤسسات الفلسطينية لحقوق الإنسان والمؤسسات النسوية، مثل اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، على أنها مؤسسات "إرهابية".
وعلى الرغم من هذا القرار الذي يدعو الدولة إلى ضمان حماية نسائها من العنف المبني على النوع الاجتماعي، فإن النساء الفلسطينيات المعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي يدفعن ثمنا باهظا بسبب عدم فعالية النظام القانوني في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث هنالك عوامل تسهم في فشل النظام القانوني منها تعطيل إجراء الانتخابات البرلمانية الفلسطينية وغياب المجلس التشريعي الفلسطيني والانقسام السياسي الداخلي بين الحزبين الرئيسيين، ومن ثم يتم تطبيق القانون القبلي والتشريعات القديمة في غياب نظام قانوني فعال.
على الرغم من ذلك، يجب على الناشطين الفلسطينيين الاعتراف بأهمية هذا القرار، لأنه يسمح للمرأة الفلسطينية ببناء تحالفات، وتصميم خطط عمل وطنية، وتوثيق الانتهاكات، ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع المحلي والدولي بشأن العنف ضد المرأة. تم الاحتفال بقيادة ومشاركة المرأة الفلسطينية في النضال الوطني من أجل العدالة والتحرير والحرية في جميع أنحاء العالم عبر التاريخ الفلسطيني. لكن هذا التاريخ الغني لنشاط المرأة لا ينعكس في النشاط السياسي بسبب نقص تمثيل المرأة.
لا بد من دعم المرأة الفلسطينية للمشاركة بنشاط في العمليات السياسية، منها اللجان الفنية والتقنية، والمشاركة في لجان المصالحة على المستوى الوطني. وهذه المشاركة ضرورية لتعزيز الوحدة الفلسطينية وتعزيز الأمل في سعي الشعب الفلسطيني لنيل الاستقلال وبهذه الطريقة سنضمن حماية واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزز السلام والأمن للمرأة الفلسطينية.
تطالب النساء الفلسطينيات بشكل عاجل الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن بإصدار قرار خاص يعالج وضعهن تحت الاحتلال العسكري والأسباب الجذرية لمعاناتهن، والعقبات الرئيسية التي تعيق مشاركتهن والنهوض بأجندة المرأة والسلام الأمن، ومن ثم استمرار القيادات النسوية في لعب دور عظيم في إقامة دولة تتسم بالعدل والصمود والديمقراطية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المرأة الفلسطینیة قرار مجلس الأمن فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
واشنطن تتهم رواندا بجر المنطقة للحرب بعد هجمات حركة إم 23 بشرق الكونغو
انتقدت الولايات المتحدة الأميركية رواندا واتهمتها بجر المنطقة للمزيد من عدم الاستقرار، وذلك على خلفية ضلوعها في النزاع بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد بضعة أيام من توقيع اتفاق في واشنطن بين البلدين.
وقال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي إنه "بدل إحراز تقدم نحو السلام -كما رأينا برعاية الرئيس دونالد ترامب في الأسابيع الأخيرة- تجر رواندا المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار والحرب"، وفق تعبيره.
وأوضح والتز أنه "في الأشهر الأخيرة نشرت رواندا عددا كبيرا من صواريخ أرض جو وأسلحة ثقيلة أخرى ومتطورة في شمال وجنوب كيفو لمساعدة حركة إم 23".
وقال "لدينا معلومات ذات مصداقية عن زيادة في استخدام مسيّرات انتحارية ومدفعية من جانب إم 23 ورواندا، بما في ذلك تنفيذ ضربات في بوروندي".
ويأتي الاتهام الأميركي لرواندا بعد سيطرة مسلحي "إم 23" الموالين لرواندا على مدينة أوفيرا في إقليم جنوب كيفو الكونغو الديمقراطية، حيث انتشروا في شوارع المدينة التي تقطنها نحو 700 ألف نسمة.
وتكتسب أوفيرا أهمية إستراتيجية لوقوعها على ضفاف بحيرة تانغانيقا، فضلا عن موقعها على الطريق الحدودي مع بوروندي.
بدوره، حذر مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة جان بيار لاكروا من أن هذا الهجوم الجديد "أيقظ شبح انفجار إقليمي لا يمكن تقدير تداعياته"، مبديا قلقه من توسع أكبر للنزاع.
وقال لاكروا إن "الضلوع المباشر أو غير المباشر لقوات ومجموعات مسلحة تأتي من دول مجاورة إضافة الى التحرك عبر الحدود للنازحين والمقاتلين يزيدان بشكل كبير خطر انفجار إقليمي"، مبديا خشيته من "تفكك تدريجي" لجمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب سيطرة "إم 23" على مزيد من الأراضي وإقامتها إدارات موازية.
إعلانمن جانبه، أوضح السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيروم بونافون المكلف بملف الصراع بين البلدين أنه طرح على الدول الأعضاء في مجلس الأمن مشروع قرار يتيح لقوة حفظ السلام الأممية في الكونغو الديمقراطية الاضطلاع بدور يواكب جهود السلام، خاصة مراقبة وقف إطلاق النار بين أطراف الصراع.
حق الردوبينما أعربت دول عدة أعضاء في مجلس الأمن عن قلقها من تصعيد إقليمي أكد سفير بوروندي لدى الأمم المتحدة زيفيرين مانيراتانغا أن بلاده "تحتفظ بحقها في اللجوء إلى الدفاع المشروع عن النفس"، متهما رواندا بقصف أراضي بلاده.
وقال سفير بوروندي "إذا استمرت هذه الهجمات غير المسؤولة فسيصبح من الصعوبة بمكان تجنب تصعيد مباشر بين بلدينا".
ونفى نظيره الرواندي مارتن نغوغا نية بلاده خوض حرب في بوروندي، متهما في المقابل كلا من بوجمبورا وكينشاسا بانتهاك وقف إطلاق النار.
من جانبها، انتقدت وزيرة الخارجية الكونغولية تيريز واغنر عدم اتخاذ مجلس الأمن تدابير ملموسة ضد رواندا.
وقالت واغنر إنه رغم صدور قرار عن المجلس في فبراير/شباط الماضي يطالب بانسحاب القوات الرواندية ووقف النار فإن "مدينة جديدة سقطت، وتعززت إدارة موازية، وفرت آلاف من العائلات الإضافية، في حين تعرضت أخرى للقتل والاغتصاب والترهيب".