لماذا تستهدف إسرائيل حرق الأشجار جنوب لبنان؟
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
جنوب لبنان- لم يكن خبر إحراق قوات الاحتلال الإسرائيلية للأحراش اللبنانية عند البلدات المتاخمة للشريط الحدودي، خبرا عاديا بالنسبة للمهتمين بالشأن البيئي والأهالي، فهذه الحرائق أعادت التذكير بالحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الأحراش في عشرات المناطق اللبنانية، وبالأخص الجنوبية، في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
لم تكن الحرائق يومها طبيعية وإنما بفعل البشر، وألمح محللون وناشطون وقتها إلى ضلوع إسرائيل في الحرائق بواسطة عملائها، بهدف كشف المنطقة الحدودية أمام أجهزتها وأبراج المراقبة.
واليوم ومع اندلاع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل على خلفية العدوان على قطاع غزة، عمدت قوات الاحتلال إلى إحراق الأحراش اللبنانية علانية، بواسطة قنابل فوسفورية حارقة محرّمة دوليا، كما أطلقت النار والقذائف تجاه رجال الإطفاء لمنعهم من إخماد النيران.
وتشكل الأشجار والغطاء الأخضر في الجانب اللبناني عائقا أمام الاستطلاع والاستكشاف بالنسبة لإسرائيل، مثل ما حدث خلال "معركة الشجرة" في بلدة العديسة قضاء مرجعيون جنوب لبنان في 3 أغسطس/آب عام 2010، والتي اندلعت بعد تسلل قوات إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية خلف السياج التقني، وقطعت إحدى الأشجار بسبب حجبها الرؤية أمام كاميرات المراقبة الإسرائيلية، ما أدى إلى استشهاد جنديين لبنانيين وصحفي، وقتل ضابط إسرائيلي.
في هذا السياق، أكد مفوض الدفاع المدني المركزي في جمعية كشافة الرسالة الإسلامية ربيع عيسى، أن آليات الجمعية وباقي الجمعيات المشاركة في إخماد النيران المندلعة منذ 3 أيام، تعرضت لقصف متعمد بعدة قذائف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة علما الشعب، ما دفعها للانسحاب حفاظا على سلامة العناصر.
وأوضح عيسى أن النيران اشتعلت في عدة مناطق منها الناقورة وعلما الشعب وعيتا الشعب ويارون ورميش ومجدل سلم وميس الجبل وصولا إلى حولا، حيث اندلعت النيران بفعل القنابل الفوسفورية التي أطلقتها قوات الاحتلال، والتي أتت على مساحات شاسعة من الجبال الخضراء، مضيفا "ونحن رأيناهم يقومون بذلك".
وذكر أن "أول يوم اندلعت النيران بشكل كبير وبدأنا بعمليات الإخماد، وعندما رأى الإسرائيليون أننا نحاصر النيران بدؤوا بإطلاق القذائف التحذيرية على رجال الإطفاء، وبالأمس أصبحت القذائف أقرب، أما اليوم فكان هناك قصف مركّز لمنعنا من القيام بواجباتنا، ونحن مصرّون على إتمام واجباتنا تجاه أهلنا وأرضنا تحت أي ظرف كان".
بدوره، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي سمير الحسن إن الغطاء الأخضر هو أحد العوامل التي يستفيد منها المقاتل في حركته أمام العدو، لذلك يعمل جيش الاحتلال على إزالة كل العوائق الطبيعية التي تحول دون إمكانية إجراء المراقبة لمواقعه وتحصيناته.
وفي حديثه للجزيرة نت، نوّه الحسن إلى اعتقاد الإسرائيليين أن هذه الإجراءات ستسمح لهم بكشف تحركات المقاومة، التي تستفيد من الغطاء الأخضر لنصب الكمائن أو التسلل أو زرع القواذف وغيرها، لكن بالمعنى العسكري لن يفيده هذا الأمر كثيرا كون مساحة المنطقة صغيرة، والمقاومة تعتمد على أساليب مختلفة في التحرك.
أما الهدف الأكبر من قضية تدمير البساط الأخضر -بحسب الخبير العسكري- يتعدى مسألة كشف حركة المقاومة، فالعدو يسعى من خلال ذلك إلى الإيذاء وإلحاق الضرر بالأراضي اللبنانية والانتقام من الأهالي.
ورصدت جمعية "الجنوبيون الخضر" -تهتم بالشأن البيئي جنوب لبنان- الاعتداءات الإسرائيلية على المساحات الخضراء، موضحة أنه منذ 24 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، غطّى الاحتلال الإسرائيلي بالقنابل الفسفورية الحارقة معظم الخط الممتد من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا في القطاع الشرقي، وحتى الناقورة في القطاع الغربي، وهي منطقة موزّعة على أقضية حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل وصور في لبنان.
وأكدت الجمعية للجزيرة نت، أن القصف الإسرائيلي تركز بشكل أساسي على الأحراش الواقعة ضمن منطقة رميش وعيتا الشعب ورامية والضهيرة ويارين وعلما الشعب والناقورة، وكذلك مركبا وتلال كفر شوبا وسهل الماري، وهذه المنطقة المحترقة تمتد على مسافة تقدّر بـ100 كيلومتر طولا.
أما حجم المناطق الخضراء المتأثرة بشكل مباشر حتى اليوم، فتشير التقديرات الأولية للجمعية إلى أنها تتجاوز عشرات الهكتارات، والرقم مرجّح للارتفاع، مع تواصل القصف واستمرار الحرائق في مناطق يصعب الوصول إليها.
وللقصف بالقنابل الفسفورية والنيران التي تخلفها، آثار مدمرة على الحياة البرية والأراضي الزراعية، كما على المحاصيل في المنطقة التي تمتاز بأحراش السنديان المعمرة وبساتين الزيتون.
إضافة إلى تلويث التربة كذلك مما يجعلها غير صالحة للزراعة، وتلويث مصادر المياه وتهديد النظم البيئية للأحواض والأنهار والجداول والأراضي الرطبة، مما يؤدي إلى تدهورها وإصابة أو نفوق الأنواع المائية، من أسماك وطيور وحشرات وبرمائيات.
في هذا السياق، لفتت جمعية "الجنوبيون الخضر" إلى أن القصف بالمواد الفسفورية يؤدي إلى نفس الضرر الذي يلحقها بالإنسان، إذ تعاني الحيوانات التي تتعرض للفسفور الأبيض من حروق وإصابات خطيرة، يصعب في أغلب الحالات الوصول إليها أو علاجها، ما يؤدي إلى موتها بعد معاناة، وهو ما يتسبب بإلحاق الضرر الكبير بالنظم البيئية واستدامتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قوات الاحتلال جنوب لبنان
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تدخل الفتات لغزة وتقتل منتظري المساعدات
غزة- لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي سوى بإدخال 15% من احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة للمواد الغذائية الأساسية، منذ أن قررت مساء السبت الماضي "تحسين" الاستجابة الإنسانية للسكان عبر فتح ممرات لإدخال المساعدات والأدوية.
وتزامن مرور الكميات المحدودة من الشاحنات التي سمح جيش الاحتلال بوصولها إلى غزة منذ مطلع الأسبوع الجاري مع ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات الذين قُتلوا أثناء انتظارهم الحصول على الغذاء، مما يكشف إصرار الاحتلال على تجويع القطاع رغم محاولاته تصوير تدفق المساعدات إلى المجوّعين بكميات كافية.
وسمحت قوات الاحتلال منذ الأحد الماضي وحتى مساء أمس الأربعاء بإدخال 381 شاحنة فقط، وعدد محدود من عمليات الإنزال الجوي، حسب البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي.
استمرار التجويع
وتشير الإحصائية التي حصلت عليها الجزيرة نت إلى أن قوات الاحتلال سمحت يوم الأحد الماضي بإدخال 73 شاحنة فقط و3 عمليات إنزال جوي، في حين وصل إلى غزة يوم الاثنين الماضي 87 شاحنة رفضت قوات الاحتلال تأمين دخولها، وتعمدت استهداف عناصر التأمين التي تتبع العشائر والعائلات، مما أدى إلى استشهاد 11 منهم في منطقة السودانية شمال غرب القطاع.
ويوم الثلاثاء الماضي، سمح الاحتلال بمرور 109 شاحنات بالإضافة إلى 6 عمليات إنزال جوي، ووصل غزة أمس الأربعاء 112 شاحنة مساعدات.
ويحتاج أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع إلى 600 شاحنة يوميا من المواد الغذائية، أي ما مجموعه 2400 شاحنة خلال الأيام الأربعة الماضية، مما يعني أن جيش الاحتلال سمح بإدخال 15% فقط من احتياجات غزة الأساسية.
في هذا السياق، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة إن حكومة الاحتلال تواصل الترويج لمزاعم كاذبة تنفي وجود تجويع في القطاع، وترفض السماح بمرور مساعدات تكفي السكان، وتعرقل كل محاولات تأمين وصولها لمخازن المؤسسات الدولية مما يعرض غالبيتها للنهب والسرقة بفعل الفوضى التي يُكرّسها الجيش الإسرائيلي.
إعلانوأشار للجزيرة نت إلى أن عمليات الإنزال الجوي المحدودة لا تتجاوز كمياتها في أحسن الأحوال حمولة شاحنتين، ويسقط معظمها في مناطق قتال حمراء يوجد فيها جيش الاحتلال، ولا يمكن للمواطنين الوصول إليها مطلقا.
وأوضح الثوابتة أن جميع محاولات الاحتلال للالتفاف على إدخال المساعدات الغذائية بالكميات الكافية عبر المؤسسات الدولية هي ذر للرماد في العيون، وتُبقي حالة التجويع في قطاع غزة على أشدها، ولا يمكن أن تغير الواقع المعيشي المتردي للفلسطينيين.
وأدان استمرار استهداف الجيش الإسرائيلي منتظري المساعدات مع رفضه تأمين مرورها، محملا الاحتلال والدول الداعمة لعدوانه كامل المسؤولية عن الجرائم المروعة التي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون إنسان في غزة، بينهم 1.1 مليون طفل يُحرمون من الغذاء وحليب الأطفال في ظل حصار خانق وإبادة جماعية ممنهجة.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك العاجل لفتح المعابر بشكل فوري، وكسر الحصار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنظم، تحت إشراف أممي كامل.
ورفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة استهدافها لمنتظري المساعدات في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وذلك منذ أن أعلنت نيتها السماح بإدخال المزيد من المواد الغذائية لهم.
وحصلت الجزيرة نت على إحصائية محدثة من وحدة المعلومات الصحية بوزارة الصحة بغزة، تكشف عن ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات منذ بداية العام الجاري وحتى ظهر اليوم الخميس إلى 1320 شهيدا وأكثر من 8818 إصابة.
وتشير الإحصائية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الشهداء أمام مراكز توزيع المساعدات وممرات دخولها في الشهرين الأخيرين، حيث بلغ عدد الشهداء في يونيو/حزيران الماضي 581 شهيدا، في حين ارتفع في يوليو/تموز الحالي إلى 739 شهيدا.
قتل متعمد
وتدل الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة على أن الاحتلال تعمد قتل العشرات من الفلسطينيين المجوعين خلال انتظارهم دخول المساعدات منذ مطلع الأسبوع الحالي، أي بالتزامن مع قرار الجيش الإسرائيلي زيادة كميات المساعدات الواردة إلى قطاع غزة.
ففي يوم الأحد الماضي قتل جيش الاحتلال 11 فلسطينيا وأصاب 36 آخرين، في حين قتل يوم الاثنين الماضي 25 فلسطينيا، وأصاب 237 آخرين، واستشهد يوم الثلاثاء 22 من منتظري المساعدات، وأصيب 199 شخصا.
وبلغ عدد الشهداء من منتظري المساعدات في قطاع غزة أمس الأربعاء 60 شهيدا وأكثر من 195 إصابة، فيما وصل إلى المستشفيات منذ مساء أمس وحتى ظهر اليوم الخميس 81 شهيدا وأكثر من 666 إصابة.
وكانت مديرة الإعلام والتواصل في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جولييت توما قد طالبت بوصول آمن للمساعدات إلى قطاع غزة برا من خلال الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا، وبطريقة أكثر أمانا وأسرع وتحفظ كرامة الإنسان.
وشددت -في تصريحات صحفية- على أن الإنزالات الجوية غير ضرورية على الإطلاق، وغير فعّالة، ومكلفة، ومحفوفة بالمخاطر، وإذا تم فتح المعابر إلى قطاع غزة، فستستطيع الأمم المتحدة إدخال 500 إلى 600 شاحنة يوميا محملة بالغذاء والأدوية ولوازم النظافة، للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
إعلان