المركز الخبري الوطني:
2025-07-06@10:55:02 GMT

حرب “وائل الدحدوح”

تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT

حرب “وائل الدحدوح”

الأثنين, 30 أكتوبر 2023 12:26 ص

بقلم/ حمزة مصطفى
حين “طوى الجزيرة” خبر إستشهاد زوجة وائل الدحدوح مراسل قناة “الجزيرة” وولديه لم يفزع مثل المتنبي بآماله الى الكذب, كما لم يشرق بالدمع مثل المتنبي. كان كل شيء أمامه وخلفه وبين يديه وعلى مسافة من “زووم” كاميرته يعلن حربا على كل شيء عنوانها الدم. ولا وقت لإختلاط الدم بالدموع.

خبر الموت المتوقع وصل الى وائل الدحدوح على الهواء مباشرة, كان يغطي, على الهواء مباشرة, واقعة الحرب المفتوحة على إحتمال واحد سقوط المزيد من الضحايا وفي مقدمتهم الأطفال. هذا هو تاريخ حرب المدن الذي لا يفرق بين جنرال أربع نجوم وبين طفل بالقماط يتلقى الصواريخ مثلما يلقم ثدي أمه الذي جف منه الحليب. تلقى وائل الخبر المتوقع في كل ثانية من عمر الحرب,حربه هو لا حرب الآخرين المفتوحة على كل التسويات الممكنة وغير الممكنة. وائل لم يصعق للخبر. المشاهد هو الذي صعقه الخبر الذي قد يكون تلقاه في المنزل أمام الشاشة, أو في المقهى من هاتفه المحمول بينما يتناول مثل سرحان بشارة سرحان السجين الفلسطيني الأطول في التاريخ قاتل روبيرت كنيدي. سرحان بلغة محمود درويش شرب القهوة في الكافتيريا ومن ثم إنسل ليطعن كيندي مرشح الرئاسة الأميركية آنذاك.
كان وائل هو الوحيد المهيأ لتلقي مثل هذا الخبر بكل مايحمله من دهشة, بلا دهشة. لايهم إن كان صاعقا أو مصعوقا, يهز الجبال أو يطوي كل المسافات شارقا بالدمع أوكاد الدمع يشرق به. وائل لم يذرف الدموع. الدموع هي التي ذرفته. كان وائل “في جفن الردى” ببحث عن خبر آخر يغطيه. لا وقت لديه للعزاء ولا لكلمات الرثاء. كانت الكلمات هي التي تكتب وائل وهو يشرح مجريات الحرب, فلقد سقط بعد زوجته وولديه عشرات الشهداء. الكاميرا التي توقفت بينما وائل يصدح بالكلمات شارحا مسار العمليات توثق ما يجري بلا إضاءة. لا تعرف إن كانت تنقل وائل الى التاريخ أم تنقل عن وائل تاريخا يكتبه هو متفوقا على الدم والحبر. لا كلمات تكفي لتوثيق الصورة ولا تاريخ يجرؤ على التنصل عن مسؤوليته في أسر لحظة سوف تتحول الى سجل مضئ في صفحاته اللاحقة.
حتى السماء التي إستقبلت جثامين شهداء وائل الثلاثة مسحت من مآقيهم ماتبقي من دموع قبل لحظة الموت التي صارت حياة في كل بقاع فلسطين من 48 حتى اليوم مرورا بكل النكبات والنكسات والمجازر والخيانات. أحالتها لحظة الوداع الأخير بين الكاميرا والهواء صبرا وصمودا وعزة وفخرا لكل مقابر الأرض التي تحتضن كل شهداء العالم الذين قضوا في قضايا عادلة مثل القضية التي دافع عنها حتى الشهادة ولايزال وائل الدحدوح وأولاده وزوجته. لا وقت لوائل الدحدوح في إقامة مجالس العزاء وإستقبال المعزين ونصب السرادقات وصب القهوة وتلاوة الفاتحة. مجلس وائل مفتوح بين أزيز الرصاص والكاميرات والتغطيات المفتوحة. يتلو الفاتحة وماتيسر له من سور القران الكريم كلما سكتت الصواريخ ولو للحظات ومن ثم يواصل الكلام والمهمة معا.
لم يعد وائل يصف المشهد. صار هو المشهد. لم يعد يمنح “الجزيرة” خبرا يمكن أن يكون سبقا صحفيا. صار وائل هو الخبر وهو السبق. صار وائل مثل أحمد الزعتر في قصيدة محمود درويش. صار وائل الزعتر وجنين وعسقلان وكل دروب غزة وأزقتها وأنفاقها .. ” ليدين من حَجَر و زعترْهذا النشيدُ .. لـ “وائل” المنسيّ بين فراشتين”.. مَضَتِ الغيومُ و شرّدتني ..ورمت معاطفها الجبالُ و خبّأتني.. نازلاً من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل البلاد و كانت السنةُ انفصال البحر عن مدن الرماد و كنتُ وحدي .. ثم وحدي .. آه يا وحدي ؟ و “وائل”كان اغترابَ البحر بين رصاصتين ..مُخيّما ينمو ، و ينجب زعتراً و مقاتلين ..لا تسرقوه من السنونو ..لا تأخذوه من الندى .. كتبت مراثيها العيونُ .. و تركت قلبي للصدى .. لا تسرقوه من الأبدْ .. و تبعثروه على الصليب .. فهو الخريطةُ و الجسد .. و هو اشتعال العندليب .. أخي “وائل” وأنت العبد والمعبود والمعبد .. متى تشهدْ .. متى تشهدْ .. متى تشهدْ ؟”.
مقالي في جريدة “الصباح” الاثنين

المصدر: المركز الخبري الوطني

كلمات دلالية: وائل الدحدوح

إقرأ أيضاً:

“الهضبة” يشدو بأغنيات ألبومه الجديد في موسم جدة

عائشه الشهري (جدة)
يستعد “الهضبة” عمرو دياب لإحياء حفل غنائي ضخم، ضمن فعاليات موسم جدة، وذلك يوم 10 يوليو في عبادي الجوهر أرينا. يعد هذا الحفل من أبرز الأحداث الفنية المنتظرة في عروس البحر الاحمر جدة ، حيث سيقدم عمرو دياب خلالها ألبومه الجديد كاملًا لأول مرة على المسرح، في تجربة موسيقية استثنائية لعشاقه في المملكة. ويواصل عمرو دياب ظهوره المتجدد على مسارح جدة منذ عام 2019 حتى اليوم، حيث تحظى حفلاته دائمًا بإقبال جماهيري كبير، ودائمًا ما تنفد تذاكر الحفل فور طرحها. يشار إلى أنه تم طرح بيع التذاكر، وسط ترقّب واسع من الجمهور لحجز مقاعدهم مبكرًا في ليلة الحفل،التي تعد بالكثير من المتعة والإبداع.

مقالات مشابهة

  • “سوداني” تحذر
  • “الداخلية”: ضبط 17.8 ألف مخالف في أسبوع
  • “الهضبة” يشدو بأغنيات ألبومه الجديد في موسم جدة
  • أردوغان يختبر السيارة الكهربائية التركية الجديدة “توغ T10F”
  • 5 علامات “صامتة” لسرطان الجلد
  • “حماس”: سلمنا ردنا الذي اتسم بالإيجابية للوسطاء وجاهزون للتفاوض حول التنفيذ 
  • “سودانير” تعلن قرارا مفاجئا
  • “ريجنسي” الخرطوم.. أطلال شاهدة على “حرب البوم الذي يعجبه ليل الخراب”
  • “حرس حدود الشرقية”: احباط تهريب (3000) قرص إمفيتامين
  • “الغذاء والدواء”: ضبط 996 منشأة مخالفة