الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «6»
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
إنّ من أهم أسرار تطور الأمم ونهضتها حسن تربية وتعليم النشأ، ولقد رغّب القرآن الكريم والسنة النبوية أقوالًا وأفعالًا فى ذلك أشد الترغيب، فنرى أن جيل الصبيان الذي تربى على يد النبى (صلى الله عليه وسلم) وكبار صحابته كان لهم أثر كبير فيما بعد من حفظ ونقل الشريعة إلى من بعدهم وأنهم قد نبغوا فى كافة المجالات المعروفة فى ذلك الوقت، فتقدم المسلمون وسبقوا حضارات عريقة كالفرس والروم وتقدم المسلمون فى العلوم وكافة مناحي الحياة.
إن من التوجيهات ـــ إكمالًا لما ذُكِرَ بالمقال السابق ــ أن يُمْنَعَ الصبى من فُحشِ الكلام، ومن مخالطة من يفعل ذلك، لأن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء، وإذا انتهى الصبى من أداء واجباته المدرسية، فيصرح له باللعب الجميل والرياضة النافعة، ليستريح من تعب طلب العلم والتأديب، والترويح عن القلب مطلوب للصغار والكبار ولكن بما يكن فيه مخالفة شرعية، وقد قيل:(روح القلوب تتبع الذكر).
إنّ من التوجيهات النافعة أن يربى الصبى على طاعة والديه ومعلمه وتعظيمهم، فإذا أطاعهم أخذ عنهم، وهنا ننبه الوالدين والمعلمين أن يكونوا قدوة صالحة للصبيان، فلا يجوز أن يطلع الصبيان منهم على سوء، فإذا حدث هذا سقط هؤلاء من أعين الصبيان واستهانوا بهم فالطفل له من الذكاء والقدرة على التمييز ما يغفل عنه كثير من كبار السن.
أما إذا بلغ سبع سنين فإنه بُؤمر بالصلاة، ولم يسامح فى ترك الطهارة ليتعود عليها، ويخوف من الكذب والخيانة وسوء الخلق، فإذا قارب البلوغ كان ذلك أشد تأكيدًا حتى إذا وصل لسن البلوغ والتكليف كان ذلك كله تأهيلًا له ليبدأ مرحلة التكليف والمحاسبة، أما إذا تُرِكَ إهمالًا فى السنوات الأولى والسنوات التى تسبق البلوغ وجد ولى أمره صعوبة بالغة فى توجيهه إلى أشياء لم يتعودها من العبادة ومحاسن الخلاق، وترك المنكرات وسوء الخلق.
الطفل يُربى على مبادئ ثلاثة، الأول: الله معى، الثانى: الله ناظر إلىَّ، الثالث: الله شاهدي، ما أجمل أن يُنشأ الطفل على هذا وهو يسير ويعلم أن الله بصحبته وأن الله ينظر إليه وأن الله يشهد عليه، ما أجمل أن تتمتزج هذه الكلمات بروح الطفل، فيعلم أن علاقته بالله هى قبل وأهم من علاقته بوالديه اللذين ولداه.
إن الطفل ينبغي أن يعلم أننا خُلقنا فى هذه الدنيا لمقصد وهو العبادة وطاعة الله وأن الدنيا ستنتهى وأننا سنلاقى الله فيحاسبنا، وهو الذى قال:(مَنْ عَمِلَ صَلِحًا فَلنِفسِه ومَنْ أَسَاء فَعَلَيهَا ثُمَّ إِلَى رَبِكُم تُرْجَعَون) (الجاثية ـ 15)، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
كلية الشريعة تمنح أول درجة دكتوراه نقدية في التفسير العلمي لخلق الإنسان في القرآن الكريم بالعصر الحديث
دمشق-سانا
منحت كلية الشريعة في جامعة دمشق اليوم أول درجة دكتوراه نقدية في مجال التفسير العلمي للقرآن الكريم، بعنوان: “التفسير العلمي لخلق الإنسان الجسدي في القرآن الكريم بالعصر الحديث – دراسة تحليلية نقدية”.
وأعدّ رسالة الدكتوراه الباحث أحمد شرف الدين برهان، بإشراف الأستاذ الدكتور عبد العزيز حاجي، والمشرف المشارك الأستاذ الدكتور مروان الحلبي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وأستاذ علم الجنين في كلية الطب بجامعة دمشق.
وتُعد الأطروحة نقلة نوعية في الدراسات التفسيرية، إذ تتناول الأقوال الحديثة المتعلقة بخلق الإنسان الجسدي، من خلال دراسة تحليلية نقدية تهدف إلى تمييز ما هو مقبول منها علمياً وشرعياً وما هو مردود.
كما تتميّز الرسالة بأنها ليست دراسة وصفية أو تجميعية تقليدية، بل دراسة تقييمية علمية تعيد النظر في الطروحات المعاصرة بمنهج علمي رصين.
وجرت المناقشة بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، ورئيس جامعة دمشق الدكتور محمد أسامة الجبان، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية والمهتمين بالشأن العلمي والديني.
ونالت الأطروحة درجة الشرف بتقدير 95، في تتويج لجهود بحثية مكثفة تمثل إضافة حقيقية إلى المكتبة القرآنية والعلمية المعاصرة، وتفتح آفاقاً جديدة للتكامل بين التفسير العلمي والنصوص الشرعية.
تابعوا أخبار سانا على