غبار المعارك يكشف حجم الكارثة التي تعيشها غزة
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
يستمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الوحشي وغير المسبوق على قطاع غزة حيث حولت طائرات الاحتلال مدن وبلدات القطاع إلى أكوام من الأنقاض والركام وأودت بحياة الآلاف منهم إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين فضلا عن توقف شبه كامل للحياة في القطاع المحاصر.
تسلط صحيفة الفايننشيال تايمز في أحدث تقاريرها الضوء على حجم الكارثة التي خلفتها العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 26 يوما.
تقول الصحيفة: أصبحت التقارير الواردة من غزة المحاصرة، على مدى أيام الأسابيع الثلاثة الماضية، أكثر كآبة من أي وقت مضى، فالجثث مكدسة في شاحنات صغيرة، والأطفال يتم انتشالهم من تحت الأنقاض، وسويت المناطق السكنية بالأرض، وقُتل الآلاف، وأُجبر حوالي مليون شخص على ترك منازلهم.
وهناك أيضًا النقص الشديد في الغذاء والمياه والوقود اللازم لتشغيل محطات تحلية المياه والمولدات، وقد انهارت الخدمات الأساسية، التي كانت سيئة حتى قبل أن تشن إسرائيل هجومها الانتقامي على غزة في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وسوف تزداد سوءًا، فقد توغلت الدبابات الإسرائيلية في القطاع تحت غطاء قصف جوي عنيف ليلة الجمعة، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن مرحلة جديدة وواسعة من الحرب قد بدأت.
إن إسرائيل، الدولة التي ولدت في ظل الصراع ولديها شعور عميق بالضعف، لديها كل الحق في الدفاع عن مواطنيها والرد على هجوم الجماعة المسلحة ذات التوجه الإسلامي؛ فقد قُتل أكثر من 1400 شخص، مما يجعله الهجوم الأكثر دموية على الأراضي الإسرائيلية منذ تأسيس الدولة، ولقد ارتكبت حماس فظائع؛ وكان من بين القتلى نساء وأطفال وشيوخ، واحتُجز أكثر من 230 شخصًا، بينهم مدنيون، كرهائن.
ولكن العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على 2.3 مليون شخص محاصر في غزة ــ نصفهم تقريبًا من الأطفال ــ يجب أن يتوقف، وقد قُتل أكثر من 8000 شخص – من بينهم أكثر من 3000 طفل – في القصف الإسرائيلي الذي استمر ثلاثة أسابيع على القطاع، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، وهذا أعلى بكثير من إجمالي عدد القتلى في الحروب السابقة التي خاضتها إسرائيل مع حماس منذ سيطرة الجماعة ذات التوجه الإسلامي على غزة في عام 2007.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي إنه “لا يثق في العدد الذي يستخدمه الفلسطينيون” للقتلى، ولكن في الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس، عندما هدأ الغبار وأجرت وكالات الأمم المتحدة إحصائياتها الخاصة، لم تظهر أي تناقضات كبيرة مع تلك التي أعلنها مسؤولو الصحة في غزة.
وبدلًا من المراوغة بشأن الأرقام؛ يجب أن ينصب تركيز بايدن على الضغط على إسرائيل لحماية المدنيين واحترام قواعد الحرب، فحجم الدمار في القطاع واضح للجميع. وأعرب مسؤولون في الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء “الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي” التي تحدث في غزة، وفرضت إسرائيل حصارًا على غزة وأمرت نصف السكان بالتحرك جنوبًا بعيدًا عن شمال القطاع، وتتهم حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
والآن أمرت إسرائيل بإخلاء المدارس والمستشفيات في الشمال حيث لجأ عشرات الآلاف من الأشخاص إلى ملاذ آمن، ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه لا يزال هناك ما بين 300 ألف إلى 400 ألف شخص في الشمال؛ وهو محور الهجوم البري، وطوال الوقت، لم تسمح إسرائيل إلا بدخول قدر ضئيل من المساعدات إلى غزة؛ حوالي 131 شاحنة مقارنة بـ 500 شاحنة كانت تدخل يوميًّا قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي الخلفية، يتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من 100 فلسطيني، بعضهم على يد قوات الأمن والبعض الآخر على يد المستوطنين اليهود. ومع تصاعد التوترات في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، يخشى الدبلوماسيون من احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقا.
لقد حان الوقت لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ومن شأن ذلك أن يخفف معاناة الفلسطينيين ويهدئ التوترات الإقليمية، ويجب على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن.
ويتعين على حلفاء “إسرائيل” أن يضغطوا على حكومة نتنياهو للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة ورفع الحصار عنها، ويتعين عليهم أيضًا أن يوجهوا إسرائيل نحو خطة أكثر قبولًا لإبطال التهديد الذي تفرضه حماس؛ خطة لا تدفع إسرائيل والمنطقة إلى الهاوية.
لفد وجهت حماس ضربة كارثية ضد إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ويتعين على إسرائيل الآن أن تتجنب الوقوع في فخ تمكين المسلحين ــ الذين يعتبرون كل ضحية فلسطينية شهيدًا لقضيتهم ــ من الاستفادة من ذلك، فكلما تعاظمت معاناة المدنيين الفلسطينيين، زاد احتمال أن تفقد إسرائيل الدعم في الغرب، في حين تزيد من غضب العالمين العربي والإسلامي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة القصف الإسرائيلي الضفة الغربية غزة الضفة الغربية القصف الإسرائيلي الحرب على غزة غزة المحاصرة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من
إقرأ أيضاً:
ما هو “مشروع إستير” الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
#سواليف
في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعد مرور عام كامل على #الإبادة_الجماعية التي تنفذها #إسرائيل في قطاع #غزة بدعم من الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة أكثر من 53.000 فلسطيني، أصدرت مؤسسة “هيريتيج فاونديشن” (Heritage Foundation) ومقرها #واشنطن، ورقة سياسية بعنوان ” #مشروع_إستير: إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية”.
هذه المؤسّسة الفكرية المحافظة هي الجهة ذاتها التي تقف خلف “مشروع 2025″، وهو خُطة لإحكام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ولبناء ما قد يكون أكثر نماذج الديستوبيا اليمينية تطرفًا على الإطلاق.
أما “الإستراتيجية الوطنية” التي يقترحها “مشروع إستير” المسمى نسبةً إلى الملكة التوراتية التي يُنسب إليها إنقاذ اليهود من الإبادة في فارس القديمة، فهي في جوهرها تتلخص في تجريم المعارضة للإبادة الجماعية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والقضاء على حرية التعبير والتفكير، إلى جانب العديد من الحقوق الأخرى.
مقالات ذات صلة انفجار الأزمة بين الجيش وحكومة نتنياهو 2025/05/20أوّل “خلاصة رئيسية” وردت في التقرير تنصّ على أن “الحركة المؤيدة لفلسطين في #أميركا، والتي تتسم بالعداء الشديد لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة، هي جزء من شبكة دعم عالمية لحماس (HSN)”.
ولا يهم أن هذه “الشبكة العالمية لدعم حماس” لا وجود لها فعليًا – تمامًا كما لا وجود لما يُسمى بـ”المنظمات الداعمة لحماس” (HSOs) التي زعمت المؤسسة وجودها. ومن بين تلك “المنظّمات” المزعومة منظمات يهودية أميركية بارزة مثل “صوت اليهود من أجل السلام” (Jewish Voice for Peace).
أما “الخلاصة الرئيسية” الثانية في التقرير فتدّعي أن هذه الشبكة “تتلقى الدعم من نشطاء وممولين ملتزمين بتدمير الرأسمالية والديمقراطية”- وهي مفارقة لغوية لافتة، بالنظر إلى أن هذه المؤسسة نفسها تسعى في الواقع إلى تقويض ما تبقى من ديمقراطية في الولايات المتحدة.
عبارة “الرأسمالية والديمقراطية”، تتكرر ما لا يقل عن خمس مرات في التقرير، رغم أنه ليس واضحًا تمامًا ما علاقة حركة حماس بالرأسمالية، باستثناء أنها تحكم منطقة فلسطينية خضعت لما يزيد عن 19 شهرًا للتدمير العسكري الممول أميركيًا. ومن منظور صناعة الأسلحة، فإن الإبادة الجماعية تمثل أبهى تجليات الرأسماليّة.
وبحسب منطق “مشروع إستير” القائم على الإبادة، فإنّ الاحتجاج على المذبحة الجماعية للفلسطينيين، يُعد معاداة للسامية، ومن هنا جاءت الدعوة إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المقترحة التي تهدف إلى “اقتلاع تأثير شبكة دعم حماس من مجتمعنا”.
نُشر تقرير مؤسسة “هيريتيج” في أكتوبر/ تشرين الأول، في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، والتي وصفتها المؤسسة بأنها “معادية لإسرائيل بشكل واضح”، رغم تورّطها الكامل والفاضح في الإبادة الجارية في غزة. وقد تضمّن التقرير عددًا كبيرًا من المقترحات لـ”مكافحة آفة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عندما تكون الإدارة المتعاونة في البيت الأبيض”.
وبعد سبعة أشهر، تُظهر تحليلات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” أن إدارة الرئيس دونالد ترامب -منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني- تبنّت سياسات تعكس أكثر من نصف مقترحات “مشروع إستير”. من بينها التهديد بحرمان الجامعات الأميركية من تمويل فدرالي ضخم في حال رفضت قمع المقاومة لعمليات الإبادة، بالإضافة إلى مساعٍ لترحيل المقيمين الشرعيين في الولايات المتحدة فقط لأنهم عبّروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
علاوة على اتهام الجامعات الأميركية بأنها مخترقة من قبل “شبكة دعم حماس”، وبترويج “خطابات مناهضة للصهيونية في الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، غالبًا تحت مظلة أو من خلال مفاهيم مثل التنوع والعدالة والشمول (DEI) وأيديولوجيات ماركسية مشابهة”، يدّعي مؤلفو “مشروع إستير” أن هذه الشبكة والمنظمات التابعة لها “أتقنت استخدام البيئة الإعلامية الليبرالية في أميركا، وهي بارعة في لفت الانتباه إلى أي تظاهرة، مهما كانت صغيرة، على مستوى جميع الشبكات الإعلامية في البلاد”.
ليس هذا كل شيء: “فشبكة دعم حماس والمنظمات التابعة لها قامت باستخدام واسع وغير خاضع للرقابة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ضمن البيئة الرقمية الكاملة، لبث دعاية معادية للسامية”، وفقاً لما ورد في التقرير.
وفي هذا السياق، تقدم الورقة السياسية مجموعة كبيرة من التوصيات لكيفية القضاء على الحركة المؤيدة لفلسطين داخل الولايات المتحدة، وكذلك على المواقف الإنسانية والأخلاقية عمومًا: من تطهير المؤسسات التعليمية من الموظفين الداعمين لما يسمى بمنظمات دعم حماس، إلى تخويف المحتجين المحتملين من الانتماء إليها، وصولًا إلى حظر “المحتوى المعادي للسامية” على وسائل التواصل، والذي يعني في قاموس مؤسسة “هيريتيج” ببساطة المحتوى المناهض للإبادة الجماعية.
ومع كل هذه الضجة التي أثارها “مشروع إستير” حول التهديد الوجودي المزعوم الذي تمثله شبكة دعم حماس، تبين – وفقًا لمقال نُشر في ديسمبر/ كانون الأول في صحيفة The Forward- أنَّ “أيَّ منظمات يهودية كبرى لم تُشارك في صياغة المشروع، أو أن أيًّا منها أيدته علنًا منذ صدوره”.
وقد ذكرت الصحيفة، التي تستهدف اليهود الأميركيين، أن مؤسسة “هيريتيج” “كافحت للحصول على دعم اليهود لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي يبدو أنها صيغت من قبل عدة مجموعات إنجيلية مسيحية”، وأن “مشروع إستير” يركز حصريًا على منتقدي إسرائيل من اليسار، متجاهلًا تمامًا مشكلة معاداة السامية الحقيقية القادمة من جماعات تفوّق البيض والتيارات اليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، حذر قادة يهود أميركيون بارزون -في رسالة مفتوحة نُشرت هذا الشهر- من أن “عددًا من الجهات” في الولايات المتحدة “يستخدمون الادعاء بحماية اليهود ذريعةً لتقويض التعليم العالي، والإجراءات القضائية، والفصل بين السلطات، وحرية التعبير والصحافة”.
وإذا كانت إدارة ترامب تبدو اليوم وكأنها تتبنى “مشروع إستير” وتدفعه قدمًا، فإن ذلك ليس بدافع القلق الحقيقي من معاداة السامية، بل في إطار خطة قومية مسيحية بيضاء تستخدم الصهيونية واتهامات معاداة السامية لتحقيق أهداف متطرفة خاصة بها. ولسوء الحظ، فإن هذا المشروع ليس إلا بداية لمخطط أكثر تعقيدًا.