ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يلقي الضوء على الأساليب التربوية في معاقبة الأبناء
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، آخر ندوات الموسم السابع من البرامج الموجهة للمرأة، وحاضر فيها كلٌّ من د. رحاب الزناتي، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، ود. فاطمة الزهراء محمد محرز، مدرس الحديث بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، وأدارت الحوار د. حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
وقالت د. رحاب الزناتي ، إن هناك العديد من الأساليب التربوية التي تستخدم في عقوبة الأبناء، ولكن قبل المعاقبة لابد من استخدام أساليب تؤدي إلى عدم العقوبة ومنها؛ تقوية أواصر المحبة بين الأم وبين أبنائها، وتعليم الطفل الصواب بالقدوة قبل أي وسيلة أخرى، والصبر على التعليم المكثف والمتكرر لمَواطن الخطأ، وكذا مراقبة الطفل ونصحه وإرشاده لتصويب أخطائه، ومنعه من الوقوع في الخطأ قدر الاستطاعة ومساعدته في تصويبه، والعفو مع التنبيه للخطأ، ومعرفة الأسباب التي دفعته لارتكاب الخطأ قبل العقاب، والتجاوز عن الخطأ والنسيان، والعفو عن الخطأ مرة أو مرتين أو ثلاث حتى يتعود الصواب، ولابد من ارتباط العقوبة بوقت الفعل.
وأضافت الزناتي: هناك العديد من الأساليب التربوية التي تستخدم في العقاب، ومنها الاعتدال في العقوبة ومناسبتها للخطأ مع مراعاة احترام الذات الإنسانية وقت العقاب، ومنها التدرج في العقاب، عدم تعيير الطفل بالخطأ بعد العقاب، ومنها التجاهل، وإقرار الطفل بالخطأ والاعتذار والاستغفار، والعتاب والتأنيب بإظهار عيوب السلوك الخاطئ وإصلاح ما تم إتلافه، وحرمانه من الأشياء المفضلة لديه.
ومن جهتها ، ذكرت د. فاطمة الزهراء محمد محرز، أن مرحلة الطفولة تعتبر من أهم المراحل في حياة الإنسان وعليها سيكون الإنسان سوياً أو مريضاً، فجميع الأمراض النفسية تقريباً تنشأ نتيجة لسوء فهم طبيعة هذه المرحلة ومتطلباتها، وتساءلت د. فاطمة هل التأديب يعني الضرب؟ إن الله يحب من عباده أن يتخلقوا بالأخلاق الحميدة فلا ينزلون العقوبة بلا تأن ولا تعقل ولا تريث؛ لأن العجلة حينئذ تكون من الشيطان، فلابد من النظر أولاً والتحقق من دوافع الخطأ وقبول العذر، يقول عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-"لا تقضي وأنت غضبان، ولا تقضي بين اثنين حتى تسمع منهما حتى لو جاءك أحدهما وعينه على يده فربما جاء الآخر، وعيناه على يده.
وتابعت أستاذ الحديث: الضرب كوسيلة للعقاب له آثاره السلبية والتي تؤدي إلى عدم الثقة في النفس والاعتماد على الآخرين، والميل إلى العزلة وعدم الرغبة في الاحتكاك مع البيئة المحيطة، وفقد التطوير من شخصيته وإنعدام الحسم واتخاذ القرارات ضعيفة وسهلة الانقياد، فيكون صاحب ميول عدوانية ولديه الرغبة في إيذاء الأضعف وتفضيل العزلة مع الانطواء والخوف والتوتر والجبن مع الرغبة الشديدة في البكاء، فتتنابه الكوابيس ويكون أكثر عرضة لأن يمارس الانحرافات، ومع كبره يتعرض للاضطرابات العقلية والنفسية والجنسية والعنف الأسري ومشكلات في العلاقات وانخفاض معدل الذكاء والتفاوت في التحصيل الدراسي زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وهذا يعني وجود فارق في معدلات الذكاء .
من جانبها، بيّنت د. حياة العيسوي، أن ديننا دين وسطية فلا تشدد ولا تسيب ولا إفراط ولا تفريط في الدين بل وسطية، وجميل أن نرى أبناءنا على هذه الوسطية فنكون لهم خير مثال وقوة، ونربي أبناءنا على مراقبة الله وخشيته فهذا هو الضمان الحقيقي الذي تضمن به حسن سلوكهم وهو الحصن والأمان.
وتابعت: جميع التكليفات الشرعية رفعت عن الطفل ، وما يترتب عليها من الإثم والعقاب ، فقد قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ» ، فالخطأ هو طبيعة بشرية ولابد أن الأباء يعلمون أنهم لن ينجبون ملائكة، والخطأ وارد، وعلينا تقبلهم بأخطائهم" والطفل الذي لا يخطئ هو طفل غير سوي، خائف، وليس لديه ثقة بنفسه وقدراته.
وأوضحت أن الإسلام هو دين الرحمة، وقد وصف الله تعالى حبيبه المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه رحمة للعالمين فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، مضيفة أنّ الشرع أكد على حق الضعيف في الرحمة به؛ فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ ".
واسترسلت قائلة: «أَوْلَى الناس بالرحمة هم الأطفال في مراحل عمرهم المختلفة، لضعفهم واحتياجهم الدائم إلى من يقوم بشؤونهم، حتى جعل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عدم رحمة الصغير من الكبائر، فقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبيرِنَا» .
والإسلام دين العلم، فهو يدعو دائمًا إلى اتباع الوسائل العلمية الصحيحة التي ينصح بها المتخصصون في المجالات المختلفة، ولا يخفى أن الضرب ليس الوسيلة الأنفع في التربية كما يقرره كثير من علماء التربية والنفس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر الشريف الأساليب التربوية مرحلة الطفولة الأزهر صلى الله علیه
إقرأ أيضاً:
هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟.. الأزهر للفتوى يجيب
تلقى مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية سؤالا يقول صاحبه: هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟
وأجاب مركز الأزهر عبر موقعه الرسمى عن السؤال قائلا: إنَّ هذه المسألة من المسائل التي طال الخلاف فيها بين الفقهاء؛ وهذا بناءً على اختلافهم في تفسير قوله -تعالى- : {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} من الآية الكريمة {يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء:43].
حقيقة اللمس
وتابع: وحقيقة اللمس: إلصاق الجارحة بالشيء، وهو عُرْفٌ في اليَد؛ لأنَّها آلَتُه الغالبة. ولكن اختلف العلماء في المراد به، فذهب الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- إلى أنَّ اللمس هنا بمعنى الجِمَاع، واستدل بما رود عن أمِّ المؤمنين السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قَبَّل بعض نسائه، ثُمَّ خرج إلى الصَّلاة فلم يتوضَّأ) [رواه: الدارقطني]، وعليه؛ فهو يرى أنَّ مجرَّد اللمس العادي لا ينقض الوضوء.
بينما يرى الإمام الشَّافعي -رضي الله عنه- أنَّ المراد باللمس: المباشرة، وهي أن يُفضي الرَّجل بشيءٍ من بدنه إلى بدن المرأة، سواء كان باليد أم بغيرها من أعضاء الجسد، وكذا إن لمسته هي، ودليله ظاهر الآية الكريمة: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فإنَّها لم تُقيَّد بشهوة أو بغير شهوة، فمجرَّد اللمس ينقض الوضوء. وقد جَنَح إلى التَّفصيل الإمام مالك وكذا الإمام أحمد؛ فقالا: إن اللمس بتلذُّذ بشهوة ينقض الوضوء، إما إن كان بغير بشهوةٍ وتلذُّذ فلا ينقض الوضوء؛ ويؤيِّد ذلك ما ورد أيضًا عن أمِّ المؤمنين السَّيِّدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كنتُ أَنَامُ بين يَدَي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ فإذا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، وإذا قام بَسَطْتُهُمَا، وَالبيوتُ يومئذٍ ليس فيها مصابيح) [متفق عليه]، فهذا دليل صريح في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُلامس، ولم يُنتقض وضوؤه؛ لاستمراره في الصَّلاة، فبيَّنت السُّنَّة النَّبوية المُطهَّرة أن الملامسة دون التلذُّذ والشَّهوة لا تنقض الوضوء.
لمس المرأة بشهوة
وأوضح وفقا لما سبق أن لمس الرَّجل زوجته بتلذُّذ وشهوة ينقض الوضوء؛ فيكون لمسه للمرأة الأجنبيَّة -التي لا تحلُّ له- بتلذُّذ وشهوة ينقض الوضوء من باب أولى، أما مجرَّد اللمس بغير شهوةٍ ولا تلذُّذ فلا ينقض الوضوء. ويكون بيان الآية على ذلك: أنَّ قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا} أفاد الجِماع، وأنَّ قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} أفاد الحَدَث، وأنَّ قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ} أفاد اللمس، فصارت ثلاث جُمَل لثلاثةِ أحكام، وهذا غاية في العِلم والإعلام، ولو كان المراد باللمس الجماع لكان تكرارًا، وكلام الحكيم يتنزَّه عنه. [أحكام القرآن لابن العربي(1/564)].