الإجازة الصيفية.. فرصة لتعزيز المهارات والمشاركة الأسرية
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
بدأ طلبة المدارس منذ الأسبوع الماضي الإجازة الصيفية التي تُعد هاجسًا لدى أولياء الأمور، خاصة فيما يتعلق بكيفية تنظيم أوقات أبنائهم واستغلالها فيما ينفعهم، في ظل سطوة الأجهزة الإلكترونية والمنصات الرقمية، والمخاوف من ضياع وقت الإجازة في جوانب غير مفيدة.
وأكد مختصون اجتماعيون أن الإجازة الصيفية إذا ما استُغلت بالطريقة المناسبة، ووضع أولياء الأمور برامج مفيدة لأبنائهم، فإنها تُعد بمثابة فرصة مثالية لاستعادة الطاقة بعد عام دراسي حافل بالعطاء.
وحذّر المختصون من تأثير أوقات الفراغ الطويلة في سلوكيات الأبناء، مؤكدين أهمية إيجاد برامج متنوعة لهم تسهم في تقليص أوقات الفراغ، وتسهم في إثراء مداركهم وقدراتهم.
ونبّهت فاطمة بنت عامر العمرية، عضوة في لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العُمانية، بضرورة التخطيط الجيد من قبل الأسر لإجازة الأبناء الصيفية، ووضع برامج مفيدة واستغلال أوقات الفراغ.
وأوضحت أن الإجازة الصيفية تُعد فرصة ذهبية لإعادة شحن طاقات الأبناء بعد عام دراسي حافل، ولكن دون تخطيط سليم قد تتحول هذه الفترة إلى وقت ضائع أو مليء بالملل، وهنا تبرز أهمية التعاون بين الأسرة والطفل في إعداد خطة متوازنة ومفيدة تضمن المتعة والفائدة معًا.
وأشارت إلى أن التخطيط الناجح يبدأ بحوار صريح بين الأهل والأبناء، تُطرح فيه الأفكار والرغبات من الجانبين، وهذا الحوار لا يعزز فقط روح المشاركة، بل يعلم الطفل كيف يعبر عن رغباته، ويشارك في اتخاذ القرارات، ومن المهم أن تتنوع الأنشطة بين الترفيه والتعليم، مثل تسجيل الطفل في نادٍ رياضي، أو دورات لتطوير المهارات، إلى جانب الرحلات العائلية أو زيارات الأقارب.
وقالت: يفضل أن يشمل الجدول الصيفي وقتا للقراءة أو تعلم هوايات جديدة، فذلك يساعد على تنمية الشخصية وتوسيع آفاق الطفل، كما يعد إشراك الأبناء في الأعمال المنزلية خلال الإجازة وسيلة جيدة لتعزيز حس المسؤولية لديهم.
وبيّنت العمرية أنه يُستحسن تقنين استخدام الأجهزة الإلكترونية، مع توفير بدائل جذابة كالألعابِ الجماعية أو الأنشطة الخارجية، مما يرسخ قيم التفاعل الاجتماعي ويحد من العزلة.
وأكدت فاطمة العمرية أن التخطيط السليم للإجازة الصيفية لا يحقق الفائدة للأبناء فحسب، بل يعزز الروابط الأسرية، ويجعل من الإجازة وقتًا مثمرًا وممتعًا؛ فبتعاون بسيط بين الأسرة والطفل، يمكن للإجازة أن تتحول إلى تجربة لا تنسى، مليئة بالتعلم والفرح.
خطة مشتركة
من جانبه، يرى سعيد بن إبراهيم الشعيلي من جمعية الاجتماعيين العُمانية أن الإجازة الصيفية تُعد فرصة عظيمة لمساعدة الطفل، لكي يصبح شخصًا أكثر تطورًا؛ فهي إحدى الفترات التي ينتظرها الكثيرون طوال العام، لأخذ قسط من الراحة الذي يتعرّض له الفرد طوال فترة السنة، لذلك يجب إعداد خطة مسبقة بمشاركة الأبناء والأسرة بالكامل، لما لها من أهمية كبيرة، وتُعد أهم مرحلة قبل مجيء الإجازة الصيفية؛ فالأطفال بحاجة إلى التمتع بالمرح والاسترخاء خلال الصيف؛ لأنهم يكونون محملين بضغوطات دراسية واجتماعية خارجية.
وقال: إن الأسرة تؤدي دورًا مهمًا للغاية، في التشجيع على تنمية المهارات، وتنظيم الوقت في الإجازة الصيفية لأبنائهم، وذلك كي لا تضيع هدرًا بدون الاستفادة منها بالشكل المطلوب، ونظرًا لتعدد الهوايات والرغبات في الأسرة الواحدة، من الضروري عمل جلسة حوارية فور انتهاء العام الدراسي، يُحدّد فيها كل فرد كيف يجب أن تكون الإجازة، كما يجب أن يتعاون أفراد الأسرة في التخطيط لتنظيم الإجازة الصيفية، من خلال التركيز على الاهتمامات الخاصة بكل طفل.
وأكد الشعيلي على الوالدين أن يكون الطفل شريكًا في الاختيار ووضع الخطة، لتعويده على اتخاذ القرار ومهارة التخطيط، ومهارة إيجاد البدائل والحلول، وتحمل المسؤولية، والأهم من هذا كله، هو تعلّمه كيفية الاستمتاع بالوقت وتشغيله بما يعود عليه بالفائدة، كما أن على الطفل أن يكون شريكًا في الحوار، لتعلم مهارة الحوار مع الوالدين ومهارة الإقناع، موضحًا أن قضاء الإجازة الصيفية بشكل مفيد يملأ الفراغ ويحرك الطاقات، ويجب ألا يُشغل الطلبة وأسرهم فقط، بل يجب أن تتنافس كافة المؤسسات المعنية على وضع برامج لهذا الغرض، وأن تحرص على ألا تخلو هذه البرامج من الترفيه بعد عام دراسي طويل، كما يجب أن يكون الترفيه ممزوجًا بالمتعة والفائدة.
وأشار إلى أنه لا بد لكل أسرة أن تضع خطة -قدر الإمكان- بمشاركة الأبناء، لقضاء إجازة تحفظهم من الضياع، وتنفعهم في دينهم ودنياهم، دون أن نحرمهم من حقوقهم في الراحة والاستجمام.
زراعة الأثر
من جانبها، أوضحت فاطمة بنت خليفة الجابرية أن الإجازة الصيفية هدنة تتنفس فيها العائلة بعضًا من سكونها، وتتحرر أرواح الأطفال من قيود الجداول والحقائب المدرسية، وتعد فرصة ثمينة، لا تُقاس بطولها، بل بما نزرعه فيها من أثر.
وقالت الجابرية: إن التخطيط الناجح يتطلب معرفة ميول الأبناء واحتياجاتهم العمرية، وتحديد أهداف واضحة لما نرغب في أن يكتسبوه خلال فترة الإجازة، سواء كانت مهارات شخصية، أو علمية، أو اجتماعية، على سبيل المثال، يمكن تخصيص وقت يومي لتعلم لغة جديدة، أو المشاركة في حلقات عمل تُنمّي التفكير الإبداعي، إلى جانب أوقات مخصصة للترفيه والأنشطة الحركية.
وأكدت أنه من المهم أن يكون البرنامج مرنًا، وقابلًا للتعديل، ويحقق التوازن بين التعلم والراحة، بحيث لا يشعر الطفل بالضغط، بل بالحماس والمتعة، كما يُفضل إشراك الطفل في وضع البرنامج ليشعر بالانتماء والالتزام، كما لا نغفل أهمية دمج القيم التربوية والمهارات الحياتية ضمن الأنشطة، مثل تنظيم الوقت، وتحمل المسؤولية، واحترام الآخرين؛ فبهذا يتحول البرنامج إلى وسيلة لبناء الشخصية، وليس مجرد جدول يومي.
وأوضحت أن التخطيط لصيف الأبناء ليس ترفًا، بل هو استثمار في شخصياتهم، وفي عقولهم، وفي قلوبهم الصغيرة التي تتفتح حين تجد ما يُلهمها ويُحفزها، ووضع برنامج صيفي مدروس، يضم أنشطة متنوعة، هو بمثابة خريطة تقود الطفل إلى اكتشاف ذاته، ومواهبه، وقدراته الكامنة.
وأعربت عن أملها في أن تستغل الأسر الإجازة الصيفية ليكون صيفُنا هذا العام مختلفًا، وصيفًا نزرع فيه المعرفة، ونروي القيم، وننتظر الحصاد حين يعود أبناؤنا بفكر ناضج، وروح مشرقة، وذاكرة ممتلئة بتفاصيل لا تُنسى.
خطورة الفراغ
من جانبها، أكدت جواهر الشبلية، عضوة بجمعية الاجتماعيين العُمانية، أن الفراغ يبدو بريئًا جميلًا في ظاهره، ولكنه يحمل في طياته سمومًا إذا لم يُدار بالحكمة، وتكون الأسرة والمجتمع هما المسؤولان الأولان عن إدارة وقت الطفل؛ فالفراغ فرصة إذا لم تُستخدم وتُستغل تُصبح قاتلًا صامتًا.
وقالت: الفراغ حالة وقتية يشعر فيها الإنسان بعدم وجود ما يشغله فيها من أعمال وأنشطة، وخطورة وقت الفراغ، خصوصًا على الأشخاص المراهقين، تكمن في الأفكار التي تدور في عقولهم في حالة عدم شغل هذه العقول بوضع أهداف وخطط لهم من قبل أسرهم ومن هو مسؤول عنهم؛ فالإجازة الصيفية قد بدأت، ووقت الفراغ المشغول سابقًا بالذهاب للمدرسة ومذاكرة الدروس أصبح شاسعًا جدًا.
وأوضحت جواهر الشبلية أن أهم أشكال الفراغ تتلخص في: الفراغ الزمني، وهو غياب الأشغال والأنشطة التي تملأ وقتًا معينًا، والفراغ النفسي، الذي يشعر فيه الإنسان بعدم الجدوى وغياب الأهداف، وأخيرًا الفراغ الفكري، وهو غياب التفكير الجاد والانشغال بالأفكار السطحية، ويكمن الخطر الحقيقي على هؤلاء المراهقين في تأثيره في نفسية الطفل، مثل: الشعور بالاكتئاب، والقلق، والشعور بعدم القيمة والهدف، وارتفاع معدلات الجريمة، وتراجع الطموح، وضعف الإنتاجية.
وبيّنت أنه على مستوى السلوك، فإن وجود وقت طويل بدون انشغال قد يجر الطفل لمشاهدة واستخدام محتويات غير لائقة لساعات طويلة، وبالتالي برمجة عقله اللاواعي لتطبيق ما شاهد أو التفكير بسلوكيات سلبية، كالتدخين، ومرافقة أصدقاء السوء؛ لذلك يتوجب على الأسرة أن تتخذ موقفًا صارمًا في إدارة وقت أبنائها، ووضع جداول منظمة للسيطرة على يومهم منذ بدايته حتى مغيب الشمس، على أن يتضمن هذا الجدول الجوانب الأساسية: الدين، الجانب الاجتماعي، والترفيه، كوضع أهداف يومية وطويلة المدى، والتقرب من الله بالعبادات، وخلق حلقات ذكر عائلية، وإشراك الطفل في الأعمال التطوعية، وممارسة الهوايات، وقراءة وتطوير مهارات جديدة (كاللغات، والفنون، وغيرها)، وممارسة الرياضة، وأوقات الترفيه، والزيارات العائلية، أو ما تراه العائلة مناسبًا لشغل طفلها في وقت الإجازة الصيفية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطفل فی أن یکون التی ت یجب أن
إقرأ أيضاً:
”التربية الرقمية“.. أولياء أمور يتفقون على ضوابط لحماية الأبناء من مخاطر الشاشات
أجمع عدد من أولياء الأمور على أن التربية في العصر الحالي لم تعد تقتصر على التوجيه المباشر، بل امتدت لتشمل تحديًا جديدًا يُعرف بـ "التربية الرقمية"، مؤكدين أن المتابعة الدقيقة لاستخدام الأبناء للأجهزة الذكية أصبحت ضرورة حتمية لحمايتهم من المخاطر الصحية والسلوكية، في زمنٍ تحولت فيه التقنية إلى جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
وفي استطلاع لـ «اليوم»، برز اتفاق شبه كامل على ضرورة وضع ضوابط زمنية صارمة، حيث اقترح غالبية الآباء تحديد سقف زمني لا يتجاوز ساعتين يوميًا لاستخدام الأجهزة، بهدف حماية الأبناء من الأضرار الصحية، خصوصًا ما يتعلق بتأثير شاشات الأجهزة على سلامة العيون.
أخبار متعلقة عاجل: الزواج بـ"رخصة" والطلاق بـ"دورة".. مقترحات لحماية الأبناء من تبعات الانفصالضمن مبادرة ولي العهد.. إطلاق مؤشر عالمي لحماية الطفل سيبرانيًاكيف يتم الاستعلام عن تقارير الهوية الرقمية "أبشر"؟ .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”التربية الرقمية“.. أولياء أمور يتفقون على ضوابط لحماية الأبناء من مخاطر الشاشاتتنظيم الوقتوقال منصور الشايع: "فيما يخص متابعة الأبناء أثناء استخدام الأجهزة الذكية، فأنا أفضّل أن يكون هناك تنظيم للوقت المخصص لهم، لأن أشعة هذه الأجهزة مؤثرة كما نسمع، ولذلك أرى أن يكون الاستخدام لمدة ساعتين يوميًا موزّعة على اليوم، فالأبناء أصبحوا يعانون من مشكلات في العيون بسبب هذه الشاشات".
وأضاف الشايع: "أتمنى أن يكون هناك رقم سري للجهاز خاص بولي الأمر، سواء الأب أو الأم، لمتابعة المحتوى الذي يشاهده الأبناء، خاصة أنهم قد لا يدركون خطورة بعض الألعاب".
وأكمل: "كما أن تغيير الرقم السري بين فترة وأخرى يساهم في تقليل المشكلات، مع ضرورة عدم وضع حواجز بين الأهل والأبناء، بل بناء علاقة قائمة على الثقة والحوار والتفاهم".
من جهته قال طارق اليحيى: "متابعة الأبناء وأجهزتهم تتطلب استخدام عدة طرق، وأبسطها تقليل وجود الأجهزة قدر الإمكان، لكن لا نريد حرمانهم منها، والحل يكمن في استخدام تطبيقات للرقابة الأبوية (الكنترول)، سواء المدمجة في الأجهزة أو المتاحة مجانًا، إلى جانب تحديد ساعة معينة يوميًا يتحكم فيها الابن بنفسه، حتى تصبح عادةً مع الوقت".
كما أكد على أهمية التوعية المستمرة، "فنحن في عصر صعب يتطلب متابعة دقيقة وتربية قائمة على الوعي التقني".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } أحمد معاذ طارق اليحيى منصور الشايع var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });متابعة الأبناءأما جاسم الحسن فقال: "خصصت للأبناء ساعتين يوميًا لاستخدام الأجهزة الذكية، وأتابعهم كل نصف ساعة لمعرفة ما يشاهدونه، مع الحرص على تعزيز الثقة وعدم التضييق عليهم، أنصحهم أثناء الاستخدام بأسلوب لطيف، وقد لاحظت استجابة إيجابية واضحة منهم. لا أستطيع منعهم كليًا، لأننا نعيش في عصر التكنولوجيا".
وقال سعود الدوسري: "أنصح الأبناء بعدم الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية، ونخصص لهم وقتًا للدراسة وآخر للألعاب، على ألا يكون الاستخدام بشكل يومي، والأفضل أن يقتصر على فترات الإجازة"، وشاركه الرأي طلال الدوسري الذي أكد وجود بعض المقاطع التي لا تناسب الأطفال وتتطلب رقابة صارمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جاسم الحسن سعود الدوسري - طلال الدوسري مؤيد الأحمد var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وأوضح مؤيد الأحمد: "فيما يخص تطبيقات الجوال، يجب ألا نترك المجال للأطفال ليستخدموها بالساعات التي يريدونها، بل نحدد وقتًا معينًا لا يتجاوز ساعتين يوميًا.
وتابع: كما ينبغي حذف البرامج غير المناسبة وتركيب التطبيقات المفيدة، مع تنبيه الأبناء وتوعيتهم بشكل دائم. وقد صادفت مرةً لعبة غير مناسبة في جهاز أحد الأبناء، فقمت بحذفها فورًا وشرح أسباب ذلك له، وتوجيهه نحو بدائل آمنة".
وفي ختام الاستطلاع، قال الطالب أحمد معاذ: "أستخدم الأجهزة والتواصل الاجتماعي بشكل محدود، وأرى أن تحديد وقت للاستخدام تحت إشراف أحد الأقارب هو الحل الأفضل، لأن استخدام التقنية يجب أن يكون ذا فائدة وهدف واضح".