من السهل توجيه الإنتقاد للجيش بالعودة للتفاوض قبل خروج الجنجويد من الأحياء السكنية ومن ثم بناء استنتاجات كبيرة حول رضوخ الجيش خيانة البرهان ووو ثم المطالبة بتغييره.
ولكن في تقديري أن ذلك ليس هو التفسير الوحيد الممكن لعودة الجيش للمفاوضات. أولاً لأن انسحاب الجنجويد من الأحياء والمنازل عملياً لا يمكن أن يتم بمجرد الإعلان ليذهب الجنجويد ويتجمعوا في معسكرات بهذه السهولة.

لابد من اتفاق أشمل وآليات وإجراءات لتنفيذ هذه الخطوة حتى لو وافق قادة المليشيا عليها.

حقيقة خروج قوات المليشيا من الأحياء والمرافق السكنية تعني استسلامهم للجيش. هل تتوقع أن يتم هذا الاستسلام هكذا بهذه البساطة بدون مزيد من التفاوض؟

حينما تم الإعلان عن الخروج من المرافق المدنية والأحياء كان ذلك في صيغة إلتزام أخلاقي وفي وقت كانت تنكر فيه المليشيا تواجدها في هذه الأماكن أساساً. بمعنى، الذي تم لم يكن هناك اتفاق ينص صراحة أن على الدعم السريع إخلاء المواقع المعينة والتجمع في مواقع معينة، هذا كان مطلب الجيش ولكن لم يتم الاتفاق عليه بهذه الصيغة. كان الاتفاق مجرد إعلان مبادئ عامة، ولكي يتحول إلى اتفاق قابل للتفيذ فلابد من استكمال التفاوض والتوصل إلى اتفاق أشمل وآليات تنفيذ.

من هنا فإن العودة إلى التفاوض أمر طبيعي إذا كان الهدف هو إخراج المليشيا من الأحياء السكنية والمرافق المدنية بشكل سلمي. إخراجهم بالقوة لا يحتاج إلى مفاوضات بالطبع.
أنا ما زلت أرى أن التفوق الإستراتيجي للجيش على المليشيا سينعكس على المفاوضات ونتائجها. المليشيا فشلت وخسرت الحرب على مستوى الأهداف. وتحولت من قوة عسكرية نظامية ذات ثقل سياسي إلى مجرد مليشيات ذات تكوين قبلي تلاحقها الاتهامات بالجرائم من الإبادة وحتى السرقة والنهب. وانتصاراتها الأخيرة في دارفور لن تغير من هذه الوضعية، بالعكس فهي ستُفهم في دارفور بالذات ضمن الإطار القبلي بالكامل؛ كل ما ابتعدت المليشيا من المركز كلما عادت إلى جوهرها الأصلي، إلى مجموعات قبلية مسلحة بلا أي مشروع وطني وبلا أي قضية سوى عصبية القبيلة.

وفي النهاية، لن تنتصر عقلية الفزع والإغارة على العقلية الإستراتيجية العسكرية.
وقيادة الجيش لا تملك أصلاً رفاهية تقديم تنازلات للمليشيا ولحلفها السياسي حتى أرادت ذلك. وكما قلت سابقاً، كلما حاولت المليشيا الضغط عسكرياً على الجيش، ستكون النتيجة عكسية لأنها ستزيد الضغط الشعبي وأيضاً العسكري من داخل المؤسسة على قيادة الجيش في اتجاه الحسم العسكري. يمكن أن يتنازل الجيش في حالة واحدة، إذا كان في موقف قوة لأنه لن يتعرض إلى ضغط داخلي في هذه الحالة.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الملیشیا من من الأحیاء

إقرأ أيضاً:

الكنيست يصادق على تمديد الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي

القدس المحتلة  الوكالات

أفادت القناة 12 الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بأن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست صادقت على قرار بتمديد مدة الخدمة الاحتياطية للجنود الإسرائيليين، في خطوة تعكس توجهًا نحو تعزيز الجاهزية العسكرية في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة.

وتُعد قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي مكونًا أساسيًا من المنظومة العسكرية، حيث تضم الجنود الذين أنهوا خدمتهم الإلزامية وتحولوا تلقائيًا إلى الخدمة الاحتياطية. ويجري استدعاؤهم بشكل دوري لتلقي تدريبات عسكرية قصيرة تهدف إلى الحفاظ على جاهزيتهم القتالية، مع إمكانية مشاركتهم المباشرة في العمليات العسكرية عند الحاجة.

ويأتي القرار في سياق تصاعد التوترات على عدة جبهات، ما يثير تساؤلات حول الأهداف السياسية والعسكرية الكامنة وراء تعزيز دور قوات الاحتياط في المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • 20 اتفاقية تعاون لتنفيذ البنية الأساسية لمشاريع الأحياء السكنية المتكاملة "صروح"
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على الخرطوم
  • الكنيست يصادق على تمديد الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي
  • لبنان.. اعتراض دورية لليونيفيل في عيناتا لدخولها إلى أحد الأحياء السكنية
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • طهران تُشعل أجواء التفاوض: لا اتفاق نووي إذا أصرّت واشنطن على هذا الشرط الحاسم
  • انضمت للجيش وتقاتل لجانبه.. هل تسعى مجموعات السودان المسلحة لمقابل سياسي؟
  • مصابون واعتقالات باقتحامات للجيش الإسرائيلي بالضفة
  • الهندي عزالدين: هل سيعود الجيش إلى جدة ؟
  • دروس موجعة من مفاوضات حماس وإسرائيل