وافقت حماس في وقت سابق على هدنة بوساطة ثلاثية (قطرية- مصرية- أمريكية)، تضمنت وقفا متدرجا لإطلاق النار، وتبادلا للأسرى، وتمهيدا لمفاوضات طويلة الأمد قد تُفضي إلى تهدئة دائمة. لكن هذه الهدنة، التي اعتُبرت إنجازا إنسانيا وسياسيا في لحظتها، سرعان ما انهارت بانتهاء المرحلة الأولى منها، عندما قرر نتنياهو استئناف الحرب، وتوسيع نطاق العدوان، ضاربا بالاتفاق والضامنين عرض الحائط.
والنتيجة كانت أزمة ثقة شاملة، بين جميع الأطراف والضامنين الدوليين. وهنا تُطرح أسئلة لا يمكن القفز فوقها:
• ما جدوى التفاوض إن لم يكن مشفوعا بضمانات تنفيذية فعلية؟
• ما قيمة الوساطات إذا عجزت عن إلزام الطرف الأقوى سياسيا وعسكريا؟
• كيف يمكن إعادة بناء مسار سياسي في ظل تكرار تجربة التراجع والانقلاب على التفاهمات؟
لا بد أن تتحوّل صيغة الهدنة المستقبلية إلى اتفاق ملزم ترعاه جهات دولية متعددة بآليات مراقبة وتنفيذ واضحة، وينبغي أن يكون الاتفاق مرتبطا بتسلسل زمني مشروط لا يُمكن لإسرائيل تجاوزه أو الانسحاب منه دون كلفة دبلوماسية وحقوقية حقيقية
لا تفاوض بلا أدوات ضغط موازية
التجربة تثبت أن التفاوض دون توازن قوة ولو نسبي، لا يحمي الحقوق، بل يجمّده مؤقتا قبل التفريط بها. لذا، يجب على أي طرف فلسطيني ينخرط في مسار تفاوضي أن يُراكم أدوات قوة موازية:
• إسناد شعبي صلب يحصّنه داخليا.
• شبكة دعم دولية حقيقية تضغط على الوسيط لا تكتفي بالتغطية.
• وضوح في خطوطه الحمراء وحدود التنازل.
اتفاق برعاية متعددة الأطراف وتوقيت مشروط
لا بد أن تتحوّل صيغة الهدنة المستقبلية إلى اتفاق ملزم ترعاه جهات دولية متعددة بآليات مراقبة وتنفيذ واضحة، وينبغي أن يكون الاتفاق مرتبطا بتسلسل زمني مشروط لا يُمكن لإسرائيل تجاوزه أو الانسحاب منه دون كلفة دبلوماسية وحقوقية حقيقية.
ففي مفاوضات غير متكافئة، لا يكفي التوقيع، بل يجب بناء مناخ لا يسمح بالتلاعب بنتائج التفاوض، ولا بتكرار الخديعة باسم الوساطة.
الرهان على واشنطن.. بين الإدارة والخذلان
قال ويتكوف للوسطاء: "الولايات المتحدة لا تخطط لإجبار إسرائيل على إنهاء الحرب".. جملة واحدة أسقطت كل وهم "الاختراق الأمريكي"، وكل حديث عن "مبادرة منقذة". كانت الحقيقة معروفة، لكن الاعتراف بها ظل مؤجلا.
وصفقة عيدان ألكسندر، رغم رمزيتها، أثبتت أنه لا يمكن التعامل معها كإنجاز مكتمل، بل هي اختبار لما سيليها: وقف إطلاق نار؟ تبادل شامل؟ ترتيبات سياسية؟ وإن لم تُربط الصفقة بمسار متكامل، فإنها تتحول إلى تنازل مبكر عن ورقة ثمينة.
الحرص هنا ليس تشاؤما، بل حماية للإنجاز من أن يُستهلك بلا مردود. فالقيمة ليست في تحرير أسير فقط، بل فيما تُثمره هذه الخطوة من نتائج سياسية دائمة لشعب يحاصر بالنار.
ما الذي تملكه حماس من خيارات؟
1- الاستمرار في القتال
• الرمزية: تعزيز صورة "المقاومة المستمرة".
• الكلفة: كارثية إنسانيا وسياسيا، خاصة مع تمدد العدوان.
• النتيجة: استنزاف طويل قد يفضي إلى تدخلات تفرض شروطا أقسى لاحقا.
2- القبول بهدنة مؤقتة (مع حذر)
• الربح: وقف نزيف الدم، ترتيب الصفوف، تخفيف الكارثة الإنسانية.
• الخطر: تكرار خديعة التفاهمات السابقة، واستغلال الهدنة لإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي.
القوة اليوم ليست فقط في القتال، بل في إعادة تعريف شروط الهدنة، وتثبيت الثمن السياسي
• المعادلة: قبول مشروط ومطالب بضمانات دولية غير قابلة للعبث.
3- المناورة بالوسطاء
• الوسائل: الضغط عبر مصر وقطر والوسطاء الدوليين لتثبيت أي اتفاق.
• الغرض: جعل التراجع عن أي تفاهم مكلفا للطرف الآخر دبلوماسيا.
• الحدود: مرهونة بوزن الحلفاء وثقلهم على الأرض.
4- نقل المعركة إلى المحافل الدولية والرأي العام
• الفرصة: حالة التعاطف العالمي، وتصاعد الأصوات في أوروبا وأمريكا.
• القيمة: تعزيز العزلة السياسية لإسرائيل، وتأخير أو تخفيف الضغوط العسكرية.
• المحدودية: لا توقف عدوانا وحدها، لكنها تُصعّب استمراره.
خلاصة
حماس لا تملك خيارات حرة لكنها تملك مسارات اضطرارية يمكن إدارتها بحكمة وموازنة بين صمود الوجود وحماية المجتمع. القوة اليوم ليست فقط في القتال، بل في إعادة تعريف شروط الهدنة، وتثبيت الثمن السياسي.
ولذلك، فإن إعادة تعريف قواعد التفاوض، ورسم خطوط حمراء فلسطينية موحدة، لم تعد خيارا تنظيميا، بل ضرورة وجودية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء حماس مفاوضات إسرائيل إسرائيل حماس غزة مفاوضات وقف إطلاق النار مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حماس تشيد بالموقف اليمني المساند لغزة والصمود في وجه أمريكا وإسرائيل (تفاصيل)
يمانيون /
أشاد القيادي في حماس أسامة حمدان، بدعم قوات صنعاء للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة.
وقال حمدان في لقاء تلفزيوني: “نقول لليمن قيادة وشعباً جزاكم الله خيراً على ما قدّمتموه وما تقدّموه من أجل فلسطين”.
وأوضح أن ” اليمن قدّم درسان الأوّل في إسناد المقاومة والثاني في الصمود بوجه العدوان الأمريكي وإرغامه على التراجع”.
وأشار إلى أن “علاقة أنصار الله بالمقاومة في فلسطين باتت من أرسخ العلاقات وسنمضي بها إن شاء الله حتّى تحقيق النصر”.