لم يكن الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة، يهدد بالكلمات فقط، عندما قال للاحتلال "أن تل أبيب ستقف على قدم وأن الرد على قصف برج فلسطين وسط غزة سيكون مزلزل" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

نفذ أبو عبيدة وعيده، وباتت المقاومة تمطر "تل أبيب" بشكل يومي بل حتى عدة مرات خلال اليوم الواحد، بعشرات الصواريخ، تفشل القبة الحديدية باعتراض الكثير منها.



لطالما روج الاحتلال لهذه المنظومة التي صدرها للعالم كدرع واق متين ضد الهجمات الصاروخية، تمنح أمانا طويل الأمد للمدن المحتلة، إلا أن المقاومة أثبتت في كل مواجهة أن القبة باتت شبكة وأن ذراعها بات يصل لتل أبيب وربما أبعد.

فشل القبة الحديدية باعتراض صواريخ المقاومة بدا واضحا مع صافرات الإنذار التي تدوي على مدار الساعة في المدن المحتلة، ومشاهد الدمار التي تحدثه الصواريخ.

لليوم الثالث والعشرين صواريخ الفصائل تصل تل ابيب.#عربي21 pic.twitter.com/H6liXB9S1J — عربي21 (@Arabi21News) October 29, 2023

منظومة القبة الحديدية
صممت المنظومة كنظام دفاع جوي لصد الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 مليمترا، والتي يصل مداها إلى 70 كيلومترا، مكونة من جهاز رادار ونظام تعقب وقاذفة مكونة من 20 صاروخا اعتراضيا يدعى "تامير".

تتجه صواريخ القبة الحديدية صوب القذائف الصاروخية حتى تصطدم بها، وكلما طال مدى الصاروخ استغرق الأمر وقتا أطول لحساب مساره، وأي انحراف يمكن أن يحدث تغييرا في موقع الاصطدام.

يكون الصاروخ الاعتراضي مجهز برأس حربي باستطاعته على وتفجير أي هدف في الجو، حيث ينقل الرادار مسار المقذوف وطبيعته، إلى وحدة إدارة المعركة والسيطرة والمراقبة لتحليل مسار الهدف وتحديد موعد ومكان سقوطه المفترض.

عندما يشكل الصاروخ أو القذيفة المدفعية خطرا يُعطى الأمر خلال ثوان للصاروخ بالاعتراض وتفجير الهدف في الجو من دون الارتطام به مباشرة، أما بالنسبة للصواريخ التي لا تشكل تهديدا فتسمح لها القبة بالسقوط في الأماكن المفتوحة.

وتقدر تكلفة كل بطارية واحدة للقبة الحديدية حوالي 50 مليون دولار. بينما تتراوح تكلفة صواريخ "تامير" الاعتراضية بين 40 ألف دولار و50 ألف دولار، لكل صاروخ.

وطورت المنظومة عام 2017 وعززت بإمكانية اعتراض دقيقة ضد قذائف الهاون التي يزيد طولها عن نصف متر.

في آذار/ مارس 2021، أعلنت وزارة حرب الاحتلال تحديث نظام القبة الحديدية حتى يتمكن من اعتراض الصواريخ والعديد من الطائرات بدون طيار.



قبة متهشمة
تقول وكالة بلومبرغ الأمريكية، إن منظومة القبة الحديدية، أصبحت شيئا فشيئا مرهقة مع تراجع معدل اعتراض الصواريخ وهذا ما حذر منه بشدة خبراء عسكريين غربيين حيث قالوا، أنه مع مرور الوقت، الإفراط في تحميل المنظومة ضغط زائد سيؤدي لتراجع نسبة الاعتراض وهذا تحديدا ما بدأ يحصل منذ أيام. 

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن انخفاض نسبة اعتراض "القبة الحديدية" للصواريخ، ولو قليلا من 90 إلى نحو 80 بالمئة، سيعني سقوط المزيد من الصواريخ على المدن المحتلة في حال قامت حماس أو جماعات أخرى بهجمات مكثفة من جديد.

يذكر باتريك ساليفان، مدير معهد الحرب المعاصرة التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية، أن حماس أطلقت 3 آلاف صاروخ في الـ 20 دقيقة الأولى من هجومها على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، ما يشكل زيادة ملموسة عن العمليات السابقة، وأن الصواريخ كانت متطورة أكثر مما كان يستخدم في الهجمات السابقة.

تكتيكات المقاومة
يلتقط جهاز الرادار في منظومة القبة الحديدية إشارة عن وجود الصاروخ في الجو، عندها يقوم الحاسوب عبر حسابات معينة بتحديد مكان سقوطه، قبل أن يطلق صاروخ تامير "الاعتراضي"، الذي توكل له مهمة تدمير الصاروخ.

في الحالة الطبيعية لهجوم متوسط يمكن للقبة الحديدية اعتراض الصواريخ التي تصل بشكل متتال وبأعداد منخفضة لكن إذا انطلق هجوم بعدد كبير من الصواريخ وبرشقات صاروخية متعددة في ذات الوقت، يعجز نظام المعالجة في القبة الحديدة عن صدها وهو ما حدث فجر السابع من أكتوبر وما تلاه.

وقالت حينها، كتائب عز الدين القسام، إنها أطلقت حوالي 5 آلاف صاروخ على إسرائيل في حوالي 20 دقيقة، في حين قدر جيش الاحتلال الإسرائيلي عددها بـ 2200 صاروخ، لكنه لم يكشف عن عدد الصواريخ التي تم اعتراضها.

يمتلك الاحتلال 10 بطاريات للقبة الحديدية، يمكنها توفير تغطية بحجم مدينة ضد الصواريخ التي يتراوح مداها بين 4 و70 كيلومترا، وفقا لبيانات جيش الاحتلال.

تستطيع كل بطارية الدفاع عن مساحة تصل إلى 155 كيلومترا، ويتم وضعها بشكل إستراتيجي حول المدن والمناطق المأهولة بالسكان، وتشتمل البطارية على 3 إلى 4 قاذفات، ويمكن لكل قاذفة أن تحمل ما يصل إلى 20 صاروخا اعتراضيا.

ورغم ذلك، اعتمد المقاومة على عاملين أساسيين لشل القبة الحديدة، الأول الهجوم المباغت المكثف، والثاني تفاوت قوة الصواريخ وسرعتها وقدرتها التدميرية وتباين سرعة دوران محورها ومساراتها ، كل هذه المعطيات جعلت المنظومة عاجزة عن معرفة الصواريخ التي تتعامل متها وتهيئة صورة مسبقة عنها.

دمار واسع في تل أبيب بعد قصف واسع نفذته المقاومة الفلسطينية.
شاهد الفيديو????????#عربي21 #طوفان_الأقصى pic.twitter.com/pt2JpCMPbx — عربي21 (@Arabi21News) October 7, 2023

أمن خادع
منحت منظومة القبة الحديدية إحساسا بالأمن للاحتلال، يجعل فكرة إخلاء مستوطنات كاملة أمر غير متوقع، خصوصا أن الحصار الخانق على غزة منذ 17 عاما، وتقييد مصر لحركة معبر رفح، بثت ثقة في صفوف القادة العسكريين والأمنيين في الاحتلال، بأن المقاومة المحاصرة في غزة، لا تحمل ذلك التهديد الكبير.

جاءت عملية السابع من أكتوبر لتدحض تلك الثقة، وتبعثر أوراق الاحتلال الأمنية والعسكرية، وبدا ذلك جليا في لجوئه لإفراغ المستوطنات في غلاف غزة من السكان، كما امتد هذا الأمر لشمال الأراضي المحتلة حيث أفرغت مستوطنة كريات شمونة لذات السبب.

كانت مشاهد هروب كبار مسؤولي الاحتلال وحتى زواره إلى الملاجئ، تنتشر سريعا في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يوحي بأن فعالية القبة الحديدة باتت من الماضي، وأن المقاومة نجحت بنقل الحرب أيضا إلى المدن المحتلة، وبات توازن الضرر متوفرا رغم الفرق الهائل بالإمكانيات.

#صور_برس
شاهد بالفيديو: لحظة هروب وزير خارجية بريطانيا ودخوله لإحدى ملاجئ مستوطنة إسرائيلية كان يقوم بزيارتها.

لمتابعة آخر الأخبار على مجموعة صور برس الإعلامية
عبر واتساب:https://t.co/9gglqHyYx8
عبر التيليغرام:https://t.co/cbnRlvJotK pic.twitter.com/kAL3kpoNEv — sourpress (@sourpress) October 12, 2023



ليس الفشل الأول
في أيار/مايو الماضي، كشفت أرقام نشرها جيش الاحتلال عن فشل منظومة القبة الحديدية بصد نحو 70 بالمئة من الصواريخ التي أطلقتها فصائل المقاومة من قطاع غزة.

وذكر جيش الاحتلال في بيان، إن المقاومة في قطاع غزة أطلقت 1099 صاروخاً باتجاه الأراضي المحتلة، حيث لم تتمكن القبة الحديدية من اعتراض سوى 340 صاروخا فقط.
وبحسب البيان، فقد اجتاز 865 صاروخاً حدود القطاع، ما يعني أن صاروخاً من كل أربعة صواريخ سقط داخل أراضي القطاع.

وفتح الاحتلال حينها تحقيقاً للتأكد من أسباب عدم تعامل نظام القبة الحديدية بفعالية مع الصواريخ التي أطلقتها المقاومة، حيث لم تتمكن في أحد أيام عملية "ثأر الأحرار" إلا من التصدي لـ 24 صاروخا من بين 104 صواريخ أطلقت دفعة واحدة خلال جولة القتال.

كما كشفت عملية "سيف القدس" في أيار/مايو  2021 بعضا من عيوب منظومة القبة الحديدية، بالرغم من أنها منعت وصول بعض صواريخ المقاومة، إلا أنها لم تجعل إسرائيل تنعم بالأمن.

واستطاعت صواريخ المقاومة تغطية كل أرجاء فلسطين المحتلة، وتمكن المئات منها من اختراق القبة الحديدية والأنظمة الدفاعية للاحتلال.

ويُضاف إخفاق آخر لنظام القبة، وهو عدم قدرة رادارها على كشف الصواريخ ذات المسار الحاد، وكذلك قذائف الهاون من عيار 120 ملم.

منظومات رديفة
يحاول الاحتلال تعزيز قدرة الدفاع الجوي لديه بمنظومات أخرى تساعد القبة الحديدية على إنهاء الكابوس الذي تمثله صواريخ المقاومة، ومنها مقلاع داوود ومنظومة ثاد وباتريوت.

واستخدم جيش الاحتلال منظومة "مقلاع داوود" للمرة الأولى في أيار/ مايو الماضي لصد الصواريخ القادمة من غزة.

وجرى تفعيله خلال الأيام الماضية، بعد فشل القبة الحديدية باعتراض مئات الصواريخ القادمة من غزة.

وكانت إسرائيل قد بدأت في تطوير مقلاع داوود في عام 2006، وفي عام 2008 وقّعت شركة رفائيل الإسرائيلية مع شركة رايثيون الأمريكية اتفاقية لتطوير مقلاع داوود.

ويمثّل مقلاع داوود المستوى المتوسط من نظام الاحتلال متعدد المستويات للتصدي للصواريخ، وهو مؤهل لاعتراض صواريخ متوسطة المدى وكذلك صواريخ كروز.

وتعتبر القبة الحديدية المستوى الثالث لنظام الدفاع الجوي، فيما يعد "حيتس" المختص بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى المستوى الاول للنظام.

وأعلن جيش الاحتلال اليوم السبت،، اعتراضه صاروخاً أُطلق من قطاع غزة بواسطة منظومة "حيتس"، وهذه المرة الأولى التي يستخدم فيها جيش الاحتلال منظومة السهم لاعتراض صاروخ أُطلق من قطاع غزة، حيث كان أعلن، الثلاثاء الماضي، استخدامه تلك المنظومة لاعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة أطلقت من اليمن نحو منطقة البحر الأحمر.

وطورت منظومة "حيتس"، بالشراكة بين الاحتلال والولايات المتحدة، لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية على المستوى الإقليمي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة القبة الحديدية الاحتلال صواريخ المقاومة غزة الاحتلال القبة الحديدية صواريخ المقاومة طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منظومة القبة الحدیدیة صواریخ المقاومة الصواریخ التی جیش الاحتلال قطاع غزة تل أبیب

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: هذا ما تريده إسرائيل من توسيع نطاق عمليتها في غزة

قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي، إن قرار توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة يعني السيطرة على مزيدٍ من الأراضي الفلسطينية والبقاء فيها بغرض تفكيك البنى التحتية لفصائل المقاومة.

وأوضح الفلاحي -في تحليله المشهد العسكري بغزة- أن الخطة الإسرائيلية تستند إلى السيطرة على 75% من مساحة القطاع، وهو ما يتطلب شن عمليات عسكرية للتوغل والسيطرة على الأراضي والبقاء فيها.

ومطلع الشهر الجاري، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إنه أصدر تعليمات إلى قواته بتوسيع نطاق العملية العسكرية لتشمل مناطق إضافية في شمال قطاع غزة وجنوبه.

وأشار الخبير العسكري إلى أن الضغط البري الإسرائيلي يتركز في مناطق شمالي القطاع وجنوبه، لافتا إلى أن العملية الإسرائيلية في خان يونس تجري في اتجاهات متعددة مثل بلدة القرارة (شمال شرق) وقيزان النجار (جنوب).

وبناء على هذا الوضع، يهدف جيش الاحتلال إلى وضع خان يونس بين فكي كماشة، في وقت تقترب فيه القوات والآليات الإسرائيلية من الاصطدام بالترتيبات الدفاعية لفصائل المقاومة على طول المناطق الجديدة التي تجري فيها العمليات العسكرية.

وفي هذا السياق، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة "شواظ" وقذيفة "الياسين 105" أمس الأحد في منطقة قيزان النجار جنوبي خان يونس.

إعلان

كما أعلنت القسام استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية من نوع "دي 9" بقذيفة "الياسين 105" أمس الأحد في المنطقة ذاتها.

وحسب الخبير العسكري، فإن جيش الاحتلال يريد السيطرة على أراضٍ جديدة، وتنفيذ عمليات تمشيط واسعة فيها لتدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية، وزيادة الضغط على فصائل المقاومة.

لكن تبقى القوات الإسرائيلية أمام خيارات صعبة -وفق الفلاحي- قد تؤدي إلى مقتل مزيد من الأسرى المحتجزين بقطاع غزة، إضافة إلى الاصطدام بفصائل المقاومة، مما يعني ارتفاع نسبة الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال.

وبشأن استخدام فصائل المقاومة قذائف الهاون وصواريخ رجوم القصيرة المدى (مداها يتراوح بين 9 و12 كيلومترا)، قال الخبير العسكري، إن جيش الاحتلال لم يدخل 5 فرق عسكرية كاملة داخل قطاع غزة، ولكن يستعين بها حسب الحاجة التي تقتضيها المعركة وتوسع العمليات.

في المقابل، يعد غلاف غزة منطقة حشد أمامية للقوات الإسرائيلية، إما للتعزيز أو لواجبات أخرى، وبناء على ذلك فإن "المقاومة تستهدفها ضمن إستراتيجية هجماتها الإجهاضية على القوات، التي قد يكون لها عمل كبير في الفترة المقبلة".

وكانت القسام أعلنت اليوم الاثنين استهداف مقاتليها تجمع قوات الاحتلال شرقي القرارة بخان يونس بـ13 قذيفة هاون، وكذلك استهداف موقع العين الثالثة شرقي خان يونس بـ3 صواريخ رجوم نهاية الشهر الماضي.

وفي السياق ذاته، عرضت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– مشاهد من قصف مقاتليها بقذائف الهاون جنود الاحتلال وآلياته في مناطق التوغل بخان يونس.

مقالات مشابهة

  • حماس تحذّر من خطورة الوضع الكارثي لـ الأسرى داخل سجون الاحتلال
  • كمين الــ “همر” .. لماذا فشل الاحتلال في إخلاء جنوده؟
  • مخاطر تسليم سلاح المقاومة
  • لماذا استهدفت القسام عربة همر وفشلت إسرائيل بإخلاء خسائرها؟
  • ما بين الحياة الآمنة تحت الاحتلال والمقاومة.. أيهما كلفته أكبر؟ (1)
  • خبير عسكري: هذا ما تريده إسرائيل من توسيع نطاق عمليتها في غزة
  • وزير التموين يترأس اجتماع لـ “القابضة للصوامع” لتعزيز منظومة الأمن الغذائي
  • القسام تطلق صواريخ وقذائف هاون تجاه مواقع لقوات الاحتلال شرق القطاع
  • مجلة أمريكية : صواريخ اليمن تربك كيان الاحتلال… وواشنطن تنأى بنفسها
  • دون أن تتبنى المقاومة العملية.. العدو الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق 3 صواريخ من غزة