الرؤية- مريم البادية

توقع تقرير صادر عن البنك الدولي أن يبلغ متوسط أسعار النفط 90 دولارا للبرميل خلال الربع الحالي من عام 2023، قبل أن يتراجع إلى 81 دولارا في المتوسط مع بداية السنة القادمة، مع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.

وأشار التقرير في نشرة "آفاق أسواق السلع الأولية" إلى أنه على الرغم من تحسن الاقتصاد العالمي مقارنة بسبعينيات القرن الماضي، إلا أن التصعيدات الأخيرة في الشرق الأوسط بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية ستدفع أسواق السلع الأولية العالمية لحالة من عدم الثبات.

 

وتوقع التقرير أن تنخفض أسعار السلع الأولية بوجه عام بنسبة 4.1% في السنة القادمة، حيث يُقدر أن تنخفض أسعار السلع الزراعية في السنة القادمة مع زيادة الإمدادات، فضلاً  عن انخفاض أسعار المعادن الأساسية بنسبة 5% في 2024، ومن المتوقع أيضًا أن تستقر أسعار السلع الأولية في 2025.

وبحسب التقرير، فإن الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط لم تؤثر بشكل كبير على أسواق السلع الأولية العالمية، إذ ارتفعت أسعار النفط بوجه عام بنحو 6% منذ هذه الأحداث، كما لم تتعرض أسعار السلع الزراعية ومعظم المعادن والسلع الأولية الأخرى لأي تأثيرات تذكر، لكنه أكد أنَّه إذا حدث أي تصعيدات سترتفع الأسعار بسرعة.

وتحدث التقرير عن 3 سيناريوهات للمخاطر استنادًا إلى التجارب التاريخية التي شهدها العالم منذ سبعينيات القرن الماضي، إذ تتوقف آثار كل سيناريو على درجة تعطل إمدادات النفط، ففي سيناريو "التعطل المحدود" ستنخفض إمدادات النفط العالمية بمقدار 500 ألف برميل إلى مليوني برميل يوميًا، وهو ما يعادل تقريبًا الانخفاض وقت الحرب الليبية عام 2011، وفي ظل هذا السيناريو، سيرتفع سعر النفط مبدئيًا بين 3% و13% مقارنة بمتوسط الفترة ربع سنوية الحالية بواقع 93 و 102 دولار للبرميل.

وفي سيناريو "التعطل المتوسط"- وهو ما يُعادل تقريبًا حرب العراق في عام 2003- ستتراجع إمدادات النفط العالمية بما يتراوح بين 3 ملايين و5 ملايين برميل يوميًا، مما يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة 21% إلى 35% في البداية بواقع 109 دولارات و121 دولارا للبرميل، أما في سيناريو "التعطل الكبير"- على غرار الحظر النفطي الذي فرضته الدول العربية في عام 1973- ستنكمش إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يوميًا، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع بنسبة 56% إلى 75% في البداية بواقع 140 دولارا و157 دولارا للبرميل.

وقال أيهان كوسي نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي: "إنَّ استمرار الارتفاع في أسعار النفط يعني حتمًا ارتفاع أسعار الغذاء، وإذا حدثت صدمة شديدة في أسعار النفط، فستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في أسعار المواد الغذائية، وهي بالفعل مرتفعة في العديد من البلدان النامية، وفي نهاية عام 2022 كان أكثر من 700 مليون شخص- أي ما يقرب من 10% من سكان العالم- يعانون من نقص التغذية، وتصعيد هذا الصراع سيزيد انعدام الأمن الغذائي، ليس في المنطقة فحسب ولكن أيضًا في جميع أنحاء العالم".

ويقول التقرير إنه على واضعي السياسات أن يظلوا في حالة ترقب وحذر، فبعض السلع- وخاصة الذهب- تُشير إلى توخي الحذر بشأن التوقعات، حيث ارتفعت أسعاره بنسبة 8% منذ بداية الحرب، كما أن أسعار الذهب لها علاقة فريدة بالمخاوف الجيوسياسية، حيث ترتفع في فترات الحروب مما يُشير في كثير من الأحيان إلى تراجع ثقة المستثمرين.

ونبَّه التقرير على ضرورة قيام واضعي السياسات في البلدان النامية باتخاذ الاحتياطات أو الخطوات اللازمة للتعامل مع الزيادة المحتملة في التضخم العام، إذا ما تصاعدت الأحداث، مضيفاً: "نظرًا لمخاطر تفاقم انعدام الأمن الغذائي فإنه على الحكومات أن تتجنب القيود التجارية مثل فرض الحظر على تصدير المواد الغذائية والأسمدة، وغالبًا ما تقود هذه التدابير إلى تفاقم تقلبات الأسعار وزيادة انعدام الأمن الغذائي، كما يجب أيضًا عند التصدي لارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية أن تمتنع عن فرض ضوابط الأسعار أو دعمها، وهناك خيار أفضل يتمثل في قيام الحكومات بالارتقاء بمستوى شبكات الأمان الاجتماعي، وتنويع مصادر الغذاء، ورفع درجة الكفاءة في إنتاج المواد الغذائية وتجارتها، كما يُمكن لجميع البلدان تعزيز أمن الطاقة على المدى الطويل بتسريع وتيرة التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة للتخفيف من الآثار المترتبة على صدمات أسعار النفط".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العالم يستعد لعصر جديد من انخفاض أسعار النفط

يخشى تحالف أوبك بلس تراجع أسعار النفط إلى ما دون 60 دولارا للبرميل، غير أنه لا يعتزم التدخل لإنقاذ الأسعار العالمية، حسب تقرير نشرته صحيفة فزغلياد الروسية.

ويشير التقرير إلى أن مهمة تحقيق التوازن في سوق النفط تُسند في الوقت الراهن إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى أن عليها هذه المرة تحمّل تبعات التقلبات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بلومبيرغ: نقص ناقلات النفط في العالم يتفاقمlist 2 of 2ما تأثير خفض الفائدة الأميركية على الاقتصاد والمواطن؟end of list

وأبقت الدول الثماني الرئيسة في تحالف أوبك بلس على قرارها بعدم زيادة إنتاج النفط خلال الربع الأول من عام 2026.

وستظل حصص الإنتاج ثابتة عند مستويات ديسمبر/كانون الأول 2025، وكانت المنظمة بدأت في أبريل/نيسان من هذا العام رفع الإنتاج تدريجيا، لكنها باتت تخشى الآن تراجع سعر خام برنت العالمي إلى ما دون 60 دولارا للبرميل، ما دفعها إلى اتخاذ قرار بوقف مؤقت لزيادة الإنتاج لـ3 أشهر مع بداية العام الجديد.

من جانبه، أكد ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي أن السوق ما زال شديد الحساسية لتقلبات العرض والطلب، مشيرا إلى أن استقراره يعتمد على قرارات اللاعبين الرئيسيين.

وأوضح نوفاك أن عمليات تعديل الإنتاج ستستمر وأن قرارات إضافية ستتخذ تبعا لمستجدات السوق، مشددا على أن "هذه المرونة تتيح لتحالف أوبك بلس مواصلة دعم استقرار سوق النفط".

توقف متوقع

وينقل التقرير عن الخبير في الجامعة المالية الروسية والصندوق الوطني لأمن الطاقة إيغور يوشكوف، قوله إن التوقف عن الزيادة خلال أشهر يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط ومارس/آذار كان متوقعا.

ولفت الخبير إلى أن التساؤل الحقيقي يتركز حول ما سيجري في أبريل/نيسان وعما إذا كان أعضاء تحالف أوبك بلس سيطلقون موجة جديدة من زيادة الإنتاج كما حدث في أبريل/نيسان 2025، أم سيختارون مسارا مختلفا.

وأشار إلى أن إعادة تكرار سيناريو العام الحالي لا تزال مسألة غير محسومة، مرجّحا صدور القرار الأقرب بين مارس/آذار وأبريل/نيسان المقبلين تبعا لأوضاع السوق العالمية والأسعار.

إعلان

وأوضح يوشكوف أن هذه المهلة جاءت لإتاحة الوقت للسوق لاستيعاب الكميات الكبيرة من النفط التي ضُخت بالفعل ولا تزال تتدفق، لا سيما أن العديد من الدول، ومنها روسيا لم تبلغ بعد مستوى الزيادة المحدد لها.

ودخل السوق في مرحلة انخفاض موسمية في استهلاك الوقود، على أن يبدأ موسم قيادة السيارات عادة في الربيع وهو ما يفسر تمديد فترة التوقف حتى أبريل/نيسان المقبل.

ويرى يوشكوف أنه إذا بقيت أسعار النفط بحلول أبريل/نيسان عند مستوى 60 دولارا للبرميل أو دونه، فمن المرجح أن يمدد أوبك بلس فترة التوقف شهرا إضافيا، أما إذا تجاوزت الأسعار سقف 65 دولارا للبرميل، فمن المتوقع إطلاق موجة جديدة من زيادة الإنتاج في أبريل/نيسان.

ويشير يوشكوف إلى أن التحالف لا يتجه نحو خفض الإنتاج عمدا، قائلا: "وضعت دول التحالف هدفا واضحا يتمثل في توسيع حصتها في السوق، وهي ماضية في تحقيقه، فبقاء الأسعار عند مستويات منخفضة سيدفع المنتجين خارج التحالف الأقل كفاءة، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، إلى الخروج من السوق، ومن الأفضل أن يأتي خفض الإنتاج من جانبهم هم هذه المرة".

وفي السابق؛ لجأ تحالف أوبك بلس إلى تقليص الإمدادات لدعم الأسعار العالمية، ليؤدي دور الجهة التي توازن السوق، غير أن التحالف يسعى في الوقت الراهن إلى إسناد هذا الدور إلى الولايات المتحدة، التي بلغت مستويات قياسية في إنتاج النفط، وهو ما تحقق، كما يوضح يوشكوف، بفضل خفض أوبك بلس لإنتاجه في مراحل سابقة وفقدانه جزءا من حصته السوقية.

وتابع يوشكوف قائلا: "هذا الواقع عزز لدى كثير من الشركات في السوق قناعة بأن أوبك بلس سيتدخل دائما لخفض الإنتاج بقرار سياسي، الأمر الذي شجع على إطلاق مشاريع عالية التكلفة ومرتفعة المخاطر، على أساس أن الأسعار لن تنخفض، لأن أوبك بلس سيضمن استقرارها".

غير أن التحالف يوجه اليوم رسالة مختلفة، مفادها أنه لم يعد يعتزم التدخل للحفاظ على الأسعار أو لعب دور الموازن. ويشير يوشكوف إلى أن هذه الإستراتيجية تهدف أيضا إلى دفع المشاريع النفطية مرتفعة المخاطر إلى الخروج من السوق.

تفاوت تكاليف الإنتاج

بدوره؛ يشير المحلل المالي في فريدوم فاينانس غلوبال، فلاديمير تشيرنوف، إلى تفاوت تكاليف الإنتاج بوضوح من دولة إلى أخرى، إذ تُعد السعودية الأقل كلفة، بمتوسط يتراوح بين 10 و15 دولارا للبرميل، أما روسيا فتبلغ تكلفة إنتاجها نحو 20 و25 دولارا للبرميل، بما في ذلك الأعباء الضريبية.

أما الولايات المتحدة، فتواجه أعلى تكاليف الإنتاج في حقول النفط الصخري؛ حيث يبلغ متوسط التكلفة بين 40 و50 دولارا للبرميل، وقد تتجاوز ذلك في بعض الحقول، بينما تُعد كندا صاحبة المشاريع الأعلى كلفة، خصوصا في إنتاج الرمال النفطية، إذ تتجاوز كلفة البرميل غالبا 50 دولارا.

ويشير تشيرنوف إلى أنه إلى جانب تكاليف استخراج النفط المباشرة، تتحمل الشركات مصاريف إضافية تشمل النقل والضرائب وصيانة البنية التحتية والاستثمارات الرأسمالية، ما يجعل نقطة التعادل الفعلية أعلى بكثير من مجرد تكلفة الإنتاج.

ويضيف تشيرنوف: "في هذا السياق، عند سعر 60 دولارا للبرميل، تكون الدول الشرق أوسطية، وخصوصا السعودية، الأكثر قدرة على الحفاظ على الربحية حتى مع انخفاض الأسعار. أما الشركات الروسية، فبإمكانها العمل في هذه الظروف، على الرغم من تراجع هوامش الربح. بينما تواجه شركات النفط الصخري الأميركية والمنتجون الكنديون أكبر التحديات، إذ تصبح نسبة كبيرة من مشاريعهم غير مجدية اقتصاديا، ما يؤدي إلى خفض الوظائف والاستثمارات".

مضخات نفط في داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة (رويترز)

ويرى يوشكوف أن تحالف أوبك بلس يراهن على أن تتولى الولايات المتحدة في الوقت الراهن دور موازن السوق، قسرا نتيجة الظروف الحالية، ويضيف يوشكوف: "الولايات المتحدة حاليا عند ذروة إنتاجها حيث تحقق مستويات قياسية في الحفر والاستخراج. لكن انخفاض سعر البرميل سيجبر الشركات على خفض الإنتاج بسبب ارتفاع تكاليف الحفر في حقول النفط الصخري. وعند حدوث أي نقص في المعروض، سترتفع الأسعار مجددا، ما سيحفز الإنتاج من جديد. وهكذا تؤدي الولايات المتحدة بشكل طبيعي دور موازن السوق".

إعلان

ويرى الخبير في معهد التطوير التكنولوجي الروسي لقطاع الطاقة، كيريل روديونوف، أن تحالف أوبك بلس تمكن من الانسحاب من الاتفاقيات السابقة، مشيرا إلى أن حصص الإنتاج للثمانية الأعضاء الرئيسيين، السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان، ستتجاوز بحلول نهاية 2025 مستويات مارس/آذار من العام نفسه بنحو 2.9 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل حجم الزيادة في الطلب العالمي خلال عامين كاملين.

وأضاف روديونوف أن السوق تجنبت بذلك تقلبات حادة في الأسعار، على عكس عام 2020، عندما انخفضت أسعار خام برنت إلى 30 دولارا للبرميل قبل الذروة الأكثر حدة لجائحة كوفيد-19″.

ويلفت روديونوف إلى أن الحقبة الطويلة لارتفاع أسعار النفط، التي بدأت عام 2004 نتيجة تداعيات الحرب في العراق والطلب المتزايد في الصين، تقترب من نهايتها.

ويقول روديونوف: "نستعد لعصر يتميز بأسعار نفط منخفضة نسبيا. وإذا استمرت الحقبة السابقة من انخفاض الأسعار لمدة 20 عاما -بين 1985 و2004- فمن المرجح أن تكون الحقبة الجديدة بلا إطار زمني محدد، خاصة في ظل التغيرات الهيكلية على مستوى الطلب العالمي".

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف حول الإمدادات الفنزويلية
  • النفط يصعد في التعاملات المبكرة وسط مخاوف من اضطرابات الإمدادات
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 61 دولارا للبرميل
  • العالم يستعد لعصر جديد من انخفاض أسعار النفط
  • الإحصاء: ارتفاع عدد رخص البناء خلال الربع الثالث 2025
  • البنك الدولي: الاقتصاد الصيني حافظ على قوته في الربع الثالث
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 62 دولارا للبرميل
  • ارتفاع اسعار النفط عالمياً .. تفاصيل
  • عاجل | انخفاض أسعار الذهب عالمياً
  • استقرار أسعار النفط رغم مخاوف الإمدادات وترقّب محادثات السلام