صحيفة الاتحاد:
2025-06-19@12:18:40 GMT

شيخة الجابري تكتب: عجائب في زمن الغرائب

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

نشهدُ في وقتنا الراهن تحولات اجتماعية وثقافية وتواصلية شديدة الخطورة، بما تحمل من أفكار وأيديولوجيات وأجندات تقف وراءها منظمات وميليشيات ومندسون ومنحلّون فكرياً وإنسانياً يصيغون المشهد وفق ما يريدون أو ما يُشاء لهم أن يكون ليصبحوا قرابين لجهات لديها ما تود قوله لكن بلسان الآخرين؛ لأنها تحمل من الجُبن والخوف والخنوع ما يجعلها تختبئ تحت الأقبية الفكرية المريضة والمرفوضة.

ما يحدث على أرض الواقع ونشهده بوسائل عديدة ومختلفة منها ما هو إعلامي، ومنها ما هو وهمي، ومنها ما هو مدسوس، هو اتجاه لتنفيذ أطروحات مدروسة وممُنهجة في غياب الوعي الجمعي، وحضور المصالح الشخصية والآنية بصرف النظر عن نتائج ما يؤدونه من أدوار فاشلة تثبتها دورة الأيام والتاريخ، وها هي المشاهد تتكرر علينا من شوارع غزّة التي يتعرض شعبها للإبادة، وبنيتها للتدمير نتيجة لتلك الأجندات بأياديها الخفية.
من عجائب هذا الزمان أن الشوارع في بعض دول الخليج العربي ذات اللحمة الواحدة، والتاريخ المشترك، والأواصر الإنسانية الحقيقية والأصيلة، ظهرت فيها أصوات لمتظاهرين مسيّسين لتحقيق أهداف مرسومة لم يستطيعوا تحقيقها في أوقات سابقة كسرت فيها شوكتهم، وضُربت في مقتل؛ لذا أخذوا يلعبون على وتر الدين والقومية والهوية العربية، وهذا ما يحركون به البسطاء من الناس الذين يستطيعون اختراقهم بوساطة من هم على شاكلتهم من المُنتفعين من كل خراب يقع في أي بقعةٍ في العالم.
أحداث غزة كشفت لنا وجوهاً قبيحة كثيرة، بعضهم يعيش بيننا، وآخرون يطلعون علينا من وراء الشاشات ومن حولنا يعيشون في رغد الحياة، ويتظاهرون بأن لديهم وعياً وفهماً ظهر فجأة ليضرب في المسار الخاطئ والطريق الذي لا عودة منه ما لم تتنبّه سلطات بلدانهم إلى أن هذه الأجندات التي تُنفّذ تحت عنوان نُصرة غزة، ما هي إلا بدايات لأحداث كبيرة يبيعون فيها أوطانهم بثمن بخس سيدفعه لهم أولئك الذين فقدوا أجنحتهم فغابوا عن المشهد، وعادوا إليه بصيغٍ جديدة أخطرها ما يتم تنفيذه في بعض الدول الشقيقة من حولنا بذريعة نُصرة غزّة وأهلها الأبرياء مما حاكته لهم «حماس» ومن على شاكلتها من بيّاعي الوهم، ومصّاصي المال، وعديمي الأخلاق والمروءة والرحمة.
هناك فوضى معلوماتية تشهدها وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الزمن الذي وضعوه في ثوب الغريب فاقد الهوية والمكان والزمان، فوضى مثيرة للانتباه، وللاهتمام لا تقابلها أي خطط إعلامية رسمية تضع المتابع في قلب الحدث الحقيقي وليس المؤدلج أو المؤطر بأهداف وغايات لا تحترم حياة الإنسان، ولا مكتسبات الأوطان، لذا «قِفُوهُم فإنّهم مَسْؤولُون».

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: الإمارات.. المشهد والموقف شيخة الجابري تكتب: كأن رحيلكَ كان البارحة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أحوال شيخة الجابري

إقرأ أيضاً:

الرؤوس المستهدفة ليست نووية!

صراحة نيوز-بقلم / زيدون الحديد

بعد أيام مشتعلة من اندلاع المواجهة المباشرة بين الكيان الصهيوني وإيران، بدأت خيوط المشهد تتضح شيئا فشيئا، وبات من الممكن اليوم قراءة اتجاهات هذه الحرب وتحليل دوافعها وأبعادها بشكل أكثر وضوحا، على عكس الليلة الأولى والثانية من الحرب، حيث كان الضباب سيد الموقف، والمعلومات شحيحة، ولم يكن بمقدورنا سوى الاكتفاء بالتوقعات وقراءة الاحتمالات في فضاء رمادي كثيف، والآن وبعد اغتيال قيادات عسكرية إيرانية بحجم محمد باقري وأمير علي حاجي زاده، والضربات المباغتة في طهران، يتضح أننا أمام حرب اغتيالات متكاملة الأركان، ليست منفصلة عن أحداث شهدناها مؤخرا، بدءا من سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في ظروف ما تزال غامضة، مرورا بتصفية قيادات في حركة حماس وعلى رأسهم إسماعيل هنية، إلى اغتيالات مباشرة وغير مسبوقة طالت قيادات حزب الله في لبنان وعلى رأسهم حسن نصرالله.

هذه الدلالات مجتمعة تكشف أن الكيان الصهيوني يدير مشروعا استخباراتيا وعسكريا بالغ الدقة، يمتد عبر المنطقة كلها، مستندا إلى معلومات سرية ضخمة، وخرائط تفصيلية عن مراكز القرار والرموز الاستراتيجية في طهران وغزة وبيروت، ضمن حرب ظل طويلة باتت في الآونة الأخيرة تميل إلى العلن.

ومن هنا سأحلل الحدث منذ سقوط طائرة الرئيس الإيراني رئيسي والتي كانت بشكل مفاجئ، حين تساءل الجميع عن المستفيد، الى حين اكتمال المشهد مع الضربة الأخيرة على طهران، والتي بها أصبح السيناريو أكثر وضوحا، وهو انه ثمة مشروع تصفية صهيوني يستهدف تفكيك بنية القرار الإيراني من الداخل والخارج ، وتحييد رموزه العسكرية والسياسية تدريجيا، واغتيال قادة محور المقاومة في لبنان وفلسطين.

وهنا دعونا نتذكر ان المشهد ذاته الذي تكرر في غزة، حين رصد الكيان الصهيوني منذ بداية الحرب الأخيرة تحركات إسماعيل هنية وقيادات الصف الأول في حماس، وتحدث قادته علنا عن استهدافهم ضمن بنك أهداف يتصدره من تصفهم بـ»محددي القرار»، وفي الوقت نفسه، لم تخف الصحف العبرية ولا التصريحات العسكرية الصهيونية حقيقة أن حسن نصرالله وقادة الصف الأول في حزب الله على رأس هذا البنك، وأن تنفيذ عملية تصفية بحقهم أصبح في إطار الاحتمالات القريبة في ظل التصعيد المتسارع على الجبهة اللبنانية.

الجديد الآن أن ساحة هذه الحرب لم تعد تقتصر على غزة ولبنان، بل وصلت إلى قلب طهران، فما جرى فجر الجمعة الماضي هو رسالة مزدوجة، وهي أن أي شخصية عسكرية أو سياسية متورطة في إدارة الملفات النووية أو الأمنية أو دعم حركات المقاومة، هي هدف مشروع، ولا يهم إن كانت في مكتبها بطهران، أو في طائرة رئاسية، أو في أحد الضواحي الجنوبية لبيروت.

هذه العمليات، مثل سابقاتها في غزة ولبنان، تنطلق من مبدأ شل عصب القيادة قبل ضرب الميدان، وعندما ينجح الكيان الصهيوني خلال أيام قليلة في تنفيذ تصفيات بهذا الحجم، فهذا يدل على حجم ما تمتلكه أجهزته من معلومات استخبارية دقيقة عن تحركات، وأماكن، وخطط هؤلاء القادة، مما يؤكد أن الاحتلال أدار على مدار سنوات طويلة حرب معلومات سرية داخل مؤسسات أعدائه، وباتت اليوم تقطف نتائجها علنا.

إلا ان الأخطر في هذه الحرب والتي كانت تدار منذ سنوات بصمت ودهاء، هو ان هذه الحرب قد تحولت الآن إلى حرب مكشوفة، فالكيان الصهيوني لا يتردد في إعلان مسؤوليته عن العمليات، ولا يخفي نواياه في مواصلة هذه التصفيات حتى تصفية آخر رأس في المشروع الإيراني ومحور المقاومة وهو المرشد علي خامنئي، وما يجعل المشهد أكثر خطورة أن العمليات تتم بعلم — وأحيانا برعاية— أطراف دولية مؤثرة، ما يجعل طهران وغزة وبيروت محاصرة سياسيا واستخباريا، وفي وضع بالغ الحرج.

المشهد الإقليمي إذن أمام حرب تصفية رؤوس ومفاتيح القرار وليس الرؤوس النووية، من طائرة رئيسي التي سقطت بظروف غامضة، إلى قيادات غزة المرصودة، إلى قلب طهران المشتعل، والضاحية الجنوبية لبيروت المحاصرة.

وهنا أقول انه وبينما تراهن إيران وحزب الله وحركات المقاومة على معركة استنزاف طويلة، يبدو أن الكيان الصهيوني قرر كسر هذه المعادلة عبر استهداف الرؤوس، وترك الأذرع تتخبط، وهي حرب، إن استمرت بهذا النسق، ستعيد تشكيل خريطة النفوذ في الشرق الأوسط خلال الشهور المقبلة.

مقالات مشابهة

  • بن زكري: الهلال رد على الأوروبيين الذين يقولون أن الدوري السعودي أفسد الكرة.. فيديو
  • منى أحمد تكتب.. لغة الكمال
  • بقلوب مكلومة.. غزة تودّع أبناءها الذين قضوا في طوابير الجوع بعد قصف إسرائيلي
  • متاحف قطر تعلن افتتاح معرض "عجائب السجاد الإمبراطوري" في هونغ كونغ
  • الرؤوس المستهدفة ليست نووية!
  • محمود زيدان يكتب.. الذين يبلغون رسالات الله.. الشعراوي نموذجًا
  • عائلة بروس ويليس توجه رسائل مؤثرة حول الآباء الذين يعانون المرض
  • نادية صبرة تكتب: إيران بين مطرقة الاغتيال وسندان الخيانة
  • نورهان حشاد تكتب: مَـلَاذُ الـرُّوحِ فِي رُوحٍ تُـشْبِهُكَ !
  • كريمة أبو العينين تكتب: الحب والكراهية