17 عاما على عملية أسر شاليط.. لماذا تخشى إسرائيل صفقة تبادل جديدة مع حماس؟
تاريخ النشر: 25th, June 2023 GMT
غزة – تتمسك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمحددات وشروط ترفض التنازل عنها، من أجل إنجاز صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، على غرار صفقة "وفاء الأحرار" المعروفة إعلاميا بـ"صفقة شاليط".
وكشف مسؤول بارز في حماس للجزيرة نت عن محددات واضحة من أجل إنجاز ما تسميها الحركة "وفاء الأحرار 2″، وقال عضو المكتب السياسي مسؤول مكتب الشهداء والجرحى والأسرى في الحركة زاهر جبارين: "محدداتنا واضحة ومعروفة، وشروطنا يعرفها الاحتلال ومعلومة لدى الوسطاء".
وفي مثل هذا اليوم 25 يونيو/حزيران من عام 2006، نجحت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، ولجان المقاومة الشعبية، وجيش الإسلام، في تنفيذ عملية مشتركة ومعقدة أسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وأطلقت سراحه بعدها بـ5 سنوات في سياق صفقة تبادل تحرر بموجبها 1027 أسيرا وأسيرة من سجون الاحتلال.
محددات وشروطوعدّد جبارين محددات للمقاومة لن تتنازل عنها لبدء مفاوضات جادة لإنجاز صفقة تبادل، تتمثل في إطلاق سراح الأسرى المحررين في صفقة "وفاء الأحرار 1" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، وتحرير الأسرى القدامى وكبار السن والمرضى والنساء والأطفال.
وتتحفّظ حماس على شروط أخرى أودعتها لدى الوسطاء لإنجاز صفقة يتم من خلالها إطلاق أسرى فلسطينيين في مقابل 4 إسرائيليين تتحفظ عليهم الحركة في غزة، تدعي إسرائيل أنهم جثث، فيما ترفض الحركة منح أي معلومة حولهم دون ثمن، وفقا لجبارين.
وقال: "هناك إطار عام حددته المقاومة، وثمن لأي صفقة، وحكومة بنيامين نتنياهو وحكومات الاحتلال المتعاقبة ترفض دفعه، وتستمر في الكذب على عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة".
وأضاف: "نسعى ليلا ونهارا من أجل تحقيق صفقة تبادل مشرفة، وأبوابنا مفتوحة أمام أي وسيط يمكنه الضغط على الاحتلال لتحرير أسرانا من سجونه".
ويقبع في سجون الاحتلال زهاء 4900 أسير فلسطيني، من بينهم 31 امرأة، و170 طفلا، ويقول جبارين في رسالة وجهها لهم في ذكرى عملية أسر شاليط: "إن عمليات أسر جنود الاحتلال هي السبيل الوحيد لتحريركم من ظلمات السجون، والمقاومة ملتزمة شرعا ووطنيا بمواصلة العمل لتحقيق ذلك".
وأكد جبارين أنه لا جديد في ملف صفة التبادل حتى الآن، واستخدام قادة الاحتلال لهذا الملف كورقة سياسية وانتخابية يحول دون إحراز أي اختراق.
رفض وخشية إسرائيليةتخشى إسرائيل -بحسب جبارين- من صفقة تبادل جديدة تسجل هزيمة لها ونصرا للمقاومة، وتؤكد من جديد على صوابية خيار المقاومة لكسر قيود السجن، وقال: "إن أثر صفقة وفاء الأحرار (شاليط) لا يزال ماثلاً أمام قادة الاحتلال، باعتبارها أول عملية نوعية بطولية ناجحة تحدث على الأرض الفلسطينية المحتلة وتسفر عن تحرير أسرى من السجون".
ولم تكن عملية أسر شاليط الأولى في سجل حماس، فقد سبقتها نحو 25 عملية ومحاولة أسر إسرائيليين بهدف مبادلتهم بأسرى في سجون الاحتلال، منذ السنوات الأولى لانطلاقة الحركة في ثمانينيات القرن الماضي، بحسب توثيق مواقع محسوبة على الحركة.
وقال جبارين إن كتائب القسام اكتسبت خبرات كبيرة من تراكم التجارب، وقريبا ستنجح في كسر قيود الأسرى، وقد لا تأتي الذكرى الـ18 لعملية أسر شاليط إلا وتنسم الأسرى عبق الحرية.
أسباب الرفضيقول الخبير في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، للجزيرة نت، إن إسرائيل لا تماطل وإنما ترفض صفقة تبادل أخرى، تتمسك المقاومة في شروطها أن لا تقل قيمة عن "صفقة شاليط".
وحدد بشارات، وهو أحد محرري صفقة شاليط ومبعد إلى غزة، 3 أسباب رئيسية للرفض الإسرائيلي، تتمثل في:
الخشية من عودتهم للانخراط في عمليات المقاومة وقيادتها من الداخل والخارج، وتكرار تجربة محرري صفقة شاليط الذين استأنفوا أنشطتهم النضالية ضد الاحتلال بعد تحررهم من السجون، وإبعاد العشرات منهم إلى غزة والخارج. الحالة الإسرائيلية لا تحتمل إبرام صفقة تبادل أسرى، فنتنياهو يخشى على نفسه ومستقبله في ظل تعقيدات الساحة السياسية الإسرائيلية، ومع وجود ائتلاف متطرف "سيسن له السكاكين" إذا استجاب لمحددات واشتراطات حماس. كما تدرك إسرائيل أن صفقة تبادل كصفقة شاليط هي تكرار للهزيمة، وانتصار جديد لحماس، وتعميق ذلك في الوعي الفلسطيني أن المقاومة هي الخيار الأمثل.وعن السيناريو المحتمل لإحداث اختراق والخروج من المأزق والجمود، يعتقد بشارات أن ما طرحه رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار من مبادرة إنسانية قبل 3 سنوات قد تشكل "سلما للنزول عن الشجرة" إذا ما استجابت لها إسرائيل، ومنح زخم لجهود الوسطاء لإنجاز صفقة شاملة.
وفي أبريل/نيسان عام 2020 طرح السنوار مبادرة إنسانية تتضمن ما وصفه في حينه بـ"تنازل جزئي" في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، في مقابل إفراج إسرائيل عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال، غير أنها لم تتعاط بإيجابية مع هذه المبادرة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
6 اختلافات جوهرية بين مقترحي ويتكوف.. صفقتا تبادل أسرى في أسبوع
أعلنت حركة حماس أنها تسلمت مقترحا جديدا قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وعقد صفقة لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك أيام قليلة من موافقة الحركة على مقترح آخر قدمه ويتكوف.
وأشارت الحركة في بيان إلى أن "قيادة حركة حماس استلمت من الوسطاء مقترح ويتكوف الجديد، وتقوم بدراسة هذا المقترح بمسؤولية وبما يحقق مصالح شعبنا وإغاثته وتحقيق وقف إطلاق النار الدائم في القطاع".
وترصد "عربي21" ستة اختلافات جوهرية بين المقترح الذي وافقت عليه حركة حماس، ومقترح ويتكوف الجديد، لاسيما فيما يتعلق بأعداد الأسرى الأحياء والقتلى ومواعيد تنفيذ صفقات التبادل.
⬛عدد الأسرى
- المقترح الأول يتضمن الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء منهم 5 في اليوم الأول و5 في اليوم الأخير لوقف إطلاق النار، والذي يستمر لمدة 60 يوما، إلى جانب الإفراج عن 16 جثة.
- المقترح الجديد يتضمن الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء منهم 5 في اليوم الأول و5 في اليوم السابع، أي اكتمال صفقات تبادل الأسرى في غضون أسبوع واحد فقط، إلى جانب الإفراج عن 18 جثة.
⬛ المساعدات الإنسانية
- المقترح الأول يضمن دخول المساعدات الإنسانية دون قيود، ووفق البروتوكول الإنساني المتفق عليه في 17 كانون الثاني/ يناير 2025.
- المقترح الجديد يتضمن صيغة غير محددة وتفتح الباب أمام تحكم الاحتلال في نوعية وكمية المساعدات الواردة إلى قطاع غزة.
⬛ تحليق طائرات الاحتلال الإسرائيلي
- المقترح الأول ينص على توقف كامل لتحليق طائرات الاحتلال الإسرائيلي فوق قطاع غزة طيلة فترة وقف إطلاق النار (60 يوما).
- المقترح الجديد ينص على توقف تحليق طائرات الاحتلال الإسرائيلي فوق قطاع غزة لمدة 10 ساعات يوميا وخلال 12 ساعة في أيام تسليم الأسرى فقط.
⬛ انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة
- المقترح الأول يشمل الانسحاب الإسرائيلي قبل استكمال تسليم الأسرى إلى المواقع التي كان عليها جيش الاحتلال قبل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في كانون الثاني/ يناير الماضي.
- المقترح الجديد يشمل الانسحاب الإسرائيلي بعد تسليم الأسرى إلى المواقع التي كان عليها جيش الاحتلال قبل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في كانون الثاني/ يناير الماضي.
⬛ الترتيبات المتعلقة بإدارة قطاع غزة
- المقترح الأول ينص على أن جهة فلسطينية مستقلة من التكنوقراط ستتولى مسؤولية إدارة قطاع غزة وتشمل مهامها الإشراف على عملية إعادة الإعمار.
- المقترح الجديد ينص على "ترتيبات أمنية طويل الأمد في قطاع غزة"، ما يبقي الباب مفتوحا أمام المخططات الإسرائيلية في إدامة احتلال غزة والتحكم بحياة الفلسطينيين.
⬛ استئناف الحرب
- المقترح الأول يتضمن التزاما أمريكيا بضمان استمرار وقف إطلاق النار حتى التوصل لاتفاق دائم.
- المقترح الجديد لا يتضمن أي التزامات بشأن منع استئناف الحرب بعد انقضاء الـ60 يوما مدة اتفاق وقف إطلاق النار.
نص مقترح ويتكوف الجديد
ينص على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، تعيد فيها حركة حماس 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة، من قائمة الـ58 أسيرا الذين لا تزال تحتجزهم في قطاع غزة، وتجري عمليات التبادل في اليوم الأول والسابع من وقف إطلاق النار.
ويبدأ إدخال المساعدات إلى قطاع غزة فور التوصل إلى الاتفاق بشأن وقف إطلاق النار، وسيتم إيصال المساعدات عبر قنوات يتم الاتفاق عليها، والتي تشمل الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
يتوقف النشاط الهجومي الإسرائيلي خلال فترة وقف إطلاق النار، كما يتوقف النشاط الجوي وجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة الطائرات لمدة عشر ساعات يوميا أو 12 ساعة في الأيام التي يتم فيها تبادل الأسرى.
بعد كل مرحلة من مراحل تبادل الأسرى والجثث، سيتم إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي اليوم الأول لوقف إطلاق النار، تبدأ المفاوضات برعاية الوسطاء العرب لتنفيذ الاتفاق على الترتيبات اللازمة لضمان وقف دائم لإطلاق النار.
وفي المفاوضات، سوف يناقش الطرفان شروط إطلاق سراح الأسرى المتبقين، والقضايا المتعلقة بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي وانسحابها، والترتيبات الأمنية طويلة الأمد في قطاع غزة، ومقترحات الطرفين بشأن "اليوم التالي" لانتهاء الحرب.
"انقلاب ويتكوف"
الباحث السياسي محمد أبو طاقية وصف الاختلافات بين مقترحي "ويتكوف" بأنه "انقلاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى على الوعود التي قُطعت مقابل الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر، وتختلف ملامح الورقة الأخيرة كليا عمّا تم التوافق عليه قبل أيام مع حركة حماس، والتي أسهم الوسطاء وفي مقدمتهم (بحبح) في ترتيبها وصياغتها".
وقال أبو طاقية لـ"عربي21": "ورقة ويتكوف الأخيرة سيئة إنسانيا وسياسيا وميدانيا"، مرجعا ذلك لعدة أسباب، منها أنها لا تحتوي على أي تعهد قريب أو بعيد بوقف الحرب، لا بشكل جزئي ولا كلي.
واستكمل قائلا: "تفتقر لأي التزام إنساني، ولا تتطرّق لتعهدات وبروتوكول إدخال المساعدات أو المعدّات أو اللوازم الطبية، بل تُرحّل ذلك إلى ما بعد اليوم السابع، وتتركه لتقدير ومزاج الاحتلال (أي بعد استعادة أسراه)".
وذكر أن "مقترح ويتكوف الجديد يشترط تسلّم الأسرى والجثامين خلال الأسبوع الأول دون قيد أو شرط، ما يكشف عن نواياه الحقيقة، وأهدافه غير الإنسانية"، إلى جانب افتقاره لأي التزام بالانسحاب من غزة، بل الحديث فقط عن "إعادة انتشار ميداني" تحدده القوات الميداني عبر تنسيق فني، وحتى هذا مشروط بما بعد اليوم السابع.
ولفت إلى أن المقترح الجديد لا يتضمن أيضا أي ذكر للإخلاء الطبي أو لفتح المعابر، مشددا على أن "ما هو مطروح لا يعني سوى استمرار سياسة التجويع والتعطيش، وتواصل جرائم الإبادة والاحتلال، خلال ما يسمى الهدنة المؤقتة، وبعد انتهائها التي يبدو أنها لن تتجاوز عشرة أيام وفق المعطيات وجدولة التسليم المشترطة".
كيف تغير مقترح "ويتكوف"؟
الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة يوضح كيفية تغير مقترح "ويتكوف"، مشيرا إلى أنه منتصف أيار/ مايو الجاري، وبينما كانت عيون المنطقة ترقب زيارة دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، كانت واشنطن تُجهز لإعلان كبير: وقف إطلاق نار في غزة يتوّج الزيارة "التاريخية".
وأضاف عفيفة في تحليل نشره عبر قناته بمنصة "تيلغرام"، أنّ "نتنياهو لعب لعبته المفضّلة، وأرسل وفدا إلى الدوحة بلا صلاحيات، ونسف الآمال من جذورها. عاد الجميع بخفّي حنين وترامب بأموال عربية".
وتابع قائلا: "عندها، جاء دور رجل الظل: #بشارة_بحبح، رجل الأعمال الأمريكي من أصل فلسطيني، أُعيد استدعاؤه لفتح قناة تفاوض مباشرة مع حماس، وتوصّل إلى ورقة متوازنة حظيت بموافقة من الحركة. لكن نتنياهو، كعادته، رفض، وبدأت الورقة تُدفن بصمت".
ولفت عفيفة إلى أنه "في الخلفية، كان رون دريمر، وزير شؤون الأسرى والمفاوضات في كيان الاحتلال، يُعدّ خطته مع نتنياهو. طار إلى واشنطن، وجلس في اجتماع عاصف مع المسؤولين الأمريكيين على رأسهم ويتكوف، جمع بين ملفَين شديدَي الحساسية: النووي الإيراني، واتفاق وقف إطلاق النار وفق مقترح بحبح".
وأردف قائلا: "هناك، جرت المقايضة: تغض إسرائيل الطرف عن اتفاق النووي مقابل أن تُدفن ورقة بحبح، وتُولد ورقة دريمر"، مضيفا أن "دريمر عرض ورقته المعدّلة، ووعد بضمان موافقة نتنياهو عليها. وبالفعل، تخلى ويتكوف عن بحبح وتبنّى “ورقة دريمر”، وأُعلنت رسميًا كورقة أمريكية جديدة".
وأكد أنه "في الحقيقة هي ورقة إسرائيلية بثوب أمريكي: خلت من أي ضمانات حقيقية لوقف الحرب، وأفرغت الصفقة من مضمونها الزمني والعددي، وجعلت المساعدات مشروطة ومرتبطة بالموافقة الإسرائيلية"، معتبرا أن "حماس تجد نفسها اليوم بين ورقة سيئة وافقت سابقًا على ما هو أفضل منها، وبين عدو يستثمر الرفض للمضي في إبادة غزة".
ورأى أن "القرار صعب، والوقت يداهم، لكن ما يجري ليس تفاوضًا بل هندسة سياسية لإجبار الضحية على القبول بشروط قاتلها، وتبرير المجازر للعالم على أنها ردّ على “رفض حماس"، معتقدا أنه "خلال الساعات القادمة على حماس أن تتخذ قرار يوازن بين ورقة سيئة ومصلحة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة والتجويع في غزة".