غزة – تتمسك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمحددات وشروط ترفض التنازل عنها، من أجل إنجاز صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع إسرائيل، على غرار صفقة "وفاء الأحرار" المعروفة إعلاميا بـ"صفقة شاليط".

وكشف مسؤول بارز في حماس للجزيرة نت عن محددات واضحة من أجل إنجاز ما تسميها الحركة "وفاء الأحرار 2″، وقال عضو المكتب السياسي مسؤول مكتب الشهداء والجرحى والأسرى في الحركة زاهر جبارين: "محدداتنا واضحة ومعروفة، وشروطنا يعرفها الاحتلال ومعلومة لدى الوسطاء".

وفي مثل هذا اليوم 25 يونيو/حزيران من عام 2006، نجحت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، ولجان المقاومة الشعبية، وجيش الإسلام، في تنفيذ عملية مشتركة ومعقدة أسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وأطلقت سراحه بعدها بـ5 سنوات في سياق صفقة تبادل تحرر بموجبها 1027 أسيرا وأسيرة من سجون الاحتلال.

محددات وشروط

وعدّد جبارين محددات للمقاومة لن تتنازل عنها لبدء مفاوضات جادة لإنجاز صفقة تبادل، تتمثل في إطلاق سراح الأسرى المحررين في صفقة "وفاء الأحرار 1" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، وتحرير الأسرى القدامى وكبار السن والمرضى والنساء والأطفال.

وتتحفّظ حماس على شروط أخرى أودعتها لدى الوسطاء لإنجاز صفقة يتم من خلالها إطلاق أسرى فلسطينيين في مقابل 4 إسرائيليين تتحفظ عليهم الحركة في غزة، تدعي إسرائيل أنهم جثث، فيما ترفض الحركة منح أي معلومة حولهم دون ثمن، وفقا لجبارين.

وقال: "هناك إطار عام حددته المقاومة، وثمن لأي صفقة، وحكومة بنيامين نتنياهو وحكومات الاحتلال المتعاقبة ترفض دفعه، وتستمر في الكذب على عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة".

وأضاف: "نسعى ليلا ونهارا من أجل تحقيق صفقة تبادل مشرفة، وأبوابنا مفتوحة أمام أي وسيط يمكنه الضغط على الاحتلال لتحرير أسرانا من سجونه".

ويقبع في سجون الاحتلال زهاء 4900 أسير فلسطيني، من بينهم 31 امرأة، و170 طفلا، ويقول جبارين في رسالة وجهها لهم في ذكرى عملية أسر شاليط: "إن عمليات أسر جنود الاحتلال هي السبيل الوحيد لتحريركم من ظلمات السجون، والمقاومة ملتزمة شرعا ووطنيا بمواصلة العمل لتحقيق ذلك".

وأكد جبارين أنه لا جديد في ملف صفة التبادل حتى الآن، واستخدام قادة الاحتلال لهذا الملف كورقة سياسية وانتخابية يحول دون إحراز أي اختراق.

رفض وخشية إسرائيلية

تخشى إسرائيل -بحسب جبارين- من صفقة تبادل جديدة تسجل هزيمة لها ونصرا للمقاومة، وتؤكد من جديد على صوابية خيار المقاومة لكسر قيود السجن، وقال: "إن أثر صفقة وفاء الأحرار (شاليط) لا يزال ماثلاً أمام قادة الاحتلال، باعتبارها أول عملية نوعية بطولية ناجحة تحدث على الأرض الفلسطينية المحتلة وتسفر عن تحرير أسرى من السجون".

ولم تكن عملية أسر شاليط الأولى في سجل حماس، فقد سبقتها نحو 25 عملية ومحاولة أسر إسرائيليين بهدف مبادلتهم بأسرى في سجون الاحتلال، منذ السنوات الأولى لانطلاقة الحركة في ثمانينيات القرن الماضي، بحسب توثيق مواقع محسوبة على الحركة.

وقال جبارين إن كتائب القسام اكتسبت خبرات كبيرة من تراكم التجارب، وقريبا ستنجح في كسر قيود الأسرى، وقد لا تأتي الذكرى الـ18 لعملية أسر شاليط إلا وتنسم الأسرى عبق الحرية.

أسباب الرفض

يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، للجزيرة نت، إن إسرائيل لا تماطل وإنما ترفض صفقة تبادل أخرى، تتمسك المقاومة في شروطها أن لا تقل قيمة عن "صفقة شاليط".

وحدد بشارات، وهو أحد محرري صفقة شاليط ومبعد إلى غزة، 3 أسباب رئيسية للرفض الإسرائيلي، تتمثل في:

الخشية من عودتهم للانخراط في عمليات المقاومة وقيادتها من الداخل والخارج، وتكرار تجربة محرري صفقة شاليط الذين استأنفوا أنشطتهم النضالية ضد الاحتلال بعد تحررهم من السجون، وإبعاد العشرات منهم إلى غزة والخارج. الحالة الإسرائيلية لا تحتمل إبرام صفقة تبادل أسرى، فنتنياهو يخشى على نفسه ومستقبله في ظل تعقيدات الساحة السياسية الإسرائيلية، ومع وجود ائتلاف متطرف "سيسن له السكاكين" إذا استجاب لمحددات واشتراطات حماس. كما تدرك إسرائيل أن صفقة تبادل كصفقة شاليط هي تكرار للهزيمة، وانتصار جديد لحماس، وتعميق ذلك في الوعي الفلسطيني أن المقاومة هي الخيار الأمثل.

وعن السيناريو المحتمل لإحداث اختراق والخروج من المأزق والجمود، يعتقد بشارات أن ما طرحه رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار من مبادرة إنسانية قبل 3 سنوات قد تشكل "سلما للنزول عن الشجرة" إذا ما استجابت لها إسرائيل، ومنح زخم لجهود الوسطاء لإنجاز صفقة شاملة.

وفي أبريل/نيسان عام 2020 طرح السنوار مبادرة إنسانية تتضمن ما وصفه في حينه بـ"تنازل جزئي" في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، في مقابل إفراج إسرائيل عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال، غير أنها لم تتعاط بإيجابية مع هذه المبادرة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

مشعل: غزة غير مطالبة بإطلاق الرصاص ولدينا تصور لسلاح المقاومة

أكد خالد مشعل -رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج- أن الحركة لديها مقاربتها الخاصة بشأن السلاح وتسعى لإقناع الإدارة الأميركية بها، وقال إن غزة قدمت ما عليها وآن لها أن تنهض وتتعافى.

وتطرق مشعل -الذي حل ضيفا على برنامج موازين ضمن حلقة (2025/12/10)- إلى العديد من النقاط والتفاصيل وخاصة موقف حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القطاع.

وكشف في سياق حديثه عن مقاربة المقاومة بشأن المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة، أن حماس تطرح على الأطراف المختلفة معادلة مفادها "أن المقاومة تريد تكوين صورة فيها ضمانات بأن لا تعود الحرب بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، أي "كيف يُخبأ هذا السلاح ويحفظ ولا يستعمل ولا يستعرض به"،  وذكر أيضا أن المقاومة طرحت فكرة هدنة طويلة المدى لتشكل ضمانة حقيقية.

وأكد القيادي في حماس أن الخطر يأتي من الكيان الصهيوني، و"ليس من غزة التي يطالبون بنزع سلاحها"، ووصف نزع السلاح عند الفلسطيني بأنه بمثابة "نزع للروح".

وأعرب مشعل عن قناعته بقدرة حماس على إقناع الإدارة الأميركية بمقاربتها المتعلقة بالسلاح، بالنظر إلى العقل الأميركي البراغماتي -حسبه- وبالتالي فرضها على الطرف الإسرائيلي. وكشف أن الوسطاء يبحثون هذه المقاربة مع الأميركيين.

ومن جهة أخرى، أكد مشعل أن إستراتيجية غزة القادمة هي الانشغال بنفسها، في محاولة للتعافي وإعادة الحياة من جديد،  مشددا على أنها "قدمت كل ما عليها وزيادة، ولا أحد يطالبها أن تطلق النار ولا أن تمارس واجبها في المقاومة"، وأفاد أن حماس أبلغت الوسطاء بحاجتها لمن يساعدها على النهوض والتعافي مجددا.

وبشأن القوة الدولية، قال مشعل إنه لا مانع لدى المقاومة من وجود قوة استقرار دولية على الحدود مثل قوات اليونيفيل، "تتولى الفصل بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن الضامنين خاصة الوسطاء (قطر ومصر وتركيا) والدول الثماني العربية والإسلامية بإمكانهم ضمان غزة وحماس والمقاومة، بحيث "لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد إسرائيل".

إعلان

وفي نفس السياق، أثنى مشعل على موقف وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، الذي صرح لبرنامج " لقاء خاص" على قناة الجزيرة بأن "دور القوة الدولية هو حفظ السلام وليس فرضه".

غزة عانت الدمار والتجويع وكل أشكال المعاناة (الجزيرة)إدارة غزة

وعن رؤية حماس لشكل إدارة غزة، أكد أنه كان هناك توافق على أن تسلم غزة لحكومة تكنوقراط وأن تجمع القطاع والضفة الغربية، لكن الأمر تعثر بسبب الحرب والفيتو الإسرائيلي، وكشف أنه قبل أسبوعين أو ثلاثة جرى حوار معمق بين الفصائل ومع مصر، وتم طرح 40 اسما استخلص منهم 8 يمثلون تنوع المجتمع الغزي، و"لكن هذه الخطوة تعرقلها إسرائيل".

كما حذر القيادي في حماس من أن مجلس السلام الذي ورد في خطة الرئيس الأميركي بشأن غزة محفوف بالمخاطر، مؤكدا أن حماس ترفض المجلس التنفيذي الذي ينضوي تحته ويشكل الحكم الحقيقي داخل غزة، والسبب أنه "شكل من أشكال الوصاية" على الفلسطينيين، وشدد قائلا "نريد أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني وهو من يقرر من يحكمه".

وعلى صعيد آخر أشار إلى أن القضية الفلسطينية استعادت روحها على الساحة الإقليمية وتحولت من الأدراج لتفرض نفسها على الجميع. وفي المقابل تحولت إسرائيل في العالم إلى كيان منبوذ، لأنها ارتكبت إبادة جماعية.

وعن فكرة التطبيع وما كان يُطرح بخصوص تصفية القضية الفلسطينية، يرى مشعل أن هذه الفكرة باتت أبعد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 "إلا لمن يريد تجاهل ما أفرزته الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة خلال عامين".

وبشأن الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، نبّه مشعل إلى أن "إسرائيل تقوم حاليا بالضم الفعلي للضفة وهي تريد أن تحسم الهوية السياسية للضفة وأن تلحقها بالسيادة الإسرائيلية من خلال خطوات عملية"، وقال إن السلطة الفلسطينية عليها مسؤولية كبيرة، وإنها تعرف أن" مشروعها السياسي أُفشِل، ويتم تقليم أظافرها وتُقلص صلاحيتها وينظر إليها أن تكون أداة أمنية".

وعن موقع حماس في ظل الواقع الجديد في المنطقة، أوضح مسؤول حماس أن "الدعم الإيراني كان وما زال مهما وأساسيا وقويا ويُشكَرون عليه"، وقال إن الحركة تلقت طوال مسيرتها الدعم من كل الدول العربية، ولكن بتفاوت، وانفتحت على الجميع، لكنه أكد أن حماس" لم تكن تتمحور يوما في موضع بعينه بعيدا عن الأمة العربية والإسلامية".

وأضاف أن الصورة اختلت بعض الشيء؛ لوجود "أطراف عربية وإسلامية أوصدت الأبواب أمام حماس"، وقال إن الحركة معنية بتعزيز حضورها العربي والإسلامي.

مقالات مشابهة

  • مصادر لرويترز: أميركا حجبت معلومات مخابرات عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • “حماس” تطالب منظمة “العفو الدولية” بسحب تقريرها حول أحداث 7 أكتوبر
  • حماس ترفض وتستهجن التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية
  • حماس تستهجن تقرير "العفو الدولية" الذي يزعم ارتكاب جرائم يوم 7 أكتوبر
  • حماس تتهم إسرائيل بالمماطلة وتحذر من تفاقم المعاناة الإنسانية في غزة
  • مشعل يتحدث حول تصور حماس لسلاح المقاومة وإدارة غزة
  • مشعل: غزة غير مطالبة بإطلاق الرصاص ولدينا تصور لسلاح المقاومة
  • اعتقالات واسعة بالضفة تسبق الذكرى الـ38 لانطلاق حركة حماس
  • حماس: المصادقة على بناء 764 وحدة استيطانية خطوة تهويدية جديدة
  • استشهاد أسير فلسطيني في سجون الاحتلال بعد تدهور حالته الصحية