أوضح مجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر الشريف، حكم خطوبة المرأة المختلعة أثناء العدة، وذلك بسبب تعدد واختلاف أحكام العدة بالنسبة للسيدات سواء بالطلاق أو وفاة زوجها.

تفاصيل حكم خطبة المختلعة أثناء العدة

وأجاب مجمع البحوث الإسلامية عن سؤال ما حكم خطبة المختلعة أثناء العدة، حيث قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية «إنّ من الشروط التي نص الفقهاء على اشتراطها في المخطوبة أن تكون صالحةً أن يُعقد عليها عند خطبتها، وبالتالي يحرم على الرجل أن يخطب امرأة في عدتها لا تصريحًا، ولا تلميحًا؛ لأن احتباسها للعدة أمر تعبدي تلتزم به، وأثر من آثار الزواج السابق، فلا يجوز الاعتداء عليه، تعظيمًا لقيمة هذا الرباط المقدس، وقال تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا).

حكم التعريض بالخطبة

فيما لفتت لجنة الفتوى إلى أنّ التعريض بالخطبة بأن يكشف الخاطب رغبته في الخطبة بلفظ يحتملها ويحتمل غيرها، فيما يعرف تلميحًا أثناء العدة كأن يقول لها: «من يجد مثلك»، ونحو ذلك، فإنه جائز في عدة الوفاة بالاتفاق، لقوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) [البقرة: 235] ، ويحرم في عدة الطلاق الرجعي باتفاق لأنها لازالت زوجة، وقال تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحا) [البقرة/228] فسمى الزوج المطلق لزوجته طلاقًا رجعيًا (بعلا) أي زوجًا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الخطوبة العدة مجمع البحوث الإسلامية البحوث الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

كيف نبني زواجًا ناجحًا؟

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

ليس الزواج مجرد ارتباط بين رجل وامرأة، بل هو قصة تبدأ من لحظة النية، وتُكتب فصولها كل يوم بالتفاهم، والرحمة، والالتزام. إنه ليس محطة عبور ولا تجربة عابرة، بل عقد مقدّس، وسكنٌ نفسي، وميثاق غليظ، كما وصفه الله في كتابه: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ (النساء: 21).

الزواج ليس فرارًا من الوحدة ولا بحثًا عن متعة مؤقتة، بل هو بناء لحياة مشتركة، ومسؤولية متبادلة، ومشروع إنساني عظيم يقوم على المودة والرحمة. قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21). ونحتاج أن نتساءل: ما الذي يجعل الزواج ناجحًا؟ كيف يمكن أن نصنع من هذه العلاقة حياة مستقرة، رغم تقلبات الأيام واختلاف الطباع؟ وما هي الخطوات التي تحفظ الحب وتحمي الاستقرار؟

أُولى اللبنات في بناء زواج ناجح تبدأ من النية الصادقة. حين يكون دافع الارتباط هو الرغبة في تأسيس بيت متين، وأسرة فاعلة في المجتمع، يصبح الطرفان أكثر استعدادًا لتحمّل المسؤوليات. أما إذا كان الزواج هروبًا من ضغوط أو مجرد نزوة عاطفية، فسرعان ما ينهار أمام أول خلاف.

من العقبات الشائعة التي تعترض طريق الاستقرار: الضغوط المالية والأنانية. فالمشكلات المادية تتفاقم غالبًا حين يغيب الحوار الصادق، وتُغفل الشفافية. ولا يمكن لبيت أن يقوم على الصمت في هذه الأمور الحساسة، إذ لابد من الاتفاق المسبق على أساليب الإنفاق، وتحديد الأولويات، والتفكير المشترك في المستقبل. أما الأنانية، فهي أشد فتكًا؛ حين يرى كل طرف نفسه الأحق دائمًا، ويغفل عن الطرف الآخر، يبدأ الحب بالذبول، ويخفت نور التفاهم.

وهنا، تلعب ثقافة الحوار الدور الأكبر في إنقاذ العلاقة. فالحوار ليس تبادلًا للكلمات فحسب، بل هو استماع، وتفهّم، وحرص على عدم إيذاء الآخر، مهما كانت حدة الخلاف. ولا شك أن الخلافات أمر طبيعي، لكن طريقة إدارتها تحدد مصير العلاقة: هل ستبقى أم تنهار.

وفي ظل المتغيرات الحديثة، قد تشعر بعض الزوجات بأن الزواج يُقيد من حريتهن، ويمنعهن من ممارسة نمط الحياة الذي اعتدن عليه. وهنا تظهر أهمية التهيئة النفسية قبل الزواج، من خلال توعية البنات بأهمية هذا الرباط، وضرورة التكيف مع مسؤولياته. كما أن الزوج بدوره مطالب بأن يدرك أنه لم يعد حرًّا كما كان، بل أصبح ربًّا لأسرة تتطلب منه عناية، واحتواءً، وتخطيطًا.

أما الأسس الشرعية لعقد الزواج، فهي ضوابط لا غنى عنها: صيغة الإيجاب والقبول، ووجود الولي، والشهود، وأهلية الطرفين. قال ﷺ: "لا نكاح إلا بولي وشاهديْ عدل" (رواه ابن حبان). وقال أيضًا: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإنَّ الزانية هي التي تزوج نفسها" (رواه ابن ماجه).

ومن الركائز الأساسية التي يقوم عليها الزواج الناجح:

•        الاحترام المتبادل: احترام لا يقتصر على الألفاظ بل يمتد إلى المشاعر، الوقت، الخصوصية، وحتى الغياب. وهو ما يرسخ الأمان النفسي.

•        احترام الأهل: تقدير أهل الطرف الآخر والتواصل معهم، يعزز الترابط ويُبقي المحبة قائمة.

•        الاهتمام بالمظهر: لا يعني التأنق المبالغ، بل الحفاظ على صورة لائقة تعكس تقدير كل طرف للآخر.

•        الصبر والمرونة: لا حياة زوجية بلا تحديات، لكن الصبر وحده يحوّل العثرات إلى فرص للنمو.

•        النسيان والعفو: قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (النور: 22)؛ فالعفو يبقي العلاقات نقية، ويمنع تراكم الجراح.

•        التواضع والاعتذار: لا كرامة تُهدر حين نعتذر، بل قلوب تُصان. والاعتراف بالخطأ فضيلة تحمي البيوت من السقوط.

ولا يمكن إغفال أهمية الثقة، فهي لا تُمنح بالكلمات، بل تُكتسب بالأفعال عبر الزمن. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ (النساء: 58)، وهذه الأمانة تبدأ من الثقة المتبادلة بين الزوجين.

ولأننا لا نعيش في عالم مثالي، فلابد أن نتقبّل أن الحب وحده لا يكفي. نعم، هو الوقود الأول، لكنه لا يصمد وحده أمام متطلبات الواقع. لابد من تكامل في الدين، والفكر، والقيم، والكفاءة الاجتماعية والاقتصادية، كما أشار النبي ﷺ: "تُنكَح المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفَر بذاتِ الدِّينِ تربَتْ يداكَ" (متفق عليه).

ومن الأخطاء الفادحة الاتكال على المشاعر وحدها دون دراسة متأنية للشخص الآخر، دون استشارة أهل الرأي، أو حتى استخارة الخالق سبحانه، كما قال تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران: 159)، وقال ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ (آل عمران: 159).

والأنانية تظل العدو الأخطر للعلاقات، وهي التي تُفرغ الزواج من معناه، وتقود إلى الطلاق ولو بدت الأسباب الظاهرة مادية. قال الله تعالى في التحذير من تقديم النفس على المصلحة الجماعية: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ (الحشر: 9)، وما أجمل أن يسري هذا المعنى في الحياة الزوجية.

لذلك، فإن الزواج الناجح هو ثمرة جهد متبادل، ورغبة صادقة في إنجاح العلاقة، مهما كلف الأمر من تنازلات؛ فكُل طرف لا بُد أن يكون داعمًا، مشجعًا، صادقًا، متواضعًا، لا ينتظر الكمال؛ بل يصنعه بالمحبة والوعي والتجدد.

وفي الختام.. الزواج لا يُبنى على المصادفة، ولا يقوم على المشاعر العابرة، بل على الإرادة الواعية، والتخطيط، والتفاهم، والاحترام. قد تمر الأيام الصعبة، وتخبو المشاعر أحيانًا، لكن ما يبقى حقًا هو صدق النوايا، وصفاء القلوب، ووعي كل طرف أن الحياة الزوجية ليست نزهة؛ بل مسؤولية.

إلى كل شاب وفتاة مقبلين على الزواج: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13)؛ فتسلّحوا بالحكمة، ولا تجعلوا أحلامكم تقودكم دون وعي. وازرعوا في بيوتكم حبًا صادقًا، واسقوه بالرحمة، وعضّوا عليه بالصبر. وحين يأتي الخلاف، تذكروا أن ما بينكما يستحق أن يُصان.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو أول أيام شهر المحرم وبداية العام الهجري 1447
  • كيف نبني زواجًا ناجحًا؟
  • إنتشال جثة غريق من مجمع مائي بقسنطينة
  • كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
  • التعليم العالي:المؤتمر السنوي السابع عشر لمعهد البحوث الطبية بالمركز القومي للبحوث
  • مؤتمر معهد البحوث الطبية يناقش أحدث قضايا صحة المجتمع والابتكارات
  • المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث التحديات الصحية يومي 17 و18 يونيو
  • جهود متواصلة لهيئة البحوث الزراعية لاستنباط أصناف جديدة من القمح وتحسين الإنتاج الزراعي
  • إسرائيل تعلن استهداف مقر وزارة الدفاع الإيرانية ومنظمة البحوث الدفاعية
  • "المشرف على المراكز الطبية المتخصصة بالإسكندرية " توضح  أهم النصائح  لطلبة الثانوية العامة أثناء الامتحانات