حاولت الحكومة البريطانية التهوين من الأرقام الرسمية التي أعلنها مكتب الإحصاء الوطني، صباح أمس الجمعة، التي تشير تراجع الإنتاج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام الحالي، الفترة من يوليو إلى سبتمبر .

 

وأظهرت الأرقام أن نسبه النمو الاقتصادي في تلك الفترة كانت صفراً في المئة، أي إن الاقتصاد كان في حالة جمود بصورة إجمالية.

في المقابل، الحكومة ربما رأت أن ذلك مؤشر ليس بالسيئ تماماً بالنسبة لها، ففي الأقل لم ينكمش الاقتصاد، أي لم ينمُ سلبياً، بالتالي تفادى الركود تقنياً (يعتبر الاقتصاد في حالة ركود رسمياً إذا انكمش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين من العام).

 ولم يحدث ما توقعه كثير من المحللين والاقتصاديين، حتى بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) من انكماش في الربع الثالث من العام الحالي بالتالي زيادة احتمال الركود الاقتصادي هذا العام، في حين كانت الغالبية تتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 0.2- في المئة في الربع الثالث من هذا العام.

مع ذلك، تأتي الأرقام لتضع وعد رئيس الوزراء ريشي سوناك حين تولى زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة العام الماضي بالعمل أساساً على نمو الاقتصاد على المحك.

وتشير أرقام مكتب الإحصاء الوطني الصادرة، أمس، إلى أن الاقتصاد شهد بعض الانكماش في قطاعات مهمة مثل قطاع الخدمات، إضافة إلى نمو ضعيف في قطاعات أخرى وهو ما جعل النشاط الاقتصادي بصورة عامة في المتوسط عند الصفر.

الاقتصاد والانتخابات

وعلى الرغم من تفادي الركود تقنياً، فإن عدداً من المحللين والاقتصاديين لا يستبعدون احتمال انكماش الاقتصاد في ما تبقى من العام وبداية العام المقبل مما يعني دخوله في ركود قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في مايو  المقبل.

ومع شبه الإجماع على أن العامل الأهم وراء عدم نمو الاقتصاد البريطاني  هو أسعار الفائدة المرتفعة، فإن إشارة محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي إلى أن البنك لن يخفض سعر الفائدة قريباً تعني أن مزيداً من التدهور في النشاط الاقتصادي يظل أكثر احتمالاً، إذ إن إبقاء أسعار الفائدة عند 5.25 في المئة حالياً حتى العام المقبل سيعني زيادة كلفة الاقتراض، للأسر والأعمال، بالتالي تراجع الإنفاق الاستهلاكي وانكماش النشط الاقتصادي في التصنيع والخدمات وغيرها.

في مقابلة مع "بي بي سي" بعد صدور بيانات مكتب الإحصاء الوطني، قال وزير الخزانة جيريمي هنت، "الطبيعي أن سعر الفائدة له تأثير"، مشيراً إلى أن معدل النمو تباطأ لهذا السبب.

وتابع "المثير للدهشة لكثير من الناس أن الاقتصاد أقوى مما ظن معظمهم، فمعظمهم ظنوا أن الاقتصاد سينكمش هذا العام، لكنه في الواقع حقق نمواً، وهذا يوفر لنا أساساً للمستقبل"، مضيفاً أنه "سيعلن عن إجراءات لتنشيط النمو الاقتصادي ضمن بيان موازنة الخريف في 22 من نوفمبر الجاري".

في المقابل، لم تفوت المعارضة السياسية الفرصة لتقول للناخبين البريطانيين، إن حكومة حزب المحافظين تقود الاقتصاد إلى مزيد من التدهور.

وحاولت الأحزاب الأخرى الدفع باحتمال الركود الاقتصادي وسوء أحوال المعيشة إلى مقدمة قضايا الحملة الانتخابية التي لم تبدأ رسمياً بعد.

من جانبها، قالت وزيرة الخزانة في حكومة الظل لحزب العمال المعارض رايتشل ريفز إن "الأرقام الأخيرة دليل آخر على أن الاقتصاد في جمود، ولا تحقق نمواً في ظل حكم المحافظين، وأن الطبقة العاملة في وضع أسوأ".

أما المتحدثة باسم الخزانة في حزب الأحرار الديمقراطيين ساره أونلي فقالت إن "حزب المحافظين (الحاكم) وجه ضربة قاصمة لاقتصاد البلاد مما أدخله في طريق منعدم النمو".

أمة في حالة جمود

أما مركز الأبحاث "روزوليوشن فاونديشن" فاعتبر أرقام مكتب الإحصاء الوطني دليلاً على أن بريطانيا أصبحت "أمة في حالة جمود"، إذ علق مدير الأبحاث في المركز جيمس سميث في تغريدة له على موقع "إكس" شارحاً "تعرض النشاط الاقتصادي للجمود مجدداً في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة باستمرار منذ نهاية عام 2021"، مشيراً إلى خطر حقيقي بأن تدخل بريطانيا في ركود اقتصادي للمرة الرابعة في غضون 15 عاماً، لافتاً إلى أن بريطانيا أصبحت أمة في حالة جمود تكافح لتحقيق نمو اقتصادي مستدام منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، لافتاً إلى أن التعامل مع ذلك هو المهمة الأساسية التي تواجه البلاد ويجب أن تكون في صلب بيان الخريف حول الموازنة الذي يقدمه وزير الخزانة بعد 10 أيام.

ربما تجد حكومة سوناك ووزير الخزانة جيريمي هنت بعض التفاؤل مع إعلان أرقام التضخم ، الأسبوع المقبل، أي قبل أيام قليلة من بيان موازنة الخريف، إذ يتوقع أن ينخفض نمو معدل التضخم من نسبة 6.7 في المئة إلى نسبة 4.8 في المئة.

لكن ذلك لن يكون كافياً لتفادي اللوم على تدهور الاقتصاد بصورة عامة واستمرار ارتفاع كلفة المعيشة لأغلب البريطانيين.

ولمح وزير الخزانة إلى أن بيانه للبرلمان في شأن الموازنة سيتضمن كيفية إعادة الاقتصاد إلى مسار النمو مجدداً بزيادة الاستثمارات وإعادة الناس إلى العمل وإصلاح الخدمات العامة، لكن هناك بالفعل انتقادات لما قد يعلنه هنت من خفض للضرائب على حساب بنود مهمة مثل الخدمات الاجتماعية.

وحذر أعضاء في حزب المحافظين الحاكم بالفعل وزير الخزانة من خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل خفض الضرائب.

ويبدو أن الجمود الاقتصادي لا يقابله حراك سياسي واعد، فإذا كانت المعارضة تلوم الحزب الحاكم على عدم حسن إدارته للاقتصاد، فهي أيضاً لا تقدم بديلاً عملياً يمكن أن يحفز النشاط الاقتصادي بصورة جيدة.

ومن تصريحات زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، لا يبدو أن لديه خطة اقتصادية محكمة للنمو الاقتصادي يمكن أن يلتف حولها البريطانيون، لذا يرى بعض المعلقين أن الجمود الاقتصادي الحالي يمكن أن يتضافر مع جمود سياسي في حال لم تؤد الانتخابات إلى غالبية كافية لكل من الحزبين الرئيسين المحافظين والعمال، بالتالي يصبح المسار الاقتصادي أسوأ في العام المقبل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مكتب الإحصاء الوطني الحكومة البريطانية النمو الاقتصادي الركود الاقتصادي قضية الانتخابات فی المئة من العام

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: ٣٨٪ زيادة في الإيرادات الضريبية خلال الـ10 أشهر الماضية

أجرى أحمد كجوك وزير المالية، حوارًا مفتوحًا مع ممثلي مجتمع الأعمال فى ختام جولته الميدانية بالإسكندرية؛ تنفيذًا لالتزامه بالانفتاح على شركاء الحاضر والمستقبل من الممولين، والاستماع إلى مقترحاتهم، والعمل على تطوير الخدمات الضريبية والجمركية، وتحقيق التوازن للسياسات المالية من أجل الحفاظ على الانضباط والاستقرار المالي، ودعم الأنشطة الاقتصادية أيضًا ببرامج ومبادرات أكثر كفاءة وفعالية وتأثيرًا فى تعزيز النمو المستدام.

وجَّه كجوك، عدة رسائل إيجابية مطمئنة ومحفزة لمجتمع الأعمال، فى اللقاء الذى نظمه اتحاد الغرف التجارية برئاسة أحمد الوكيل، قائلاً: «نعمل على توسيع القاعدة الضريبية، دون فرض أعباء ضريبية جديدة على المستثمرين.. شكرًا على ثقتكم ودعمكم الملحوظ لمسار الشراكة مع مصلحة الضرائب».

وأكد الوزير، أن النتائج الأولية للحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تعكس تجاوب قوى لمجتمع الأعمال مع مبادرتنا، موضحًا أننا ملتزمين بمساندة المجتمع الضريبي وإيجاد شراكة تضمن  تحقيق أكبر قدر من المنافسة والنمو والربحية.

وقال كجوك، إن العام المقبل سيشهد حزمة جديدة من الإجراءات التنفيذية الداعمة لهذا المسار الضريبي المحفز، لافتًا إلى أن الإيرادات الضريبية زادت خلال العشرة أشهر الماضية بنسبة ٣٨٪ دون فرض أعباء إضافية.

وأكد أن القطاع الخاص يقود النشاط الاقتصادي، ومعًا، سيكون اقتصادنا أكثر قوة وقدرة على الإنتاج والتصدير، والكل سيستفيد، موضحًا أننا سنظل داعمين للنشاط الاقتصادي، بحلول مبتكرة وسهلة وقابلة للتطبيق على أرض الواقع.

وأضاف أن هناك موازنة طموحة جدًا خلال العام المقبل لمساندة الأنشطة الاقتصادية والتنمية البشرية والحماية الاجتماعية، مشيرًا إلى مضاعفة مخصصات مساندة القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية فى موازنة العام المالى المقبل.

وأوضح كجوك، أنه سيتم إعلان برنامج جديد للمساندة التصديرية بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية خلال الأسبوع المقبل.

ولفت إلى أنه يتم توجيه أى إيرادات استثنائية لخفض معدلات الدين، ونستهدف مبادلة وتحويل بعض المديونيات إلى استثمارات، وقد نجحنا فى خفض حجم الدين الخارجى لأجهزة الموازنة بثلاثة مليارات دولار خلال العام الماضي، وأننا مستمرون فى نفس النهج.

وأشار إلى أننا نستهدف تحقيق أعلى فائض أولى بنسبة ٣,٥٪ من الناتج المحلي خلال العام المالي الحالى، مؤكدًا أننا نعمل مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية على برنامج طموح وعملى لخفض الأعباء غير الضريبية وتوحيد جهات التحصيل.

سعر الدولار الأمريكي اليوم السبت 31-5-2025وزير المالية: الحزم التالية من التسهيلات الضريبية تخدم مجتمع الأعمال

وقال الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، إن مصر تمضي فى مسار إصلاحي متكامل لتمكين القطاع الخاص، وتأتى جهود وزارة المالية معززة وداعمة لهذا المسار بالعمل على انتهاج سياسات أكثر تحفيزًا للنشاط الاقتصادي، وتشجيعًا للاستثمار فى إطار حقيقي من الشراكة بين مجتمع الأعمال والمصالح الإيرادية، لصالح الاقتصاد المصرى.

وأكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تعد «نقطة انطلاق» فى مسار الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.

وأوضح أننا متفائلون بالنهج الجديد الذى انتهجه أحمد كجوك وزير المالية، لبدء صفحة جديدة بين المصالح الإيرادية ومجتمع الأعمال ترتكز على الثقة والشراكة القائمة على قناعة كاملة بأن مساندة الممولين تساعدهم على توسيع أنشطتهم ومن ثم تحقيق العوائد الاقتصادية للدولة.

حضر اللقاء شريف الكيلانى نائب الوزير للسياسات الضريبية، ورشا عبدالعال رئيس مصلحة الضرائب، وأحمد أموى رئيس مصلحة الجمارك.

طباعة شارك وزير المالية كجوك الخدمات الضريبية الغرف التجارية للسياسات المالية

مقالات مشابهة

  • برلماني: خفض الدين العام وتحقيق الاستقرار الاقتصادي أولوية لتعزيز النمو
  • 100 من أشهر علامات العطور يجتمعون في "معرض عُمان للعطور"
  • قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6 آلاف قضية متنوعة خلال 24 ساعة
  • وزير المالية: ٣٨٪ زيادة في الإيرادات الضريبية خلال الـ10 أشهر الماضية
  • العراق.. أحزاب بالمئات ومستقبل غامض!
  • العكروت: تشكيل حكومة لإجراء الانتخابات في وجود المليشيات أمر لا يقبله العقل   
  • ضمن البرنامج الاقتصادي.. نقابةُ المهندسين تُودّع الفوجين الأوّل والثاني من حُجّاجِها
  • 100 من أشهر علامات العطور يجتمعون في "معرض عُمان للعطور" بمركز المؤتمرات والمعارض
  • مباحثات مصرية صينية لدعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين
  • أرقام من موازنة مصر خلال 10 أشهر: عبء الدين يلتهم إيرادات الضرائب