ثلاثة مؤهلات تدفع بالعراق صوب سوق الغاز العالمي.. هو المنتج والمُصدر
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
اكدت لجنة الاقتصاد النيابية، امتلاك العراق ثلاثة مؤهلات تدفعه الى سوق الغاز العالمي.
وقال عضو اللجنة مضر الكروي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “العراق يملك حقول غازية في مناطق غرب وشرق البلاد باحتياطات جيدة، فضلا عن تصاعد وتيرة استثمار الغاز المصاحب في حقوله النفطية والتي بقيت لعقود طويلة تحرق بكميات كبيرة ما ينجم عنها تلوث بيئي وخسائر مادية بملايين الدولارات شهريا وفق تقييم الجهات المختصة”.
واوضح، أن” حجم الاحتياطات الغازية في العراق قد تزداد بمعدلات كبيرة خاصة وان هناك مناطق واسعة لم تجر بها اي عمليات تنقيب دقيقة اي أن خارطة الغاز غير محددة”، مشيرا الى أن “البلاد لديها 3 مؤهلات لدخول سوق الغاز ابرزها امكانية الانتاج والتصدير من خلال ما لديها من موقع استراتيجي”.
واشار الى أن” جهود الحكومة ووزارة النفط في تسريع وتيرة استثمار الغاز المصاحب مستمرة بوتيرة جيدة وربما تصل الى مرحلة الاكتفاء خلال اقل من 3 سنوات”، لافتا الى أن” تحقيق الاكتفاء تعني استقرارية في توليد الكهرباء وتقليل ميزانية المدفوعات لشراء الغاز المستورد والذي يكلف العراق مليارات الدولارات سنويا”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
إقرأ أيضاً:
الملف الاجتماعي في عام 2026
د. عبدالله باحجاج
في بلد كبلادنا التي تأسست على بنية اجتماعية ثقيلة، ذات وزن مُؤثِّر في كيانها السياسي والأيديولوجي، يصبح الاعتداد بالبُعد الاجتماعي قدرها الثابت والمُستدام، وينبغي أن يكون دائمًا في موقع حاسم في موازين سياساتها وخططها الإصلاحية متناغمًا مع المسير في خططه القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل؛ أي غير مؤجل.
وبلادنا، الدولةُ الخليجية الوحيدة التي لا يزال مجتمعها في تعدده وتنوعه قوة ناعمة يُحسب لها حسابات جيوسياسية إقليمية وعالمية. لذلك؛ فالنظرة للميزانيات العامة للدولة بصفة عامة هي إعلان اتجاهات وتوجهات الحكومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقدرها أن تحمل الملف الاجتماعي بإدارة سياسية واضحة وصريحة، وهذه الخصوصية تستفرد بها عُمان، ولا تُقارَن بغيرها في دول محيطها الخليجي التي تراهن- مع التفاوت- على قوتها الخشنة بفواتير تريليونية وتأسيس علاقات دولية قائمة على البرجماتية، لضمانة أمنها واستقرارها.
أما بلادنا فلا يُمكنها أن تُضاهي دول المحيط الخليجي في تركيز اعتمادها على القوة الخشنة المُحدَّثة بوسائل التكنولوجيا المتطورة، بما فيها القوة النووية، حتى لو توفرت لها السيولة المالية؛ لأنَّ قوتها الفعلية تكمُن في منطقتها الاجتماعية، ومن منظور المفهوم الجديد للأمن وهو الأمن الشامل، وبالذات: الأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن السيبراني، والأمن الغذائي والمائي، وأمن العلاقات الدولية.
إنها منظومة أمنية شاملة ومترابطة، تتعاظم أولوياتها بالقدر نفسه، لكن في خصوصية بلادنا يكون الأمن الاجتماعي- كما يسمونه- بالقاعدة الصامتة لكل منظومات الأمن؛ فمثلًا لا يُمكن الحديث عن أمن خارجي دون أمن اجتماعي، ولا أمن اقتصادي دون أمن اجتماعي، ولا أمن عسكري دون أمن اجتماعي، ولا سيبراني ولا علاقات دولية دونه كذلك. وهنا لا ينبغي النظر لأي موازنة سنوية على أنها مجرد بنود وأرقام فحسب، وإنما من خلال دورها في استدامة منظومات الأمن الشاملة بقاعدتها الصامتة؛ أي الاجتماعية، وأيُ مرورٍ سنويٍّ على مسيرتنا المتجددة يكون ترقُّب الجديد صيرورة وظيفية للدولة عامة ومؤسساتها خاصة، وبالذات على الصعيد الاجتماعي، والآن على وجه الخصوص.
لماذا الآن؟ لأن هناك مجموعة اعتبارات تقف وراء كتابة هذا المقال؛ أبرزها: ما أفادت به شخصية إقليمية أن بلادها قد بَنَتَ قوةً ناعمةً تسهم في تشكيل مستقبل المنطقة، وأنها قد أصبحت قوة ناعمة مؤثرة في محيطها الإقليمي. كما إن آخر 5 موازنات لبلادنا ركَّزت على معالجة الاختلالات المالية الناجمة عن أزمات كورونا وانخفاض أسعار النفط وانكشاف حجم المديونية الكبير، وقد حققت الحكومة فيها فعلًا نجاحات كبيرة، نُقدِّرها ونُثمِّنها عاليًا، وهي تكمن في تعزيز مستويات الاستقرار المالي ورفع كفاءة إدارة الموارد المالية العامة؛ مما انعكس على تحسُّن التصنيف الائتماني للبلاد وتراجع مستويات الديْن العام بصورة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة. وكما قال معالي وزير المالية سلطان بن سالم الحبسي في مجلس الشورى قبل أيام، إن الإصلاحات الهيكلية وبرامج التوازن المالي أسهمت في تعزيز الثقة الدولية في اقتصاد السلطنة، وفتحت آفاقاً أوسع لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وبسبب تلكم الأزمات تضررت القاعدة الصامتة؛ مما يجعل الحديث الوطني الآن عن الملف الاجتماعي في العام الجديد بشكل عام، وموازنة 2026 خاصةً، حديثًا ينبغي أن يتصدر الاهتمامات السياسية العاجلة؛ حيث ينبغي أن يطغى عليه الاعتبار الاجتماعي بدافع سياسي بعد النجاح المالي، وبعد بروز أصوات كبيرة تتوجع من انعكاسات الإصلاحات وبرامج التوازن المالي. وهنا التساؤلات: هل كانت هذه التحديات حاضرة أثناء التحضير وإعداد الموازنة الجديدة؟ وهل هي حاضرة أثناء مناقشات الموازنة في مجلس الشورى؟ وهل هناك حاجة وطنية لمنح اللامركزية مزيدًا من الصلاحيات لمواجهة التحديات؟
هذا يتوقف على مستوى الوعي بتلكم الأصوات ومستقبل أوجاعها وتذمراتها في ضوء التحديات الجيوسياسية الجديدة، ومدى استجابة "موازنة 2026" لها، خاصةً في قضايا البطالة والمُسرَّحين وتحولات أخرى تمس أساسيات المعيشة كالماء والكهرباء، بعد خفض الدعم الحكومي المُتدرِّج، وغلاء المعيشية، رغم محاولات الحكومة التخفيف من وطأتها؛ لأنها قد أصبحت تأكل دخل الأسر بعد سياسة التقاعد الإجباري.
لذلك.. لا ننظر لموازنة 2026 على أنها أرقام مجردة، وإنما قراءة سياسية للجديد الذي تحمله على الصعيد الاجتماعي- خصوصًا- في ضوء تطلع المواطن لدعم معيشته بصورة ملموسة، وحل قضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين، على إثر تراكمٍ عدديٍّ للمخرجات السنوية من التعليم مقابل توظيف بطيء. ونرى أنَّ هناك أولويات عاجلة ينبغي الانفتاح عليها؛ أبرزها: تطبيق منحة الباحثين عن عمل، وتفعيل أدوار المؤسسات المحلية في المحافظات التابعة للمركزية لإيجاد فرص عمل للباحثين في كل محافظة، من خارج التفكير الاعتيادي. وهذا ما أقدمت عليه مُديريتا العمل والإسكان والتخطيط العمراني في ظفار؛ حيث أقدمت هذه الأخيرة على مبادرة تقضي بتدريب وتأهيل باحثين في تخصصات قانونية، لكي تكون جاهزة للعمل في المكاتب الاستشارية العقارية بعد الاتفاق على تعمينها، وتوظيف القانونين المتدربين فيها، فيما ستتكفل وزارة العمل بدعم التدريب على رأس العمل والأجور. أما الأولى (مديرية العمل)، فقد أعدت برنامجًا مُتخصِّصًا لتدريب الباحثين عن عمل في مجال القانون وكلية القانون في جامعة ظفار على قضايا تسوية المنازعات العمالية. ومثل هاتين المبادرتين تندرجان ضمن الحلول التي يُمكن أن تفُك تعقيدات الواقع بأفق تفاؤلي، فكم نحتاج لصناعة هذا التفاؤل؛ إذ إن التفاؤل لا يجعل الشباب يستسلمون سريعًا، ويربطهم بالدولة والمجتمع؛ أي يشعرون أن لهم مكانًا ووزنًا في بلادهم، كما يُقلِّل من الاحتقان الاجتماعي.
هاتان المبادرتان تُدلِّلان على حجم الرهانات على اللامركزية والمؤسسات المحلية للمركزية في المحافظات، وقدرتها على حل قضية الباحثين والمُسرَّحين (مقترح سابق لنا عن دور اللامركزية والمؤسسات المحلية في حل قضية الباحثين والمُسرَّحين) أو على الأقل أن تصنع حلولًا مُستدامة للقضية، وتُخفِّف من حدة الاحتقانات، وتُعزِّز التفاؤل بالمستقبل عند جيل شبابنا. ووراء تلكم المبادرتين نضوج مؤسسي لمؤسسات محلية تابعة للمركزية؛ أي أكبر من أن ننسبه للامركزية. هنا ينبغي العمل على استنهاض دور اللامركزية، وهذا ما تحاول وزارة الداخلية القيام به من خلال عقد لقاءات وندوات لقادة اللامركزية، وآخرها، يوم الأحد، من خلال تنظيم منتدى الإدارة المحلية لترسيخ اللامركزية، وتمكين المحافظات وتفعيل دورها في خلق فرص عمل من خلال اقتصادياتها المحلية، وإبراز دور البلديات في منظومة الإدارة المحلية في المحافظات كافةً، بمشاركة 150 من قيادات اللامركزية.
ولنجاح هذا التوجه المُهم، نرى أنَّه قد حان الوقت لمنح نظام اللامركزية مزيدًا من الصلاحيات، كضرورةٍ وظيفيةٍ لتمكينه من القيام بأدواره المختلفة، وبالذات الاقتصادية المُنتِجة لفرص عمل، وأفضل مثال هنا، تمكينه من تأسيس اقتصاديات محلية بمشاريع كبيرة وليست صغيرة أو متوسطة، ومنحها جزءًا من الموارد الوطنية في المحافظات، مع رقابة مركزية فعَّالة، وإعطاء مساحة إضافية للمجالس المُنتخبَة (الشورى والبلدية) لدواعي المشاركة المنضبطة.
هذه المشاركة المحدودة المنظمة نراها ضرورية في حقبة التحديات الداخلية وتقاطعها الجيوسياسي غير المسبوق، كما إنها تعني استجابة ديناميكية طبيعية لمسارات التطورات في بلادنا، وهي ستأتي لا محالة؛ لأنها منصوص عليها في الهندسة السياسية لنظام اللامركزية في بلادنا، لكننا نحثُ هنا على استحقاقاتها الزمنية والسياسية، وهي الآن عاجلة.
رابط مختصر