تغطية: نورة العبرية

"تصوير: شمسة الحارثية"

انطلقت اليوم أعمال منتدى "الإدارة المحلية: اللامركزية وتمكين المحافظات – آفاق تنمية شاملة ومستدامة"، برعاية معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، وعدد من المسؤولين من القطاعين العام والخاص.

ويأتي تنظيم المنتدى ترجمة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الرامية إلى تعزيز نهج اللامركزية وتمكين المحافظات من قيادة أولوياتها التنموية، انسجامًا مع الأهداف الاستراتيجية لـ"رؤية عُمان 2040"، وسعيًا إلى ترسيخ مفاهيم الإدارة المحلية الحديثة وتعزيز التكامل المؤسسي على مستوى المحافظات.

وألقى سعادة السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي، الأمين العام في وزارة الداخلية، كلمة الوزارة أكد من خلالها أن المنتدى يجسّد توجه سلطنة عُمان نحو ترسيخ نهج اللامركزية بوصفه مدخلًا أساسيا لتعزيز كفاءة الأداء الحكومي وتحسين جودة الخدمات، ودعم التنمية المستدامة في مختلف المحافظات، مشيرًا إلى أن المنتدى يشكّل منصة مهمة لتبادل الخبرات الوطنية والدولية، واستشراف مستقبل الإدارة المحلية، وبناء نموذج متكامل يقوم على المشاركة والمسؤولية والحوكمة الفاعلة، بما ينسجم مع مستهدفات "رؤية عُمان 2040"ويُسهم في تحقيق التنمية المتوازنة في جميع أنحاء سلطنة عُمان.

وقال سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي، رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة، في كلمته: "إن التحول نحو 'اللامركزية وتمكين المحافظات' في سلطنة عمان ليس مجرد إعادة توزيع للصلاحيات، بل هو ترجمة للفكر الاستراتيجي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي نقل مفهوم 'الإدارة المركزية للخدمات' إلى مفهوم 'القيادة المحلية للتنمية'، منوهًا سعادته أن اللامركزية ليست تخفيفًا عن المركز، بل مضاعفة لقوة الدولة ونموها الاقتصادي".

وأكد سعادته: "إن هذا المنتدى ليس فقط منصة للحوار، بل جسر للاتصال بالمعرفة العالمية، عبر ما يُعرف بالدبلوماسية الحضرية، التي تربط محافظات سلطنة عُمان بمنظومات خبرة دولية أثبتت نجاحها من خلال حلول عملية قابلة للتطبيق، مشيرًا سعادته إلى أن حضور الخبراء الدوليين اليوم خطوة تعكس الثقة الدولية في توجهات سلطنة عمان، وتُبرز أن المحافظات باتت جزءًا من مجتمع دولي يُنتج نماذج متقدمة للحلول التنموية".

وفي ختام كلمته، أعرب سعادته عن بالغ شكره وتقديره إلى وزارة الداخلية وعلى رأسها.

ويهدف المنتدى إلى ترسيخ أسس اللامركزية واستشراف سبل تعزيزها في المحافظات، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يدعم تحقيق تنمية محلية شاملة ومستدامة، وتفعيل دور المحافظات في خلق فرص العمل واستثمار ميزاتها النسبية وممكناتها الاقتصادية، إلى جانب استعراض دور البلديات في منظومة الإدارة المحلية، وتمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز القدرات المؤسسية، من خلال عقد جلسات نقاشية متخصصة وورش عمل منهجية مرتبطة بمحاور المنتدى.

ويستهدف المنتدى أكثر من (150) مشاركًا من القيادات الوطنية من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، المحافظين ورئيسي بلديتي مسقط وظفار، وأصحاب السعادة في القطاعات ذات العلاقة بمحاور المنتدى، إلى جانب أصحاب السعادة الولاة، وأعضاء المجالس البلدية، ومديري عموم البلديات والشؤون الإدارية والمالية والتخطيط والاستثمار، ومديري دوائر التخطيط والاستثمار ومكاتب متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 بالمحافظات والبلديات.

ويركز المنتدى على أربعة محاور رئيسة هي: اللامركزية الإدارية والاقتصادية في المحافظات، وآليات تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية، ودور ريادة الأعمال في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل بالمحافظات، وتمكين الكفاءات وتعزيز القدرات المؤسسية باستخدام ممكنات الفكر والتطوير واستشراف المستقبل.

تضمن المنتدى عددًا من الجلسات الحوارية وحلقات العمل المتزامنة التي يقدمها خبراء ومتخصصون في مجالات الإدارة المحلية والتنمية، بمشاركة متحدثين من داخل سلطنة عُمان وخارجها يعرضون تجارب رائدة على المستويين المحلي والدولي.

واستهل المنتدى أعماله بعقد جلسة حوارية بعنوان "اللامركزية الإدارية والاقتصادية في المحافظات"، تحدث فيها سعادة السيد الدكتور منذر بن هلال البوسعيدي، نائب رئيس وحدة متابعة "رؤية عمان 2040"، حول جودة الخدمات المقدمة للمحافظات التي تأتي من ضمن أساسيات اللامركزية، وذكر أن هناك تحديات تواجه في بطاقة المؤشرات، ولكن يتم التعامل معها وإيجاد الحلول العملية لها، مشيرًا إلى أن هناك أدوات معينة تحرك المواضيع المهمة في المحافظات، ويتم التنسيق بين المحافظين والجهات المعنية لتحديد الأولويات وتنفيذها في أسرع وقت ممكن.

وأشار سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي، محافظ جنوب الباطنة، إلى أن تنمية المحافظات لا بد أن تكون عبر العمل على المستهدفات العامة التي يتم التشاور عليها مع جميع الجهات ليتم العمل عليها في المحافظات، بعضها تكون تحت صلاحية المحافظة وبعضها للجهات الحكومية، والاتفاق عليها يتم وفق عملية تشاركية من أجل خدمة جميع الأفراد، مضيفًا أن المشاريع تأتي من ضمن الأولوية في هذه المستهدفات سواء كانت خدمية أو اقتصادية، كما تعمل مكاتب سعادة الولاة على الإشراف على الجهات الحكومية في الولايات، مما يجعل الحكومة قريبة من المواطن وتقديم كل ما يحتاجه من خدمات، ويعمل المجلس البلدي على رفع المواضيع المقترحة ومناقشتها مع الجهات المشرفة، كما أن البوابات الإلكترونية أصبحت وسيلة سهلة ومتاحة لتسهيل عملية تقديم الخدمات وتحديد المواعيد، إضافة إلى تقديم المقترحات والمبادرات المجتمعية التي تسعى لتطوير المحافظات، فمن خلالها استطعنا الأخذ بمقترحات عملية والعمل على تطويرها والاستفادة منها.

وحول الصلاحيات التي تحتاجها المحافظات لتحقيق اللامركزية، أفاد الهاشمي: ضرورة تخصيص موازنات مالية للمحافظات من أهم الصلاحيات وذلك حسب احتياجات كل محافظة واستغلال المواقع الاستثمارية التي تتفرد بها، فبعض المحافظات لها ممكنات جيدة تستقطب مختلف أنواع الاستثمارات، إلى جانب ضرورة تطوير الجانب الإداري من خلال وجود كوادر بشرية مدربة ومتمكنة تواكب تطلعات الخطط الخمسية القادمة، موضحًا أن جميع المحافظات سعت إلى إنشاء هوية بصرية من أجل الترويج لها، مما سوف يساعد في زيادة عملية التعاون والمشاركة.

وتحدث سعيد بن راشد القتبي، مدير عام القطاعات الاجتماعية بوزارة الاقتصاد، أن المحافظات تعمل على مبدأ النهج التشاركي في إدارة الأولويات والمشاريع، فهذا النهج يعزز الشعور لدى أفراد المجتمع المحلي بالمساهمة في الإعداد وتحقيق فرص النجاح، مبينًا أنه سيتم تدشين برنامج لدعم المشاريع في المحافظات، وهناك برامج أخرى تشمل برامج استراتيجية، أهمها إعداد المخططات الاستراتيجية وتطوير المدن المستدامة.

وشارك نيكولاس يو، المدير التنفيذي لمعهد قواتشغو للابتكار الحضري، بورقة عمل بعنوان "اتجاهات اللامركزية في جميع أنحاء العالم"، استعرض أهم العوامل التي ساعدت العديد من دول العالم في تطبيق اللامركزية في إداراتها، ومدى استفادتها في التطوير والتخطيط والإنجاز.

وتتابعت أعمال المنتدى بجلسة حوارية بعنوان "آليات تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية في المحافظات"، ذكر فيها سعادة محمد بن سليمان الكندي، محافظ شمال الباطنة، أن المحافظات تعتبر محورًا أساسيًا من محاور التنمية على المستوى الوطني، فالكثير من المعلومات والبيانات توضح النمو المتزايد في المحافظات، كما أنه يوجد حراك كبير في جميع المحافظات، إلى جانب استجابة المواطنين لهذا التطوير والتمكين، وجميع الأرقام إيجابية في جميع القطاعات مع انتعاش اقتصادي ملحوظ، كما تحدث سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي، وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة، عن دور الوزارة في دعم تطوير المحافظات، وأوجدت مبكرًا برنامجًا متكاملاً للتعاون مع جميع المحافظات من أجل دعم السياحة المحلية وتعزيز القطاع بشكل عام، وذلك عن طريق إقامة المهرجانات والمشاريع السياحية في كل المواسم.

ولفت سعادة المهندس بدر بن سالم المعمري، رئيس هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي، إلى أن هناك مجموعة من الاختصاصات تقوم بها الهيئة من أجل دعم اللامركزية في المحافظات، منها تمكين الكوادر الممكنة لتنفيذ المشاريع، منها برنامج "إمكان" لإدارة المشاريع، يتم فيه تدريب القائمين عليه على إدارة المشاريع ومتابعتها والتأكد من تطبيق كل ممكنات المحتوى المحلي، إلى جانب إطلاق منصة "أداء" لمتابعة المشاريع وتحقيق كل التوجهات لإنشاء المشروع وإعطاء نظرة أوسع لجميع المشاريع.

وقال أحمد بن علي المعمري، نائب الرئيس التنفيذي بهيئة الخدمات المالية: إن من أهم أولويات تطوير المحافظات هو اتباع نظام اللامركزية الاقتصادية، مشيرًا إلى أنه بدون وجود أدوات تمويل متنوعة ومستدامة يصبح من الصعب بناء محافظات متطورة، ومن أجل تسريع وتيرة تمويل المشاريع لا بد من إيجاد وسائل تمويل وإدخال أدوات مبتكرة، ونحتاج إلى التركيز على التنمية من أجل رفاهية المواطن في تلك المحافظات.

الجدير بالذكر أن إطلاق هذا المنتدى يأتي ضمن جهود الأكاديمية السُّلطانية للإدارة التي تهدف إلى بناء منظومة متكاملة لدعم الإدارة المحلية وتطوير السياسات المرتبطة باللامركزية، من خلال تصميم منصات حوارية فاعلة تجمع الخبرات الوطنية والدولية، وتمكّن المحافظات من تبادل المعارف واستعراض التجارب التنموية الرائدة، بما يسهم في تعزيز جاهزية الجهات الحكومية، حيث أطلقت الأكاديمية – في وقت سابق – المبادرة الوطنية لتطوير الإدارة المحلية والتي اشتملت على برنامج المحافظين، وبرنامج الولاة، إلى جانب برنامج المجالس البلدية، لتعزيز القدرات في مجالات الحوكمة واللامركزية الإدارية والاقتصادية وتزويدها بأفضل الممارسات في الإدارة المحلية، بما ينعكس إيجابًا على تنمية المحافظات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التنمیة الاقتصادیة الإدارة المحلیة فی المحافظات إلى جانب برنامج ا من خلال فی جمیع من أجل رؤیة ع إلى أن مشیر ا

إقرأ أيضاً:

المنتدى الدولي للابتكار الأخضر يستعرض التكامل العربي في مسارات الاستدامة

كتب - يوسف بن سالم الحبسي 

انطلقت صباح اليوم في مسقط أعمال المنتدى الدولي للابتكار الأخضر ودوره في تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، الذي تنظمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالتعاون مع اتحاد مجالس البحث العلمي العربية، بمشاركة أكثر من 200 مشارك من المنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات البحثية المتخصصة في مجالات البيئة والزراعة والطاقة المستدامة.

ويأتي تنظيم المنتدى في ظل ما يشهده العالم من تحديات بيئية ومناخية متسارعة، وما تفرضه من ضرورة تبنّي نماذج تنموية قائمة على الاستدامة؛ إذ يمثّل الابتكار الأخضر أحد الممكنات الأساسية للتحول نحو الاقتصاد الدائري وتحقيق الحياد الكربوني، عبر تكامل البحث العلمي مع التكنولوجيا وريادة الأعمال البيئية، ويهدف المنتدى إلى تعزيز التكامل العربي في مجالات الابتكار الأخضر والتنمية المستدامة، من خلال تبادل الخبرات بين المؤسسات البحثية والمنظمات الإقليمية، ودعم السياسات والمبادرات الوطنية المرتبطة بالبيئة والطاقة والزراعة الذكية وريادة الأعمال.

وأكدت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن استضافة سلطنة عُمان لمنتدى الابتكار الأخضر ضمن أعمال الدورة السابعة والأربعين لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية تأتي تأكيدًا لالتزام سلطنة عمان بدعم مسارات الابتكار الأخضر بوصفه ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وانسجامًا مع توجهات "رؤية عُمان 2040" نحو موازنة متطلبات النمو الاقتصادي مع حماية البيئة.

وأوضحت معاليها أن الابتكار الأخضر بات اليوم عنصر تمكين رئيسيًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري والتقنيات النظيفة.. مضيفة: إن سلطنة عمان تمضي بثبات نحو تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050 من خلال الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري، ومركز عُمان للحياد الصفري، وخارطة الطريق الوطنية للاقتصاد الأخضر.. مؤكدة أن الوزارة تعزّز هذا التوجه عبر برامجها ومبادراتها البحثية، وفي هذا السياق، أبرزت معاليها دور مجمع الابتكار مسقط كأول منطقة علمية حكومية تحتضن الباحثين والمبتكرين وروّاد الأعمال، وترتبط بشراكات مع الجامعات وقطاعي الطاقة والزراعة لتطوير حلول قائمة على الابتكار الأخضر.

كما تطرقت إلى مشروع تحويل الحرم الجامعي إلى حرم أخضر ذكي ومستدام بوصفه إحدى المبادرات الوطنية الرائدة، من خلال تشجيع مؤسسات التعليم العالي على استخدام الطاقة النظيفة، ورفع كفاءة الموارد، وتعزيز إدارة النفايات والتحول الرقمي، إضافة إلى التعاون الدولي مع شركات مثل عُمانتل وهواوي، ودعم المبادرات الطلابية البيئية.

وأكدت معاليها أن المنتدى يشكل منصة علمية للحوار وبناء شراكات بحثية ومشروعات مبتكرة يقودها الشباب، بما يسهم في دعم منظومة الابتكار الوطنية وتقديم حلول نوعية للتحديات البيئية والتنموية في المنطقة.

بناء القدرات البحثية

من جانبه، أوضح معالي الأستاذ الدكتور عبدالحميد بنعمارة، الأمين العام لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية، أن الدول العربية تجاوزت مرحلة بناء القدرات البحثية، وأصبحت تمتلك منظومات علمية قادرة على إنتاج أبحاث رصينة مصنفة عالميًا. وأكد أن الوقت قد حان للانتقال من مجرد إنتاج المعرفة إلى تحويل مخرجات البحث العلمي إلى منتجات وبراءات اختراع وشركات ناشئة تحدث أثرًا مباشرًا في المجتمعات.

وأشار معاليه إلى أن الاكتفاء بإنتاج المنشورات العلمية دون تحويل نتائجها إلى تطبيقات عملية لم يعد مجديًا، لاسيما أن العديد من الأبحاث تحمل أفكارًا قابلةً للتطوير وتقديم حلول مبتكرة. وبيّن أن هذا التوجه يشهد انتشارًا عالميًا متزايدًا، وأن دولًا عربيةً من بينها سلطنة عُمان والسعودية وقطر ومصر والأردن والمغرب وتونس باتت تتبنى سياسات واضحة لدعم الاقتصاد المبني على المعرفة.

عروض مرئية

وتضمّن برنامج المنتدى عروضًا مرئية، من بينها عرض حول "فرص التحول نحو الاقتصاد الدائري ودوره في دعم تحقيق الحياد الصفري للكربون بحلول 2050" قدمته الدكتورة بثينة بنت محفوظ الوهيبية من شركة نماء لخدمات المياه، إضافة إلى عرض عن "برامج دعم البحوث وبناء القدرات" قدمه الدكتور صلاح بن صومار الزدجالي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

جلسات علمية

كما اشتمل المنتدى على ثلاث جلسات علمية رئيسة؛ تناولت الأولى مستقبل الابتكار الأخضر وأحدث الاتجاهات البحثية في الطاقة المتجددة وإدارة الموارد والاقتصاد الدائري، إلى جانب مناقشة الفرص والتحديات المرتبطة بتحقيق الحياد الصفري.

فيما ركّزت الجلسة الثانية على الحلول التطبيقية في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء، وشملت عروضًا حول الأنظمة الشمسية، وإعادة تشكيل الهندسة الجذرية للنباتات بوساطة الميكروبات، والتحويل الحيوي للمخلفات لإنتاج البروتين والزيوت الحيوية والأسمدة.

أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت الابتكار في إدارة المخلفات وتعزيز الاقتصاد الدائري من خلال تجارب دولية وتقنيات إعادة التدوير، ونماذج مبتكرة لإنتاج المواد الحيوية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الحلول البيئية.

التقنيات الخضراء

وقالت الدكتورة بثينة بنت محفوظ الوهيبية، مديرة مركز الابتكار والاستدامة بشركة نماء لخدمات المياه: إن الشركة تعمل على قيادة تحول استراتيجي في قطاع المياه من خلال تبنّي مبادئ الاقتصاد الدائري والابتكار الأخضر، بما يدعم تحقيق مستهدفات سلطنة عُمان للحياد الصفري للكربون بحلول 2050، ويقوم هذا التحول على إعادة تصميم دورة المياه بالكامل من الإنتاج إلى المعالجة وإعادة الاستخدام للمياه المجددة مع تعزيز استرداد الموارد وتقليل الفاقد ورفع الكفاءة التشغيلية.

وأكدت أن "نماء لخدمات المياه" تطبّق مجموعة من التقنيات الخضراء التي تسهم مباشرة في خفض الانبعاثات مثل مشاريع الطاقة المتجددة الشمسية والكهرومائية في خطوط النقل الاستراتيجي، وتقليل الفاقد والعدادات الذكية، وكذلك مشروع المياه المجددة "منهل نماء" الذي يقلل الاعتماد على التحلية، بالإضافة إلى سماد "كلأ" كبديل مستدام للأسمدة الكيميائية، ودراسة فنية لتحويل الحمأة إلى طاقة، وتعكس هذه المبادرات التزام "نماء لخدمات المياه" ببناء قطاع مياه أكثر كفاءة واستدامة، قائم على الابتكار، وخفض الانبعاثات، وتحسين القيمة الاقتصادية والبيئية للموارد، لتصبح "نماء" نموذجًا وطنيًا في قيادة التحول نحو اقتصاد دائري منخفض الكربون يواكب رؤية عُمان المستقبلية.

سماد مدعوم بالديدان

وتطرقت الدكتورة هدى بنت علي الحوسنية، باحثة ومبتكرة في القطاع التربوي بوزارة التربية والتعليم، إلى مقترح بحثي لتأهيل الطلبة لإنتاج السماد العضوي المدعم بديدان الأرض لتحقيق الاستدامة وإعادة تدوير المخلفات بطريقة أمنة، وذكرت أن فكرة الدراسة جاءت بعد الاحساس بمشكلة تراكم مخلفات النباتات من المزارع والحدائق ومخلفات الأعاصير والمنخفضات الجوية، والكثير من هذه المخلفات وبالذات مخلفات المزارع يتم التخلص منها عن طريق حرقها مما يؤثر على البيئة، ومن الجانب الآخر لاحظ الباحثون وجود مشكلة تتعلق بتناول موضوعات الاستدامة وإعادة تدوير المخلفات البيئية بطريقة نظرية هامشية غالبا في المقررات الدراسية ونتيجة لاهتمام الباحثين برفع مستوى جودة التعليم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق "رؤية عمان ٢٠٤٠" .. مشيرة إلى أن الدراسة سعت إلى تدريب واعاد جيل من شباب المستقبل قادر على إعادة تدوير المخلفات النباتية والمخلفات المنزلية بطريقة آمنة وبعيدًا عن المنتجات الكيميائية الضارة وتأهيلهم لريادة الأعمال والتفكير رياديًا ليكونوا من رواد الأعمال وتنمية الوعي البيئي لديهم ورفع الحس البيئي حول مخاطر النفايات، وتحويل النفايات إلى فرصة ذهبية للدخل والاستثمار، والأمر السابق لا يكون خلال خطوة واحدة ولكنها سلسلة من الخطوات المترابطة التي سيقوم فيه الفريق بالتعاون مع الخبراء في مجال الزراعة والصناعة وإنتاج السماد في سلطنة عمان وفي مجال التسويق والإنتاج، ونتوجه نحن الفريق البحثي للمشروع بخالص الشكر للشركات والافراد المتخصصون في مجال إنتاج السماد العضوي الذين تمت الاستعانة بهم خلال مراحل بناء المخطط البحثي للدراسة والذين سيتم التعاون معهم في تطبيق المشروع.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

وقال الدكتور شبيب بن سليمان الراشدي، محاضر أول ومدير عام مركز التميز في التقنيات والعلوم البيئة بكلية الهندسة بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا: إن المشروع الذي قدمناه يعد نموذجًا متكاملًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر اعتمادًا على معالجة المياه الصناعية الملوّثة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ودمج مسارات التقاط الكربون، بهدف بناء منظومة دائرية للطاقة والمياه في البيئات الجافة مثل سلطنة عُمان، وتعتمد الفكرة الرئيسة على استخدام عملية "سولار - فنتون اللامتجانسة" لمعالجة مياه مصافي النفط باستخدام محفزات طبيعية مُستخلصة من المخلفات الحيوية (خشب الغاف ومخلفات الأسماك)، مما يؤدي إلى إزالة الملوثات بنسبة تصل إلى 95% وتحويل المياه المعالجة إلى مدخل صالح لاستخدامه في التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بدلًا من المياه العذبة.. مؤكدًا أن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي (ANN وGA) ساهم في تحسين ظروف التشغيل وتقليل استهلاك الطاقة في التحليل الكهربائي بمعدل يقارب 30%، وخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين بنسبة 40 ـ 50%، ومقارنة بالطرق التقليدية (الرمادي والأزرق)، مع تحقيق نقاء للهيدروجين بنسبة تصل إلى 99.998% وفقًا لمعايير ISO .. كما تم دمج مسارات إضافية لتوسيع مفهوم الاقتصاد الدائري للهيدروجين، من خلال خلايا وقود شمسية مدمجة على نطاق بحثي وتعليمي، إلى جانب نظام "NASICON" الكهروكيميائي الذي يسمح بإنتاج الهيدروجين بالتزامن مع التقاط "CO₂" وتحويله إلى بيكربونات ذات قيمة اقتصادية.

وأضاف: إن النتائج أظهرت قدرة المنظومة على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 85%، وتقليل استهلاك المياه العذبة بنسبة 50%، وتحقيق قيمة اقتصادية إضافية عبر بيع البيكربونات والائتمان الكربوني، ويدعم المشروع توجهات رؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (6، 7، 9، 12، 13)، ويقدم نموذجًا عمليًا لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر في الدول ذات المناخ الصحراوي.

تقنيات الكهروضوئية

وقال بروفيسور حسين كاظم، رئيس كرسي مركز اليونيسكو الاقليمي للجودة والتميز في التعليم لتكنولوجيا الطاقة المتجددة والاستدامة الناشئة بجامعة صحار: تقنيات الأنظمة (الكهروضوئية/الحرارية PV/T) تولد الكهرباء والحرارة معًا، مما يعزز كفاءة استغلال الطاقة الشمسية، وتشمل التطورات الحديثة استخدام السوائل النانوية (Nanofluids) والمواد المتغيرة الطور المدعّمة بالنانو (Nano-PCM) التي تحسّن انتقال الحرارة وتُعزّز تبريد الألواح الشمسية وترفع القدرة الكهربائية المنتجة، وتوسع هذه الابتكارات مجالات تطبيق (PV/T) لتشمل التدفئة، وتسخين المياه، والتجفيف، وتحلية المياه بالطاقة الشمسية، مما يوفر أداء أعلى وتخزينًا حراريًا أفضل وموثوقية أكبر لحلول الطاقة المستدامة، كما يوفّر هذا البحث دراسة شاملة حول الوضع الحالي والآفاق المستقبلية لتقنيات الأنظمة الشمسية الكهروضوئية/الحرارية (PV/T) ويستعرض التطورات الابتكارية، وديناميكيات السوق، وفرص الصناعة، والتقدّم التكنولوجي في هذا المجال، كما يسلّط الضوء على الدور المحوري لكل من السياسات الداعمة والاستثمارات التقنية في تعزيز القدرة التنافسية والإمكانات السوقية لأنظمة الـ(PV/T).

الطلب على الجلود

وقالت المهندسة أحلام عيسى، فايد حاصلة على الماجستير في الهندسة الكيميائية من الجزائر: شهد العالم العربي اليوم ضغوطًا بيئية متزايدة نتيجة النمو الصناعي وارتفاع الطلب على الجلود، في حين أن عملية دباغة الجلود الحيوانية تستهلك كميات هائلة من الماء وتستخدم مواد سامة مثل الكروم، بينما البدائل البلاستيكية ضعيفة ميكانيكيًا وتضر بالبيئة، وفي هذا السياق، ابتكر فريقنا حلًا مبتكرًا يتمثل في صناعة جلد بديل للجلد الحيواني من نفايات زراعية متراكمة، مثل نواة التمر، ويتميز هذا البديل بخصائص تنافسية عالية، فقد أظهرت الاختبارات أن الاستطالة وقوة الشد ممتازتان، وامتصاص الماء قليل، مع ثبات الأبعاد عند ارتفاع درجة الحرارة .. كما يمكن إنتاجه بجودات مختلفة حسب الطلب، وبعملية صديقة للبيئة تسهم في صفر نفايات واستهلاك منخفض للطاقة، ويأمل فريقنا أن يكون مشروعنا على أرض الواقع، وأن يسهم في تعزيز الاقتصاد الدائري والاستدامة، مع العمل المستمر على تحسين خصائص هذا الجلد البديل ليكون حلا عمليا ومستداما لمشاكل الصناعة الجلدية التقليدية.

جائزة الأمن الغذائي العربي

وتوجت الدكتورة خيرية مبارك الوتيد، عضو هيئة تدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، من المملكة العربية السعودية، والدكتور محمد عبدالله، من دولة الامارات العربية المتحدة بجائزة الأمن الغذائي العربي، إذ قالت الدكتورة خيرية مبارك عن بحثها "دراسة جينية لدور البكتيريا المفيدة لنباتات المحاصيل في الظروف الإجهادية": يشرفني حصولي على المركز الأول في جائزة الأمن الغذائي ـ فئة الإبداع والابتكار الصادرة عن اتحاد مجالس البحث العلمي العربية، وهو إنجاز نعتز به لما يمثّله من تقدير عربي مرموق للجهود المبذولة في تطوير حلول مبتكرة تدعم منظومة الأمن الغذائي وتخدم مجتمعاتنا، ويأتي هذا التتويج ثمرة عملٍ دؤوب ورؤية واضحة تقوم على توظيف المعرفة العلمية والتقنيات الحديثة لإيجاد ابتكارات عملية تعزز القدرة الإنتاجية وتدعم استدامة الموارد. كما يعكس إيماننا العميق بأن الإبداع هو الطريق نحو مستقبل أكثر أمانًا غذائيًا وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.

وقال الدكتور محمد عبدالله من جامعة الشارقة عن مشروعه البحثي "استخدام يرقات الحشرات في تحويل المخلفات العضوية لإنتاج مستدام من البروتين الحيواني والوقود الحيوي والسماد": يمثل المشروع الذي أطلقته جامعة الشارقة، خطوة استراتيجية لمعالجة تحديات الأمن الغذائي عبر تحويل نحو بقايا الطعام إلى منتجات عالية القيمة، وأظهرت التجارب الأولية كفاءة يرقات الجندي الأسود في إنتاج بروتين وزيوت وأسمدة عضوية تحت ظروف التشغيل المحلية، وتشير نتائج الجدوى إلى جدوى اقتصادية وبيئية قوية، مع عائد استثماري مرتفع وتراجع حاد للانبعاثات الكربونية، ويمهد المشروع، بتصميمه النموذجي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، لتبني واسع النطاق لتقنيات التحويل الحيوي في المنطقة، بما يعزز الاستدامة ويطوّر حلولاً مبتكرة لإدارة النفايات.

مقالات مشابهة

  • المنتدى الدولي للابتكار الأخضر يستعرض التكامل العربي في مسارات الاستدامة
  • اللامركزية.. نحو مضاعفة قوة الدولة ونموها الاقتصادي
  • "منتدى الإدارة المحلية" يُرسخ نهج اللامركزية في تمكين المحافظات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
  • وفد من الأعيان يشارك في افتتاح منتدى الدوحة 2025
  • البنك الدولي يُؤكد إستعداده لدعم المشاريع الجزائرية ذات الأولوية
  • حمود بن فيصل يرعى انطلاق "منتدى الإدارة المحلية" لتمكين المحافظات.. الأحد
  • الزُبيدي يبحث مع القائم بأعمال السفير الصيني تعزيز العلاقات الثنائية ودعم جهود التنمية
  • غدا بدء فعاليات منتدى اللامركزية وتمكين المحافظات - آفاق تنمية شاملة ومستدامة
  • جامعة 6 أكتوبر الأولى على الجامعات الخاصة في التنمية المستدامة