السياسية الواقعية وخيبات الآمل وانكسار المثقفين
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
أن ما تتميز به السياسة الواقعية السودانية بكل الشواهد القاسية وخيبات الأمل الحاضرة الآن ، أقول قد نال المثقفون السودانيون نصيبهم العادل من خيبة الأمل في هذا المجال. وبينما يسعون جاهدين للانخراط في التفكير النقدي والتحليل والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية، فإنهم غالًبا ما يجدون أنفسهم محبطين بسبب قيود النظام الاجتماعي والعرف السائد و إلى ما تم من تأهيل فقير الثقافة والتجربة السياسية لكل الساسة , ولقد شوه الحكم الاستبدادي والفساد وعدم الاستقرار الاقتصادي التجربة السودانية ، وهو ما أعاق الطبقة الفكرية من المساهمة بفعالية في التغيير الإيجابي.
يمكن أن تكون خيبة الآمل هذه محبطة بالنسبة لهؤلاء الأفراد الذين .يكرسون جهودهم لتحسين البلاد وتعزيز المبادئ الديمقراطية لقد ظلت فكرة إنشاء جماعة سياسية مجذرة في العقلية السودانية منذ الاستقلال عن الحكم الاستعماري حتى يومنا هذا.
لا تعمل المجموعات السياسية كمنصات لخدمة المواطنين السودانيين للتعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم والمشاركة في العملية الديمقراطية بهم ومعهم ,ولكنها تلعب هذه المجموعات دوًرا حاسمَا في تشكيل المشهد السياسي دون حضور جماهيري والمسالة كلها التدجين والولاء من طريق الترويج للأيديولوجيات والسياسات والحلول المتنوعة لمختلف التحديات التي تواجهها الأمة. إن وجود مجموعات سياسية متعددة بكل حزن لا عكس المشهد السياسي النابض بالحياة من حولنا وطريق الطرح السياسي المعاصر للساسة في كل الدنيا
ألأمر المؤلم هو عدم التزام بالمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير بعد حَراك ديسمبر الثوري، حدثت تطورات مهمة في إنشاء الجماعات السياسية
وهذا ما شكله الحراك الثوري و نقطة تحول في السياسة السودانية، حيث أدي إلى عزل الإسلاميين ولكنه ومهد الطريق لنظام أكثر قسوة من السابق وجر البلاد إلى مأساة الحرب الدائرة الان
وفي أعقاب الثورة، ظهرت أحزاب ومنظمات سياسية مختلفة تسعى إلى تشكيل مستقبل البلاد. وتراوحت هذه المجموعات بين احزاب السياسية ذات توجة ديمقراطي وجماعات المتطرفة دينية وعرقية بالإضافة لمجموعات شبابية ، وتهدف كل منها إلى المساهمة في المشهد السياسي وتلبية التطلعات التقليدية والمبادرات التي يقودها الشباب التي تم تشكيلها شعارات الثورة وأمنيات الشعب السوداني. يمثل هذا التطور في تشكليات لمجموعات السياسية خطوة حاسمة نحو خلق مجال سياسي متنوع وحقيقي لايخدم الطائفية والآسر صاحبة النفوذ السياسي دون حق أو شعبية وفي الممارسة السياسية أو الاعتراك السياسي
وفي الساحة السياسية بعد الحراك الثوري , هناك اتجاه ملحوظ يدور حول تحقيق المصلحة الذاتية وغياب الاعتراف بالآخر في السياسة السودانية, يبدو أن التركيز ينصب في المقام الأول على التطلعات الفردية والانخراط في حوار غير واقعي مع آلأشباح ,بدل من تعزيز الحُوَار الهادف والتعاون مع المواطنين لتعزيز ثقافة الاختلاف والمشاركة السياسية, إن عدم الاعتراف بالآخر، التسفيه لوجهات النظر المعارضة والأفكار المختلفة، يعيق تقدم الأمة ويعوق تطوير البيئة السياسية حقا.
ومن الأهمية بمكان أن تتحول السياسيات الحزبية نحو نهج أكثر جماعية، والاعتراف بأهمية الأصوات المتنوعة و لاطروحات ذات الاختلاف والتباين لخلق بيئة عمل سياسي طبيعي
والعمل على تحقيق أهداف مشتركة من أجل تحسين أوضاع البلاد ومن الضروري أن ندرك التعقيدات السياسة للنخب والمثقفين ، مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والتحديات المعاصرة. في حين أن بعض السياسيين قد يظهرون صفات خيالية وطوباوية، فمن الأهمية بمكان التعامل مع هذه المسألة بفهم دقيق بناء رأي عام يخدم التحول الديمقراطي بغض النظر عن وضع البلاد ألان والظروف المتنوعة داخل المشهد السياسي
تعالو نعمل مع الاحلاف المدنية التي قامت من أجل وقف الحرب لتحقيق المراد الاهم الان وبعدها نسعي لتاسيس تحول ديمقراطي حقيقي.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المشهد السیاسی
إقرأ أيضاً:
“بي بي سي”: قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية يعد تغيّراً في السياسة البريطانية
يُعدّ إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيراً كبيراً في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة.
على الرغم من أن ستارمر عرض تأجيل هذا الاعتراف في حال اتخذتْ إسرائيل “خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروّع في غزة، ووافقت على وقف إطلاق النار، والتزمت بسلام مُستدام وطويل الأجل، على نحو يُحيي حَلّ الدولتين”.
ويعني الرفضُ الإسرائيلي الفوريّ لبيان رئيس الوزراء البريطاني، أنّ بإمكان مَن يكتبون خطابات ستارمر أن يبدأوا في العمل من الآن على ما سيقولُه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.
إنّ قرار اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية يبدو “لا رجعة فيه”، وفقاً لمسؤول بريطاني رفيع المستوى.
وليس في توقعات ستارمر أن يُثمر هذا التغيير في السياسة البريطانية عن دولة فلسطينية مستقلة في أي وقت قريب، أمّا من وجهة نظر كثير من الإسرائيليين، فإن توقيت قيام مثل هذه الدولة الفلسطينية المستقلة يبدو مستحيلاً.
لكن النوايا البريطانية، بحسب مصادر دبلوماسية، تتمثل في تمكين المعتدلين من الجانبين – الإسرائيلي والفلسطيني؛ حيث يأمل البريطانيون في دفع الجميع إلى الاعتقاد بأن السلام يمكن أن يتحقق.
على أن ذلك لن يكون سهلاً، ليس فقط لأن حماس قتلت حوالي 1,200 شخص، بينهم مئات المدنيين الإسرائيليين، واحتجزت رهائن في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتنطلق إسرائيل في حملة انتقامية أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وتركت غزة أنقاضاً.
ولكنْ أيضاً لأن كلّ المحاولات لكي يحلّ السلام باءت بالفشل – سنوات من محادثات السلام في حقبة التسعينيات انتهت بإراقة الدماء، كما انهارت كل محاولات إحياء هذه المحادثات بعد ذلك.
وجاء رفض إسرائيل لبيان ستارمر بعد دقائق من الإعلان عنه من مقرّ الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت، ففي وقت لاحق من مساء اليوم ذاته، جاء رفْض رئيس الوزراء الإسرائيلي شديد اللهجة.
وكتب نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن “ستارمر يكافئ الإرهاب الوحشي لحماس ويعاقب ضحايا هذا الإرهاب. إن دولة جهادية على حدود إسرائيل اليوم ستهدد بريطانيا غداً”.
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن محاولات “ترضية الإرهابيين الجهاديين دائماً تبوء بالفشل. وستفشل معكم أيضاً. لن تحدث”.
ويُنكر نتنياهو وقوف إسرائيل وراء الجوع والوضع الكارثي في غزة. ولو أنّه قبِل بشروط بريطانيا الخاصة بالتأجيل، لانهار ائتلافه الحاكم.
ويعتمد نتنياهو على دعم متشددين يرغبون في ضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة وإخراج الفلسطينيين منها بالقوة، وعدم مَنْحهم أيّ شكل من أشكال الاستقلال.
على أنّ هؤلاء ليسوا مَن يمنعون نتنياهو؛ وهو الذي بنى إرثه السياسي على أساس رفْض حَلّ الدولتين، وفكرة أن السلام يمكن أن يَحلّ بقيام دولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال نتنياهو إن دولة فلسطينية تعني “منصّة تنطلق منها” هجمات كثيرة، على غرار هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتدمير إسرائيل.
ويعقِد نتنياهو آمالاً على دعم الولايات المتحدة، التي ترى أن الاعتراف بدولة فلسطينية الآن يُعتبر مكافأة لإرهاب حماس.
وفي أثناء عودته إلى بلاده، قادماً من اسكتلندا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين إنه لا يدعم الخطوة البريطانية.
ويمكن لقضية السيادة الفلسطينية أن تصبح بمثابة نقطة خلافية جديدة على صعيد العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وحتى أسابيع قليلة ماضية، لم يكن رئيس الوزراء البريطاني ستارمر مقتنعاً أن الوقت المناسب قد حان للاعتراف بدولة فلسطينية، لكنّ صور الأطفال الفلسطينيين في غزة وهم يقضون جوعاً كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد كل تلك الدماء وذلك الدمار.
هذا التوجّه لم يَشِع في مقرّ رئاسة الحكومة ومكتب الخارجية البريطانية وفقط، وإنما امتدّ إلى حزب العمال، ليجد طريقه إلى دوائر أوسع في عموم المملكة المتحدة.
ويأتي قرار بريطانيا الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بفلسطين بمثابة علامة أخرى على زيادة عُزلة إسرائيل دبلوماسياً.
وتُعدّ فرنسا وبريطانيا، حليفتين غربيتين كُبرَيين لإسرائيل، كما أنهما تمتلكان عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد رفضت الدولتان محاولة إسرائيل عرقلة اعترافهما بفلسطين في أُثناء انعقاد الجمعية العامة بنيويورك في سبتمبر/أيلول.
وفي نيويورك أيضاً، بعد بيان ستارمر، حظي وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بموجة من التصفيق الحاد فور إعلان قرار بلاده في مؤتمر الأمم المتحدة بخصوص حلّ الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية.
ورفض لامي الاتهام بأن الاستقلال الفلسطيني ستكون له تبعات مدمّرة على إسرائيل، وقال وزير الخارجية البريطاني إن “العكس هو الصحيح؛ فلا تَعارُض بين دعم أمن إسرائيل ودعم قيام دولة فلسطينية”.
اقرأ أيضاًتقارير“قصر كوير” أو قصر حارة البيبان: أنموذج فريد لتطور بيئة مكة العمرانية
وأضاف لامي: “دعوني أكون واضحاً، إن حكومة نتنياهو مخطئة في رفضها حلّ الدولتين – خطأً أخلاقياً واستراتيجياً”.
وقال مسؤول بريطاني إن الأجواء كانت مشحونة بالحماس عندما أخبر وزير الخارجية الوفود بأن إعلان بلاده اتُّخذ “وعلى أكتافنا يدُ التاريخ” تدلُّنا وتوجِّه خُطانا، على حدّ تعبيره.
ومضى لامي متحدثاً عن الماضي الاستعماري لبريطانيا في فلسطين، هذا الماضي المتشابك بقوة مع جذور الصراع بين اليهود والعرب للسيطرة على الأرض التي كانت تحت التاج البريطاني ذات يوم.
واستولتْ بريطانيا على القدس من رُقعة الإمبراطورية العثمانية في عام 1917 وظلتْ تسيطر على فلسطين حتى عام 1948، قبل أن تُسلّم مسؤولية هذه الأرض للأمم المتحدة وتغادرها ساحةً لصراع شامل آنذاك بين العرب واليهود.
وعلى الفور، أعلن ديفيد بن غوريون، أوّل رئيس وزراء لإسرائيل، استقلال الأخيرة التي تمكنت لاحقاً من صدّ هجوم شنّتْه الجيوش العربية وإنزال الهزيمة بتلك الجيوش.
وفي رواق الأمم المتحدة، استدعى ديفيد لامي من التاريخ وَعْد بلفور، وزير الخارجية البريطانية في عام 1917، الذي أمهر بتوقيعه خطاباً مكتوباً على الآلة الكاتبة انطوى على وعْد “بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”.
على أنّ وعْد بلفور، نَصّ أيضاً على “عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية في فلسطين”، دون استخدام لفظة “عرب”، لكنّ هذا هو ما كان مَعنياً.
وقال لامي إنّ لبريطانيا أنْ تفتخر بالطريقة التي أسهمتْ بها في تأسيس إسرائيل، لكنّ الوعد للفلسطينيين لم يُحفَظ، وهذا “ظُلمٌ تاريخيٌّ لا يزال قائماً”.
وقد غذّت الوعود المتضاربة من جانب بريطانيا هذا الصراع على الأرض وشَكّلتْ قوامه، ولو أنّ مسافراً عبر الزمن استطاع الذهاب إلى فلسطين في حقبة العشرينيات من القرن الماضي لتسنّى له أنْ يلمس أجواء العُنف والتوتر بشكل مثير للإحباط.
ومن أجل علاج هذا الظُلم التاريخي، وصف لامي حلّ الدولتين؛ حيث تأمل المملكة المتحدة في إنهاء الوضع البائس في غزة، وفي إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وكانت فرنسا والسعودية تترأسان مؤتمر نيويورك الذي شهد حديث وزير الخارجية البريطاني. وأثمر المؤتمر عن بيان من سبع صفحات يستهدف تمهيد الطريق لإحياء حلّ الدولتين.
وانطوى هذا البيان على إدانة من جانب دول عربية لحركة حماس وهجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل.
إنّ نافذة السلام عبر حلّ الدولتين تبدو موصَدة بقوة بعد انهيار عملية السلام التي بدأتْ محادثاتها في حقبة التسعينيات، ويأتي قرار بريطانيا الخاص بالاعتراف بفلسطين بمثابة خطوة “دبلوماسية” على طريق إعادة فتْح هذه النافذة.