نَحنُ نعيش في عالم من الأولويّات المتنافسة، ونشهد تحوّلات مثيرة في ظل ميزانيّات صارمة، والتحدّي لا يتمثّل في القيام بالمزيد بموارد أقلّ؛ بل بالأحرى القيام بعملٍ أفضل باستخدام موارد أقلّ. من هذا المنطلق؛ يجب على قادة الأعمال في الشركات والمؤسّسات إنشاء رؤية واضحة وإيصالها من خلال مساعدة فرق العمل على التركيز على مسارات العمل الّتي تحقّق أقصى قدرٍ من التأثير، وهذا يتطلّب تحديدًا دقيقًا للأولويّات يمكن أن يخفّف الضغط والإرهاق غير الضروريّين.
في عصر التغيير السريع والمتطلّبات الشخصيّة والمهنيّة المتشابكة؛ أصبح قائد العمل اليوم أكثر من مجرّد قائد مهامّ أو صاحب رؤية استراتيجيّة؛ فهو حارس الرفاهية، ونصير التنوّع، ومحفّز للابتكار، حيث إنّه لم يعد يكفي القيادة بالاستراتيجيّة أو الكاريزما فقط؛ فالتعاطف الحقيقيّ والفطنة الإستراتيجيّة والالتزام بالرفاهية الشاملة لأفراد الفريق تعدّ أمورًا بالغة الأهميّة. أصبح جوهر القيادة المتعاطفة أكثر وضوحًا من أيّ وقت مضى، وتحوّل التعاطف - الّذي يعرف بأنّه القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها - من كونه سمة مرغوبة إلى حجر الزاوية في القيادة الفعّالة. وهذا التحوّل ليس مجرّد اتّجاه، ولكنّه مدعوم بثروة من الأبحاث والرؤى من مراكز الاستشارات العالميّة. أبرزت دراسة رائدة بمجلّة هارفارد بيزنس ريفيو الدور المحوريّ للتعاطف في القيادة، وأوضحت أنّ القادة الّذين يتفاعلون بصدق مع أعضاء فريقهم يزرعون جوًّا من الشموليّة والسلامة النفسيّة، وتصبح مثل هذه البيئة الحاضنة مرتعًا للابتكار حيث يشعر الموظّفون بالاعتزاز، ويكونون أكثر ميلًا للتعبير عن أفكارهم الإبداعيّة دون خوف. كما أشارت دراسة أخرى بنفس المجلة إلى وجود علاقة مباشرة بين القيادة المتعاطفة والمستويات المرتفعة من مشاركة الفريق والكفاءة والولاء. كذلك أكّد تقرير صادر من شركة Deloitte - وهي من الشركات الاستشارية الرائدة في الخدمات المهنيّة في العالم - على الفوائد الملموسة للقيادة المتعاطفة، حيث توصّلت إلى نتائج تفيد بأنّ المنظّمات الّتي يُولي قادتها الأولويّة للتعاطف تتفوّق باستمرار على منافسيها في مقاييس مثل الإنتاجيّة، والاحتفاظ بالموظّفين، والرضا العامّ. كما أوضحت دراسة أجرتها شركة ماكينزي آند كومباني في عام 2021م، كيف تعزّز هذه القيادة جوًّا من التعاون والاحترام المتبادل، وهو أمرٌ ضروريّ لتسخير القوّة الجماعيّة للقوى العاملة المتنوّعة، ذلك إلى أنّ البيئة المليئة بالتعاطف تجعل الموظّفين يشعرون بالتقدير بشكل طبيعيّ؛ ممّا يؤدّي إلى زيادة التحفيز والالتزام. بل امتدّت أهمّية التعاطف إلى ما هو أبعد من التفاعلات الفرديّة، حيث إنّ أماكن العمل اليوم بمثابة بوتقة تنصهر فيها ما يصل إلى خمسة أجيال متميّزة، ولكلّ منها مجموعة فريدة من القيم ووجهات النظر، ويعدّ الدور الذي تلعبه القيادة المتعاطفة في سدّ هذه الفجوات بين الأجيال أمرًا حيويًا. لقد سلّط الوباء العالميّ الأخير الضوء على دور التعاطف في القيادة، ففي تلك الأوقات العصيبة؛ كان قادة الأعمال الّذين أظهروا اهتمامًا حقيقيًّا بالرفاهية الشاملة لِفرقهم أكثر مرونةً من غيرهم، حيث تفترض مقالة ثاقبة نشرتها شركة Bain & Company في عام 2020م؛ أنّه في سيناريوهات الأزمات، يمكن لوجود القيادة المتعاطفة أن يرفع مستويات الثقة والولاء بشكل كبير داخل المؤسّسة. فضلاً عن ذلك، ومع اجتياح التحوّل الرقميّ للصناعات، تصبح اللمسة الإنسانيّة في القيادة هي الأكثر أهمّية، ففي حين تعمل التكنولوجيا على تبسيط العمليّات من جهة، فإنّها من جهة أخرى قد تساهم في إنشاء بيئات عمل تتّسم بالرسميّات العالية والتفاعلات اللاإنسانيّة. إنّ القادة المتعاطفين - كما أبرز تقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشاريّة - يدركون تمامًا هذا التحدّي؛ فيعطون الأولويّة للتواصل المفتوح والتفاعلات المنتظمة، ممّا يضمن بقاء الموظّفين على اتّصال وتقدير في العصر الرقميّ. باختصار، في ظلّ مشهد الأعمال اليوم، هناك طلب متزايد على قادة أعمال يمتلكون قدرة استثنائيّة على دمج التفكير الاستراتيجيّ والقيادة المتعاطفة بسلاسة. لا يتفوّق هؤلاء القادة الماهرون في تعزيز الشموليّة والتماسك داخل فِرقهم فحسب؛ بل يمتلكون أيضًا القدرة على التعامل ببراعة مع تعقيدات عالمنا المتغيّر باستمرار، ومن خلال تحقيق توازن دقيق بين الفطنة الاستراتيجيّة والتعاطف الحقيقيّ؛ فإنّهم يدفعون مؤسّساتهم نحو مستويات غير مسبوقة من النجاح والازدهار.
توفيق محمد السباعي باحث في العلوم الإدارية وتحليل الأعمال
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية:
فيروس كورونا
فيروس كورونا
فيروس كورونا
فی القیادة
إقرأ أيضاً:
«التمثيل فرصة الممثل للتنفس».. حمزة العيلي يدعم أحمد رفعت بعد استغاثته
حرص الفنان حمزة العيلي، على دعم الفنان أحمد رفعت بعد استغاثته من قلة العمل خلال الساعات القليلة الماضية، ذلك بعدما كشف عن رغبته في العمل، وعدم ترشحه إلى المشاركة بأعمال درامية منذ 3 سنوات.
حمزة
العيلي يدعم أحمد رفعت
ووجه حمزة العيلي، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» رسالة لصناع الأعمال، قائلا: «الفنان الأخ والصديق النجم أحمد رفعت، وآخرون من زملائي الأعزاء الموهوبين المحترفين، والذين لهم تاريخ محترم من الأعمال الفنية، مينفعش يقعدوا سنوات بلا عمل».
وناشد حمزة العيلي: «استغلّوهم يا أساتذة ولا تنسوا أن التمثيل هو الوسيلة الوحيدة لأن يتنفس الممثل، فانقطاعه كانقطاع الأكسجين عن الإنسان، ربنا يكرم ويرزق كل أصدقائى وزملائى والناس أجمعين يا رب».
تفاصيل استغاثة أحمد رفعت
وفي وقت سابق، استغاث أحمد رفعت، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، من قلة الأعمال قائلا: «إني أكون ميت، ده المبرر الوحيد انه يتعمل 300 مسلسل خلال 3 سنين انا مش فيهم وبلا أي ترشيح حتى مع ان شغلي كله والحمد لله شهد له القاصي والداني بالاحترام والاحترافية».
أخر أعمال أحمد رفعت
والجدير بالذكر، أن آخر أعمال أحمد رفعت، مشاركته في مسلسل «بعد النهاية» الذي عرض في عام 2024، بجانب نرمين الفقي وريهام سعيد، وأحمد سعيد عبد الغني، وصبري عبد المنعم وجيهان خليل، والذي درات أحداثه حول عودة جيهان من أمريكا، وتفاجأ بخيانة زوجها خالد وصديقتها داليا، حيث تكتشف تلك الخيانة بنفسها بعد مكالمة من مجهول يدلها على مكانهما، وتتوالى الأحداث.
اقرأ أيضا:
خبر محزن.. نجوم الفن ينعون اللاعب أحمد رفعت بكلمات مؤثرة
«كنت بدافع عن نفسي».. حلمي عبد الباقي يرد على قرار إحالته للتحقيق بـ «الموسيقيين»
«ولنا في الخيال حب» يحتفظ بالمركز الثاني في إيرادات الأفلام بهذا الرقم أمس