الخارجية الأميركية تدعو إسرائيل لمواجهة عنف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس، في اتصال هاتفي مع الوزير الإسرائيلي، بيني غانتس، أهمية خفض التصعيد في الضفة الغربية والحاجة لإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وفي بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أكد أن بلينكن وغانتس ناقشا الجهود لتطبيق وتسريع نقل المساعدات الإنسانية الضرورية لغزة.
كما شدد الوزيران على الجهود المتواصلة لمنع توسيع رقعة النزاع وتأمين الإفراج عن الرهائن في غزة، من ضمنهم المواطنون الأميركيون.
وأكد بلينكن على "الحاجة الملحة لخطوات صارمة من أجل خفض التصعيد في الضفة الغربية، من بينها مواجهة المستويات المتزايدة من عنف المستوطنين المتطرفين".
وفي نهاية البيان، شدد الوزير الأميركي على التزام الولايات المتحدة بالعمل على حل الدولتين.
وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 56 عاما، يعيش 490 ألف مستوطن بين ثلاثة ملايين فلسطيني. وتعتبر الأمم المتحدة هذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر، سجل مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) أكثر من ستة "حوادث"(من سرقة مواش إلى العنف الجسدي) يوميا بين المستوطنين والفلسطينيين مقارنة بثلاثة حوادث في الأشهر السابقة.
وقال جابر دبابسي وهو مزارع فلسطيني وناشط يبلغ 35 عاما من قرية خلة الضبعة لوكالة فرانس برس: "يستخدمون الحرب ذريعة لطردنا من منازلنا والاستيلاء على أراضينا".
ودان دبلوماسيون أوروبيون وأميركيون مرارا تزايد أعمال عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين المدنيين منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في اسرائيل.
وقُتل حوالي 1200 شخص في هذا الهجوم غالبيتهم من المدنيين، وفقا للسلطات الإسرائيلية. كما تم خطف نحو 240 شخصا ويحتجزون رهائن في غزة، بحسب الجيش.
في قطاع غزة، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى مقتل أكثر من 11500 شخصا معظمهم من المدنيين بينهم 4710 أطفال، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
سياسة الأرض والحصار: كيف تُعيد إسرائيل هندسة الضفة الغربية؟
تشهد الضفة الغربية منذ أسابيع تصعيدا عسكريا غير مسبوق، بالتوازي مع اتساع هجمات المستوطنين ضد القرى الفلسطينية. هذا التزامن ليس عابرا، بل يعكس استراتيجية واضحة تتبناها حكومة نتنياهو- بن غفير- سموتريتش، تهدف إلى إعادة هندسة الضفة الغربية وفرض وقائع جديدة على الأرض.
تستغل إسرائيل انشغال المنطقة والعالم بتداعيات حرب غزة لتغيير قواعد اللعبة في الضفة عبر الاجتياحات المتكررة، والتدمير الواسع للبنى التحتية، وسياسات العقاب الجماعي، وتشديد القيود على الحركة، وكلها أدوات لإضعاف قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود، وتهيئة الأرض لتوسيع المستوطنات وفرض السيطرة الإسرائيلية. وبالموازاة، بات عنف المستوطنين جزءا من هذه السياسة، حيث تشن هجمات منظمة على القرى، وتُحرق الممتلكات، وتُهجر العائلات في مناطق "ج"، ما يسهل توسيع المستوطنات وربطها جغرافيا.
يحدث ذلك في الوقت الذي يعيش فيه الفلسطينيون اليوم حالة ضعف متعدّد الأبعاد، داخليا وخارجيا، اقتصاديا وسياسيا. فالسلطة الفلسطينية تواجه ضغوطا مستمرة لتطبيق ما يُسمّى بـ"الإصلاحات"، والتي من شأنها أن تزيد الهوة بينها وبين الحاضنة الشعبية، ويبعدها تدريجيا عن الفصائل الفلسطينية المختلفة التي تمثل مكونات النظام السياسي الفلسطيني. هذه السياسات لا تضعف فقط شرعية السلطة داخليا، بل تُقوّض أيضا قدرتها على مقاومة الضغوط الإسرائيلية، في ظل بيئة دولية تمنح إسرائيل هامش تحرك أوسع وتدعم ضمنيا استمرار الوضع القائم. بالتالي، يندمج الضعف الداخلي مع تأثير الضغوط الخارجية ليخلق حالة من العجز المتزايد أمام الاستراتيجيات الإسرائيلية في الضفة.
ويكتسب التصعيد بُعدا سياسيا إسرائيليا داخليا واضحا، فهو ثمن تقدمه الحكومة الإسرائيلية لليمين المتطرف لضمان بقاء الائتلاف. فالحرب على غزة أفرزت نافذة فرص استثنائية لهذا اليمين: انطلاقا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض بما يوفره من دعم سياسي واسع لإسرائيل، مرورا بانشغال دولي يمنح إسرائيل هامش حركة كبيرا، وانتهاء بحالة الضعف الفلسطيني نتيجة الانقسام والعجز المؤسسي والضغط الاقتصادي. ففي نظر بن غفير وسموتريتش، هذه لحظة تاريخية ينبغي استثمارها لفرض وقائع تمهّد لضم فعلي غير معلن للضفة.
هذا بالإضافة لما يتيحه هذا المسار للحكومة الإسرائيلية من فرصة لعرض "إنجازات" على جمهورها اليميني، بدءا من تقويض ما تبقى من سلطة فلسطينية وتحويلها إلى هيئة إدارية بلا صلاحيات، وصولا إلى توسيع المستوطنات وفرض السيادة الإسرائيلية على مساحات أوسع. أما من الناحية الأمنية، فتسوّق إسرائيل خطاب "منع تمدّد نموذج غزة إلى الضفة"، فيما تُظهر الإجراءات أن الهدف الحقيقي ليس الاحتواء الأمني، بل إخضاع الضفة وإعادة هندسة المشهد الفلسطيني بما يخدم مشروع اليمين الاستيطاني.
إن هذا الواقع المرير يعيد تشكيل البعد الدولي للصراع، حيث تُقوض السياسة الإسرائيلية حل الدولتين الذي لطالما شكّل الإطار المقبول دوليا، خاصة في ظل الانسجام الجزئي بين الحكومة الإسرائيلية الحالية ورؤية إدارة ترامب، التي عبّرت في مناسبات عدة عن تفضيل بدائل عن حل الدولتين ورفضته صراحة، وهو ما يسهّل على إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، بعيدا عن إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ويُعمّق السيطرة الإسرائيلية على الضفة.
في النهاية، ما يجري في الضفة الغربية اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري ظرفي، بل هو تنفيذ متدرّج لمشروع ضمّ زاحف تستخدمه دولة الاحتلال والمستوطنين معا لإعادة صياغة الواقع، بما يجعل أي حل سياسي مستقبلي أكثر صعوبة ويهدد فرص التمكين السياسي للفلسطينيين. على الفلسطينيين أن يدركوا أن الفرصة لإنقاذ مستقبلهم الوطني والسياسي تتقلص بسرعة، وأن أي تقاعس قد يجعل من قدرتهم على حماية الأرض والحقوق الوطنية مجرد ذكرى، فيما تُستكمل محاولات فرض وقائع نهائية على الأرض.