خبير عسكري أميركي للجزيرة نت: بايدن لا يملك رؤية لإنهاء الحرب في غزة
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
واشنطن- تشير تقارير إلى ظهور خلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بشأن طبيعة وكيفية الاستمرار في شن هجماتها على قطاع غزة، وبشأن تصورهما لمستقبل القطاع.
وتأتي هذه الخلافات بعد مرور أكثر من 40 يوما على بدء عملية "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة الذي أدى إلى استشهاد قرابة 12 ألف فلسطيني وإصابة نحو 30 ألفا آخرين، مع تدمير كامل للبنية التحتية ومؤسسات مدنية مختلفة وعلى رأسها المدارس والمستشفيات.
في هذا السياق، حاورت الجزيرة نت وليام هارتونغ، خبير صناعة الأسلحة والميزانية العسكرية الأميركية بمعهد "كوينسي"، بشأن الموقف الأميركي من التطورات في القطاع.
وشغل هارتونغ سابقا منصب مدير برنامج الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وهو مؤلف عدة كتب، منها "أنبياء الحرب: لوكهيد مارتن وصنع المجمع الصناعي العسكري"، و"دروس من العراق: تجنب الحرب القادمة"، و"الأسلحة للجميع".
وأدار هارتونغ سابقا برامج في مؤسسة أميركا الجديدة ومعهد السياسة العالمية. كما عمل كاتب خطابات ومحلل سياسات للمدعي العام لولاية نيويورك روبرت أبرامز.
وفي ما يلي نص الحوار:
من المفهوم والمتوقع من الرئيس بايدن، نظرا لدعمه طويل الأمد لدولة إسرائيل، أنه سيرغب في مساعدتها في الدفاع عن نفسها بعد الهجمات المروعة التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لكن أن يصبح بايدن عامل تمكين إسرائيل لتشن حربا شاملة على غزة قتلت الآلاف من المدنيين يعد أمرا غير مقبول أخلاقيا وغير حكيم سياسيا وإستراتيجيا. ولن يؤدي ما يجري إلى بيئة أكثر أمانا لشعب إسرائيل، وسيضر بمكانة بايدن السياسية في الداخل وسمعة الولايات المتحدة ونفوذها في الخارج.
بعد أكثر من 40 يوما من العدوان على غزة، كيف تنظر إلى رؤية بايدن لكيفية إنهاء هذه الحرب؟من غير الواضح وجود رؤية لدى إدارة الرئيس بايدن لإنهاء الحرب.
يشعر تيار الشباب التقدمي في الحزب الديمقراطي بالصدمة من سياسة بايدن تجاه الحرب في غزة، وخاصة عدم الدعوة بعد إلى وقف إطلاق النار، كيف يؤثر ذلك على آمال بايدن الرئاسية لعام 2024؟يشعر عديد من الناشطين الشباب بالغضب من دعم الإدارة السياسي والعسكري والمالي لحرب الحكومة الإسرائيلية على غزة، ولن يصوتوا للرئيس بايدن عام 2024 نتيجة لذلك، خاصة إذا كانوا في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان، إذ من المرجح أيضا أن تمتنع الجالية الفلسطينية الأميركية عن دعم بايدن، فقد يحدث ذلك فرقا.
والأسئلة المهمة المطروحة هنا هي كم من التقدميين الأصغر سنا كانوا يخططون للتصويت لصالح بايدن في المقام الأول؟ وما الولايات التي يوجدون فيها؟ وهل الخوف من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الثانية يقود بعضهم إلى التصويت لبايدن على مضض؟
قبل 8 أشهر، أصدرت إدارة بايدن توجيها رئاسيا يحظر نقل الأسلحة إلى البلدان التي يُحتمل أن تستخدمها لاستهداف المدنيين. ومع ذلك، لا يزال البيت الأبيض يوافق على تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، فهل ينتهك البيت الأبيض توجيهاته الخاصة ولماذا؟
تنتهك الإدارة بالتأكيد توجيهاتها الخاصة في هذا المجال. لكن جميع السياسات من هذا النوع، تقريبا، تترك مجالا للرئيس للتنازل عن هذه المتطلبات أو تجاهلها بناء على الظروف. وقد قررت إدارة بايدن أن دعم إسرائيل في هذه اللحظة يفوق المخاوف بشأن الضرر الذي يلحق بالمدنيين.
ورغم أنها حثت إسرائيل على احترام القانون الدولي، وحماية المستشفيات، وتنفيذ فترات توقف للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، فإنها لم تعالج المشكلة الكبرى، وهي أن القصف الجوي المكثف للمناطق المكتظة بالسكان سيقتل أعدادا كبيرة من المدنيين، ولا يمكن إلا لوقف إطلاق النار أن يضع حدا لذلك على نطاق واسع.
وصف السيناتور الجمهوري توم تيليس المطالبين بوقف إطلاق النار بأنهم "ساذجون" أو "بغيضون"، ما رأيك في موقفه الذي يمثل كثيرين في الكونغرس؟يحاول السيناتور تيليس نزع الشرعية عن المعارضة المشروعة والضرورية. إن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لمنع آلاف الفلسطينيين الآخرين من الموت.
من السذاجة الاعتقاد أن دعم الحرب على غزة يخدم مصالح الولايات المتحدة، أو قد يؤدي إلى شرق أوسط أكثر أمنا، ناهيك عن وضع أكثر أمانا لشعب إسرائيل.
ماذا تقول لمواطني الشرق الأوسط الذين يستغربون دعم إدارة بايدن الكامل لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟لا يمكنني التحدث باسم إدارة بايدن، الأمر متروك لهم لشرح سياستهم في ما يتعلق بالحرب في غزة، ولماذا لا تدعم وقف إطلاق النار أو تستخدم نفوذها الكامل مع الحكومة الإسرائيلية للضغط من أجل وقف الهجمات.
خلافا للحالة الأوكرانية، لماذا تعتقد أن الأسلحة الأميركية المقدمة لإسرائيل تُحاط بسرية كبيرة من حيث الأنواع والكميات؟تفخر إدارة جو بايدن بدورها في تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها أمام "الغزو" الروسي. وربما لا تريد هذه الإدارة تسليط الضوء على الدور المحتمل لأسلحة أميركية محددة في ارتكاب جرائم حرب محتملة في غزة.
إن عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل ليست محاطة بالسرية حرفيا، ولكن هناك تفاصيل أقل بكثير مما كانت عليه في حالة أوكرانيا. وهناك بعض المعلومات المتاحة حول توفير القنابل وقذائف المدفعية والبنادق المحتملة وجميع الأنظمة التي يمكن استخدامها مباشرة في حرب غزة.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة تنتهك قوانين محلية أو دولية بدعم وتسليح عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة؟
أنا لست خبيرا قانونيا، لكن توريد الأسلحة إلى بلد ينتهك قواعد القانون الدولي يمكن أن يورط بالتأكيد الدولة الموردة.
لماذا تعتقد أن إدارة بايدن زودت إسرائيل بقذائف 155 مليمترا المعروفة بإلحاق الضرر بالمدنيين مع انتقال الهجمات إلى أحياء أكثر اكتظاظا بالسكان؟رغم المحاولات الهامشية من إدارة بايدن لحث إسرائيل على الحد من وفيات المدنيين، فإنها زوّدت حكومة نتنياهو إلى حد كبير بأي أنظمة طلبتها، وهذا يدفعنا للقول بعدم وجود شفافية كاملة حول محتوى المساعدات العسكرية الأميركية.
في ظل أي ظروف تتوقع أن يدعو الرئيس بايدن إلى وقف فوري لإطلاق النار؟إن الضغط الشعبي والدولي المستمر، والمقترن بالاعتراف بأن جميع الهجمات على غزة تقوّض الوضع الأمني في إسرائيل والشرق الأوسط والعالم، هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يغيّر نهج الإدارة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار الرئیس بایدن إدارة بایدن على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبير في شؤون المجاعة يكشف مبررات إسرائيل في إنكار تجويعها لغزة
تستخدم حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفس أسلوب مرتكبي المجاعات الحديثة للتغطية على سياسة التجويع التي تمارسها ضد قطاع غزة،وسط تواصل حرب الإبادة منذ أكثر من 21 شهرا.
ونشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا لأليكس دي وال، وهو خبير في شؤون المجاعة ومدير مركز "ورلد بيس فاندويشن" بجامعة تافتس الأمريكي، والذي جاء بعنوان "دليل استخدام الذنب للتغطية على مجاعة غزة".
وأكد دي وال أن "المجاعة في قطاع غزة هي من صنع الإنسان، ومن تسببوا بها يبذلون قصارى جهدهم لإخفاء جريمتهم، وتتبع الحكومة الإسرائيلية نفس نهج العديد من مهندسي الكوارث خلال القرن الماضي.. والخطوة الأولى للتعمية على المجاعة هي منع الصحافيين".
وأضاف أنه "قبل أسبوعين، احتفلت أوروبا وأمريكا بالذكرى الأربعين لحفل لايف إيد، وقد حفز الفنان بوب غيلدوف على التحرك، بعما صوّر مراسلا تلفزيون بي بي سي، مايكل بورك ومحمد أمين، مجاعةً مدمرة كانت خفيةً حتى ذلك الحين، مع منع النظام العسكري الإثيوبي الصحفيين من الدخول لتجنب فضح الكارثة، وأنهم كانوا يستخدمون الطعام كسلاح حرب".
وأكد أنه "لم يُسمح لأي صحفي أجنبي بدخول غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، باستثناء المنضمين إلى وحدات الجيش الإسرائيلي، ويُغطي الصحفيون الفلسطينيون بانتظام، ويواجهون خطرًا كبيرًا ومشقة، قُتل أكثر من 170 صحفيًا، وتدرس وكالة فرانس برس الآن سحب صحفييها لأنها لا تريد لهم أن يموتوا جوعًا".
وذكر أنه "في مواجهة مجاعة اجتاحت البنغال عام 1943، منعت حكومة ونستون تشرشل الحربية الصحف من استخدام كلمتي "مجاعة" أو "الموت جوعًا" - حتى تحايل محرر صحيفة "ستيتسمان" على الحظر بنشر صور صادمة لا تحتاج إلى شرح، وكان الأوان قد فات بالنسبة لما يُقدر بثلاثة ملايين شخص ماتوا في مجاعة كان من الممكن تجنّبها".
وأوضح أن "إسرائيل والمدافعين عنها في واشنطن اعترضوا على كلمة "مجاعة" أيضا، في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، أصدرت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة الأمريكية (FEWS NET) تقريرًا يُظهر ظروف المجاعة في شمال غزة. ولأول مرة في تاريخ المنظمة الممتد لأربعين عامًا، اضطرت إلى سحب التقرير، وكما هو الحال مع البنغال، كسرت الصور الآن حاجز الإنكار".
وأكد "تستخدم شبكة FEWS، ونظيرتها في الأمم المتحدة، آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، ثلاثة مقاييس لاختبار شدة الأزمات الغذائية - كمية الغذاء التي يحصل عليها الناس، ومعدلات سوء التغذية لدى الأطفال، ومعدلات الوفيات، وتتراوح مستوياتها بين المستوى العادي و"المُجهد"، مرورًا بـ"الأزمة" و"الطوارئ"، وصولًا إلى المرحلة الخامسة: الكارثة أو المجاعة. ويتطلب تحديد "المجاعة" أن تتجاوز المؤشرات الثلاثة عتبات معينة. هذا يعني أنه إذا أرادت حكومة ما منع الأمم المتحدة من إعلان "المجاعة"، فكل ما عليها فعله هو منع جمع البيانات".
وأشار إلى "رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، فعل هذا في ذروة الحرب ضد منطقة تيغراي عام 2021، كان يفرض حصارًا تجويعيًا مشددًا، ونشرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة لآلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تقريرًا يتنبأ بحدوث مجاعة في غضون ثلاثة أشهر إذا استمرت الحرب والحصار. استمرّت الحرب والحصار، لكن إثيوبيا طردت آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)".
وقالت إثيوبيا إنه لا توجد بيانات عن المجاعة، وبالتالي لا وجود للمجاعة. وصعّبت "إسرائيل" بشكل متزايد جمع البيانات اللازمة لإظهار عمق الجوع الحقيقي، وكان وجود الأمم المتحدة على الأرض محدودًا. اعتمد آخر تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل على مسح هاتفي، لكن أفقر الفلسطينيين غالبًا ما يفتقرون إلى الهواتف.
يستطيع العاملون الإنسانيون في التصنيف المرحلي المتكامل أن يروا المجاعة، لكن بياناتهم لا تثبت ذلك، لذا يستخدمون كل كلمة أخرى لوصف مدى فظاعة الوضع، بينما ترد "إسرائيل" بأنه لا توجد مجاعة.
وقال دي وال إن "أكثر حصيلة وفيات يُستشهد بها في غزة هي حصيلة وزارة الصحة التي بلغت 61,800، وتصف إسرائيل وغيرها هذه الوزارة بشكل روتيني بأنها وزارة صحة حماس، مما يعني أنه لا يمكن الوثوق بها".
وأضاف "توقعوا نفس القصة بالنسبة لأعداد وفيات الجوع. ستتهم إسرائيل الأمم المتحدة بالتحيز ومعاداة السامية. لكن عندما نحصي أعداد القتلى، سنجد على الأرجح أن أرقامها أقل من الواقع".
وبيّن أنه "مقابل كل طفل تُسجل وفاته على أنها "سوء تغذية"، عادةً ما يكون هناك العديد من الآخرين الذين لقوا حتفهم بسبب أمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي أو الإسهال".
وأكد أنه "في كل مجاعة حديثة، يموت أفقر الناس وأكثرهم ضعفًا. يستخدم التصنيف المرحلي المتكامل 20 بالمئة من الأسر التي لا تحصل على الغذاء كعتبة للمرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، أي الكارثة أو المجاعة. قد يكون لدى العديد من الآخرين ما يكفي من الطعام".
ولهذا السبب كانت الأمم المتحدة تُقدم 1.3 مليون وجبة ساخنة يوميًا للفئات الأكثر ضعفًا، وتُقدم تغذية علاجية متخصصة، إلى أن فرضت "إسرائيل" حصارًا شاملًا في آذار/ مارس الماضي.
وقال "ستُصرّ "إسرائيل" على أن مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) تُقدم حصصًا غذائية تكفي لـ 2.1 مليون وجبة يوميًا - وجبة واحدة لكل شخص في غزة، لكن السؤال كم منها يصل إلى أفقر 20 بالمئة؟ كم منها يُؤكل من قِبل أعضاء العصابات المسلحة - أو حتى من قِبل حماس؟ إن مؤسسة غزة الإنسانية ليست استجابة حقيقية أو فعالة للحاجة - إنها ذريعة للحرمان المستمر".
وأضاف أن "معظم المجاعات الأخيرة في أفريقيا والشرق الأوسط سببها الحروب. لكن الحكومات تُفضل إلقاء اللوم على الطقس - وكثيرًا ما انساقت وكالات الإغاثة وراء هذه الرواية. من الأسهل جمع الأموال عندما يُمكن إلقاء اللوم على القضاء والقدر في مسألة الجوع. لا تستطيع إسرائيل إلقاء اللوم على الطقس، لكن بإمكانها إلقاء اللوم على حماس، رغم قلة الأدلة على أنها تسرق المساعدات وتُسبب المجاعة".
وأكد أنه "لو كانت إسرائيل جادة في منع حماس من سرقة المساعدات، لما كانت تُدير نظام صندوق الغذاء العالمي - المُعرّض لهذا الانتهاك تحديدًا - بينما تمنع الأمم المتحدة من إدارة مطابخها التي تُقدّم الطعام الساخن للأطفال مباشرةً".
وأشار إلى أن العديد من داعمي إسرائيل لا ينكرون وجود مجاعة، بل يقولون إنها غير مُهمة، والحجة هي أن حماس والفلسطينيين يُريدون تدمير إسرائيل، وهذا يُبرر المجاعة الجماعية، كما أن الحكومة الإسرائيلية تُدرك ما تفعله. قد يكون الشعب الإسرائيلي في حالة إنكار، لكن قادتها اتخذوا خيارًا أخلاقيًا. يتعين علينا أن نكشف مكائدهم الإخفاءية ونواجههم".