صحيفة البلاد:
2025-12-01@06:30:12 GMT

مستقبلنا في توطين التقنية

تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT

مستقبلنا في توطين التقنية

يشهد العالم اليوم تحوّلاً عميقاً في شكل التعاون الدولي حول الذكاء الاصطناعي؛ حيث لم تعد الاتفاقيات مجرد أطر نظرية أو توجهات سياسية عامة؛ بل أصبحت مساحات عملية لإنتاج صناعات جديدة، وتشييد بنى تحتية رقمية، وتطوير أنظمة متقدمة تُترجم الوعود التقنية إلى نتائج ملموسة. وفي هذا السياق برزت الاتفاقيات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة؛ بوصفها نموذجاً لصياغة شراكات فعلية تُعيد تشكيل مستقبل الصناعة الرقمية، وتفتح مجالات واسعة لاقتصاد جديد يقوم على الابتكار والحلول الذكية.

تنطلق هذه الاتفاقيات من إدراك مشترك بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنية مساندة؛ بل صناعة متكاملة تمتد من مراكز البيانات العملاقة إلى خطوط الإنتاج، ومن المختبرات البحثية إلى تطبيقات الحياة اليومية؛ظ ولذلك ركزت الشراكات السعودية-الأمريكية على تحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة دافعة لصناعة حقيقية عبر الاستثمار في البنية التحتية الرقمية المتقدمة، وإنشاء منصات مشتركة للبحوث التطبيقية، وتطوير نماذج صناعية قابلة للتجربة والنشر في مختلف القطاعات. وتبرز المخرجات الصناعية لهذه الشراكات في مجموعة من الجوانب الحسية، التي يمكن قياس أثرها بوضوح؛ فالتعاون في بناء مراكز بيانات سعودية بمعايير عالمية متقدمة يشكل خطوة محورية في تمكين الصناعات الذكية من العمل بكفاءة أكبر، وتخفيض تكاليف التخزين والمعالجة، وتوفير بيئة آمنة لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي محلية. كما يتسع نطاق التعاون ليشمل تصميم خوارزميات صناعية تدعم قطاع الطاقة والنقل والصحة والصناعات التحويلية. ما يخلق منتجات رقمية جديدة يمكن استخدامها تجارياً داخل المملكة وخارجها، وتقوم الاتفاقيات أيضاً على تطوير حلول تشغيلية ملموسة؛ مثل أنظمة الصيانة التنبؤية في المصانع وتقنيات المحاكاة الصناعية ثلاثية الأبعاد، ومراقبة الجودة عبر الرؤية الحاسوبية، وكلها تطبيقات تحوّل الذكاء الاصطناعي من فكرة إلى آلة تعمل على خطوط الإنتاج تقلّل الهدر. وترفع الكفاءة، وتساعد على اتخاذ قرارات فورية على أساس بيانات دقيقة. وتشتمل المخرجات كذلك على برامج تدريب مشتركة تُعدّ جيلاً من الكفاءات السعودية القادرة على تشغيل وتطوير الأنظمة الذكية؛ ما يعزز استدامة الصناعة ويضمن استقلالها على المدى الطويل، وتعكس الاتفاقيات أيضاً توجهاً سعودياً واضحاً نحو توطين التقنيات المتقدمة، وإدخال الذكاء الاصطناعي في قلب الصناعات الوطنية؛ فهي لا تعتمد فقط على نقل المعرفة، بل على إنتاجها محلياً عبر حاضنات أعمال ومختبرات مشتركة تعمل على تطوير نماذج صناعية قابلة للتصدير؛ ما يمهّد لتأسيس سوق إقليمية للمنتجات الذكية تقودها المملكة. إن هذه الشراكات لا ترسم إطاراً نظرياً فحسب، بل تبني جسوراً صناعية حقيقية بين الرياض وواشنطن، وتفتح الطريق أمام اقتصاد سعودي مستقبلي يقوم على الصناعات الذكية، ويعتمد على التكنولوجيا كقوة إنتاج لا مجرد أداة مساعدة. وهكذا تتحول الاتفاقيات من وثائق سياسية إلى منظومة عمل ملموسة، تُسهم في خلق صناعات جديدة، وتدعم رؤية المملكة نحو اقتصاد متقدم، يضع الذكاء الاصطناعي في مركزه.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: زين أمين الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟

اليوم يمثل الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ، متفوقاً على انتشار الإنترنت والهواتف الذكية وحتى الكهرباء، وذلك وفق مايكروسوفت في ويب ساميت 2025.

شهد العالم خلال قرنين من التطور رحلة متدرجة نحو الذكاء الاصطناعي بدأت من ابتكارات الحوسبة الأولى في القرن التاسع عشر ووصلت إلى ثورة الذكاء الاصطناعي السريع اليوم وفي هذا السياق يبرز سؤال محوري: هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء أم يدفعنا للاعتماد المفرط عليه وبين الفرص والمخاطر تظهر صورة واضحة شكلتها الأبحاث والمحاضرات العالمية.

أولاً  : جذور التحول الرقمي عبر 6 رواد تاريخيين:

1. تشارلز بابج 1791 ابتكر الآلة التحليلية ووضع أساس الحوسبة.

2. آلن تورنغ 1912 ابتكر آلة تورنغ وطرح سؤال هل يمكن للآلة أن تفكر.

3. فينتون سيرف 1943 طوّر بروتوكول TCP IP وربط العالم.

4. تيم برنرز لي 1955 ابتكر الويب عام 1989 وأسس الإنترنت الحديث.

5. بيل غيتس 1955 نشر الحواسيب الشخصية عبر نظام  Windows

6. ستيف جوبز 1955 قاد ثورة الهواتف الذكية وجعل التقنية أكثر إنسانية.

هذه السلسلة تثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس طفرة بل نتيجة تراكمية لقرنين من الابتكار.

ثانياً : كيف يعزز الذكاء الاصطناعي ذكاء الإنسان
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز ذكاءنا بعدة طرق من أهمها:

1. يحرر العقل من المهام الروتينية ويمنح مساحة للتفكير الإبداعي والاستراتيجي.

2. يوسع الوصول إلى المعرفة ويوفر إجابات فورية بأدوات تعليمية تفاعلية، ويلخص الكتب ويشرح المفاهيم المعقدة.

3. يعمل كشريك ومحاور فكري ذكي.

4. يدعم التعلم العميق بصفته مدرساً شخصياً بحسب Psychology Today

5. يرفع إنتاجية العمل ويتيح وقتاً للإبداع والقيادة.

ثالثاً المخاطر التي قد تقلل الذكاء البشري

1. تراجع الذاكرة المكانية لدى بعض الطيارين نتيجة الاعتماد الزائد على الآلة بحسب جامعة ملبورن . 

2. الاعتماد المفرط يؤدي إلى ضمور المهارات العقلية وفق دراسة جامعة ملبورن.

3. نشوء العجز المتعلم learned helplessness عند الاعتماد على الأداة بدل الجهد الذهني.

4. تضخيم التحيزات الرقمية وخلق غرف صدى فكرية تحد من التفكير النقدي.

5. انتشار المعرفة السطحية دون بناء عمق فكري أو مهارات تحليلية.

6. اكتساب معرفة سطحية دون فهم عميق مما يضعف التفكير التحليلي.

7. ضعف القدرة على حل المشكلات بدون تدخل الآلة.

وهذا ما لم يمكن تعميمه و لكنها من بعض الأبحاث و الدراسات آثرت أن أذكرها دعما للموضوعية.

رابعاً الفجوة الرقمية وتحديات التبني
الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ ولكن تكشف الإحصاءات فجوة رقمية هائلة فعدد سكان العالم 8.1 مليار، بينما يمتلك المهارات الرقمية 4.2 مليار فقط، ويوجد 3.9 مليار شخص خارج سباق الذكاء الاصطناعي بالكامل حيث القدرات الحوسبية العالمية تتركز في:
• الولايات المتحدة 53.7 Gigawatt 
• الصين 31.9 Gigawatt
• الاتحاد الأوروبي 11.9 Gigawatt
أما نسب التبني الفعلي للذكاء الاصطناعي فتظهر مفارقة وفق AI Diffusion Report 2025:
• الإمارات 59.4%
• سنغافورة 58.6%
• النرويج وإيرلندا وفرنسا بين 40 % و45%

خامساً التحديات والحلول

التحديات تشمل :

· ضعف البنية الرقمية.

· غياب السياسات.

· نقص المهارات.

· ضعف جاهزية المؤسسات.

الحلول تتضمن:

· الاستثمار في البنية الرقمية.

· تعليم المهارات الرقمية.

· تشريعات مرنة.

· شراكات حكومية وتقنية.

الخلاصة
يبقى الذكاء الاصطناعي قوة تضيف إلى عقولنا عندما نستخدمه كامتداد لقدرتنا على التعلم والإبداع، لا كبديل يفكر عنا. فالتقنية تمنحنا الإمكانات بينما تصنع الحكمة المستقبل الحقيقي حين نوجهها بوعي. وإن توظيف الذكاء الاصطناعي كمساعد يحرر الوقت ويحفز التفكير ينمي ذكاءنا، أما الاعتماد عليه لإلغاء الجهد العقلي فيضعف مهاراتنا. التحدي ليس في ابتكار آلات أذكى بل في أن نصبح بشراً أكثر حكمة، نسد الفجوة الرقمية ونبني مستقبلاً عادلاً ومستداماً للجميع.

المستشار فرحان حسن

X: https://twitter.com/farhan_939

‏e-mail: [email protected]

الذكاء الاصطناعيالتحول الرقميأخبار السعوديةالحواسيب الشخصيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • يعكس ريادة المملكة المتصاعدة في التقنيات المتقدمة.. السعودية الثالثة عالمياً في نماذج الذكاء الاصطناعي
  • المملكة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة
  • بما يعكس ريادتها المتصاعدة في التقنيات المتقدمة.. المملكة الثالثة عالميًا في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة ونسبة نمو الوظائف به خلال 2025
  • ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟
  • مفاجآت عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التصميم في مصر
  • جوجل تختبر الإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي
  • هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟
  • الذكاء الاصطناعي يكشف سرا خفيا في لغة الأسود
  • مسح بيئي لـ 12 مليون متر يكشف 339 بؤرة تلوث صناعية في المملكة