خطبتا الجمعة بالحرمين: أُخُوَّتنا وعقيدتنا تقتضيان مؤازرة أهالينا بفلسطين الإباء.. وإن النصر مع الصبر
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله -عزَّ وجل- في كل الآناء، ولاسيما في الكُرَب واللأواء، والمِحَن والبَأْساء.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: في خِضمِّ المآسي والكروب، ومَعَامِع الخطوب، وحوالك الدُّروب، تَشْرَئِبُّ النفوس إلى الخلاص من أسباب الوهْن والانكسار، والأخذ بأسباب العزّة والانتصار، وتَتَطلع الأرواح إلى أَرَجِ الرَّحمات المُفَرِّجات، وعَبَقِ النفحات المُصَبِّرات، وَيَزْداد الأمر إلحاحًا وتأكيدًا، وتَحَتُّمًا وتَعْضِيدًا، في هذه الآونة العصيبة، والحِقْبة التاريخية اللَّهِيبة، التي أحدقت بأمتنا اللَّهيفة من أَطرافها، وتَنَاوَشَتْهَا المِحَنُ مِن سِوَاها وأكنافها.
وأضاف فضيلته: إن من أعظم ما أمر الله به التوحيد والإخلاص؛ فالتوحيد والإخلاص في العمل من أعظم أسباب النصر؛ قال سبحانه مخاطبًا صفوة هذه الأمة رضي الله عنهم: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. وإن ثاني سبب للنصر الإيمان والعمل الصالح مستشهدًا بقول الله سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ}. وثالث سبب نُصرة دينِ الله: مستشهدًا بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا إنْ تَنصُرُوا اللَّه يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
فيما أبان فضيلته أن رابع هذه الأسباب: اجتماع الكلمة على الحق، وإصلاح ذات البين، وعدم التــنازع والتـفرُّق.. مستشهداً بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. وخامسها هو إعداد ما يُستطاع من قوَّة؛ فالقوَّة للمؤمنين المدافعين عن دينهم وأمَّتهم مطلب شرعي؛ فالإسلام دين القُوّة والعزة، وقِوامُه بكتابٍ يهدي، وسلاحٍ ينصر. وسادس هذه الأسباب: التوكّل على الله، مؤكدًا أن التوكّل على القوي المتينِ من أعظم الأسباب الشرعية الجالبة للنصر والتمكين. وسابعها الصبـْر والثبات، واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “واعلم أنَّ النصر مع الصبر، وأن الفَرَجَ مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا”. فيما يكون ثامن أسباب النصر إقامة الصلاة والإكـثـارُ مـن ذكر الله سبحانه واستغفاره ودعـاؤه والاستغاثة به واللَّجَوء إليه. وتاسعها: التجافي عن طريق أهل الضلال ومسالك أهل البطِر والرِّياء. وعاشرها الدعاء؛ إذ قال فضيلته: إنَّ من حقِّ إخوانكم في الأرض المقدسة عليكم نصرتهم بالتضرُّع إلى الله، والدعاء والإلحاح عليه، والتذلل بين يديه سبحانه، وسؤاله عاجل النصر والثبات والتمكين.
وزاد بقوله: إن في هذه الآونة الرَّاهنة، والأوقات الدَّامِية التي تمرّ بها أمَّتنا الإسلامية، في ظلِّ العدوان الصهيوني الغاشم، والهجمة المدَمِّرة المستعرة، في عُنجهية واستكبار، وتجبُّرٍ ومكْرٍ كُبَّار، وسطوة شعواء، على المستضعفين من المدنيين الأبرياء، والأطفال والشيوخ والمرضى والضعفاء، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.
وأكد الشيخ السديس أن أُخُوَّتنا القعْساء، وعقيدتنا الشمّاء، تقتضي مؤازرة أهالينا في فلسطين الإباء؛ ليحَقِّقوا الأمن والانتصار، وحقْنَ الدماء والاستقرار، وفكّ الحصار، ووقف العُنف والتهجير القسْريّ، ووصول المساعدات والإغاثة الإنسانية.
وأوضح فضيلته: إن ممّا يثلج صدور المؤمنين في هذا الأوان تلك الوقْفة المشرِّفة لبلاد الحرمين الشريفين قيادة وشعبًا، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين -أيدهما الله-، تجاه الأحداث الرَّعِيبَة، والتَّدَاعِيات الرَّهيبة في فلسطين، وتوجيههما الكريم بتنظيم حملة شعبية كبيرة لإغاثة إخواننا في غزّة وسائر فلسطين، والمساهمة في رفع المُعاناة عن المدنيين، وبذل كل ما من شأنه تخفيف المِحَن المأساوية التي يُعانيها سكّان القطاع وسواهم، وعقْد مؤتمر القمّة العربية والإسلامية الاستثنائية الموفَّقة، وبيانها الختامي الحازم، مؤكدًا أنَّ هذه الوقفة المجيدة الأبيَّة تجاه هذه القضيّة الشريفة لتأتي ضِمن موقف المملكة التاريخي المعهود، بالمؤازرة الرِّيادِيَّة للشعب الفلسطيني الشقيق في مختلف الشدَائد والمحن التي مرّت به، سائلاً الله -عز وجل- أن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن يعجِّل بنصرهم، إنه قوي عزيز.
* وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير المسلمين بتقوى الله، والتوكّل عليه، واللجوء إليه بالدعاء، والإيمان بأن النصر ملازم للصبر، وأن الظلم والبغي عاقبته الخزي والخذلان.
وقال: إن الزمان صروف تجول، ومصائب تصول، سلمٌ وحربٌ، وأجاجٌ وعذب، ورخاءٌ وجدب، والمؤمن مهما تفاقم الضر والبلايا، وحلّت المحن والرزايا، يعلم أنه لا راد للقضاء المسطور، ولا مانع للقدر المقدور؛ ما قضي كائن، وما قُدّر واجب، وما سُطّر منتظر، وما يشأ الله يكُن، وما يحكم به الله يحقّ، لا رافع لما وضع، ولا واضع لما رفع، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وما شاء ربُنا صنع، فلا جزع ولا هلع، وإنما صبرٌ ومصابرة، وتفاؤل بأن النصر والظفر لأهل الإسلام والإيمان، والذلّ والصغار والخسار لأهل الظلم والعدوان والطغيان، مستشهداً بقول الله تعالى: {وَاللَّه غَالِبٌ عَلَى أَمْرِه وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
وأضاف فضيلته: إن القلب ليعتصر ألماً وحسرة لما حلّ بأهلنا في غزة من كربة ونكبة، لقد بلغ السيل زُباه، والكيد مداه، والظلم منتهاه، والظلم لا يدوم ولا يطول، وسيضمحلّ ويزول، والدهر ذو صرفٍ يدور، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله ليُملي للظالم فإذا أخذه لم يُفلته” ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: {وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِي ظَالِمَة إِنَّ أَخْذَه أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
وتابع الشيخ صلاح البدير قائلاً: كم شَحَن الظالمون المعتدون من الشوكة الرادعة، والشكّة القاطعة، والقوة الجامعة، لكنهم غفلوا عما أجراه الله لعباده المظلومين من منح الصبر، وعوائد النصر، فمهما بلغت قوة الظلوم، وضعف المظلوم، فإن الظالم مقهور مخذول، مصفّد مغلول، وأقرب الأشياء صرعة الظلوم، وأنفذُ السهام دعوة المظلوم، يرفعها الحي القيوم فوق الغيوم.
وبيّن أن الظالم الجائر سيظلّ محاطاً بكل مشاعر الكراهية والعداء والحقد والبغضاء، لا يعيش في أمان، ولا ينعم بسلام، حياته في قلق، وعيشه في أخطار وأرق، مهما تدرّع بالأكاذيب، وتلبّس بالمكر، وتظاهر بأنه المظلوم المهضوم المعتدى عليه؛ لأن الظلم مسبّب المحن، والجور مَسلبة للنعم، مجلبة للنقم، وأن الله سبحانه يُنعم على الكافر نعم نفع أو نفع دفع أو نعم رفع، ولكنه استدراج وإملاء في صورة إنعام وإعطاء، ذاكراً قول الله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}. مضيفاً بأن للدهر طعمان، حلو ومرّ، وللأيام صرفان عُسر ويُسر، وكل شدة إلى رخاء، وكل غمرة إلى انجلاء، وإن بعد الكدر صفواً، وبعد المطر صحواً، والشمس تغيب ثم تشرق، والروض يذبل ثم يورق، ولله أيام تنتصر من الباغي وتنتقم من العاتي.
ودعا فضيلته إلى التحلّي بالطاعة، ولزوم الجماعة، والبعد عن التشاحن والتطاحن، والحذر من الجدل والمراء. وإن من فعل ما شاء لقي ما ساء، ومن أصلح فاسده أهلك حاسده، وأحصن الجُنة لزوم الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة. موصياً باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء؛ ليرفع الكرب ويدفع البلاء.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الله سبحانه الله تعالى أسباب ا
إقرأ أيضاً:
وزير الإسكان : الدولة لن تقوم بطرد أهالينا من شقق الايجار القديم
قال المهندس شريف الشربينى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية إن الدولة المصرية لن تقوم بطرد أهالينا من شقق الايجار القديم .
وأضاف الشربينى خلال حواره مع الإعلامى محمد مصطفى شردى فى برنامج الحياة اليوم على قناة الحياة لدينا أكثر من 5 مليون وحدة سكنية تم توفيرها بالتعاون مع القطاع الخاص منذ 2014 وحتى الآن.
وتابع الشربينى قائلا : الدولة استطاعت تنفيذ مشروعات الاسكان الاجتماعى فى كل أنحاء الجمهورية والدولة لن تسمح بطرد أى مواطن من المستأجرين .
وقد وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في الإيجارات القديمة، والمعروف بـ"قانون الإيجار القديم"، بعد سنوات من الجدل المجتمعي والقانوني حول هذا الملف الشائك. وبهذا، ينتظر القانون فقط تصديق رئيس الجمهورية ليتم نشره في الجريدة الرسمية، ويدخل حيّز التنفيذ بدءًا من اليوم التالي للنشر.
7 سنوات للسكني و5 لغير السكنيينص قانون الإيجار القديم في مادته الثانية على أن عقود إيجار الأماكن المؤجرة لغرض السكني تنتهي بانقضاء سبع سنوات من تاريخ بدء العمل بالقانون، بينما تنتهي عقود الإيجار للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى بعد خمس سنوات. ويظل للمؤجر والمستأجر حق التراضي على الإنهاء قبل انقضاء المدة المقررة.
زيادات الإيجار القديم تدريجية.. بداية من 250 جنيهًاوبحسب المادة الرابعة من قانون الإيجار القديم، تبدأ الزيادة في القيمة الإيجارية من أول استحقاق شهري بعد سريان القانون، لتصبح عشرين مثل القيمة الحالية للمناطق المتميزة بحد أدنى 1000 جنيه، وعشرة أمثال القيمة الحالية للمناطق المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه و250 جنيهًا على الترتيب. وحتى انتهاء لجان الحصر المكلفة بتصنيف المناطق، يلتزم المستأجر بسداد 250 جنيهًا شهريًا لحين تحديد القيمة الدقيقة، مع تقسيط أي فروق بأثر رجعي.
أما الأماكن غير السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين، فترتفع إيجاراتها إلى خمسة أمثال القيمة الحالية من أول استحقاق بعد بدء العمل بالقانون، مع زيادة سنوية بنسبة 15%، وفقًا للمادة السادسة.
لجان لتصنيف المناطق خلال 3 أشهرينشئ قانون الإيجار القديم لجان حصر في كل محافظة، بقرار من المحافظ، لتحديد طبيعة المناطق (متميزة – متوسطة – اقتصادية)، مع وضع معايير دقيقة تتضمن الموقع الجغرافي، نوع البناء، المرافق، القيمة الإيجارية الحالية للعقارات، وغير ذلك. ومن المنتظر أن تنتهي هذه اللجان من أعمالها خلال 3 أشهر من بدء تنفيذ القانون، مع إمكانية مدها لمرة واحدة بقرار من رئيس الوزراء.
حالات للإخلاء الفوريحددت المادة السابعة حالتين يمكن فيهما إخلاء العقار قبل انتهاء المدة المقررة قانونًا: الأولى، إذا ثبت أن المستأجر ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون مبرر، والثانية إذا ثبت امتلاك المستأجر أو من امتد إليه العقد لوحدة بديلة صالحة للاستخدام في نفس الغرض. وفي حال الامتناع عن الإخلاء، يحق للمالك التوجه لقاضي الأمور الوقتية للحصول على أمر بالطرد.
الأولوية في التخصيص لوحدات الدولةيمنح القانون، في مادته الثامنة، الحق للمستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار في طلب تخصيص وحدة بديلة من الدولة، سواء سكنية أو غير سكنية، إيجارًا أو تمليكًا، بشرط إقرار إخلاء الوحدة القديمة. ويصدر مجلس الوزراء قرارًا بتنظيم الإجراءات والشروط خلال 30 يومًا من العمل بالقانون، مع منح الأولوية للفئات الأولى بالرعاية.
إلغاء القوانين القديمةمع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، سيتم إلغاء القوانين أرقام 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997، اعتبارًا من اليوم التالي لانقضاء المدد المحددة لإنهاء العقود (5 أو 7 سنوات).
وبذلك يكون قانون الإيجار القديم قد خطا خطواته الأخيرة نحو التطبيق، في انتظار فقط توقيع رئيس الجمهورية.