لجريدة عمان:
2025-07-04@08:30:03 GMT

في الإبداع وتلقيه والاستخلاص الإنساني

تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT

في الإبداع وتلقيه والاستخلاص الإنساني

- عد واقرأ ما قرأته من قبل.

- .......................؟

- وشاهد ما أمكنك ما شاهدته من قبل ولا تقول قد فعلت من قبل. واقرأ ما كتب عن تلك الأعمال.

- ......................؟

يبدأ اختبار الإنسان للحياة منذ ولادته، بما يحسه المولود لحظة دخول العالم، إلا أنه قد قيل بأن الجنين قبل الولادة، يحسّ، ويتأثر خاصة بالموسيقى والصوت المنغّم.

إذن الأصل هو الشعور من خلال الحواس، والعقل، فهو كما يحس فهو يفكّر. وتتطور حواسه واستخداماته له، كذلك يتطور تفكيره. ورغم أنه قد يصل إلى اكتمال ما في عمر معين بالنسبة للحواس والفكر، إلا أن الإنسان يستمر في تطوير الشعور والفكر، ويمكن أن نقيس ذلك علينا وفينا، ما دامت الصحة النفسية والعقلية.

إذن الإحساس بالحياة والتفكير فيها سابق على وصف ذلك؛ ومع عملية التعلم وتعرّض الطفل لما هو مواز للحياة من معارف وفنون، فإنه يبدأ بالتلقي حسب مرحلته العمرية، وبذلك يحدث الانفعال والتفاعل والتكوين. وخلال ذلك في الوقت الذي يتعرض لما هو جديد من المعرفة والفنون، فإنه يستمر في التعرّض لما كان يتعرّض له، كأن يشاهد الطفل مثلا دراما للأطفال مع أخيه الصغير، كان قد شاهدها من قبل عام أو أعوام.

من خلال هذا المثال، نستطيع الآن أن ندخل في صلب الموضوع وجوهره، في عالم الكبار، حين نجد أنفسنا جميعا متعرضين لمعارف وثقافات وفنون قديمة وجديدة.

وسنركّز هنا على تلقي الأدب والفن، لعلنا في قادم الأيام نخصص لكل جنس أدبي ونوع فني مقالا خاصا، كأن نناقش ذلك مثلا في عالم الشعر والرواية والسينما والمسرح.

وهنا نحن إزاء المتلقي، أي الجمهور القارئ مثلا أو المستمع والمشاهد. كذلك نحن إزاء المتلقي والمبدع في آن واحد.

أما المتلقي، فهو يتلقى ما تلقاه من قبل، وما يتلقاه جديدا. وهنا فإن اختباره للحياة، في كل مرحلة عمرية، يؤثر في رؤية ما رآه من قبل (الرؤيا القلبية)؛ فقراءته للنصوص المقدمة للصغار والكبار، كذلك الفنون، تجعله في الوعي واللاوعي يعيد التلقي من جديد، بمعنى تعرفه على ظواهر ما وتفسيرها من جديد. لذلك، فإن رؤيته لما يجدّ تكون مختلفة عما قبل، حيث إنه يرى العمل الجديد من خلال خبرتين في الحياة أولا وفي تلقي الأدب والفن ثانيا.

أما المتلقي-المبدع، فهو ذلك الإنسان الذي يجد نفسه في مرحلة معينة يترك مقعده من بين مقاعد الجمهور، ويقدم إبداعه للجمهور، لكنه بالطبع يتابع القراءة والاستماع والمشاهدة.

المبدع إنسان، والأدب والفن من الحياة أولا، فهو حين ينتج الأدب والفن، ويستمر في ذلك، فإن استمراره باختبار الحياة نفسها، واختبار الفنون المختلفة، يمنحه تطويرا لما يقدم من إبداع؛ فلا يستمر بإعادة نفسه، بل يتجدد ويجدد.

وهنا ربما نصل إلى تلقي الجمهور (بمن فيهم المبدعون) للإبداع خاصة في ظل وجود جمهور مثقف ذي ذائقة فنية وأدبية ووعي على الحياة وعلى الأدب والفن. إن العمل الأدبي والفني لا يقدم لمرة واحدة، وإلا لماذا قيل بخلود الروائع!

كل عمل أدبي وفني، له تاريخ الخاص، وتاريخنا معه، من قصيدة ونص أدبي وأغنية وفيلم ومسرحية. لذلك فإن مشاهدتنا فيلم سينمائي ظهر في عقد الثمانينيات، أي قبل أربعة عقود لمخرج معين، تجعلنا ننظر إلى تجربتنا حسب أعمارنا، فإن رأيناه تحت العشرين، فإننا نراه بعينين مختلفتين حين صرنا ثلاثينيين وأربعينيين، وفي جميع الأعمار حسب سنة الأساس، أي سنة المشاهدة الأولى. وحتى المخرج نفسه، يجد نفسه معنا كمشاهدين، فيرى عمله ضمن مراحله العمرية بشكل مختلف ومتطور، بحيث يدفعه ذلك إلى تطوير الفن شكلا ومضمونا.

هنا، سنصل معا إلى أن المتلقي قارئا ومشاهدا، يستطيع الاستفادة من الوعي الجديد في فهم ما مضى من إبداع، أما ما يتراكم من خبرات حياة وتذوق ووعي، فإنه يصبح أكثر تفاعلا إيجابيا مع ما يتعرض له، مكتسبا ما نشأ لديه من فكر نقديّ.

كذلك حال المبدع، الذي يرى ما أبدعه هو والآخرون، فإنه يحرص على التطوير، وعدم الاستمرار في إنتاج مضامين تقليدية بأشكال من جنسها.

إذن الوعي هو ما سيضمن تجديد كل من المتلقي والمبدع أيضا. وهو ما يجعل أمة مستمرة بالإبداع والوجود.

وهنا، سنصل جميعا لاستخلاص مهم ونبيل، وهو أننا جميعا نمر بمراحل من الوعي في الحياة والأدب والفن. لذلك فإن إعادة النظر والتفكير بهذا كله لا تنتج معرفة فقط، بل تقترح حيوات أخرى.

إنها الحياة الجديدة، والأدب الجديد، والفن كذلك، ومن هنا فإن وعي المنظومة على نفسها كمجتمع وحكومات، تستثمر في الحياة والمعرفة، حتى لا تستمر الأمم بعيشها التقليدي، بل إنها من وقت لآخر تقوم بضخ دماء جديدة في مختلف مواقع المعرفة والفعل.

أما المنظومات التقليدية التي يستفيد من وجودها كما هي حفنة من البشر، فإنهم يحاربون الجديد مطلقا، كونه يشكل خطرا عليها وأهلها. ذلك أن الخلاص لديها خلاص فرديّ لا خلاصا عاما.

لذلك، فإن ما مضى يشكل تفسيرا جيدا لقراءة مستوى الإبداع، ونظم الحكم، دون أن ننتبه بالطبع إلى الاستثناءات الإبداعية التي وجدت طريقها في وجود نظم قامعة للإبداع والمبدعين.

وماذا بعد؟

لسنا الأوائل، فقد مرّت هنا حضارات عظيمة، واختبر ناسها الحياة، وأبدعوا، ثم كان ما كان من فلسفة ونقد. وهنا في هذه المرحلة اللاحقة، التي تلت الإبداع والحياة بالطبع، صار للنقد دور في الرأي لأجل التطوير.

الوعي شرط الاستمرار، لذلك يشكل الوعي القادم من الأدب والفن قوة للمتلقي الواعي والفاعل، لتطوير تفكيره النقدي تجاه نفسه ومنظومة الحياة والمجتمع. وهنا فإن الساسة انقسموا إلى مستويات تجاه الوعي الفني، من مستوى متقدم يشجع الفن الراقي إلى مستوى يفضّل أن يكون الفن والأدب إلهاء للشعب لتمضية الوقت. وهنا ثمة علاقة بين الثقافة الرفيعة ونظم الحكم.

يكمن الاستخلاص الإنساني النبيل والحكيم في التطوير ومواكبة الحياة، ولنا هنا في بلادنا العربية أن نتأمل موقعنا من هذا كله والعالم وما يتحرك فيه. كلنا مجال للتطور، وللتعلم، بحيث نتعلم من الآخرين قبل أنفسنا. وتلك بداية لتحرير النفس أولا والجماعة، وذلك هو بداية الخلاص.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأدب والفن من قبل

إقرأ أيضاً:

ثقافة أسيوط الجديدة تكرم رموز الإبداع الأدبى

نظمت ثقافة أسيوط الجديدة احتفالية ثقافية إبداعية متميزة تحت عنوان  أقلام من ذهب احتفاء بصناع الكلمة  بمقر المكتبة جاءت لتسلط الضوء على مسيرة نخبة من الأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية والفكرية بإنتاجهم المميز، وكرسوا أقلامهم لخدمة الكلمة الصادقة والفكر البناء ضمن برامج وزارة الثقافة

وجاء ذلك تحت رعاية الدكتور احمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وانطلاقًا من أهمية دعم الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، ومسعود شومان رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، للأدباء والكتاب والمفكرين في صعيد مصر

وشهد الاحتفال الكاتب والأديب المسرحي درويش الاسيوطى، الكاتب المسرحي نعيم الاسيوطى عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، وجمال عبدالناصر مدير عام الإقليم، وخالد خليل مدير عام فرع ثقافة أسيوط، والشاعر والمترجم محمد شافع مدير إدارة الشئون الثقافية، الشاعر وليد حشمت، الأديب ايمن رجب طاهر، شيماء عبدالعال مدير المكتبة، ونخبة من أبرز المبدعين الأدباء والشعراء فى صعيد مصر

 

وأشار  جمال عبدالناصر مدير عام الإقليم، إلى أن التكريم جاء إعلانًا لاستمرار مسيرة الأدب في قلب الصعيد، وسط حضور رموز الأدب، وتأكيدًا أن للكلمة وزنا لا يستهان به في تشكيل الوعي وبناء الإنسان

 

وأكد خالد خليل مدير عام فرع ثقافة أسيوط أن الإحتفال بمثابة مثالًا حيا على أن الإبداع لا يموت، وأن الكلمة النبيلة تجد دومًا من يحتفي بها، خاصة حين تجتمع الإرادة المؤسسية مع شغف المثقفين، والاحتفاء بالجمال والإبداع الأدبى

وأشار الشاعر محمد شافع مدير إدارة الشئون الثقافية بالفرع والمشرف العام على الانتخابات، إلى مواصلة ماراثون إنتخابات نوادي الأدب،فعالياته ضمن تفعيل دور نوادي الأدب بقصور الثقافة،لتعزيز دور الكلمة والإبداع، وتشكيل وجدان المجتمع،حيث أجريت انتخابات مجلس إدارة نادي أدب أسيوط الجديدة برئاسة الأديب نعيم الأسيوطي الأسيوطي، وعضوية الشاعر وليد حشمت  وبحضور أعضاء الجمعية العمومية للنادي

 

وقد فاز بالتزكية الشاعر أحمد الشافعى رئيسًا، والاديب مصطفى البلكى عضوًا، الشاعرة كريمة ثابت عضوًا  ، الشاعرة ثناء عبدالوهاب عضوًا، الاديبة عبير كيلانى سكرتيرًا، ومينا فخرى العضو المعين لنادى أدب أسيوط الجديدة

 

وقدم الأديب الدكتور سيد سليم رئيس مجلس إدارة نادي الأدب السابق التهنئة إلى الشاعر احمد الشافعي عضو اتحاد كتاب مصر، متمنيًا دورة أدبية جديدة مليئة بالمشاركات الأدبية واستكمالا لمسيرة العطاء الأدبى لنادي ثقافة أسيوط الجديدة، والذي يتميز بنخبة من أدباء الصعيد الثقافى ويزخر بقامات الشعر والأدب على مستوى الصعيد

وكما قدمت شيماء عبدالعال مديرة المكتبة الشكر والتقدير إلى الأديب الدكتور سيد سليم وأعضاء الدورة السابقة التي قدمت على مدار عامين متتاليين أروع الأمسيات الشعرية التي ساهمت في إثراء المحتوى الأدبى والثقافي باسيوط الجديدة  ،  متمنية التوفيق والنجاح لمجلس إدارة نادي الأدب الحالي

واختتمت الفاعليات بتكريم الأدباء بمجلس الإدارة السابق بمنحهم شهادات تقدير لما قدموه من إرث أدبى، إلى جانب تكريم الأدباء الحاصلين على جوائز متنوعة،  الشاعر صهيب شعبان  ، والاديبة الدكتورة هند محسن، والشاعرة سناء عبد الوهاب، والقاصة عبير الكيلانى، والأديبة آيات الشريف، حيث تم منحهم درع إقليم وسط الصعيد الثقافي، تقديرًا لجهودهم فى إثراء الحراك الثقافي والإبداعى بصعيد مصر

مقالات مشابهة

  • السيد القائد يقدم رسالة عالمية ويكشف الحقائق .. العدو يذبح الأمة ولا عذر للساكتين
  • سمية الخشاب: الغناء والفن مش حرام ومش من حق حد يحاسبني .. فيديو
  • البابطين الثقافية تفتح الترشح لجائزة الإبداع الشعري
  • ثقافة أسيوط الجديدة تكرم رموز الإبداع الأدبى
  • «اليوم الإماراتي للمسرح» احتفاء يروي عن الإبداع والمبدعين
  • أبطال تحدي القراءة العربي في الإمارات.. نماذج تحتذى في الإبداع
  • هنا إشارة قِف
  • مجلس النواب يبحث مع السفارة السويسرية الدعم الإنساني للنازحين
  • نائب مقرر مجلس النواب تلتقي مستشارة الأمن الإنساني بالسفارة السويسرية