بوابة الوفد:
2025-07-29@01:40:42 GMT

اللغم الأخير فى خطة «دَالِتْ»

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

يعلم القاصى والدانى، الصديق قبل العدو، أن هدف الصهيونية الأساسى هو إقامة دولة خالصة لليهود فى فلسطين، وأن الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير القسرى لأصحاب الأرض إحدى أهم وسائل تحقيق تلك الغاية، وهذا ما يؤكده «ديفيد بن جوريون» مخاطبًا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية فى يونيو 1938 بأنه يؤيد الترحيل القسرى «ولا يرى فيه شيئًا غير أخلاقي».

يقول المؤرخ الإسرائيلى «إيلان بابه» فى كتابه «التطهير العرقى فى فلسطين»: «فى عصر يوم الأربعاء يوم 10 مارس 1948 وضعت مجموعة من أحد عشر رجلًا مكونة من قادة صهيونيين قدامى وضابطين عسكريين، اللمسات الأخيرة على خطة لتطهير فلسطين عرقيًا، وفى مساء اليوم نفسه أرسلت الأوامر إلى الوحدات على الأرض بالاستعداد للقيام بطرد منهجى للفلسطينيين».

كانت تلك الأوامر التى رسمتها خطة «دَالِتْ» بقيادة «بن جوريون»، أو كما يطلق عليها رسميًا خطة «يهوشواع» نسبة إلى أحد قادة عصابات الهاجاناه، تهدف إلى إثارة الرعب على نطاق واسع، ومحاصرة وقصف القرى وحرق المنازل، وطرد وهدم البيوت والمنشآت، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم!

إذن ما يحدث فى غزة الآن وما يرتكبه الكيان المحتل من عمليات إبادة وقتل وتخويف وتدمير وتطهير عرقى وجرائم حرب، ما هو إلا امتداد طبيعى لخطة تم وضعها منذ عقود، وما هو إلا مشهد فى مسلسل خطة «دَالِتْ» بالعبرية أو الخطة «دال» بالعربية لتطهير فلسطين عرقيًا وليس شيئًا آخر كما يزعم البعض.

يقول «إيلان» إن خطة «دَالِتْ» هى النسخة الرابعة والنهائية لخطط سابقة أقل تفصيلًا، وإن هذه الخطة قد أوضحت وعلى نحو غير قابل للتأويل أن الفلسطينيين يجب أن يرحلوا، وبحسب تعبير «سمحا فلابان» من أوائل المؤرخين الذين أشاروا إلى أهمية هذه الخطة ومغزاها، فإن الحملة العسكرية ضد العرب بما فى ذلك غزو المناطق الريفية وتدميرها، رسمت معالمها فى خطة «دَالِتْ» التى أعدتها الهاجاناه.

كانت الفكرة العامة لأعمال العنف كما رسمتها الخطة «دَالِتْ» وشرحها «بن جوريون» هو ضمان أن يصبح المجتمع الفلسطينى تحت رحمة اليهود، وأن يفعلوا به ما يشاءون بما فى ذلك تجويعه حتى الموت!

ويؤكد المؤرخ الإسرائيلى «إيلان» أن الخطة «دَالِتْ» تحتوى على تشكيلة من أساليب التطهير العرقى المتطابقة أسلوبًا تلو الآخر مع أساليب التطهير العرقى الموصوفة فى التعريف الذى وضعته الأمم المتحدة للتطهير العرقى، وتشكل الخلفية للمجازر التى رافقت التهجير الجماعى للفلسطينيين.

والسؤال هنا: إذا كانت المذابح التى ارتكبتها إسرائيل منذ وضع تلك الخطة بداية من عملية «نخشون» فى الأول من أبريل 1948، وتدمير القرى بين يافا والقدس والتهجير قسريًا، ليست جرائم تطهير عرقى فليوضح لنا المجتمع الدولى ما هو مفهوم «التطهير العرقي» لديه، كى نفهم أو «نضحك على أنفسنا» ونتعايش مع تلك الجرائم مثلهم؟!

وليشرح لنا الذين يدعمون هذا الكيان الإجرامى، إذا كانت مذبحة «دير ياسين» 9 أبريل 1948 وما تلاها من جرائم حرب، وصولًا إلى ما يحدث فى غزة الآن، لا تندرج تحت عمليات الإبادة الجماعية، فما هو التعريف المناسب للإبادة الجماعية فى مراجعهم السياسية أو الأدبية أو التاريخية؟ لعلنا نجد سببًا نرتكن إليه ثم ننام وضمائرنا ميتة مثلهم!

نريد واحدًا من أصحاب نظرية التعايش فى سلام مع هذا الكيان المحتل، أن يرد على صرخات الأطفال ودماء الشهداء، ويُجيب على شهادة «فهيم زيدان» أحد الناجين من مذبحة «دير ياسين» وكيف أنه رأى عائلته تقتل أمامه بعد أن أخرجوهم واحدًا تلو الآخر، فقتلوا رجلًا عجوزًا، وعندما بكت إحدى بناته قتلوها، ثم استدعوا شقيقه محمد وقتلوه، وعندما صرخت أمه باكية قتلوها وهى منحنية فوقه وبين ذراعيها أخته الرضيعة «خضرة» التى قتلوها أيضًا!، إذا كانت هذه الجرائم الموثقة ليست جرائم حرب، فماذا تكون جرائم الحرب إذن؟! لعلنا نجد كلامًا نكذب به على أطفالنا، ونبرر لهم آراء التعايش فى سلام مع هذه المذابح مثلهم!

فى النهاية وبعد تلك الجرائم والمذابح المخطط لها منذ عقود، ورغم أن الفاعل معلوم والجرائم موثقة بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، يظهر علينا البعض مستخدمًا مصطلحات ومفردات تساعد المجرم على الإفلات بجريمته، فيساوى بين القاتل والمقتول، ويضع الجلاد والضحية فى كفة ميزان واحدة، تحت مظلة الصراع والحرب أو شرعية الدفاع عن النفس بارتكاب تلك المذابح، إن هذه الرؤية العوراء عار وعورة على الإنسانية كلها.. لتبقى الإجابة عن السؤال: لماذا لا يُعاقب المجرم على فعلته؟ كلمات وسطور مخزية لعالم يدعى أنه حر.

ختامًا.. ربما ما يحدث فى غزة الآن لا يكون المشهد الأخير من خطة «دَالِتْ»، ولكنه حتماً سيكون اللغم الأخير الذى ينفجر فى وجه الجميع.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب فلسطين الإبادة الجماعية التطهير العرقي التهجير القسري الترحيل القسري

إقرأ أيضاً:

المهدي يطلع على سير تنفيذ الخطة التدريبية لهيئة البريد

الثورة نت/..

اطلع وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس محمد المهدي ومعه نائبه المهندس علي المكني، على سير تنفيذ الخطط والبرامج التدريبية للهيئة العامة للبريد.

وأشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات إلى أهمية تأهيل الكادر وتطوير أساليب تقديم الخدمات البريدية في مختلف محافظات الجمهورية، وفقاً لبرامج وخطط حكومة التغيير والبناء التي تولي ذلك أهمية كبيرة للنهوض بمختلف قطاعات الدولة ومنها قطاع البريد اليمني.

وحث المتدربين على تطبيق ما تلقوه من مهارات ومعارف في الواقع العملي للنهوض بقطاع البريد خاصة في ظل التحديات التي تواجه اليمن في ظل العدوان الغاشم والحصار الجائر منذ أكثر من عشر سنوات.

واستمع الوزير المهدي ونائبه المكني ومعهما وكيل وزارة الاتصالات للشئون الفنية المهندس طه زبارة، وعميد المعهد العام للاتصالات عبد الكريم الأنسي، من مدير عام الهيئة العامة للبريد عمار وهان إلى شرح عن البرامج التدريبية التي تنفذها الهيئة.

وأشار إلى أن الهيئة تركز على بناء قدرات قيادات وكوادر الهيئة في مختلف محافظات الجمهورية.. لافتاً إلى أن الهيئة تنفذ دورة تدريبية خاصة بالتوجه القيادي والإداري في صناعة التوجهات لمدراء الهيئة العامة للبريد ومكاتبها في المحافظات.

وأوضح أن الدورة التي تستمر خمسة أيام بمشاركة مدراء الهيئة في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات تهدف إلى تحقيق التوجه القيادي والإداري لقيادات الهيئة العامة للبريد، وتحويل الإدارة التقليدية إلى إدارة منتجة وتطوير ومواكبة التقنيات الحديثة التي يشهدها العالم في مجال تقديم الخدمات البريدية.

وأكد وهان حرص الهيئة العامة للبريد على تنفيذ الخطط البرامج التدريبية لقيادات وموظفي الهيئة، وأتمتة جميع الأعمال والخدمات التي تقدمها للجمهور وتطويرها خاصة في مجال المدفوعات الرقمية والخدمات الرقمية البريدية.

مقالات مشابهة

  • نصائح للنفساء
  • وكأنه اليوم الأخير
  • المهدي يطلع على سير تنفيذ الخطة التدريبية لهيئة البريد
  • اجتماع لمناقشة مسودة الخطة الاستراتيجية لهيئة المواصفات والمقاييس
  • مناقشة مسودة الخطة الاستراتيجية لهيئة المواصفات والمقاييس
  • يديعوت أحرونوت: تجميد خطة “المدينة الإنسانية” على أنقاض رفح
  • ليس فى الأمر جديد!
  • رحلة النغم والألم ( 2 )
  • زياد الرحباني.. الوداع الأخير الاثنين في المحيدثة
  • الخريطيات يشكر «عناد»