الهدنة الإنسانية في غزة.. ما بين تفاصيلها وإمكانية تمديدها لإنهاء الحرب
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
"وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في مناطق قطاع غزة كافة" لعل هذه أبرز نقطة في "اتفاق الهدنة الإنسانية" الذي كُشف اللثام عنه، فجر الأربعاء، بعد 47 يوما، من تواصل العدوان الأهوج، على قطاع غزة المحاصر.
وكشفت حركة "حماس" في بيان لها، على قناة "تلغرام"، أنه بموجب "اتفاق الهدنة" سوف يتم "تكثيف إدخال الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، إلى كل مناطق قطاع غزة"، بالإضافة إلى "إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاماً، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجون الاحتلال دون سن 19 عاماً".
كما يشمل الاتفاق، على "وقف حركة الطيران في (الجنوب) على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في (الشمال) لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10:00 صباحا حتى الساعة 4:00 مساء" وأكد على "ضمان حرية حركة الناس خلال الهدنة، وعدم التعرض لهم وخاصة على شارع صلاح الدين بحيث يمكن التنقل من شمال القطاع إلى جنوبه".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وأكدت حماس على أن "بنود هذا الاتفاق قد صيغت وفق الرؤية التي تهدف إلى خدمة شعبنا وتعزيز صموده في مواجهة العدوان، وعينُها دوماً على تضحيَّاته ومعاناته وهمومه"، مردفة: "كتائبنا المظفرة وسائر فصائلنا المقاومة ستبقى الدرع الواقي والمدافع عن شعبنا حتى دحر الاحتلال والعدوان".
"الهدنة الإنسانية".. جُهود من؟
بعد الكثير من الشد والجذب، وتفاقم "المعاناة الإنسانية" في قطاع غزة المحاصر، وتواصل الدعوات الدولية لوقف الحرب؛ أعلنت حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، في الساعات الأولى من الأربعاء، عن صفقة لتبادل الأسرى، مع هدنة لأربعة أيام، لتمنح أهالي القطاع فجوة التقاط الأنفاس، واستجماع ما تبقى لهم من قوة، بعد شهر ونصف من استمرار القصف.
وقف إطلاق النـ ـار والإفراج عن أسرى فلسطـ ـينيين..بنود الهدنة الإنسانية في غـ ـزة#eXtranews#سيناء_خط_أحمر#تضامنا_مع_فلسطين pic.twitter.com/UrglYyxp15 — eXtra news (@Extranewstv) November 22, 2023
وأعلنت قطر، الأربعاء، عن ما وصفته بـ"نجاح جهود الوساطة المشتركة مع مصر والولايات المتحدة الأميركية بين إسرائيل وحركة حماس"، لتُسفر عن التوصل إلى اتفاق الهدنة الإنسانية، مشيرة إلى أنه "سيتم الإعلان عن توقيت انطلاقها خلال 24 ساعة وتستمر لأربعة أيام قابلة للتمديد".
وقال ويقول المختص في القانون الدولي، عبد القادر العزة، إنه "عند الإشارة إلى هدنة وممرات إنسانية في قطاع غزة، فنحن نتحدث عن وقف مؤقت للأعمال القتالية أو تقليلًا للتصعيد العسكري بهدف تقديم المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين. وتأتي الهدنة كجزء من الجهود الدولية لتحقيق الأمن والسلام الدوليين وتخفيف معاناة المدنيين والجرحى والنازحين".
وأوضح العزة، الحاصل على شهادة دكتوراه في الحقوق القانونية والسياسية للاجئين الفلسطينيين، في حديثه لـ"عربي21" أن "قطاع غزة المحاصر يعيش حالة إنسانية كارثية، نتيجة الحرب المستمرة لأكثر من 45 يوماً، وتفاقم الوضع بسبب نقص الموارد والرعاية الصحية والخدمات الأساسية".
واعتبر المختص في القانون الدولي، أن "تحقيق هذه الهدنة في الوقت الحالي خطوة مهمة للتخفيف من معاناة المدنيين وتوفير المساعدات الضرورية"، مشيرا إلى أهمية "تسليط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين، حيث يتعين على المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام تسليط الضوء على حجم المأساة الإنسانية في القطاع، لجذب انتباه المجتمع الدولي وتحفيزه على التدخل الفوري".
وأكد العزة، في حديثه لـ"عربي21" على "الحاجة الماسة لتفعيل الشرعية والعدالة الدولية المتمثلة في تعزيز الالتزام بالقوانين الدولية، وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني، وبالتحديد اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 التي تشكل إطارا قانونياً مهماً لضمان حماية المدنيين والجرحى وتيسير توفير المساعدات، والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية داخل قطاع غزة لتقديم الرعاية والدعم الضروري".
أي ترحيب دولي بالاتفاق؟
بمُجرّد الإعلان عن "الهدنة الإنسانية" في غزة، رصدت "عربي21" توالي ردود الفعل الدولية، حيث عبرت تركيا، الأربعاء، عن أملها في أن "يسهم اتفاق الهدنة في غزة في إنهاء الصراع بشكل كامل قريبا".
رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري: نأمل أن تؤسس هذه الهدنة لاتفاق شامل مستدام يوقف آلة الحرب ونزيف الدماء pic.twitter.com/KeXhDyYXGD — TRT عربي (@TRTArabi) November 22, 2023
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان لها، اطلعت عليه "عربي21" إننا: "نأمل في أن تساعد هذه الهدنة الإنسانية على إنهاء الصراع بشكل كامل، في أقرب وقت ممكن، وإطلاق عملية نحو سلام عادل ودائم على أساس حل الدولتين".
من جهتها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، إلى "الاستفادة من هذا التوقف، من أجل تكثيف المساعدة الإنسانية في أسرع وقت ممكن". فيما رحبت الأمم المتحدة، بـ"الاتفاق"، مشيرة إلى أنه "لا يزال ينبغي القيام بالكثير".
أما وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، قد أعربت عن أملها أن "يكون فرنسيون بين الأسرى الذين سيفرج عنهم، في إطار اتفاق الهدنة" منوهة بـ"جهود قطر خصوصا، التي أدّت دور الوسيط للتوصل إلى الاتفاق".
بدورها، رحّبت الخارجية الصينية بـ"الاتفاق"، بالقول إننا: "نرحب بوقف إطلاق النار الموقت، الذي توصل إليه الأطراف المعنيين، ونأمل أن يساعد في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية، ويساهم في خفض التصعيد والتوترات".
كذلك، رحّبت روسيا بـ"اتفاق الهدنة"، حيث قال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن "روسيا ومعظم دول العالم كانت تدعو إلى وقف لإطلاق النار، وهدنة إنسانية، إذ إنهما ضروريان لأي تسوية دائمة للصراع".
ما بين "الهدنة الإنسانية" و"وقف إطلاق النار"
مع تواصل قصف الاحتلال الإسرائيلي، وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة المحاصر، اهتزت الشعوب في مظاهرات ومسيرات دولية، وتوالى التأكيد على أهمية "مقاطعة" منتجات الاحتلال؛ فيما استمرت دعوات واقتراحات الأطراف الدولية لـ"وقف التصعيد بالقطاع"، بين من يطالب بـ"وقف إطلاق النار"، وبين من يطالب بـ"هدنة إنسانية". ما الفرق بينهما؟
في ظل غياب تعريف قانوني واضح أو معترف به بشكل صريح لمصطلح "وقف إطلاق النار"، يقول موقع "الأمم المتحدة"، إنه "تعليق القتال باتفاق بين أطراف النزاع، وهو عادة جزء من عملية سياسية"، إذ أن الغرض منه أن "يكون طويل الأمد ويغطي كامل المنطقة الجغرافية للصراع، بما يسمح للأطراف بالدخول في حوار، وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية دائمة".
وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن "وقف إطلاق النار" هو ما "يمثل في الأساس هدنة، أو تعليقا مؤقتا للحرب، وليس اتفاقا نهائيا لإنهاء القتال، على الرغم من أنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى سلام دائم"، حيث "يمكن الإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، أو يتم التفاوض بشأنه بين أطراف النزاع المختلفة أو التوصل إليه عبر وساطة، أو يمكن فرضه بقرار من مجلس الأمن، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
إلى ذلك، فإنه من هذا المنطلق، فإن المغزى الأساسي من "وقف إطلاق النار" يبقى أشمل من "الهدنة الإنسانية" التي تتمثل في الإيقاف المؤقت للأعمال العدائية من أجل "أغراض إنسانية بحتة"، وذلك بحسب الموقع الأممي نفسه.
الهدنة ووقف إطلاق النار لن يغير شيء: pic.twitter.com/Qt0ZjII0pX — DAAN (@Danmohamed7) November 22, 2023
وتكون الهدنة الإنسانية عادة مؤقتة لـ"فترة ومنطقة جغرافية محددة يتم خلالها التدخل إنسانيا، من أجل تسهيل تقديم المساعدات المختلفة للمدنيين المتأثرين بالنزاع والرعاية الطبية والإغاثة".
لم يوافق الصهاينه على الهدنه من فراغ
فقد كانت صواريخ القسام تنير سماء تل أبيب كل ليله. #فلسطين #فلسطين_قضيتنا #غزة_تنتصر pic.twitter.com/WvwB31g1QL — دباس 60 (@dabbas60) November 22, 2023 الهدنة ليست لنا..
الهدنة للمقاتل والجريح
بل الهدنة ربما فرصة لأن نفعل شيئا
لا نصمت ولا نسكن. — Assaad Taha أسعد طه (@Assaadtaha) November 22, 2023
وبمجرد الإعلان عن "الهدنة الإنسانية في غزة"، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على عدد من المنصات، جُملة من المنشورات، من أجل التأكيد على مطلب: "إيقاف الحرب، وليس إعطاء مُسكّن للأهالي، بهدنة، قد يعود القصف الأهوج بعدها".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Shayma Al-Tamimi (@shaymatamimi_)
ماذا عن السيناريوهات القادمة؟
في الوقت الذي قال فيه مساعد وزير الخارجية المصري سابقا وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، في وقت سابق، إن "تحقيق نجاح على صعيد الهدنة الإنسانية أو وقف إطلاق النار، مرهون بمدى الغطاء الأميركي للجرائم الإسرائيلية"؛ كانت الصحف المصرية، تؤكد على "التخوف من التكلفة الإنسانية الكبيرة لاستمرار الصراع، التي قد تدفع سكان القطاع نحو النزوح لمصر".
وفي السياق نفسه، استقبل رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، لبحث مستجدات تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، مؤكدا على "موقف مصر بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية لأهالي القطاع الذين يتعرضون لمعاناة إنسانية هائلة".
بعد إعلان هدنة إنسانية بغزة.. مصدر مصري مسؤول: الهدنة تشمل دخول عدد كبير من القوافل الإنسانية والمساعدات والوقود لكافة مناطق القطاع pic.twitter.com/5cCrmvE8ij — CBC Egypt (@CBCEgypt) November 22, 2023
وبحسب بيان رسمي، شدد السيسي على "الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخليا أو بالتهجير خارج أراضيهم لا سيما إلى الأراضي المصرية في سيناء"، وهو ما اتفقت معه رئيسة المفوضية الأوروبية، مؤكدة على الموقف الأوروبي بـ"رفض التهجير".
إلى ذلك، كان موقع "فاينانشال تايمز"، قد أشار، الشهر الماضي، إلى "تكثيف الاتحاد الأوروبي تحركاته لإبرام اتفاق اقتصادي مع مصر، خوفا من تدفق متوقع للاجئين فلسطينيين من غزة إلى دول الاتحاد، في ظل مؤشرات تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس إلى حرب إقليمية"؛ فيما أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، السبت الماضي، عن بدء أعمال اللجنة الوزارية المكلفة، من القمة العربية الإسلامية، والمعنية ببلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة.
ودعا البيان الختامي للقمة العربية، الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة، لـ"ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية، واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية"، مؤكداً على "الرفض المطلق والتصدي الجماعي لأي محاولات للنقل أو التهجير القسري أو النفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، بِعَدِّ ذلك خطاً أحمر وجريمة حرب".
وطالب البيان، جميع الدول بـ"وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال، التي تستخدم في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير مقدراته والبنى التحتية"، مؤكدا على "التمسك بالسلام بوصفه خيارا استراتيجيا، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وحل الصراع العربي الإسرائيلي، وفق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".
ويتواصل عدوان الاحتلال لليوم الـ47 على التوالي، على قطاع غزة، بعد أن واصلت قوات الاحتلال مجازرها الدامية في قطاع غزة، بشن المزيد من الغارات والأحزمة النارية، وتواصل قصف المنازل على رؤوس ساكنيها، بالتزامن مع إعلان هدنة إنسانية يتخللها تبادل أسرى ووقفًا مؤقتًا لإطلاق النار.
وتسبب العدوان في وقف معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، إما بسبب القصف أو نفاد الوقود، وقد تحولت مستشفى الشفاء إلى ثكنة عسكرية للاحتلال بعد إخلائه، إضافة إلى إبلاغ المتواجدين في المستشفى الإندونيسي بضرورة الإخلاء اليوم الأربعاء تحت ذريعة استخدام المكان لأغراض عسكرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الهدنة الإنسانية الفلسطينيين فلسطين غزة الهدنة الإنسانية طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الهدنة الإنسانیة قطاع غزة المحاصر وقف إطلاق النار القانون الدولی هدنة إنسانیة اتفاق الهدنة الإنسانیة فی فی قطاع غزة إنسانیة فی الإعلان عن pic twitter com من أجل فی غزة
إقرأ أيضاً:
مشروع وقف إطلاق النار في غزة مهدد بالسقوط| وخبير يوضح
بينما تتصاعد معاناة المدنيين في قطاع غزة وسط كارثة إنسانية متفاقمة، تعود جهود المجتمع الدولي إلى الواجهة عبر مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار.
وتصطدم مجددا آمال تمرير القرار بجدار الفيتو الأمريكي، الذي ما يزال يشكل عائقا أمام أي تحرك فعّال لإنهاء الحرب، رغم التغيرات اللافتة في مواقف الأطراف المعنية، وخاصة حركة حماس.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن منذ أكثر من عشرين شهرا، وشعب غزة يواجه حرب إبادة جماعية ممنهجة، ترتكب فيها أفظع الجرائم بحق المدنيين من قتل وتجويع وتدمير وتهجير قسري، في ظل صمت دولي مخز وتخاذل واضح من مؤسسات يفترض أنها وجدت لحماية السلم والعدالة.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مجلس الأمن الدولي، الذي يفترض أن يكون الحامي الأول للسلم والأمن الدوليين، وقف عاجزا عن إصدار حتى قرار واحد ملزم بوقف هذه المجازر، بسبب الفيتو الأمريكي المتكرر، الذي يُستخدم بشكل واضح لحماية إسرائيل من أي محاسبة دولية، وهذا الفيتو لم يعد مجرد أداة سياسية، بل أصبح شريكا مباشرا في استمرار الجرائم، ويقوض بشكل خطير شرعية المجلس ونزاهته.
وأشار أبو لحية، إلى أن الموقف الأمريكي لم يتغير منذ بدء الحرب، بل على العكس، الإدارة الأمريكية السابقة والحالية تواصل دعمها المفتوح لإسرائيل سياسيا وعسكريا، وتمنع أي مسار قانوني أو دولي لمحاسبة مرتكبي الجرائم، حتى في ظل التقارير الأممية التي تتحدث بوضوح عن جرائم ضد الإنسانية وربما جرائم إبادة جماعية.
وتابع: "الجلسة المقبلة لمجلس الأمن، للتصويت على مشروع قرار جديد بوقف الحرب، ينتظر أن تنتهي كسابقاتها: بفيتو أمريكي جديد يجهض أي محاولة جدية لوقف إطلاق النار، وهذا ليس مجرد توقع، بل استنتاج قائم على نمط واضح وثابت من الأداء الأمريكي في مجلس الأمن: واشنطن استخدمت الفيتو مرارا خلال الأشهر الماضية، حتى ضد قرارات إنسانية الطابع، وتصر على خطاب "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، رغم أن العالم كله يشهد أن من يُباد هم الأطفال والنساء والمدنيون، وتتعامل بازدواجية مفضوحة بين ما يقال في الإعلام، وبين ما يُمارس داخل أروقة القرار الدولي".
وأردف: "إن هذا الفشل المتواصل، وهذا الدعم الأعمى من الولايات المتحدة، لا يؤدي فقط إلى إطالة أمد المجزرة، بل يفقد النظام الدولي أي شرعية أو مصداقية، ويرسخ قناعة لدى الشعوب، وخاصة الشعب الفلسطيني، أن هذا العالم لا يتحرك إلا لمصالح الأقوياء، وأن الفلسطيني هو خارج معادلة العدالة الدولية".
واختتم: "حرب الإبادة في غزة ليست مجرد نزاع، بل جريمة تاريخية تُرتكب على مرأى ومسمع العالم. وإذا لم يتم وقفها فورًا، فإن هذا الصمت والتواطؤ الدولي سيكونان شريكين في الجريمة، وسيظلّان وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء".
وأفاد دبلوماسيون لوكالة "رويترز" أن الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعت إلى إجراء تصويت، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار جديد يطالب بوقف فوري، دائم، وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، على أن تلتزم به جميع الأطراف المعنية.
ويشمل مشروع القرار – الذي أطلعت عليه "رويترز" – بنودا تطالب بالإفراج الفوري عن كافة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس والفصائل الأخرى، إضافة إلى رفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والسماح بتوزيعها بشكل آمن ودون عوائق، بما يشمل منح الأمم المتحدة حرية الوصول الكامل إلى جميع أنحاء غزة.
ويحتاج المشروع للحصول على دعم تسعة أعضاء على الأقل من أصل 15، شرط ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية – الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا – حق النقض (الفيتو).
ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن واشنطن ستستخدم الفيتو مجددا، انسجاما مع موقفها الداعم لإسرائيل ورفضها المتكرر لقرارات تطالب بوقف الحرب أو إدخال المساعدات بشكل غير مشروط.
وتأتي هذه المبادرة بالتوازي مع تغيّر في موقف حركة حماس، التي أعلنت مساء الثلاثاء عن استعدادها لقبول مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشرط إدخال بعض التعديلات الجوهرية.
ووفقا لمصادر تحدثت لقناة "الغد"، فإن أهم هذه التعديلات تتضمن أن تستأنف المفاوضات مباشرة بعد انتهاء المرحلة الأولى التي تمتد لـ 60 يوما، تحت رعاية كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق نار شامل ودائم.
كما شملت التعديلات طلبًا بأن تبدأ المساعدات الإنسانية بالدخول إلى جميع مناطق القطاع فور الإعلان عن الاتفاق، دون أي قيود، وبكميات كافية، عبر منظمات الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
وطالبت حماس أيضا بانسحاب الجيش الإسرائيلي خلال أسبوع واحد من التوصل للاتفاق إلى ما قبل وضعه الميداني في 2 مارس 2025، إضافة إلى تشكيل لجنة مهنية مستقلة تتولى إدارة القطاع وتتمتع بكامل الصلاحيات.
وفي السياق ذاته، أكد مندوب دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء، أن مجلس الأمن يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه إنهاء الحرب الجارية في غزة.
وأعرب عن استياء المجموعة العربية من استمرار صمت المجلس، داعيا إلى تحرك فوري لإدخال المساعدات الإنسانية ووقف الإبادة الجماعية.
وأوضح منصور أن الجهود الدبلوماسية مستمرة بالتعاون مع أعضاء مجلس الأمن، كما أشار إلى التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر دولي بشأن حل الدولتين، مؤكدا أن كافة هذه التحركات تهدف في المقام الأول إلى وقف نزيف الدم الفلسطيني ووقف المجازر المرتكبة بحق المدنيين.