كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": دخل لبنان في صلب المفاوضات الجارية حول العودة إلى تطبيق شامل للقرار الدولي 1701 من جهة، ورسم خريطة مستقبلية لتطبيع الوضع جنوباً. وإذا كانت إسرائيل تصرّ على السير في هذا المنحى، فهذا يعني أن انعكاس الهدنة على لبنان، قد لا يكون مرتبطاً فحسب بمهلة الأيام القليلة، لأن ما بدأ الكلام عنه حول مستقبل غزة وتمديد الهدنة، ووضع النازحين، يتعدّى المعالجات الإنسانية واللوجيستية ليطرح مصير غزة والضفة ولبنان معهما.

وهنا يصبح الدور الإيراني أكثر فاعلية في مفاوضات عُمان وجولات وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، والتي عبّرت عن اتجاه ضبط الوضع وعدم الانجرار وراء استدراج إسرائيلي نحو مستوى ثان من الضغط العسكري المتبادل، في انتظار أن تظهر حقيقة ما تريده في جولات التفاوض بما هو أبعد مما جرى حتى الآن في قطر.
لذا استعادت واشنطن حضورها الفاعل في إدارة التفاوض حول لبنان. والدور الأميركي الحالي يبرز بقوة في اتجاه ضاغط لوقف مسار متفجّر، لكنه في الوقت نفسه بدأ يضغط كي يتكيّف لبنان مع احتمالات ما بعد غزة وإعادة الاعتبار إلى وضع الجنوب بما كان عليه بعد حرب تموز، لا بما أصبح عليه حالياً. وهذا ما تتشارك به مع الأمم المتحدة، وإن بدورها المحدود. كما تسعى فرنسا، بمستوى أقل تأثيراً، إلى العودة مجدداً إلى الوضع اللبناني، رغم أنها فقدت فاعليتها ولا تتمتع بالحضور نفسه، ولا سيما بعد العشوائية التي طبعت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون لملف حرب غزة بين تأييد مطلق لإسرائيل والعمل على حشد تحالف دولي ضد حماس لم يُكتب له أن يبصر النور، ومن ثم عقد مؤتمر لمساعدة فلسطينيي غزة وما أحدثه ذلك من إرباك داخل الدبلوماسية الفرنسية، ما ينعكس حكماً على تعثّر تواصلها مع أطراف النزاع المعنيين بملف لبنان. وفي المقابل، يُسجل حالياً انحسار أي وساطة عربية مكتملة العناصر تجاه لبنان في ظل انشغال القنوات المعتادة، كمصر أو الأردن، بتحييد حرب غزة عن أراضيهما، وقطر بالتحضير مع مصر لهدنة غزة، وتراجع الدور العربي - الخليجي تحت وطأة تصاعد النفوذ الإيراني في القضية الفلسطينية، وضغط ملف التطبيع مع إسرائيل. وعدا التواصل السعودي - الإيراني الذي لم ينتقل إلى مرتبة أكثر فاعلية، لا يبدو إلى الآن أن ثمة راعياً للتفاوض حول لبنان واحتمال تفلّت الوضع الجنوبي، غير واشنطن وطهران. وهما الآن تنتظران على مفترق طرق، لأن ما بعد غزة يرسم خريطة المنطقة بما يتعدّى الساحات المشتركة وحدَها.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ما بعد

إقرأ أيضاً:

السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟

واستعرض برنامج "سيناريوهات" التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدت إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة الإستراتيجية وحقل هجليج النفطي، أهم وأكبر حقل نفطي في السودان.

بدوره، أعلن الجيش عن "انسحاب تكتيكي" بهدف حماية المنشآت النفطية الحيوية، في تطور يدخل الحرب مسارا تصعيديا ينذر بمرحلة أصعب.

وطرح البرنامج على ضيوفه تساؤلات جوهرية حول مستقبل السودان، ورأوا أن مستقبل السودان تحدده 3 سيناريوهات رئيسية:

استمرار حرب الاستنزاف لفترة طويلة على عدة جبهات رغم التكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة. ترسيخ مناطق نفوذ يسيطر فيها كل طرف على مساحات شاسعة، مما يزيد احتمال تفكك البلاد. الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة وتفاقم الكارثة الإنسانية قد تجبر الأطراف على العودة إلى مفاوضات جادة والقبول بهدنة إنسانية على الأقل.

وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل نحو 150 ألف شخص، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما تجاوز عدد النازحين في الداخل والخارج 12 مليون سوداني.

وتفشت المجاعة في مناطق واسعة، خاصة في إقليم دارفور، مع وضع إنساني متدهور إلى مستويات غير مسبوقة.

وأشار الخبير الإستراتيجي والسياسي الدكتور أسامة عيدروس إلى أن الحدث الأكبر في التطورات الجارية هو سقوط مدينة الفاشر وما تلاها من مجازر وتصفيات عرقية.

ورأى عيدروس أن جغرافيا الحرب تظل كما هي دون تغيير كبير، مشيرا إلى أن الجيش يحتفظ بقوته النوعية من 25 فرقة، فقد منها 6 فرق كانت محاصرة، لكنه استطاع سحب قواته منها وإعادتها إلى الشمال.

السيطرة الجغرافية

وعلى صعيد توزيع السيطرة الجغرافية، أوضح رئيس تحرير صحيفة الوسط الدكتور فتحي أبو عمار من ميلانو أن 90% من كردفان -باستثناء عاصمة الإقليم الأبيض والدلنج وكادقلي- تحت سيطرة الدعم السريع، إضافة إلى الصحراء غرب دنقلا والدبة والمثلث والعوينات.

ومن جهة أخرى، شدد المتحدث باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة -المعروف باسم صمود- الدكتور بكري الجاك من كمبالا على عدم وجود صيغة معروفة للحسم العسكري.

وأكد رفض التحالف للحرب مبدئيا وأنه لا يرى فيها وسيلة لتحقيق أي حلول في البلاد، محذرا من أن انخراط القوى المدنية والسياسية في الحرب يجعل تقسيم البلاد أمرا يسيرا وسهلا.

وفي إطار البحث عن الحلول الممكنة، استعرض البرنامج المبادرات الرئيسية لإنهاء الحرب، بدءا من مبادرة جدة التي انطلقت في مايو/أيار 2023 برعاية سعودية وأميركية وأدت إلى توقيع إعلان جدة الإنساني الذي نص على حماية المدنيين والمرافق، لكن الطرفين لم يلتزما به.

ثم تلتها مبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) التي بدأت في يوليو/تموز 2023 بدعم الاتحاد الأفريقي، لكنها واجهت تحديات بسبب رفض الحكومة السودانية رئاسة كينيا للجنة الرباعية متهمة الرئيس الكيني وليام روتو بالانحياز لقوات الدعم السريع.

ثم جاءت المبادرة الرباعية -التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات- كآخر المحاولات لإنهاء الصراع

ودعا بيان المجموعة الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي إلى هدنة إنسانية مدتها 3 أشهر لتوفير المساعدات العاجلة، يليها وقف دائم لإطلاق النار ثم عملية انتقال سلمي للسلطة تمتد لـ9 أشهر تفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.

شروط المبادرة

ولإنجاح هذه المبادرة، شدد مستشار المبعوث الأميركي السابق إلى السودان الدكتور كاميرون هدسون على ضرورة قبولها من الطرفين بدون شروط لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي أكد صعوبة تحقيقه.

واتهم هدسون دولا إقليمية بالضلوع في تأجيج الأزمة في السودان، مما يحول دون نجاح المبادرة الرباعية، موضحا أن الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من دول إقليمية لا يمكن مقارنته بالدعم المحدود الذي يتلقاه الجيش السوداني من مصر أو السعودية أو قطر أو تركيا.

ويرى الجاك أن السيناريو المرجح ليس تقسيما إداريا منتظما كما حصل في ليبيا، بل تحول البلاد إلى كانتونات عسكرية تحكم بواسطة أمراء حرب يتقاسمون السلع ويسيطرون على بعض الموارد الاقتصادية، محذرا من استخدام عملات مختلفة وتوقف الخدمة المدنية والتعليم في مناطق واسعة.

وخلص عيدروس إلى أن السودان يقف على مفترق طرق خطير، حيث يتطلب إنهاء الحرب تضافر الجهود الدولية والإقليمية مع نهوض السودانيين أنفسهم لمقاومة العدوان ووقف النزيف، مع ضرورة ظهور طبقة سياسية جديدة ونخبة مستنيرة قادرة على تجاوز الصراع الصفري على السلطة وبناء مستقبل مستقر للبلاد.

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • مفترق طرق أمام المكون الشيعي
  • خريطة مجلس النواب حتى الآن بعد التحديث بالحصر العددي للدوائر الملغاة الـ30
  • واشنطن تتهم رواندا بجر المنطقة للحرب بعد هجمات حركة إم 23 بشرق الكونغو
  • شاهد: سفير واشنطن في الأمم المتحدة يوجه رسالة خاصة لسكان غزة
  • إجلاء عشرات آلاف السكان جراء فيضانات في الولايات المتحدة وكندا
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • أسبوع أبوظبي المالي يرسم خريطة طريق لمستقبل سوق الديون المرمّزة
  • مستقبل وطن في الصدارة وحماة الوطن وصيفًا.. خريطة المقاعد المحسومة حتى الآن بانتخابات البرلمان
  • واشنطن تلمّح إلى دور ميداني للجيش التركي في قطاع غزة
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا