الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض مكانة التسامح في التضامن الاجتماعي المستدام
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أبوظبي – الوطن:
نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية ندوة بعنوان: “التسامح في التضامن الاجتماعي المستدام” ضمن موسمه الثقافي الثاني 2023، شارك فيها عدد من الخبراء والمختصين بهذا المجال، وجاءت الندوة بالتزامن مع اليوم الدولي للتسامح، ومع عام الاستدامة 2023، وانطلاقاً من مسؤولية الأرشيف والمكتبة الوطنية الاجتماعية تجاه أبناء المجتمع.
تحدث في الندوة سعادة عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية عن أهمية التسامح، فقال: إن التسامح صفة النفوس الطيبة، وهو سلوك حضاري تسلكه الأمم في مسيرتها نحو التقدم والازدهار، وقيمة التسامح في المجتمع تعني التضامن والتقدم والسلام المستدام.
وأشار إلى أن التسامح والتعايش مع الآخرين عناصر رئيسية في ثقافة مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة وسكانها، وقد باتت الدولة حاضنة لقيم التسامح والسلم والأمان وصون الحريات واحترام الآخر، وهي تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف أنحاء العالم، ومن يتأمل هذه التوليفة البشرية الرائعة والتعايش الإنساني النبيل يدرك أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أضحت واحة نموذجية ومثالية للتسامح في العالم.
وأكد سعادته أن الفضل في نشر هذه القيمة الأخلاقية العليا في المجتمع الإماراتي يعود إلى جهود المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي بذلها من أجل الارتقاء بالإنسان، وإلى جهود القيادة الرشيدة التي سارت على نهجه.
استهلت الندوة الدكتورة عائشة بالخير مستشار البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية التي أدارت الندوة، بقول للمؤسس والباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه: “إننا جميعاً على هذه الأرض خلقنا الله سبحانه وتعالى، وساوى بيننا، وكانت مشيئته أن يخلقنا أجناساً وديانات مختلفة، وإن تعاليم ديننا تدعو إلى التعاون مع كل إنسان، مهما كانت ديانته”.
ثم بدأت الندوة بحديث المستشار راشد المطوع بوزارة التسامح والتعايش، والمنسق العام للمبادرة الوطنية الحكومة حاضنة التسامح، وقد سلط الضوء على استدامة مفاهيم التسامح وانعكاساته على القيم المجتمعية، واستهلّ حديثه بكلمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله: “التسامح مصدر قوتنا وتميز تجربتنا ومسؤوليتنا جميعاً تجسيد هذه المعاني لأجل خير البشرية”.
ثم تحوّل المطوع إلى منظومة قيم المجتمع الإماراتي، وجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في استدامة مفاهيم التسامح، وتعزيز التسامح، وعاد إلى مبادئ الخمسين التي اعتبرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مرجعاً لجميع المؤسسات في إطار تعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة.
وركز المتحدث في المبدأ الثامن: ” منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة”.
وذهب بحديثه نحو المستقبل فتطرق لمئوية الإمارات 2071، ولرؤية “نحن الإمارات 2031″، وتحدث عن مجالات عمل وزارة التسامح والتعايش ومبادراتها، وعن مبادرة الحكومة حاضنة للتسامح.
وتحدثت الدكتورة وديمة الظاهري من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية عن مفهوم التسامح في اللغة العربية وفي الشريعة الإسلامية وكمصطلح معاصر، مشيرة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد عرفت التسامح وعززته في قانونها الاتحادي بشأن مكافحة التمييز والكراهية، واستحداث وزارة للتسامح والتعايش، واعتماد البرنامج الوطني للتسامح.
وأشارت إلى أن للتسامح عدة جوانب؛ منها: الديني والسياسي، والاجتماعي، وركزت في دور المؤسسات على صعيد التسامح الاجتماعي وأهميته في إرساء ثقافة التعايش بين أبناء المجتمع والمقيمين على أرض الإمارات الطيبة، وتطرقت إلى بعض مبادرات جامعة محمد بن زايد في مجال التسامح الاجتماعي، وفي مقدمتها برنامج “بكالوريوس التسامح والتعايش” الأول من نوعه في العالم.
واختتمت الندوة بحديث الأستاذ عيسى ثاني البلوشي، من مركز تريندز للبحوث والاستشارات؛ والذي قال: إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر التسامح والتضامن الاجتماعي أساسيّين لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار، حيث إن المجتمع الإمارات يتسم بالتنوع الثقافي والديني، وأشار إلى أن التسامح يعزز الفهم المتبادل، ويسهم في بناء جسور التواصل بين الأفراد، وبالتالي فهو كفيل بتحقيق الوحدة في المجتمع.
وأكد أن التسامح لا يعني فقط قبول الآخر، وإنما يضمن حقوق الإنسان بصرف النظر عن الخلفيات الثقافية.
واستعرض البلوشي عدداً من النقاط التي تعزز الفهم لأهمية مبادئ العدل والمساواة والتآلف والتسامح في بناء مجتمع إماراتي مستدام، ومنها: تعزيز التفاهم الثقافي والديني، وتعزيز دور المرأة، والمشاركة المجتمعية، والتربية والتعليم… وغيرها.
تجدر الإشارة إلى أن الأستاذة إيمان البريكي من الأرشيف والمكتبة الوطنية (مؤلفة كتاب التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة) قدمت المشاركين في الندوة، وأن الندوة اختتمت بتكريم الأرشيف والمكتبة الوطنية للمشاركين جميعاً.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حين تتحول الدراما والإعلام إلى قوة تغير المجتمع وتحافظ على هويته
شهدت مكتبة مصر العامة مؤخرًا ندوة مهمة بعنوان ًالدراما والإعلام وبناء الإنسان شاركتُ فيها كمتحدثة بدعوة كريمة من الإعلامي الكبير أيمن عدلي، وأدارها الكاتب الكبير أحمد أيوب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، بحضور نخبة متميزة من النقاد والإعلاميين والكتّاب. وجاءت الندوة في إطار حوار جاد حول دور الدراما والإعلام في تشكيل وعي المجتمع، لا سيما في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في عصر السوشيال ميديا.
ناقشنا خلال الندوة كيفية تحقيق تكامل حقيقي بين الإعلام والدراما، بحيث يقدمان معاً محتوى يليق بالشعب المصري، ويستجيب للتحديات الثقافية والفكرية التي تواجه الجيل الجديد وفي ظل كثافة المعلومات وسرعة انتشارها عبر منصات التواصل الإجتماعي، أصبح الدور التنويري لكل من الإعلام والدراما أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى ،ليس فقط لتثقيف الجمهور، بل لتصحيح المفاهيم، ودعم الهوية الوطنية، وإبراز النماذج الإيجابية داخل المجتمع.
وجاءت الندوة متوافقة مع الإهتمام الذي يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعم الدراما الهادفة ودورها في بناء الوعي المجتمعي؛ إذ يؤكد الرئيس دائماً على ضرورة تقديم أعمال فنية تعكس الواقع المصري بصدق، وتبرز حجم التنمية التي تشهدها الدولة، وتسلط الضوء على النجاحات التي تتحقق يوماً بعد يوم. كما تؤدي الدراما دوراً مهماً في دعم السياحة من خلال عرض الجوانب التاريخية والجمالية لمصر.
ومن واقع خبرتي ومتابعتي للمشهدين الإعلامي والدرامي، أؤمن بأننا أمام مرحلة تحتاج إلى إستراتيجية واضحة لصناعة محتوى يعيد للدراما دورها الأصيل بوصفها قوة ناعمة قادرة على التأثير والبناء. فالمطلوب اليوم ليس فقط أعمالًا تحقق نسب مشاهدة مرتفعة، بل أعمالًا تحمل رسائل واعية وتُسهم في تشكيل وعي حقيقي لدى الأجيال الجديدة.
وأرى أن الدراما يجب ألا تكتفي بعرض المشكلات، بل ينبغي أن تقدم أيضاً الإلهام والأمل، وتسرد قصص النجاح التي تحفز الشباب وتعبر عن قدرة المصريين على التغيير وصناعة المستقبل. كما والإعلام فدوره لا يقل أهمية، إذ يجب أن يكون شريكًا في التوعية، قادرًا على تبسيط القضايا المعقدة،
ومخاطبة عقل المواطن، وتعزيز ثقته في وطنه ومستقبله.
زأن يتجاوز حدود نقل الأخبار إلى تحليلها وتبسيطها وشرحها للمواطن، ليكون شريكاً فاعلاً في تعزيز الوعي، لا مجرد ناقل للأحداث.
ولا يفوتني أن أتقدم بالشكر للمنتجين الذين تعاونوا مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في تقديم أعمال درامية هادفة تحترم عقل المشاهد وتعكس القيم الأصيلة للمجتمع المصري؛ فهؤلاء يساهمون في رفع مستوى الدراما ويؤكدون أن الفن يمكن أن يكون راقياً ومؤثراً في آن واحد.
وأرجو منهم الإستمرار في هذا النهج الواعي، والإبتعاد عن الأعمال التي تروّج للعنف، أو تقدم صورة مشوهة عن المرأة، أو تُسيء إلى قيم المجتمع. فالدراما مسؤولية أخلاقية وثقافية قبل أن تكون مشروعاً فنياً، وتأثيرها المباشر في الجمهور يفرض على الجميع من منتجين وكتّاب ومخرجين أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية الوطنية.
كما أتمنى أن يسهم المنتجون في التعاون مع قطاع الإنتاج بماسبيرو لإنتاج أعمال درامية جديدة تعيد إليه روحه ودوره التاريخي. فهذا القطاع العريق كان له فضل كبير على أجيال من صنّاع الدراما، واحتضن أعمالاً شكّلت وجدان الجمهور المصري والعربي لعقود طويلة واليوم حان الوقت ليقف المنتجون إلى جانبه، حتى يعود ماسبيرو شريكاً فاعلاً في صناعة الدراما الوطنية الراقية، ويستعيد مكانته التي يستحقها كأحد أهم روافد الفن والإعلام في مصر.
لحظات إنسانية مُلهمة داخل الندوة
وكان من دواعي سعادتي خلال الندوة حضور والدة ووالد الشهيد البطل هشام شتا، الذين حمل وجودهم معنى عميقاً للتضحية والوفاء، وذكّرونا جميعاً بأن هناك من قدّموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن ليحيا المجتمع في أمن وإستقرار. كما تشرفت بوجود اللواء محمد عبد القادر، أحد أبطال نصر أكتوبر، الذي يجسد جيلاً من الأبطال الذين صنعوا أمجاد هذا الوطن وقدموا نموذجاً خالداً للشجاعة والإنتماء. لقد أضفى وجودهم قيمة إنسانية ووطنية مميزة على الندوة، وأثرى الحوار بروح العطاء والتضحية.
لقد كانت مشاركتي في هذه الندوة تجربة ثرية ومُلهمة، عززت قناعتي بأن الدراما والإعلام ليسا مجرد أدوات للترفيه أو نقل الخبر، بل شريكان أساسيان في بناء الإنسان، وتشكيل الوعي، وتقديم صورة حقيقية لمصر بكل ما تحمله من تحديات وإنجازات وطموحات.