هيامها به فاق كل تصور.. معنوياتي في الحضيض بسبب إبنتي
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
سيدتي أحييك من خلال هذا الركن وأحيي قراء الموقع الذي كفل لي فرصة أن أعرض عليك ما يخالجني.
فقد غدوت إنسانة جدّ تعيسة، حيث أنني أجني اليوم خيبة ما بعدها خيبة من فلذة كبدي التي لم أبخل عليها يوما بالحب والحنان.
لأجدها وبكل جسارة تتهمني بأنني سبب تعاستها ومن أنني سبب كل المأسي التي حدثت لها في الحياة.
أبكي في اليوم ألف مرة وسهام إبنتي تتقاذفني وترميني بالسوء والله وحده شاهد أنه لو كان بمقدوري لمسحت عنها الألم والأسى كله.
كان لإبنتي أن هامت بشخص لا يناسبها وهي في العشرين من عمرها، فتاة في قمة الجمال والرفعة. يخال لمن يراها أنها أميرة أتت من الزمن الجميل.
مانعت بشدة أن يتمّ هذا الزواج،لسبب واحد وهو عدم وجود التكافؤ التعليمي الإجتماعي. إلا أنني واجهت ضغطا كبيرا من إبنتي وعدّة مساومات منها.
فأذعنت لرغبتها خيفة أن تقترف في حق نفسها ما يؤذيها أو يدنّس شرفها، فتهاوت أحلامي في أن أراها تنجح وتتألق في دراستها وعملها.
وزوجتها لم يفوّت الفرصة ليرميها وهي تحمل لقب المطلقة بعد أن وجد لنفسه فرصة يسافر بها خارج الديار لتحقيق حلمه في الزواج من أجنبية.
عادت إبنتي أدراجها منكسرة الخاطر والفؤاد، ولإحساسي كأم بمدى االألم الذي كانت تمر به وتحسّ به. لم أشأ أن أتركها عرضة لأي شخص يؤذي مشاعرها بكلمة أو حتى همسة.
حقيقة طلب يدها العديد من الشباب وأبناء العائلات المحترمة، وكنت أرفض أن أفاتحها في الموضوع. حتى لا تخمّن في أنّني أريد التخلص منها أومن أنها تشكل لي إزعاجا.
كل هذا إنقلب ضدي اليوم وهي في الأربعين من عمرها، حيث أن إبنتي سيدتي تلومني لأنني زوجتها ممن تحب. والأكثر أنها تؤكّد لي أيضا أنني السبب في عدم زواجها مرة أخرى.
صمتها الرهيب الذي يخيم على أرجاء المنزل يجعلني أتوجّس من أي ردة فعل منها قد تهلكنا أنا وأبوها المنهك نفسيا من طبعها الحادّ والقاسي.
فهي –سامحها الله- تهدّد من أنّها ستضع يوما حدّا لحياتها. كونها لا تتشرف أن يكون لها أمّ مثلي دفعت بها إلى الفشل ورمت بها في المجهول.
الله وحده شاهد سيدتي أنني مانعت من أن تتزوج إبنتي وهي فتية لإيقاني يومها بعدم تكافئها من هامت به وعشقته.
والله وحده يعلم أنني كنت أحافظ على مشاعرها كما لم تفعله أمّ والشباب يطرقون أبوابنا خاطبين إياها مخافة أن تعود لنقطة الصفر من اليأس والقنوط.
أيعقل هذا سيدتي؟ أيعقل أن تقدم فتاة عاقلة بإتهام من حملتها وهنا على وهن بأنها هي سبب سوء طالعها وحظها؟.
هل هناك أمّ تبتغي الفشل لفلذة كبدها وأنا من كنت أدعوة الله ليل نهار أن تخرج من أزمتها. وتندمج مع الحياة وتبني مستقبلها وكأنّ شيئا لم يكن؟.
أنا أمّ حائرة منكسرة وهن تفكيرها من بنت لست أعلم إن هي تعاني من أزمة نفسية حادة أم أنّها حقّا ترى أنني السبب في تعاستها؟.
فهل ما أجنيه أنا وتكابده هي من سوء حظّ بسببي؟ أنيري دربي سيدتي فأنا ومعنوياتي في الحضيض.
أختكم أم رشا من الغرب الجزائري
الردّ:هوني عليك سيدتي ولا تحملي قلبك المكلوم ما لا طاقة لك به، وأدعو الله أن يهدي إبنتك إلى الطريق الأقوم والأصلح.
حقيقة ما أنت فيه من حيرة بسبب تصرفات إبنتك التي أعتبرها ضحية تهورها وطيشها يجعلك لا تميزين بين ما يصلح وما لا يصلح.
لكنّني أحسّ من أن مربط الفرس ومقاليد الأمور كانت بين يديّ زوجك الذي كان الأحرى به أن يتدخل قبل زواج إبنتكما. ممن جعلها تهوى أرضا وهي منكسرة ومجروحة.
كذلك كان على الأجدر بزوجك أن يتدخل في الوقت الذي كان الخطاب يتوافدون على بيتكم سيدتي طالبين يد كريمتكم. فيفتح مع إبنته الموضوع ويعرف منها رغبتها في إعادة بناء حياتها من عدمه.
أيضا أعيب عليك سيدتي أنك تركت إبنتك في عزلتها بعد طلاقها وصدمتها. وقد منعت عنها التواصل بالأخرين مخافة أن يجرحوا شعورها وقد كان هذا الخطأ الأكبر.
حيث أنك لو تركتها تواجه مصير إختيارها السّيء بالنصح والإرشاد مصحوبين بالدعم والتشجيع على الوقوف من جديد على رجليها. لما كان هذا هو حالها اليوم.
وها هي كألية دفاع ذاتي عن نفسها تحمّلك إبنتك تبعات ما حصل لها.
وكحلّ سيدتي لهذه المسألة، أنصحك بضرورة فتح باب الحوار مع إبنتك التي لا يجب عليها أن تعلّق فشلها على مشجب قراراتك القديمة التي لم تذعن لها قطّ.
كلميها وذكّريها بإمتعاضها لكلّ ما كنت تقولينه لها. لقد عاشت من الحرية هذه الفتاة ما جعلها تهدم حياتها. وهي اليوم تحيا من الغطرسة ما جعلها تتهمكم بأنكم أنتم سبب فشل حياتها وهذا خطأ.
وهي في الأربعين من عمرها من المؤكد أن إبنتك تحس بالوحدة ومن أن قطار الحياة فاتها، وهذا ليس بصحيح.
فلتحاولي أنت وزوجك وإخوتها تشجيعها للمضي قدما في حياة جديدة قد تلاقيها بمن يشحذ همّتها. ويعلّمها المسؤولية ويلقنها مسألة الأخذ بزمام الأمور وتحمّل عواقب الخيارات.
لا تحمّلي قلبك مسؤولية فشل حياة إبنتك سيدتي فما حدث لها درس يخصّها ومسألة طلاقها أمر مكتوب في الكتاب المكنون.
ولتدعي الله أن يلاقيها بزوج صالح يضمّد جراحها ويرسو بقلبها المتعب على برّ الأمان.
ردت: “ب.س”المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
عبدالباسط عبدالصمد.. صوت مصر الذي أسحر القلوب
عبدالباسط عبدالصمد، ذلك الاسم الذي يسطع في سماء القرآن الكريم، ليس مجرد قارئ للقرآن، بل هو رمز للتلاوة الخاشعة، وصوت مصر الذي وصل إلى كل بقاع العالم، يحمل في طيات صوته أصالة الأمة وعذوبة روحها.
ولد عبدالباسط في قرية المراعزة بمحافظة قنا عام 1927، في أسرة اهتمت بالقرآن الكريم، فكان جده والده من الحافظين والمجودين، وتربى على حب التلاوة منذ نعومة أظافره.
لم يكن صغره مجرد مرحلة طفولية، بل كانت بداية رحلة استثنائية مع كتاب الله، فقد أتم حفظ القرآن الكريم وهو في سن العاشرة، وانطلقت موهبته إلى آفاق لم يصلها كثيرون من قبل.
لم يكن عبدالباسط قارئا عاديا، بل كان فنانا في الأداء، مدققا في مخارج الحروف وأحكام التجويد، صوتا يطرب السامع ويشد انتباهه منذ اللحظة الأولى.
مع الشيخ محمد سليم حمادة في طنطا، تعلم القراءات السبع وأتقنها، واستمرت دعوته في أصفون المطاعنة، حيث كان الجميع يلتفون حوله للاستماع إليه، ويشيدون بموهبته الفريدة، كانت شهادات أساتذته محل احترام وثقة، وهو ما مهد له الطريق نحو شهرته المستقبلية.
دخل عبدالباسط الإذاعة المصرية عام 1951، بعد أن لفتت تلاواته الأنظار في المولد الزينبي، ومن هنا بدأ صوته ينتشر في كل بيت مصري، وكان الناس يرفعون أصوات الراديو ليستمعوا إلى تلاوته، كأن القرآن نفسه يتجدد في كل مساء.
انتقلت شهرته بسرعة، فأصبح قارئ مسجد الإمام الشافعي، ثم مسجد الإمام الحسين، وترك خلفه إرثا من التسجيلات الرفيعة والمصاحف المرتلة التي لا تزال تردد صداها في أرجاء العالم الإسلامي.
لم يكن عبدالباسط محصورا داخل مصر، فقد جاب العالم سفيرا للقرآن، يقرأ في أعرق المساجد وأشهرها، من الحرم المكي والمسجد النبوي إلى المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي والمسجد الأموي، مرورا بمساجد آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.
وكان حضوره في أي بلد مناسبة بحد ذاته، فاستقبله القادة والشعوب بحفاوة لم تعرف لها مثيلا، فقد كان صوته يحمل رسالة الإسلام والمحبة والروحانية، ويجمع القلوب على حب الله والتعلق بكتابه الكريم.
وفي كل رحلة، كان عبدالباسط يترك أثرا لا ينسى، سواء في الاحتفالات الرمضانية أو الزيارات الرسمية، وكان الناس يقفون على أقدامهم لساعات يستمعون لتلاوته، خاشعين دموعهم تنهمر من خشوعهم وإعجابهم بصوته.
لم يقتصر تأثيره على الجانب الديني فحسب، بل امتد ليكون رمزا للثقافة المصرية في العالم، وإشارة إلى قدرة مصر على أن تصنع أعظم الأصوات التي تسحر القلوب وتلامس النفوس.
ولم تخل حياته من التكريمات، فقد حصل على العديد من الأوسمة داخل مصر وخارجها، من وسام الاستحقاق السوري إلى وسام الأرز اللبناني والوسام الذهبي الماليزي، وغيرها من الأوسمة، تقديرا لدوره الكبير في خدمة القرآن الكريم ونشره، كما أسس نقابة قراء مصر، وانتخب أول نقيب لهم عام 1984، ليواصل دعمه للحفظة والقراء، ويهتم بشؤونهم بروح وطنية صادقة.
ورغم المرض الذي ألم به في أيامه الأخيرة، ظل عبدالباسط مخلصا لرسالته، محافظا على قيمه وصدقه مع القرآن والجمهور، حتى وافته المنية في 30 نوفمبر 1988.
وشهدت جنازته مشهدا وطنيا وإنسانيا استثنائيا حضره عدد كبير من الناس وسفراء الدول، تعبيرا عن حب العالم لصوت حمل رسالة القرآن إلى كل مكان.
عبدالباسط عبدالصمد لم يكن مجرد قارئ، بل كان روحا مصرية خالدة، وصوتا لا يزول من ذاكرة الإنسانية، أسطورة تضيء دروب كل من يحب القرآن ويعشق التلاوة الخاشعة.
وكلما مرت السنوات، يزداد حضوره في وجدان الأمة، ويظل مثالا للأجيال في التفاني والإخلاص والفن الذي يمزج بين الروحانية والجمال، ليبقى عبدالباسط صوت مصر، وصوت القرآن الذي يرن في القلوب كما يرن في الآذان.