قدم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الشكر لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ومسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل على ما قاما به من جهدٍ  لكي يكون اجتماعنا في هذا اليوم ممكنًا... كما اشكر الامين العام السفير ناصر كامل علي جهده المتصل طوال العام.
في الحقيقة لا أرى داعيًا لتكرار المواقف العربية والإسلامية المعروفة حيال العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة، ولكن أنتقي منها ثلاث نقاط أضعها أمامكم:
أولًا: ان فهم ما جرى في 7 أكتوبر لن يكون ممكنا من دون فهم الطريق الذي قاد إليه.

. إننا كعرب نرفض ما جرى في هذا اليوم من استهداف للمدنيين.. ولكننا من واحية اخري نفهم جيدًا الطريق الذي أوصلنا إلى هذا الوضع المأساوي.. إنه طريق رسمه وقاد إليه من ظنوا أن استدامة الاحتلال إلى الأبد هو أمر ممكن.. وأن تحويل الفلسطينيين إلى رعايا في دولة فصل عنصري هو أمر قابل للاستدامة.. وأن القضاء على أي أفق لدى الفلسطينيين كفيلٌ بإشاعة اليأس بينهم، وتصفية قضيتهم... هذا الفكر وذلك النهج هو ما أوصلنا إلى اللحظة  الحالية بكل ما فيها من عنفٍ وقتل وبشاعة.. هذا الفكر نفسه لازال يقف اليوم وراء قتل المدنيين الفلسطينيين بالجملة ومنهم الأطفال بالآلاف... للأسف هذا الفكر يسيطر كليًا على إسرائيل منذ ما يزيد على خمسة عشر عامًا.. وأعتقد أن على كل من يعملون من أجل السلام إدراك مسئولية التيار الإسرائيلي العنصري عما آلت إليه الأمور ليس في غزة فقط وإنما في عموم ارض فلسطين المحتلة، وبالتالي فهناك ضرورة لمواجهة هذا الفكر السياسي والعسكري الفاشي، بكل ما يُمثله من أفكار مقيتة.

ثانيًا: إننا نُكرس كل طاقاتنا ونضع كل جهدنا اليوم من أجل هدف واحد هو وضع نهاية لهذه المذابح.. ووقف العدوان على غزة فورًا.. واستعادة الحد الأدنى من الحياة الطبيعية لأطفالها وسكانها.. ومع ذلك، فإننا ننظر أيضًا إلى المستقبل.. ونؤكد أنه لا مستقبل لغزة بفصلها عن الضفة وكأنها قضية بذاتها.. غزة اليوم عنوان للقضية الفلسطينية وهي جزءٌ منها.. وأية "حلول" لغزة لا بد أن تكون جزءًا من الحل الشامل لهذه القضية على أساس رؤية الدولتين... وأقول بصراحة إننا جميعًا هنا مؤمنون بحل الدولتين، ومقتنعون بأنه السبيل الوحيد لتسوية هذا الصراع.. ولكن علينا أن نواجه أنفسنا بما فعلناه حقًا من أجل انفاذ هذا الحل وتحقيقه على الأرض.. حل الدولتين لن يتحقق من تِلقاء ذاته.. ذلك أنه ينطوي على مواجهة سياسية حتمية مع الدولة التي تقف في طريق تحقيقه؛ أي دولة الاحتلال.. إن على كل من يؤمن بإمكانية تحقيق السلام في المستقبل أن يُدرك أن لهذا السلام ثمنًا يتعين الوفاء به.. عبر العمل بصورة مستمرة، وليس على نحو موسمي أو شكلي، من أجل تحويل حل الدولتين إلى واقع في أقرب فرصة... 
ما نسعى إليه في المستقبل القريب ليس أفكارًا أو تصورات.. وإنما عملًا دبلوماسيًا سياسيًا متواصلًا من أجل تفعيل التسوية.. وثمة مسارات واضحة بالفعل في هذا الصدد.. من بينها المؤتمر الدولي للسلام.. الذي يؤيده ويدفع به الجانبان العربي والأوروبي.. ولا بد من تعزيز التنسيق حول هذا المسار بالعمل من اليوم استعدادًا للحظة قريبة بإذن الله تصمت فيها المدافع في غزة.

ثالثا: إن الفضاء العربي-الأوروبي يحمل أهمية استراتيجية للجانبين، وهو ما تُجسده هذه المنظمة.. ولكننا كررنا مرارًا.. هنا في سنواتٍ سابقة.. أن القضية الفلسطينية تظل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الإمكانية الكاملة لهذه العلاقة الاستراتيجية.. 
ربما رأى الكثيرون في كلامنا وقتها مبالغة أو خطابًا سياسيًا.. ولكنها كانت الحقيقة ولا شيء آخر.. واليوم أكرر حقيقة أخرى أرجو أن ننتبه لها جميعًا.. إن الحرب على غزة، وبسبب ما تنطوي عليه من بشاعة غير مسبوقة وعنصرية فاضحة، تزرع بذورًا من الكراهية واليأس والغضب لن يُفيد منها سوى قوى التطرف.. لا أحد يُريد لهذه القوى أن تنتصر أو تسود أو ترسم أجندة المستقبل والعلاقات بين شعوبنا.. ولكن علينا الانتباه لأن هذا يُمكن أن يحدث... وعلينا جميعًا أن ننأى بأنفسنا عن كل مواقف تُرسخ العنصرية والكراهية أو تُعطي رُخصة لممارسة القتل على الهوية...علينا أن ننتبه لأن الأجيال الجديدة تُراقب المواقف وردود الأفعال.. وترصد الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة.. إن ما يُحصننا حقًا في مواجهة خطاب الكراهية هو خطاب القيم الإنسانية المشتركة، والمواقف التي تتأسس على المبادئ الأخلاقية.. فتدين قتل المدنيين، على إطلاقه، وليس بالتمييز بين شعب وآخر.. هذا ما يصون المستقبل حقًا، ويُعزز تواصلنا الحضاري عبر فضاء المتوسط، ويُحصن مجتمعاتنا من آفات حروب الأديان والحضارات.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: هذا الفکر من أجل

إقرأ أيضاً:

محاضرة حول أصول الفكر المتطرف بمركز الثقافة الإسلامية بدمنهور

أقيمت اليوم الأربعاء الموافق ١٠ / ١٢ / ٢٠٢٥م بمركز الثقافة الإسلامي بدمنهور، محاضرة علمية لفضيلة الدكتور عبد الصبور الأنصاري مدير مديرية أوقاف البحيرة، وذلك في مادة أصول الفكر المتطرف لطلاب الفرقة الأولى بمراكز الثقافة الإسلامية.

جاءت المحاضرة في إطار حرص وزارة الأوقاف على ترسيخ منهج الوسطية، وتوعية الطلاب بخطورة الفكر المنحرف، وسبل مواجهته بالعلم الرشيد والفهم الصحيح للنصوص الشرعية.

وعلي حانب آخر ،عقدت اليوم مديرية أوقاف البحيرة، مقارئ الأعضاء بالإدارات المختلفة، وعددها (48) مقرأة، في إطار جهودها المتواصلة للعناية بكتاب الله تعالى أداءً وتدبرًا، والارتقاء بمستوى الأئمة والقراء علمًا وأداءً.

وتأتي هذه المقارئ ضمن خطة وزارة الأوقاف لترسيخ منهج التلقي الصحيح للقرآن الكريم، بما يعين الدعاة والقراء على أداء رسالتهم في خدمة كتاب الله ونشر الهدي القرآني بين الناس.

وتُعَد هذه المقارئ ميدانًا عمليًّا لتصحيح التلاوة وضبط الأداء وفق أحكام التجويد والرسم العثماني، كما تُسهم في تعزيز الروابط العلمية والروحانية بين السادة الأئمة والقراء، وتجديد الصلة المستمرة بكتاب الله تعالى حفظًا وفهمًا وتطبيقًا.

مقالات مشابهة

  • حمدان بن محمد: على خطى محمد بن راشد تعلمنا أن المستقبل لا ينتظر بل يُصنع اليوم
  • سعر الدولار مقابل الجنيه نهاية تعاملات اليوم
  • حالة الطقس اليوم: الأرصاد تكشف فرص سقوط الأمطار ودرجات الحرارة حتى نهاية اليوم
  • محاضرة حول أصول الفكر المتطرف بمركز الثقافة الإسلامية بدمنهور
  • أردوغان: حل الدولتين الطريق الوحيد لسلام دائم في غزة
  • سعر الدولار في نهاية تعاملات اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025
  • عاجل: "الأرصاد" لـ"اليوم": الشرقية على موعد مع أمطار تمتد حتى نهاية الأسبوع القادم
  • أردوغان: طريق السلام العادل والدائم في غزة يمر بتنفيذ حل الدولتين
  • سعر الذهب في نهاية تعاملات اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025.. عيار 21 الآن
  • الثورة الصناعية .. تحولات في الفكر والعمل والإنتاج