يضع ملايين من الفلسطينيين أياديهم على قلوبهم؛ تخوفاً مما سيحدث من سيناريوهات عسكرية إسرائيلية مرتقبة بعد الانتهاء من الهدنة وتمديداتها المرتقبة، وهو تخوف مشروع ناتج عما عاشوه من دمار، منذ أن باغتت حماس وكتائب القسام إسرائيل فى السابع من أكتوبر 2023 بهجوم نوعى زلزل الكيان المحتل.
الكل يسأل: هل ستنتهى الهدنة وأخواتها إلى وقف نهائى لإطلاق النار، والجلوس على مائدة مفاوضات المسارالسياسى والوصول إلى اتفاق حل الدولتين؟ أم سيواصل الاحتلال حربه الشرسة والضغط باتجاه ترحيل أصحاب الأرض من بيوتهم قسرياً؟ وماذا لدى المقاومة؟ هل ستستمر فى الصمود لحين تحقيق أهدافها السياسية من هجوم أفقد تل أبيب توازنها وقلب الطاولة على «نتنياهو» وحكومته؟
استراتيجياً، لا تندلع حرب من أجل الحرب وإنما بهدف تحقيق نتائج سياسية تمنح الطرف المبادر بالهجوم مكاسب تجعله يفاوض بقوة، وهذا هو الهدف الأول الذى حققته المقاومة، وتجلى بوضوح فى أزمة الرهائن، إضافة إلى ما خططت إليه حماس بالتنسيق مع إيران وحلفائها فى لبنان، اليمن، حزب الله، وفى العراق «حركة حشد» وفى اليمن «أنصار الله الحوثيين» فى إشغال إسرائيل بمناوشات عسكرية، تحركت من أجلها حاملات الطائرات والبوارج الأمريكية والأوروبية لحماية ودعم إسرائيل، وهذا هو الهدف الثانى من حرب حماس بإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كاد ينساها العرب والمجتمع الدولى فى خضم الأحداث والأزمات العالمية المتسارعة.
المتشائمون وأنا منهم، يتوقعون حرباً أشرس من إسرائيل، فى محاولة يائسة لإعادة ثقة الإسرائيليين فى الحكومة، بعد أن عمقت عملية تبادل الأسرى من جراح وآلام قادة جيش الاحتلال، وقذفت بهم مسافة أخرى للخلف؛ ربما تقودهم إلى تقديم استقالاتهم، وعندئذ سيدفع نتنياهو وحزب الليكود الثمن، ولا سيما فى ظل الخوف الشديد من أن تعيد حماس والفصائل ترتيب أوضاعها العسكرية، فضلا عن الرفض التام من قبل القاهرة وعمّان لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
أما المتفائلون بوقف إطلاق النار واتجاه الطرفين للمسار السياسى، فهم لا يستبعدون أيضاً استمرار الهجمات الإسرائيلية، تطبيقاً لخطة سابقة تقوم على قبول التفاوض تحت صوت القنابل والرصاص، وتستهدف تطهيراً عرقياً ناعماً بإفراغ تدريجى لكل قطاع غزة من سكانه إلى دول الجيران، للسيطرة على الغاز وإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلى الذى كلفته الحرب أكثر من 60 مليار دولار.
ويبدأ هذا التطهير العرقى الناعم بإخراج عائلات كثيرة بعينها من القطاع بعد هدم منازلهم وتسويتها بالأرض، مع الاستمرار فى توسيع المستوطنات، بحيث لا يكون أمام الفلسطينى سوى التعايش مع اليهودى، ويصبح من الأقليات أو يجبر على الرحيل تحت وطأة عمليات التهويد وهجمات الحقد والكراهية والتمييز العنصرى، ولا سيما بعد أن سقط فى الحرب الدائرة الآن نحوى 2000 قتيل ومصاب ومعاق من ضباط وجنود الاحتلال وهو الرقم الأعلى منذ حرب أكتوبر 1973.
وهناك سيناريو آخر متوقع وهو الاتجاه إلى تصفية قادة حماس والصف الثانى، مع البحث عن سلطة فلسطينية متعاونة بعيداً عن حماس تمهيداً لمفاوضات ربما تحقق نصراً معنوياً لقادة بنى صهيون؛ وهو ما تسعى إليه أمريكا حتى لا تستمر فى معركة تذكرها بحرب فيتنام.
وهذا السيناريو الأخير، لن يكتب له النجاح، لأنه من المستحيل القضاء على قادة حماس واستبعادهم من الحوار والمفاوضات وإطفاء جذوة المقاومة التى ولدت لتبقى حتى تقوم دولة فلسطين.
وإذا كان الصهاينة يعيدون الآن النظر فى مشروعهم الكبير، فإن العرب مطالبون بتحرك أقوى واستثمار أسرع لتراجع التعاطف العالمى مع المغتصبين لنحو 80% من أراضى فلسطين، لإطلاق مؤتمر دولى تشارك فيه كل القوى الكبرى المؤثرة، بالإضافة إلى تركيا وإيران، لإقناع تل أبيب بأنه لا فرار من قيام دولة فلسطينية مستقلة مقابل حماية أمن إسرائيل وضمان استمرار المنطقة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ملايين من الفلسطينيين عسكرية إسرائيلية نتنياهو
إقرأ أيضاً:
قادة إسرائيل يثمنون دعم ترامب: «القائد الملتزم بأمن إسرائيل والسلام العالمي»
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والولايات المتحدة تصرفا “بقوة غير مسبوقة” في استهداف المنشآت النووية الإيرانية.
وأشاد نتنياهو في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على “إكس” بالقرار الجرئ الذي اتخذته واشنطن، مؤكدًا أن هذا العمل سيغير مجرى التاريخ.
وأضاف نتنياهو: “نكرر دائماً، أنا والرئيس ترامب، أن السلام يبدأ بالقوة؛ أولاً تأتي القوة ثم يأتي السلام. الليلة، تصرف ترامب والولايات المتحدة بقوة غير مسبوقة”.
وكان ترامب أعلن في وقت مبكر من اليوم تنفيذ هجوم ناجح استهدف ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران تشمل فوردو، نطنز، وأصفهان، مؤكداً أن جميع الطائرات الأمريكية عادت سالمة بعد تنفيذ العملية.
بدوره، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ووزير المالية بيزائيل سموترش تدمير مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية بأنه “انتصار تاريخي” يجعل العالم أكثر أمانًا.
وقال سموترش، في تصريحات الأحد، إن “العالم أصبح اليوم أفضل وأكثر أمانًا لإسرائيل وللعالم أجمع”.
وأكد أن العملية تمت ضمن تعاون غير مسبوق بين إسرائيل والولايات المتحدة، مشددًا على أن “الحرب لم تنتهِ بعد”، ودعا المواطنين إلى الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية لضمان سلامتهم.
كما قدّم شكره لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسؤولين الأمنيين، بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفًا إياه بـ”القائد الملتزم بأمن إسرائيل والسلام العالمي”.
من جانبه، أشاد غانتس بأداء الجيش الإسرائيلي، قائلاً: “بتضافر جهود القوات البرية والجوية والبحرية تمكنا من تحييد أحد أخطر التهديدات النووية”، وأبرز التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، معتبرًا أن العملية تؤكد متانة التحالف بين البلدين، وحذر من استمرار التحديات الأمنية، داعيًا إلى اليقظة والاستعداد لأي تطورات مستقبلية.
وشدد المسؤولون الإسرائيليون على ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات الأمنية، خاصة في المناطق القريبة من الحدود، ودعوا إلى توحيد الصفوف خلف القوات الأمنية، معتبرين العملية انتصارًا للجهود المشتركة بين الحكومة والشعب والجيش.
يأتي ذلك في ظل الغارات الأمريكية التي استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية حيوية، وهي منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، ومنشأة نطنز للمنتجات النووية، ومنشأة أصفهان للبحوث النووية، والتي خضعت بعض أقسامها لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في المقابل، قالت السلطات الإيرانية إن المنشآت المستهدفة لا تحتوي على مواد مشعة قد تؤدي إلى تلوث، وأكدت أن المواقع كانت تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم تتعرض لأضرار لا يمكن إصلاحها.