محيي الدين: وفاء العمل المناخي باتفاق باريس يستلزم التركيز على الحلول التحويلية
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
أكد الدكتور محمود محيي الدين ورزان المبارك، رائدا المناخ لمؤتمري الأطراف السابع والعشرين والثامن والعشرين، أن وفاء العمل المناخي باتفاق باريس، وتحقيق هدف الإبقاء على الاحتباس الحراري عند ١,٥ درجة مئوية، يحتاج إلى التركيز بشكل جماعي على الحلول التحويلية بما يحقق قدرًا أكبر من الاستقرار والأمن والمساواة للجميع.
قال محيي الدين والمبارك، في مقال مشترك نشرته منصة Sustainable Views البريطانية، إن العالم الذي تسيطر عليه الأزمات والفرقة يحتاج للنظر إلى العمل المناخي بوصفه المجال لتوحيد الجهد والهدف، والوصول إلى مستقبل أكثر صحةً وأمانًا وعدلًا للجميع، فكلما أسرع العالم الخطى نحو معالجة تغير المناخ، كلما ذهب إلى أبعد من ذلك بتحقيق الاستدامة، والتغلب على انعدام الأمن الغذائي، وفقدان الموارد الطبيعية مثل الأرض والمياه، وتراجع العدالة الاجتماعية، وتزايد الديون الوطنية، وغير ذلك من الأزمات.
أوضح محيي الدين والمبارك أنه أصبح من السهل متابعة الكيفية التي لم ينجح من خلالها العمل المناخي في تحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري عند ١,٥ درجة مئوية، ففي الوقت الذي تكافح فيه الدول النامية من أجل الحصول على التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات، تتزايد آثار تغير المناخ، وتحطم درجات الحرارة الأرقام القياسية في عام ٢٠٢٣، وتضرب العواصف القاتلة أمريكا الوسطى وشرق آسيا والصين، وتمتد موجة الجفاف في أفريقيا لنحو عام، وغير ذلك من الآثار الخطيرة لتغير المناخ.
شدد رائدا المناخ على أن الإبقاء على الاحتباس الحراري في حدود ١,٥ درجة مئوية يتطلب بالضرورة خفض الانبعاثات الكربونية إلى النصف وبناء القدرة على التكيف والصمود في مواجهة التغير المناخي وإنهاء فقدان الطبيعة بحلول عام ٢٠٣٠، وصولًا إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام ٢٠٥٠.
على الرغم مما سبق، أفاد محيي الدين والمبارك بأن الكثير قد تغير منذ أن وضع اتفاق باريس عام ٢٠١٥ إطارًا يمكن من خلاله للدول تقييم التقدم المحرز وتكثيف العمل، فقد نجح مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في المملكة المتحدة عام ٢٠٢١ في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، كما نجح مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في مصر عام ٢٠٢٢ من سد الفجوة بين العمل المناخي والتنمية المستدامة، بينما ينطلق مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في الإمارات العربية المتحدة هذا العام من الأساس الذي يمكن من خلاله قيادة التحول الشامل والعادل، وتشجيع الحكومات الوطنية والمحلية والشركات وجهات التمويل والمجتمع المدني والشباب والمجتمعات المحلية المهمشة على تسريع تنفيذ الحلول من الآن وحتى عام ٢٠٣٠.
أكد رائدا المناخ على ضرورة منح صوت للناس وإشراكهم في الخطوط الأمامية لمواجهة تغير المناخ، بما في ذلك الشعوب الأصلية التي تحمي ٨٠٪ من التنوع البيولوجي، والمزارعون الذين ينتجون الطعام للبشر، والنساء المسؤولات عن إطعام أسرهن، وبشكل أكثر تحديدًا، يتطلب العمل المناخي إحداث طفرات في ثلاثة حلول تحويلية، بما يتماشى مع ما رؤية رئاسة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر المناخ، الأول هو توفير وحشد التمويل الميسر مقبول التكلفة على نطاق واسع، فبالنسبة للدول النامية الأكثر احتياجًا إلى الاستثمارات، يعد النظام المالي العالمي الحالي غير كفء، وغير كاف، وغير عادل.
في هذا الصدد، شدد رائدا المناخ على ضرورة وفاء الدول المتقدمة بتعهدها بحشد ١٠٠ مليار دولار سنويًا بحلول عام ٢٠٢٥، حيث أدى الفشل في الوفاء بهذا التعهد حتى الآن إلى تراجع الثقة، كما أن الوفاء به يعد خطوة أولى نحو الوصول إلى تريليون دولار سنويًا من التمويل الخارجي الذي تحتاجه الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (باستثناء الصين) حتى عام ٢٠٣٠، بحسب توقعات فريق الخبراء المستقل رفيع المستوى المعني بتمويل المناخ.
ونوه محيي الدين والمبارك عن تعهد دولة الإمارات العربية المتحدة في سبتمبر الماضي بتقديم ٤,٥ مليار دولار لمشروعات المناخ في أفريقيا، وهو ما يعني الحاجة إلى وجود منصة لتوزيع هذا التمويل، وأفاد رائدا المناخ في هذا السياق بأنه على مدار العامين الماضيين، عمل فريق رواد الأمم المتحدة للمناخ مع الرئاستين المصرية والإماراتية لمؤتمري الأطراف السابع والعشرين والثامن والعشرين ولجان الأمم المتحدة الإقليمية لعرض أكثر من ٤٠٠ مشروع قابل للاستثمار في البلدان النامية، والربط بين مطوري هذه المشروعات والمستثمرين، وفي مصر، في مصر، تقوم المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية بتشجيع الاستثمار في الحلول العملية على المستوى المحلي.
أما الحل الثاني، بحسب محيي الدين والمبارك، فهو المسار السريع للتحول العادل والمنصف إلى الطاقة النظيفة، حيث يتطلب الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة بحلول عام ٢٠٣٠، كما ينبغي أن يسير هذا الإجراء جنبًا إلى جنب مع توفير الطاقة النظيفة بتكلفة مقبولة لنحو ٧٦٠ مليون شخص لا يزالون يفتقرون إليها.
وقال رائدا المناخ إنه من شأن التعاون الأقوى واضح الأهداف بين القطاعات عالية الانبعاثات أن يجعل هذا التحول أسرع وأسهل وأقل تكلفة، كما يحتاج الهيدروجين الأخضر أيضًا إلى دفعة قوية بوصفه وقودًا بديلًا للصناعة الثقيلة والنقل، كما يمكن لمحطات الطاقة الشمسية في أفريقيا، على سبيل المثال، إنتاج ٥٠ مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام ٢٠٣٥ مع وجود استثمارات بقيمة تريليون يورو، فضلًا عن توفير فرص وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي.
الحل التحويلي الثالث، وفقًا لمحيي الدين والمبارك، هو وضع الطبيعة والبشر وسبل العيش في قلب العمل المناخي والتنمية المستدامة، فالحلول القائمة على الطبيعة بالفعل تتعامل مع نصف انبعاثات غازات الدفيئة بشرية المنشأ، كما يمكنها أن توفر ثلث الحلول الضرورية لخفض الانبعاثات بحلول عام ٢٠٣٠، مع تعزيز التكيف والصمود في الوقت ذاته، مع العلم بأن نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالطبيعة.
وأوضح محيي الدين والمبارك أن تعهد ١٠٠ دولة عام ٢٠٢١ بوقف إزالة الغابات بحلول عام ٢٠٣٠ أدى إلى تقارب أجندات عمل المناخ والطبيعة، كما حددت أجندة شرم الشيخ للتكيف التي تم إطلاقها العام الماضي الأهداف الأولى لبناء التكيف وإيجاد حلول التخطيط والتمويل في مجالات عمل رئيسية تشمل الغذاء والمياه والمحيطات.
وأفاد رائدا المناخ بأنه يمكن لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين البناء على هذا الزخم من خلال تعظيم فوائد الأعمال التجارية الصديقة للطبيعة للعمل المناخي والتنمية المستدامة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص والحكومات والمجتمع المدني.
وأكد محيي الدين والمبارك أنه من خلال تعزيز العمل على هذه الجبهات الثلاث يمكن كسر دوامة المناخ؛ والتي تؤدي فيها آثار التغير المناخي إلى تفاقم الأزمات العالمية، وتسرع الأزمات العالمية من تغير المناخ، وشددا على أنه كلما أسرع العالم في الاستفادة من العمل المناخي كمجال لتوحيد الجهد والهدف عالميًا، كلما أسرع في تأمين المزيد من الاستقرار والأمن والمساواة للجميع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المناخ الأطراف الاحتباس الحراري بحلول عام ٢٠٣٠ العمل المناخی تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
مهرجان أبوظبي يُعلن البرنامج الرئيسي لدورته الثالثة والعشرين
أبوظبي (وام)
تحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، الراعي الفخري المؤسّس لمهرجان أبوظبي، وسمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، راعي مهرجان أبوظبي، حرم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، أعلنت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، عن البرنامج الرئيسي لفعاليات الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان أبوظبي المرتقب انطلاقه يوم 12 أبريل 2026، بمشاركة أكثر من 1000 فنان من 19 دولة، لعرض إبداعاتهم الفنية في أبوظبي وحول العالم.
أخبار ذات صلةوقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إن مهرجان أبوظبي لعام 2026، يتّخذ من «حكمة الثقافة» شعاراً له، وذلك تعبيراً عن الثقافة الثرية لمدينة أبوظبي، وحرصاً على أن تكون هذه الثقافة المفعمة بالحيوية، جسراً ممتداً لتلاقي الحضارات والتواصل بين الشعوب، نهتدي في ذلك بالتوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة التي تؤكد أن التنمية الثقافية بالدولة والارتقاء بها إلى المستويات العالمية الرفيعة، وهي مسؤولية وطنية لها أولوية قصوى، على خريطة العمل الوطني، بكلِّ ما يتطلبه ذلك من مبادرة والتزام على كافة المستويات في المجتمع. وأضاف معاليه: «يسعدني أن أرحّب بضيف شرف مهرجان أبوظبي 2026، الولايات المتحدة الأميركية، وأقدِّر كثيراً ما يمثله ذلك، من احتفالٍ مرموقٍ بعراقة وتفرُّد الفنون والفنانين من هذه الدولة الصديقة، وتعبيرٍ عن دور الثقافة والفنون في تعميق أواصر التفاهم والتعايش والسلام بين الشعوب».
ويحتفي المهرجان السنوي هذا العام بالثقافة تحت شعار «حكمة الثقافة»، إيماناً بأنها منارة تضيء دروب الإبداعات الفنية وتجمع أبوظبي بالعالم، في تعبير جليّ عن عمق الإبداع والقيم الإنسانية المشتركة.
وستكرّم دورة عام 2026 من المهرجان الولايات المتحدة الأميركية بوصفها «الدولة ضيفة الشرف»، احتفالاً بمرور أكثر من 50 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والصداقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تأتي هذه الدورة أيضاً تزامناً مع مناسبة مرور ثلاثة عقود على تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون.
صوت الإنسانية
من جهتها، قالت هدى إبراهيم الخميس، مؤسّس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسّس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي: «تحت شعار «حكمة الثقافة» يحتفل مهرجان أبوظبي بدورته الثالثة والعشرين، بالحكمة التي تقرّبُ الشعوب بفرصٍ جديدة وإمكانات لا محدودة، وتجمعنا مع العالم، تلهمنا أن نُنْصِتَ إليه، وتُمكّنُنا من تجسيدِ هويّتنا. حكمة الثقافة التي تجعلُ الإبداع تطوُّراً وتقدّماً، بنبضها الحي إيقاعاً للمستقبل، وندائها الحكيم إلى التضامن، تجسيداً لصوت الإنسانية المشتركة».
وتابعت: «تشكِّلُ هذه الدورةُ علامةً فارقةً، بمرور ثلاثين عاماً على تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسسة الأم للمهرجان. ثلاثون عاماً من الإسهام في إثراء رؤية أبوظبي الثقافية، من ريادة الثقافة كقوةٍ حيّةٍ، نابضةٍ بالإلهام، الرؤية، والأمل، في خدمة دولة الإمارات العربية المتحدة، والاستثمار في مستقبل الإنسانية».
وأضافت: «كما نحتفل بأكثر من نصف قرن من العلاقات الدبلوماسية، والصداقة مع الولايات المتحدة الأميركية، يتشاركُ الشعبان طموح وحيوية شبابهما، والشغفَ بالأفكار النيّرة التي تسهم في تقدّم العالم».
ومع برنامج متميّز يضم 10 من أبرز فرق الأوركسترا العالمية، إضافة إلى عروض الباليه والأوبرا والعروض الموسيقية للعزف المنفرد والحفلات الموسيقية، التي يحييها فنانون حائزون على جوائز عالمية مرموقة، ستُلهم الدورة الثالثة والعشرون من المهرجان الجمهور من مختلف الأعمار، وتصحبهم في تجربة غامرة من التألق الموسيقي.
رؤية راسخة
وقال إريك جاوديوسي، القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في أبوظبي: «تتشرف الولايات المتحدة الأميركية بأن تكون ضيف الشرف في الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان أبوظبي لعام 2026. فهذا الحدث البارز، الذي تقوده مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون برؤية راسخة، يجسّد قيم الحوار والإبداع والسلام التي تجمع بين بلدينا. ويؤكد شعار دورة هذا العام «حكمة الثقافة» أن الإبداع والابتكار عنصران متلازمان يدعم كل منهما الآخر».
وتابع: «عندما تحظى هذه الطاقات برعاية مؤسسات قوية، وتضافر جهود القطاعات المختلفة، ومشاركة مجتمعية واسعة، فإنها تولد قدراً أكبر من الحيوية والانفتاح، وتدعم تطوّر المجتمعات، وتُسهم في نمو اقتصادي مستدام، وتفتح آفاقاً أرحب للفرص».
وأضاف: «نتقدم بجزيل الشكر لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون على تقديرها لهذه المساهمة الأميركية، وعلى توفيرها منصة تعزّز من نمو وتطوّر التبادل الفني. ونتطلع إلى إبراز العمق والغنى اللذين تتميّز بهما الفنون والثقافة الأميركية، وتعزيز روابط الصداقة بين بلدينا من خلال هذه الاحتفالية الرفيعة بتاريخنا المشترك ومستقبلنا الواعد والمزدهر».
رعاية الإبداع
من ناحيته أوضح حميد عبدالله الشمري، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة، والرئيس التنفيذي للشؤون المؤسسية والموارد البشرية في مبادلة للاستثمار، إن مبادلة تواصل شراكتها مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومهرجان أبوظبي، في إطار الرؤية المشتركة التي تهدف إلى رعاية الإبداع والابتكار ودعم تطور المشهد الثقافي المتنامي في أبوظبي.
وأشار الشمري إلى أن هذا التعاون يجسد الحرص على تعزيز حضور مدينة أبوظبي مركزا عالميا للفنون والثقافة والتفاعل الإنساني، بما يرسّخ مكانتها على خريطة الفعاليات الثقافية الدولية.