برع المصرى على مر التاريخ فى الصناعة واستغلال المواد المتوافرة فى بيئته لإتقان الكثير من الصناعات، سجلها على جدران معابده، وكانت عظمة وروعة تلك الصناعات نتيجة لمهارات الصنّاع والحرفيين، ومن أبرز تلك الصناعات: صناعة المشروبات الروحية، والمنتجات الحيوانية، ومواد البناء، ومواد التجميل، والعطور، وكيفية توسيع العيون، وصناعة الألياف، وصناعة الزجاج، ومواد الكتابة، والفخار، والزيوت، والتحنيط، والسبائك.

وفى السنوات الأخيرة شهدت الصناعة المصرية دعماً غير مسبوق، حيث تبنت الدولة عدداً من المبادرات لدعمها والوقوف إلى جانبها والنهوض بها، ولم يقتصر الدعم فقط على الدولة، وإنما كان هناك دعم من نوع آخر وهو «الدعم الشعبى» للمنتج المصرى.

وشهدت الأسابيع الأخيرة حملات دعم للمنتجات المصرية، التى زادت مبيعاتها فى بعض المنتجات بنسبة وصلت إلى 300%، إلى جانب ظهور أنواع عديدة من المنتجات المصرية لم نكن نعلم عنها شيئاً، التى اتجهت لزيادة المبيعات وتأسيس خطوط إنتاج لتلبية الطلب المتزايد الذى ارتفع بمعدلات تصل إلى 40%.

فى الحقيقة هذا الدعم وضع المنتج المصرى أمام تحدٍ كبير، وأصبح الآن أمامه خيار وحيد هو قيام المُصنِّع المصرى بتطوير وتحديث منتجاته لتواكب حجم الطلب غير المسبوق لتغطية السوق المحلية، ما ينعكس على الاقتصاد القومى بشكل عام من خلال توفير فرص عمل وتقليل الاعتماد على منتجات مستوردة من الخارج، ما يعنى تخفيف الضغط على الدولار، إلى جانب العمل على التوسع فى الأسواق الخارجية بهدف زيادة الصادرات من تلك السلع والمنتجات، ما يسهم أيضاً فى جذب العملة الصعبة.

حملات لدعم التصنيع المحلى.. والإنتاج قادر على تلبية الطلب

شهدت الأسابيع الماضية دعماً غير مسبوق من قبل المواطنين للمنتجات الوطنية المصنعة محلياً، وذلك بعد سنوات من الجهد غير المسبوق للدولة المصرية للنهوض بالقطاع الصناعى بهدف توفير منتجات محلية بجودة عالمية يمكن أن توفر احتياجات السوق المحلية والاتجاه إلى التصدير للخارج، ليس فقط إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد المصرى إنما لأنه من أهم دعائم تحقيق الاستقرار الاجتماعى، من خلال توفير فرص العمل وتشغيل الشباب وزيادة دخل المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.

ومن أبرز قرارات الدولة المصرية فى السنوات الأخيرة إصدار تشريعات داعمة للصناعة والمنتجات المصرية، أبرزها قانون رقم 5 لسنة 2015 فى شأن تفضيل المنتجات المصرية فى العقود الحكومية، وقررت الدولة الاعتماد على المنتجات المحلية من خلال الحد من الاستيراد من الخارج عبر إصدار قوانين أبرزها القانون 41 لسنة 2016، الأمر الذى أتاح الفرصة للورش والمصانع المتوسطة والصغيرة أن تأخذ حظها من السوق المحلية، وجعل المنافسة فى صالح الإنتاج والصناعة الوطنية.

الحكومة: تشجيع المحلى وتوسيع المستفيدين من دعم القطاعات الإنتاجية

ولم يقتصر دعم الدولة فقط عند التشريعات الداعمة، ولكن قررت توسيع قاعدة المستفيدين من مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية، التى تتيح 150 مليار جنيه بتمويلات ميسرة بفائدة 11% للإنتاج الصناعى والزراعى، لتشمل أيضاً أنشطة الطاقة المتجددة ومصانع المناطق الحرة والجمعيات التعاونية الزراعية، وتتحمل الخزانة العامة 10 مليارات جنيه فروق أسعار الفائدة.

ودعمت الدولة المصرية الاقتصاد غير الرسمى لضمه إلى الاقتصاد المصرى، ومنح هذا القطاع تسهيلات غير مسبوقة من خلال توفير الرخص الصناعية للمنشآت غير الرسمية، وتعد الرخصة الصناعية بمثابة شهادة الميلاد للمشروع الصناعى، وتسهيل عمليات الحصول على التراخيص الصناعية من خلال إصدار قانون 15 لسنة 2017 بشأن الرخص الصناعية الذى يختصر فترة حصول المصنع على الرخص إلى 7 أيام فقط للصناعات غير الخطرة و30 يوماً للصناعات الأخرى ومنح تراخيص المنشآت الصناعية.

من جانبه أكد الدكتور محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، أن دعم الدولة للصناعة الوطنية لم يتوقف على الإطلاق، مؤكداً أن هذا الدعم كان له الأثر الكبير حالياً فى قدرة الصناعة الوطنية على تلبية احتياجات السوق المحلية بعد توجه المواطنين لشراء السلع المصرية بدلية للمستورد.

وأكد «هلال» أن هناك زيادة كبيرة فى مبيعات المصانع المصرية لم تشهدها من قبل، مؤكداً أن هناك دوراً كبيراً للشعب المصرى فى النهوض بالصناعة الوطنية والوقوف فى ظهرها خصوصاً فى ظل ما تواجهه الدولة المصرية من تحديات غير مسبوقة حالياً، بداية من أزمة الدولار ووصولاً للمخاطر التى تحيط بنا على حدود مصر المختلفة.

وأشار إلى أننا الآن فى مرحلة حرب تتطلب الوقوف جميعاً خلف القيادة السياسة، قائلاً: «أيام حرب أكتوبر ماكناش لاقيين السكر علشان نشرب كوباية شاى، النهارده لو دخلت السوبر ماركت تلاقى جبن مالهاش عدد لازم الناس تستغنى عن المستورد وتشجع الصناعة الوطنية.. لن نخرج من أزمتنا إلا بالزراعة والصناعة المصرية الخالصة».

وتابع «هلال» قائلاً: «إذا استطعنا توفير احتياجاتنا محلياً فلن نواجه أزمة اقتصادية لأننا لن نلجأ إلى الاستيراد الذى تصل قيمته لأكثر من 60 مليار دولار فى السنة».

وأشار إلى أن الرئيس السيسى دعم الصناعة بكل قوة عبر توجيه الحكومة بتشجيع الصناعة وتوطينها، واتخاذ عدد من القرارات المهمة أبرزها الإعفاء من أنواع الضرائب كافة، عدا ضريبة القيمة المضافة، حتى 5 سنوات، ومدّ الإعفاء لمدة خمس سنوات إضافية لعدد محدّد من تلك الصناعات، فضلاً عن استعادة نسبة من قيمة الأرض تصل إلى 50%، بشرط تنفيذ المشروع فى نصف المدة المحدّدة له والتوسّع فى منح الرخص الذهبية، إضافة إلى الكثير من الإجراءات الأخرى التى تصب فى صالح توطين الصناعات والنهوض بالاقتصاد فى ظل التحديات العالمية الراهنة.

وقال خبير الإدارة الاستراتيجية الدكتور وائل سلام، إن حملات دعم المنتج المحلى ساهمت بشكل كبير فى إنعاش المنتجات المصرية، مؤكداً أن نتائج الدعم سوف تظهر حسابياً فى قوائم أعمال الشركات بعد مرور 3 أشهر أو 6 أشهر وليس الآن، وذلك من خلال عمل إحصاء يقارن بين حجم المبيعات قبل الحملة وبعدها.

وتابع «سلام» أن هناك عدداً كبيراً من الشركات المصرية التى استفادت من حملات الدعم أبرزها شركات المشروبات الغازية، حيث لجأ الناس إليها ولمنتجاتها، كما أن هناك استفادة من حملة المقاطعة، بأن الناس تعرفت على الكثير من المنتجات المحلية التى كانت مجهولة بالنسبة لهم، مؤكداً أن حملات الدعم تؤكد حجم الوعى الاقتصادى لدى المواطنين المصريين.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصناعات المصرية اتحاد الصناعات الصناعة الوطنية المنتجات المصریة الصناعة الوطنیة السوق المحلیة من خلال أن هناک

إقرأ أيضاً:

عاجل- مدبولي يفتتح مصنع "إس إي وايرينج سيستمز" بالعاشر من رمضان ويوجه بإشادة بتجربة التصنيع المحلي

افتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، مصنع شركة "إس إي وايرينج سيستمز إيجيبت ش.م.م" بمدينة العاشر من رمضان، إحدى الشركات التابعة لمجموعة سوميتومو اليابانية العالمية، والتي تعمل في مجال تصنيع الأنظمة السلكية الكهربائية والكابلات للسيارات والمركبات المختلفة.

وجاء الافتتاح عقب مشاركته في فعاليات افتتاحية بالقاعة الرئيسية، حيث قام بإزاحة الستار إيذانًا ببدء تشغيل المصنع الجديد، تلاها جولة ميدانية داخل المصنع للتعرف على خطوط الإنتاج ومراحل التصنيع.

مدبولي يتابع جهود توفير مياه الشرب للمواطنين في عدد من المناطق بمحافظة البحر الأحمر عاجل - مدبولي يفتتح مصنع "سوميتومو" الثالث في مصر.. استثمارات يابانية تتوسع بثقة في العاشر من رمضان استعراض فيديو تعريفي بحجم استثمارات سوميتومو

شهدت الفعالية عرضًا تسجيليًا تناول أنشطة مجموعة سوميتومو العالمية، أبرز فيه حجم الاستثمارات داخل مصر، وخطوط الإنتاج المختلفة التي تديرها الشركة.

كما استمع رئيس الوزراء إلى شرح مفصل من محمد همام، نائب العضو المنتدب للشركة، أوضح خلاله أن المساحة الإجمالية للمشروع تبلغ 150 ألف متر مربع، وتضم 23 ألف متر مربع من الإنشاءات الحالية ضمن المرحلة الأولى، فيما تبلغ مساحة صالة الإنتاج الحالية 12،500 متر مربع بنسبة إشغال تبلغ 60%، مع وجود خطط للتوسع لتصل إلى إشغال كامل بحلول عام 2027.

وأكد همام أن عدد العمالة المباشرة في المصنع بلغ 2000 موظف حاليًا، ومن المستهدف الوصول إلى 3000 موظف بنهاية عام 2025.

تصنيع محلي كامل بتقنيات أوروبية

خلال الجولة، استعرض نائب العضو المنتدب مراحل تجهيز الأسلاك، مشيرًا إلى أن كافة الفنيين والمهندسين العاملين في هذه المرحلة من الكوادر المحلية التي تم تدريبها وفقًا لمعايير الشركة الأم، مشيدًا بقدراتهم التي تضاهي مستويات المصانع الأوروبية.

وأشار إلى أن جميع أعمال تركيب الآلات والتجهيزات الفنية في المصنع تم تنفيذها بالكامل بواسطة الفريق المصري، وهي سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ "سوميتومو مصر".

وأوضح أن المصنع يحتوي حاليًا على 53 ماكينة متنوعة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 10 ملايين سلك شهريًا، مع خطة للتوسع إلى 130 ماكينة بطاقة تصل إلى 26 مليون سلك شهريًا.

خطوط تقطيع متطورة وتكنولوجيا عالمية

انتقل رئيس الوزراء بعدها إلى منطقة تقطيع وتحضير الأسلاك، حيث أشار نائب العضو المنتدب إلى أن المصنع يمتلك حاليًا 170 ماكينة تقطيع وتجهيز، وهو أكبر عدد لماكينات التقطيع على مستوى مصانع سوميتومو في أوروبا.

وخلال جولته، توقف مدبولي عند ماكينة KOMAX السويسرية الصنع، التي تعد من أحدث ماكينات التقطيع عالميًا، وتتميز بدقة تشغيل عالية.

توطين الصناعات المغذية والتوسع في بدائل الاستيراد

أكد نائب العضو المنتدب أن الشركة تنفذ مشروعًا طموحًا لـتوطين الصناعات المغذية لصناعة الضفائر الكهربائية، حيث نجحت فرق العمل المصرية في تصنيع مكونات عالية الجودة تم اختبارها ومعايرتها، وأثبتت تفوقًا ملحوظًا على المنتجات المستوردة في بعض الحالات، مما شجع شركات أخرى على استيراد منتجات مصرية الصنع من موردين محليين.

التجميع النهائي وجودة مطابقة للمواصفات اليابانية

وفي مرحلة التجميع النهائي، تابع رئيس الوزراء عمليات الفحص والاختبار الكهربائي للمنتجات النهائية، حيث أكد همام أن هذه المرحلة تعتمد بشكل كبير على المهارات اليدوية الدقيقة، وفق خطوات مدروسة، وبرامج تدريبية مكثفة تؤهل العمالة لاجتياز اختبارات الشركة الأم في اليابان.

مركز تدريب متكامل وبروتوكول مع التعليم الفني

ضمن استراتيجيتها لدعم التعليم الفني، وقعت الشركة بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، لتدريب أكثر من 300 طالب من نظام التعليم المزدوج في محافظات: بورسعيد، والجيزة، والشرقية.

ويضم المصنع مركزًا تدريبيًا متكاملًا يشتمل على 9 قاعات تدريب نظرية وعملية، بطاقة استيعابية تفوق 600 موظف يوميًا، مع خطة لزيادة الطاقة التدريبية خلال الفترة المقبلة.

 

حجم الإنتاج وضخ استثمارات بالطاقة النظيفة

أشار همام إلى أن الشركة تنتج حاليًا 1.8 مليون ضفيرة شهريًا في مصر، منها 650 ألف ضفيرة من مصنع العاشر من رمضان، مع التطلع للوصول إلى مليون ضفيرة بنهاية 2025.

وأوضح أنه تم تصنيع الضفائر الأساسية لإحدى ماركات السيارات بالكامل محليًا، وتم بدء الإنتاج في مارس 2025 بمصنع 6 أكتوبر بطاقة 270 ضفيرة يوميًا.

كما قامت الشركة بتركيب منظومة طاقة شمسية لتغطية جزء من احتياجات التشغيل، بطاقة 3.2 ميجا وات، وبتكلفة استثمارية بلغت مليون يورو، دعمًا لأهداف مصر في التحول للطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الكربونية.

مدبولي يشيد بالتجربة اليابانية في مصر

في ختام الزيارة، التقط رئيس الوزراء صورة تذكارية جماعية مع فريق العمل والإدارة التنفيذية للمصنع، مثمنًا تجربة شركة "سوميتومو" في مصر، ومستوى التصنيع، والتزامها بالاستثمار طويل الأجل.

وأكد أن ما رآه يعكس ثقة الشركات العالمية في السوق المصرية، وقدرة الدولة على تهيئة مناخ استثماري جاذب، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.

 

شركة "سوميتومو" في مصر

 

تأسست شركة "إس إي وايرينج سيستمز إيجيبت ش.م.م" عام 2008، وتتبع مجموعة "سوميتومو إليكتريك وايرينج سيستمز يوروب"، وهي من كبرى الشركات العالمية في مجال الصناعات الإلكترونية والكهربائية.

تعمل الشركة بنظام المناطق الحرة الخاصة، وتبلغ استثماراتها 160 مليون يورو، وتوفر أكثر من 12،000 فرصة عمل داخل مصانعها في 6 أكتوبر، العاشر من رمضان، وبورسعيد.

وتقوم الشركة بتصدير منتجاتها إلى أسواق عالمية تشمل: إنجلترا، فرنسا، تركيا، إيطاليا، التشيك، وسلوفاكيا، بإجمالي صادرات سنوية تتخطى 300 مليون يورو.

مقالات مشابهة

  • «المؤتمر»: مدينة مستقبل مصر الصناعية خطوة استراتيجية لتوطين التكنولوجيا وتعزيز التصنيع المحلي
  • المؤتمر: مدينة مستقبل مصر الصناعية خطوة لتوطين التكنولوجيا وتعزيز التصنيع المحلي
  • وزير الصحة يلتقي مدير شركة GE للرعاية الصحية لتعزيز التعاون في التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا
  • وزير الصحة يلتقي مدير شركة GE للرعاية الصحية لتعزيز التعاون في التصنيع المحلي
  • علاء فاروق: 10.6مليار دولار صادرات زراعية وزيادة الطلب الأوروبي على المنتجات المصرية
  • قومى المراة بالبحر الأحمر تطلق مبادرة معا بالوعي نحميها
  • محافظ أسوان: نحرص على تلبية مطالب المواطنين ووضع الحلول الفورية لها
  • صالح الهاشمي: برنامج «أدنوك» لتعزيز المحتوى المحلي محرك رئيس لدعم الصناعة
  • وزير الدفاع والإنتاج الحربي يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوي للمنطقة الغربية العسكرية
  • عاجل- مدبولي يفتتح مصنع "إس إي وايرينج سيستمز" بالعاشر من رمضان ويوجه بإشادة بتجربة التصنيع المحلي