أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى تحمل رقم “8104” عن ما الفرق بين الهدية والهبة والرشوة؟

قائلة:- الهدايا، والصدقات، والتبرعات، وكل ما يُملَّك من غير عِوضٍ؛ هي من العطايا التي حبب فيها الشرع الشريف ودعا إلى فعلها كوجهٍ من وجوه البرِّ ومظهرٍ من مظاهر الخير؛ لِمَا فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عُرى المحبة، وسد الحاجات؛ قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ [البقرة: 177]، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].

قال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (8/ 125، ط. دار الفكر): [ووجدنا كلَّ معروفٍ وإن كان يَقَعُ عليه اسمُ صدقةٍ فله اسمٌ آخرُ يخصُّه؛ كالقرْضِ، وَالْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَالْحَمَالَةِ، وَالضِّيَافَةِ، وَالْمِنْحَةِ، وسائرِ أَسماءِ وجوه البِرِّ] اهـ.

وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الهدية ويدعو لقبولها، ويُثيب عليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، وبوَّب عليه بقوله: (باب القليل من الهبة).

وتُعرف الهديَّة في الاصطلاح بأنها: المال الذي أُتحِفَ به وأُهْدِيَ لأحدٍ إكرامًا له.

والفرق بينها وبين الهبة: أن كلًّا منهما: تمليكٌ في الحياة بلا عوض، غير أن الهبة يلزم فيها القبول عند أكثر الفقهاء، ولا يلزم ذلك في الهدية.

قال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (17/ 397، ط. دار الغرب الإسلامي): [الفرق في المعنى بين الصدقة والهدية: أن الصدقة هي: ما يَقصِد بها المتصدِّقُ الإحسانَ إلى المتصدَّق عليه والتفضل عليه، والهدية هي: ما يَقصِدُ بها المهدي إكرامَ المُهدَى إليه وإتحافَه بالهدية لكرامته عليه ومنزلته عنده؛ إرادةَ التقرب منه، فالمتصدِّق يتفضل على المتصدَّق عليه، وليس المهدِي يتفضل على المُهدَى إليه، وإنما المُهدَى له هو المتفضِّل على المُهدِي في قبول الهدية] اهـ.

وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 12، ط. دار المعارف): [والمراد بالهبة: ما يشمل الصدقة والهدية مِن كل ما لا يُنتظَرُ فيه مُعاوَضةٌ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "الروضة" (5/ 364، ط. المكتب الإسلامي): [التمليك المحض ثلاثة أنواع: الهبة، والهدية، وصدقة التطوع، وسبيلُ ضبطها أن نقول: التمليك لا بعوض "هبة". فإن انضم إليه حملُ الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له؛ إعظامًا له أو إكرامًا: فهو "هدية". وإن انضم إليه كونُ التمليك للمحتاج تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لثواب الآخرة: فهو "صدقة". فامتياز الهدية عن الهبة: بالنقل والحمل من موضع إلى موضع.. فحصل من هذا: أن هذه الأنواع تفترق بالعموم والخصوص؛ فكلُّ هديةٍ وصدقةٍ هبةٌ، ولا تنعكس] اهـ.

وقال العلَّامة ابن الرِّفْعة الشافعي في "كفاية النبيه" (12/ 87، ط. دار الكتب العلمية): [الهبة، والهدية، وصدقة التطوع: أنواع من البر، يجمعها: تمليك العين من غير عوض، فإن تمحض فيها طلب الثواب من الله تعالى بإعطاء محتاج فهي صدقة، وإن حملت إلى مكان المهدي إليه؛ إعظامًا له وإكرامًا وتوددًا فهي هدية، وإلا فهبة] اهـ.

كما فرَّق العلماء بين الرشوة والهدية: بأن الرشوة ما أُخِذَتْ طلبًا، والهدية ما بُذِلَتْ عفوًا؛ كما قال الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص: 198، ط. دار الحديث).

وفي "الفتاوى الهندية" (3/ 330، ط. دار الفكر): [الهدية: مال يعطيه ولا يكون معه شرط، والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه؛ كذا في "خزانة المفتين"] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: والهبة والرشوة الإفتاء تجيب

إقرأ أيضاً:

البنتاغون يبدأ تجهيز “الهدية القطرية” لترامب

#سواليف

قال الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب إن #الطائرة_الفاخرة التي تلقتها إدارته كهدية من #قطر تخضع حاليا لعملية تحديث من قبل #الجيش_الأمريكي.

وأكد ترامب خلال حديثه للصحفيين في المكتب البيضاوي، أمس الأربعاء، أن أعمال التحويل جارية بالفعل لتلبية المعايير العسكرية، مشيرا إلى أن #الطائرة موجودة بالفعل على #الأراضي_الأمريكية.

وكان وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغس قد استلم الطائرة الأسبوع الماضي، حيث أكد #البنتاغون أن العملية تشمل تركيب #إجراءات_أمنية متقدمة وتعديلات وظيفية تلبي الاحتياجات الرئاسية.

مقالات ذات صلة كتاب ومحللون إسرائيليون: لماذا لم ننتصر بعد 600 يوم من الحرب؟ 2025/05/29

ووصف ترامب الطائرة بأنها “كبيرة ورائعة”، معتبرا الحصول عليها إنجازا شخصيا، وقال: “حصلت على طائرة جميلة مقدمة مجانا للقوات الجوية الأمريكية، وأنا فخور بذلك”.

وأثارت الفكرة جدلا واسعا حول المخاوف الأخلاقية والأمنية والقانونية، خاصة مع ترويج ترامب لاستخدام الطائرة كبديل لطائرة الرئاسة الحالية.

وعند سؤاله عن تكلفة التجهيزات، أجاب بأنه لا يعرف التفاصيل الدقيقة، لكنه استبعد أن تكون مرتفعة مقارنة بتكلفة صنع طائرة جديدة، منتقدا شركة بوينغ لتأخرها في توفير بديل للطائرة الرئاسية الحالية.

مقالات مشابهة

  • حكم الإنابة في الحج لمن تعذر عليه أداء الفريضة.. يسري جبر يجيب
  • إنقاذ حاج إندونيسي بعد توقف قلبه بالمسجد النبوي
  • الهلال الأحمر ينقذ حاجاً إندونيسياً بعد توقف قلبه بالمسجد النبوي
  • هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
  • البنتاغون يبدأ تجهيز “الهدية القطرية” لترامب
  • هل يجوز الإحرام للحج قبل الميقات؟.. الإفتاء تجيب
  • هل صام النبي العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. الإفتاء تجيب
  • أنواع الحج.. ما الفرق بين القران والتمتع والإفراد؟ وأي منها تمناه الرسول ﷺ؟
  • موقوف فرّ من المستشفى... والأمن يُلقي القبض عليه خلال ساعات (صورة)
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده