المشاركة فى الانتخابات من قيم المواطنة
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
ذهاب المواطنين المقيدين فى قاعدة بيانات الناخبين إلى صناديق الانتخاب لاختيار رئيس الجمهورية لفترة جديدة يعد قيمة مهمة من قيم المواطنة التى نص عليها الدستور فى أكثر من مادة، عندما أكد الدستور أن نظام الحكم فى مصر جمهورى ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، وأن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات ويصون وحدته التى تقدم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.
وفى مواد أخرى من مواد الدستور: يقوم النظام السياسى على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها.
فالمواطنة هى علاقة الفرد بالوطن الذى ينتسب إليه، والتى تفرض حقوقاً دستورية وواجبات منصوصاً عليها بهدف تحقيق مقاصد مشتركة ومتبادلة، والمواطنة الإيجابية لا تقتصر على مجرد دراية المواطن بحقوقه وواجباته فقط، ولكن أيضاً على حرصه على ممارستها من خلال شخصية مستقلة قادرة على حسم الأمور لصالح هذا الوطن، ويؤدى التطبيق المجتمعى لمفهوم المواطنة فى كل المؤسسات إلى تنمية مجموعة من القيم والمبادئ والممارسات التى تؤثر فى تكوين شخصية الفرد، والتى تنعكس فى سلوكه تجاه أقرانه وتجاه مؤسسات الدولة وكذلك تجاه وطنه.
تعددت الرؤية حول مفهوم المواطنة، فهناك من يرى أنها بعد المساواة فى الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، أو خلف المواطن الصالح، أو أنها رديف للديمقراطية.
أو أنها جملة من القيم المعيارية تمثل حق الإنسان فى الحياة الآمنة الكريمة، وحتى العدالة والمساواة فى الحقوق الاجتماعية لكل فرد فى المجتمع، بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو مذهبه، وكذلك حقه فى التعبير عن رأيه وانتخاب من يمثله على قمة السلطة السياسية فى وطنه وهو رئيس الجمهورية.
وإذا كانت المواطنة تتحقق بالمساواة فى الحقوق والواجبات بين الجميع فإن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى طبقاً لنص الدستور فى المادة 86، التى تنص على أن لكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، ولتيسير هذا الحق وهذا الواجب الذى أتاحه الدستور فى أن يكون المواطن ناخباً أو مرشحاً، فإن الدستور ألزم الدولة فى الفقرة الثانية من هذه المادة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه الروابط شروط الناخب، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقا للقانون، وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها.
ولضمان حيدة ونزاهة الانتخابات واحترام رأى المواطن وحقه فى التعبير عن اختياره فى صندوق الانتخابات أوكل الدستور مهمة إجراء الانتخابات إلى هيئة مستقلة هى الهيئة الوطنية للانتخابات لتكون مختصة دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءاً من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والاتفاق الانتخابى، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين فى الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة.
كما تجرى الانتخابات تحت إشراف قضائى كامل.
الهيئة الوطنية للانتخابات وهى برئاسة المستشار حازم بدوى وصفت كل التيسيرات التى تساعد الناخبين على الإدلاء بأصواتهم فى سهولة ويسير، وفكل جميع الناخبين البالغ عددهم 64 مليون مواطن أداء هذا الحق وهذا الواجب بإرادتهم الكاملة لانتخاب رئيس البلاد لمدة ست سنوات جديدة حتى عام 2030 لاستكمال بناء الوطن فى دولة المواطنة التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين الجميع دون تمييز.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن قاعدة بيانات الناخبين صناديق الانتخاب ر رئيس الجمهورية
إقرأ أيضاً:
فيتو الرئيس.. ونائب المصادفة
لم يكن موقف الرئيس السيسى باستخدام حق الفيتو حدثا عابرا أو مجرد إجراء شكلى لمعالجة تجاوزات شابت العملية الانتخابية، بل كان تعبيرًا عن رؤية أعمق تهدف إلى تصحيح مسار العمل السياسى من جذوره.
هذه الرؤية بدأت من القوائم والترشيحات وتجاوزت حدود صناديق الاقتراع.. المعضلة الحقيقية لم تكمن يومًا فى آلية التصويت وحدها، بل ارتبطت بسلوكيات سبقت العملية الانتخابية، حيث اختلطت السياسة بالعلاقات الشخصية، وتحولت بعض الأحزاب من ساحات للعمل العام إلى دوائر مغلقة تسيطر عليها المجاملات، وتحسم فيها القرارات الهاتفية، بعيدا عن معايير الكفاءة أو الخبرة السياسية.
من هنا ظهر ما أُطلق عليه ظاهرة «نائب الباراشوت»، وهو النائب الذى لم يمر بمسيرة سياسية منظمة أو يعرف معنى التنظيم الحزبى وقواعده، لكنه وجد نفسه فجأة مرشحًا للبرلمان بسبب علاقات شخصية أو صلاته بأصحاب النفوذ داخل الحزب.
هذه الأنماط من الترشيحات لا تُهدر فقط حق الكفاءات الحزبية التى أفنت سنوات فى خدمة كياناتها السياسية، وإنما تفرغ التجربة البرلمانية من محتواها الحقيقى، كما أنها تجعل التمثيل النيابى مجرد إجراء خالٍ من التعبير عن تطلعات الشارع أو احتياجاته.
الأخطر من ذلك أن مثل هذه الممارسات توصل رسائل سلبية للقواعد الشبابية فى الأحزاب، بأن الجهد والاجتهاد لا يكافآن، وأن طريق البرلمان ليس عبر جهودهم وإيمانهم بقضايا الناس، بل من خلال العلاقات والمصالح.
فى هذا السياق، يعكس قرار الفيتو رسالة واضحة بأن الدولة لن تسمح بوجود برلمان يشكَّل بالمصادفة أو حياة سياسية تدار بالمحاباة، فالدولة التى تسعى إلى بناء مؤسسات قوية ومستقرة لا يمكن أن تقبل بأن تتحول الأحزاب إلى منصات للنفوذ الشخصى، ولا أن يُختزل العمل البرلمانى فى مقاعد تُمنح كالهدايا بدلًا من أن تُكتسب بالاستحقاق والجدارة.
هذا القرار أضاف شعورا بالثقة لدى المواطنين تجاه إدارة الدولة للمشهد السياسى.. وجود الرئيس فى صلب هذه القرارات يمنح طمأنينة بأن الأمور تدار بحكمة وروية، وأن القرارات تدرس بعناية شديدة لضمان المصلحة العامة.
ثقة الشعب فى هذه الإدارة لم تأتِ عبثًا، بل بنيت على مواقف أثبتت حيادية الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع، دون حماية لأى خطأ مهما كان مصدره، ولكن يبقى التحدى الأكبر أمام الأحزاب السياسية التى يجب أن تعيد النظر فى سياساتها وآلياتها الداخلية لتفتح المجال أمام كوادرها الحقيقية.
الخيار الآن واضح: إما أن تتحمل الأحزاب مسئوليتها الوطنية وتعزز مصداقيتها بترشيح الأفضل والأكفأ، أو تستمر فى إنتاج أزمات تهدد وجودها وتأثيرها.
تصحيح واقعنا السياسى يبدأ بالالتزام بقواعد اللعبة السياسية واعتماد التمثيل النيابى كمسئولية وطنية حقيقية وليس مجرد تشريف رمزى. وهذا هو صلب التدخل الذى تقوم به الدولة لتصويب المسار وحماية الوطن من عواقب لا يحتملها مستقبله السياسى والاجتماعى.
سيدى الرئيس.. مطمئنون لوجودك ومطمئنون لعدلك وأمانتك، ونعلم جيدا أن سيادتكم لا تمرر أى أمر إلا بدراسة وتمنح الحقوق لأصحابها لذا فإنكم أملنا وملاذنا الأول والأخير.
[email protected]