خان يونس صفراء.. ونازحو غزة أمام معادلة مستحيلة
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
في وقت أمرت إسرائيل السكان بمغادرة مناطق شاسعة من المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة، الاثنين، مع مواصلة توغلها البري في الجنوب، بات على السكان اليائسين الآن الفرار حتى وسط سقوط القذائف على مناطق لا تزال توصف بأنها آمنة.
ونشر الجيش الإسرائيلي، صباح الاثنين، خريطة على منصة إكس للتواصل الاجتماعي تحدد نحو رُبع مدينة خان يونس باللون الأصفر، الذي يشير إلى المناطق التي لابد من إخلائها.
وشملت الخريطة 3 أسهم تشير إلى الجنوب والغرب، مما يعني مطالبة السكان بالتحرك باتجاه البحر المتوسط والحدود المصرية.
وكثيرون من أولئك الذين نزحوا بالفعل من مناطق أخرى، ينام معظمهم في العراء بملاجئ مؤقتة، ليس معهم سوى متعلقات قليلة متبقية في أكياس بلاستيكية.
وأوقفت هدنة لتحرير الرهائن والسماح بدخول المساعدات إلى الجيب القصف لمدة أسبوع أواخر الشهر الماضي. وعندما انتهت المهلة في وقت مبكر من يوم الجمعة، حثت إسرائيل الفلسطينيين على إفساح الطريق مرة أخرى.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي آدرعي اعتبر أن القتال والتقدم العسكري للجيش الإسرائيلي في منطقة خان يونس لا يسمحان بتنقل المدنيين عبر محور صلاح الدين في المقاطع الواقعة شمالي وشرقي المنطقة.
وأضاف آدرعي أن محور صلاح الدين تحول إلى ساحة قتال ومن الخطورة بمكان الوصول إليه.
وفي ذات السياق قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية أن برلين تتوقع من إسرائيل ألا تكتفي بتحذير المدنيين في غزة للانتقال إلى أماكن آمنة فحسب، بل أن تجعل ذلك ممكنا.
وقال المتحدث للصحفيين في برلين إنه من المهم أن تتجنب إسرائيل سقوط ضحايا من المدنيين وأن تلتزم بالقانون الإنساني، مضيفا أن الحكومة الألمانية تنقل هذه الرسالة في محادثاتها مع الشركاء الإسرائيليين.
المرة الثالثةوقال أبو محمد لرويترز إن هذه هي المرة الثالثة التي يضطر فيها للفرار منذ ترك منزله في مدينة غزة في الشمال.
وقال إن الدبابات الإسرائيلية أطلقت القذائف الليلة الماضية من الشرق والشمال وكذلك من الغرب (من سفن بحرية) باتجاه البحر، وكانت حلقات النار من حول السكان وظل المنزل يهتز ويغطيه الضوء الأحمر من الانفجارات، مما تسبب في حالة من الذعر والرعب للكبار والصغار على حد سواء.
وتساءل لماذا تم إخراج السكان من منازلهم في غزة إذا كانت هناك خطط لقتلهم هنا.
وبالنسبة إلى الطبيب حسام أبو عودة فقد وصلته مكالمة مسجلة في الساعة 1:30 صباحًا يوم 8 أكتوبر تأمره بالحركة، فاضطر للخروج برفقة زوجته وأطفاله الخمسة.
غادر بيت حانون، المدينة الواقعة على الحدود الإسرائيلية في شمال غزة، ويتذكر أنه تلقى مكالمة كهذه من قبل، خلال الحرب بين إسرائيل وحماس عام 2014.
في ذلك الوقت، حسب "وول ستريت جورنال" غادر المنزل لمدة 45 يومًا، ثم عاد لإصلاح منزله المتضرر، لكن الموقف بعد 7 أكتوبر بدا مختلفا تماما.
فقد كانت هذه هي الخطوة الأولى من بين خمس خطوات قامت بها عائلة أبو عودة في أقل من شهر عندما اتبعت التعليمات الإسرائيلية للابتعاد عن طريق الضربات الجوية التي يقول جيشها إنها تهدف إلى القضاء على حماس، التي تسيطر على القطاع.
ويجبر استئناف القصف الفلسطينيين على إعادة حساباتهم مرة أخرى في "معادلة مستحيلة" وربما قاتلة، إما البقاء في مكانهم أو الاستمرار في التحرك بحثاً عن مكان آمن داخل غزة، وهي مهمة باتت شديدة الصعوبة.
وفي منزل في خان يونس أصابه القصف خلال الليل، التهمت ألسنة اللهب البناء المنهار وتصاعد دخان رمادي اللون من تحت الأنقاض. وبالقرب من دمية محشوة على شكل خروف تظهر بين كومة من التراب أخذ صبية يفتشون بأيديهم بين الحطام.
وفي منزل مجاور وقفت نسرين عبد المعطي وسط الأثاث المحطم في غرفة مستأجرة تعيش بها مع ابنتها المطلقة التي لديها طفل عمره عامين.
وقالت لرويترز إنه بينما كان السكان نائمين في الخامسة صباحا شعروا بانهيار ما حولهم وانقلب كل شيء رأسا على عقب.
وأشارت أنه تمت مطالبة الناس بالانتقال من الشمال إلى خان يونس لأن الجنوب أكثر أمانا. والآن قصفوا خان يونس. وقالت إن حتى خان يونس ليست آمنة الآن، وحتى إذا تم الانتقال إلى رفح، فإن رفح ليست آمنة.
وفر ما يصل إلى 80 بالمئة من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، من ديارهم بسبب حملة قصف إسرائيلية حولت معظم القطاع الساحلي المكتظ إلى حطام.
ويقول مسؤولون الصحة في القطاع إن القصف أسفر عن مقتل أكثر من 15500 شخص، مع بقاء آلاف آخرين في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض.
وشنت إسرائيل هجوما للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم قطاع غزة ردا على هجوم نفذه مسلحو الحركة في السابع من أكتوبر، تقول البيانات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.
وسيطرت القوات الإسرائيلية إلى حد كبير على النصف الشمالي من قطاع غزة في نوفمبر.
ومنذ انهيار الهدنة التي استمرت أسبوعا يوم الجمعة تتوغل القوات بسرعة في النصف الجنوبي. وقال سكان إن الدبابات التي تدخل غزة عبر السياج من الشرق على الطريق الذي يفصل خان يونس عن مدينة دير البلح إلى الشمال وصلت إلى مطحنة في منتصف الطريق إلى ساحل البحر المتوسط، مما أدى إلى قطع الطريق الرئيسي بين الشمال والجنوب.
"جميع أنحاء غزة"وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاجاري للصحفيين في تل أبيب الليلة الماضية "الجيش الإسرائيلي يواصل توسيع عمليته البرية ضد مراكز حماس في كل قطاع غزة". وتابع "القوات تواجه الإرهابيين وجها لوجه وتقتلهم".
ونشر الجيش لقطات لجنود يقومون بدوريات بالدبابات وسيرا على الأقدام في الحقول والمناطق الحضرية التي لحقت بها أضرار بالغة ويطلقون النار من أسلحة من دون تحديد موقعهم داخل غزة.
وقال إيلون ليفي المتحدث باسم حكومة إسرائيل إن الجيش قصف أكثر من 400 هدف في مطلع الأسبوع "بما في ذلك ضربات جوية مكثفة في منطقة خان يونس" وإنه قتل أيضا مسلحين من حماس ودمر بنيتهم التحتية في بيت لاهيا في الشمال.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المناطق الجنوبية التي صدر أمر بإخلائها منذ الهدنة كانت تأوي أكثر من 350 ألف شخص قبل الحرب، إضافة إلى مئات الآلاف الذين لجأوا حاليا إلى هناك قادمين من مناطق أخرى.
ودعت الولايات المتحدة، أقرب حلفاء إسرائيل، تل أبيب علنا إلى بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين جنوب قطاع غزة مقارنة بالحملة التي شنتها الشهر الماضي في شماله، لاسيما أن هناك عددا كبيرا للغاية من الأشخاص بلا مأوى بالفعل هناك.
وسمحت إسرائيل بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية إلى القطاع خلال الهدنة، لكن الأمم المتحدة تقول إنها كانت ضئيلة مقارنة بالاحتياجات الإنسانية الهائلة للقطاع. وتوقفت حاليا بسبب تجدد القتال.
وأطلقت حماس خلال الهدنة سراح 105 رهينة لديها مقابل 240 سجينا فلسطينيا. لكن في ظل الاعتقاد بأن معظم النساء والأطفال المحتجزين أطلق سراحهم، انهارت الهدنة بسبب شروط إطلاق سراح المزيد بمن فيهم الرجال والجنود الإسرائيليين.
وتقول إسرائيل إن 136 شخصا لا يزالون محتجزين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المتحدث باسم قطاع غزة خان یونس
إقرأ أيضاً:
ترامب يحث الرئيس السوري على تطبيع العلاقات مع إسرائيل
الرياض - رويترز
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية اليوم الأربعاء وحثه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك عقب إعلان مفاجئ عن أن الولايات المتحدة سترفع جميع العقوبات المفروضة على حكومة سوريا التي يقودها إسلاميون.
وقبيل قمة بين الولايات المتحدة ودول خليجية، التقى ترامب مع الشرع، الذي بايع ذات يوم تنظيم القاعدة وكان يتزعم جماعة تصفها واشنطن بأنها إرهابية لدى وصوله إلى السلطة.
وأظهرت صور عرضها التلفزيون السعودي الرسمي الزعيمين وهما يتصافحان بحضور ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان.
وذكرت وكالة الأناضول للأنباء أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انضم عبر الإنترنت إلى ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الاجتماع.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت عبر منصة إكس إن ترامب حث الشرع على الانضمام إلى الإمارات والبحرين والمغرب في تطبيع العلاقات مع إسرائيل في إطار ما يعرف باسم (اتفاقيات إبراهيم) التي أبرمت بوساطة الولايات المتحدة عام 2020.
وتأمل الولايات المتحدة أيضا أن تنضم السعودية إلى اتفاقيات إبراهيم، لكن المحادثات توقفت بعد اندلاع حرب غزة، وتصر المملكة على استحالة التطبيع دون قيام دولة فلسطينية.
وقال ترامب أمس الثلاثاء إن السعودية ستنضم إلى (اتفاقيات إبراهيم) في الوقت الذي تراه مناسبا.
ورغم المخاوف التي تسود قطاعات من إدارته بشأن العلاقات التي كانت تربط في السابق قادة سوريا الحاليين بتنظيم القاعدة، قال ترامب أمس الثلاثاء في الرياض إنه سيرفع العقوبات عن سوريا، في تحول كبير للسياسة.
وقال ترامب أيضا إن واشنطن تدرس تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية بداية من اجتماعه مع الشرع.
* دفعة للحكام الجدد في سوريا
جاء رفع العقوبات رغم شكوك إسرائيلية كبيرة تجاه حكومة الشرع، الذي يواصل المسؤولون الإسرائيليون وصفه بالجهادي، رغم قطعه علاقته بتنظيم القاعدة في عام 2016. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن على طلب التعليق.
ويشكل القرار دفعة قوية للشرع الذي يكابد لبسط سيطرة حكومة دمشق على البلاد بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول.
ومن شأن رفع العقوبات الأمريكية، التي عزلت سوريا عن النظام المالي العالمي، أن يمهد الطريق أمام مشاركة أكبر من جانب المنظمات الإنسانية، ويسهل الاستثمار والتجارة الخارجية مع إعادة إعمار البلاد بعد الحرب الأهلية.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في مؤتمر صحفي إن الرياض ستدعم التعافي الاقتصادي لسوريا، وإن هناك الكثير من فرص الاستثمار هناك بعد رفع العقوبات.
وتعارض إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، تخفيف العقوبات عن سوريا وصعّدت عملياتها العسكرية هناك منذ الإطاحة بالأسد قائلة إنها لن تتسامح مع وجود الإسلاميين في جنوب سوريا.
واستولت إسرائيل على أراض في جنوب غرب سوريا، وحذرت حكومة دمشق من نشر قوات هناك، وفجرت الكثير من الأسلحة الثقيلة للجيش السوري.
وتجلت التحديات التي تواجه الإدارة السورية الجديدة في مارس آذار عندما هاجم مسلحون موالون للأسد قوات تابعة للحكومة مما أدى إلى هجمات انتقامية قتل فيها مسلحون إسلاميون مئات المدنيين من الأقلية العلوية، مما أثار تنديدا شديدا من واشنطن.
وقال ترامب إن جولته بالشرق الأوسط لا تعني تهميش إسرائيل.
وتعد الجولة أحدث تطور يثير الشكوك في إسرائيل حيال مكانتها ضمن أولويات واشنطن، إذ تمضي الولايات المتحدة قدما في محادثاتها النووية مع إيران. وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني "تهديدا لوجودها".
وقال ترامب للصحفيين "هذا مفيد لإسرائيل. أن يكون لدي علاقة كهذه مع تلك الدول، دول الشرق الأوسط، جميعها تقريبا. أعتقد أنه مفيد جدا لإسرائيل".
وردا على سؤال على متن طائرة الرئاسة حول تقارير أفادت برغبة الرئيس السوري في بناء برج يحمل اسم ترامب في دمشق، قال الرئيس الأمريكي عن الشرع "لديه الإمكانات - إنه قائد حقيقي".
وأضاف ترامب أن اللقاء مع الشرع، الذي وصفه بأنه شاب يتمتع بشخصية جذابة وله ماض حافل، كان "رائعا".
وأضاف ترامب "لديه فرصة حقيقية للسيطرة على الأمور".
وظل الشرع لسنوات زعيم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، خلال سنوات من الصراع في بلاده. وانضم أولا إلى التنظيم في العراق، حيث أمضى خمس سنوات في سجن أمريكي. وألغت الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الأول مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على الشرع.
وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في بيان اليوم الأربعاء إن لقاء ترامب والشرع تضمن نقاشات حول مكافحة الإرهاب والتعاون في القضاء على نفوذ أي جماعات مسلحة تهدد استقرار سوريا، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية.
وسيتبع هذا اللقاء اجتماع آخر بين وزير الخارجية السوري ونظيره الأمريكي ماركو روبيو.
* اتفاقات تجارية
تميز اليوم الأول لترامب في جولته بمنطقة الخليج التي تستغرق أربعة أيام بحفل براق وصفقات تجارية شملت تعهد السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، ومبيعات أسلحة أمريكية للمملكة بقيمة 142 مليار دولار.
وفي وقت لاحق من اليوم الأربعاء، توجه ترامب إلى العاصمة القطرية الدوحة. ومن المتوقع أن تعلن قطر، الحليف المهم لواشنطن، استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة.
ورافقت موكب ترامب من المطار إلى الديوان الأميري سيارتا تسلا سايبر تراك بلون أحمر زاه وتحملان شعار الحرس الأميري القطري.
وبينما لم تتضح بعد التفاصيل الدقيقة للاستثمارات التي تعتزم قطر إعلانها اليوم، قال مصدر مطلع إنه من المتوقع أن تعلن الخطوط الجوية القطرية صفقة لشراء نحو 100 طائرة عريضة البدن من بوينج.
وعبر ترامب عن قلقه إزاء الحرب في غزة خلال جولته بمنطقة الخليج. وقال الأمير فيصل إن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على ضرورة إنهاء الصراع في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وبعد زيارة قطر، سيتوجه ترامب إلى أبوظبي للقاء قادة الإمارات غدا الخميس. ومن المقرر أن يعود إلى واشنطن يوم الجمعة، لكنه قال إنه قد يسافر إلى تركيا لحضور اجتماع محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.