كمال خلف كانت احداث العدوان الإسرائيلي الأخير على مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية كاشفة لحقيقة المشهد الفلسطيني ووضع القوى الفلسطينية. كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارجي ادرك حقائق وخلاصات المشهد، لكن على المستوى السياسي والفصائلي عموما تغيب المصارحة والمكاشفة، وتغلب لغة سياسية عامة لا تعكس الحقائق المعروفة ولا تضع اصبعها على الأخطاء والخطايا.

بشكل عام هذا تقليد سائد في مسيرة النضال الفلسطيني تاريخيا منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 65. من أيلول الأسود الى تل الزعتر والى الخروج المستعجل الاثم من بيروت 82 ومن مذبحة صبرا وشتيلا الى مذبحة القضية برمتها في أوسلو وما تبعتها وما سبقها، كلها خطايا وآثام تمضي مسرعة مثل مياه النهر، لا تستدعي محاسبة او مراجعة او اعتذار او تصحيح او تشخيص ولا حتى انتقاد. لم نملك كشعب فلسطيني مرة واحدة محكمة نزيهة يقف امامها في قفص الاتهام مسؤولون عن الانتكاسات او الاخفاقات او الخيانات، او الفشل. الشعب الفلسطيني شتم وغضب واستاء ولعن وبصق، لكن بقيت عاطفة هذا الشعب جياشة تجاه تاريخه النضالي ورموزه الوطنية وشهدائه وتجربته بحلوها ومرها، وبقي مستعدا للتضحية وبذل الدماء والارواح. وبقيت قياداته متعثرة متخبطة لا يرفع من شأنها سوى انها تمثل شعبا عظيما عملاقا، وقضية مقدسة تصارع موازين القوى المختلة في هذا العالم، وميزان العدالة الدولية الراجح دوما لمصلحة عدوها ومحتل ارضها. بعد معركة جنين الأخيرة، والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية، ورجالها الشجعان ودحر جيش الاحتلال الجرار، وثبيت تجدر المقاومة في شمال الضفة الغربية، بالإضافة للوحدة الميدانية واخوة الدم بين كل الكتائب العسكرية على اختلاف انتمائها الفصائلي، انطلقت دعوات لتوحيد الساحة الفلسطينية على المستوى السياسي بهدف الوصول الى برنامج نضالي موحد. كانت مبادرة الرئيس أبو الفلسطيني محمود عباس سريعة لعقد اجتماع على مستوى الأمناء العامين للفصائل. وحسب علمنا ان كل الفصائل مرحبة بالدعوة ومستعدة لعقد الاجتماع في القاهرة. نحن مع أي لقاء فلسطيني – فلسطيني على أي مستوى، لكن هل نحتاج الى هذا الاجتماع؟، هل نحتاج في هذه اللحظة لاتفاق جديد يضاف الى كومة من الاتفاقات. عقدنا اتفاق في دمشق عام 2008 على ما اذكر، واتفاق في صنعاء زمن الرئيس الرحل علي عبد الله صالح، واتفاق في مكة زمن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، واكثر من اتفاق في القاهرة بينها اتفاق في اجتماع للامناء العامين للفصائل 2011، واتفاق في بيروت واتفاق في الجزائر مؤخرا. ماذا نفذتم من هذه الاتفاقات، والبنود؟ لسنا بحاجة لاتفاق جديد؟ وإعلان جديد، وخيبة جديدة.  ارجوكم.. لقد تحولت هذه الاجتماعات والاتفاقات الى مادة للسخرية والتندر عند شعبنا والشعوب العربية. في اجتماع الجزائر الأخير كاد ينهار الاتفاق لان “عزام الأحمد” اصر على ذكر عبارة “الشرعية الدولية ” في نص الاتفاق، وبذلت الجهود، وتدخل الرئيس “تبون”. واتصالات بين الجزائر ورام الله، وسهر الجميع حتى منتصف الليل. والى اليوم لم ينفذ ولا بند واحد من بنود ذاك الاتفاق ” أبو الشرعية الدولية”. يالها من ملهاة سوداء، ومسرحية هزلية، وكوميديا فاشلة. اذا كان هناك نوايا صادقة وجادة، اذهبوا الان وفورا للتنفيذ. نفذوا ولو جزء من اكوام الاتفاقات التي تم توقيعها عبر سنوات وفي عواصم الأرض. خمسة عشرة عاما من الاجتماعات والاتفاقات والتوقيع والبيانات والبنود، والاعلان عن المصالحة ورأب الصدع، واصلاح منظمة التحرير، والانتخابات، والمجلس الوطني، والبرنامج الموحد. انا أقول لكم باسم غالبية الشعب الفلسطيني لا نريد الاتفاق على برنامج موحد، لان البرنامج الذي يجمع عليه الشعب الفلسطيني بكل اطيافه واضح، وهو برنامج “جنين”، ومخيم جنين “وغزة وصواريخ غزة” و”القدس المرابطين بالقدس”. برنامج المقاومة بكل اشكالها ” مسلحة، شعبية، سياسية، إعلامية، ثقافية. المقاومة وتحدي الاحتلال هو البرنامج الذي تبناه الشعب ومضى فيه منذ زمن، ولا حاجة للاجتماعات والاتفاقات لتبني برنامج والاعلان عن برنامج. يا اخوتنا واهلنا واحبابنا في فتح العظيمة الرائدة الحب الأول والطلقة الأولى، ويا اخوتنا في قيادة السلطة الفلسطينية، نهج التفاوض مع الاحتلال لتحقيق مشروع الدولة فشل فشلا ذريعا وواضحا وكاملا. لا يوجد طفل فلسطيني في اقصى حارة في اخر مخيم الا اصبح مؤمنا ان هذا المسار فاشل وكارثي وعديم الجدوى، ويخدم الاحتلال وحده. يا سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، نتنياهو يعلن عن مشروع لإنقاذ سلطتك، وانت تعرف ونحن نعرف ما هو المشروع وماهو الهدف ” وأد المقاومة الفتية في الضفة بعد ان عجز نتنياهو عن ذلك “. هل تقبل سلطة وطنية تحت الاحتلال في التاريخ ان ينقذها محتل ويقويها لتقمع مقاومة شعبها ؟؟. يا سيادة الرئيس لا نريد سلطة لا تملك دولة وسيادة وكرامة، ولا نريد سلطة تشكل نقيضا لحركة التحرر الجماهيرية. حل هذه السلطة وارمي مفاتيحها في وجوههم. اذا قرروا اعتقالك فلست افضل من آلاف المعتقلين الفلسطينيين من أبناء شعبك، واذا قرروا ابعادك فلست افضل من ملايين اللاجئين من شعبك في الشتات، واذا قرروا قتلك فمت شهيدا بطلا، فماذا بقي من العمر ؟ لم تستطع تلك الشرعية الدولية المتمسك بها ان تنقذ طفلا دهسته المجنزرات الإسرائيلية، او بيتا هدمته الجرافات، او شجرة قلعها المستوطنون، او ارضا مسروقة او عائلة تحت الركام، او اسرة مهجرة. وحدهم الشباب من أبناء شعبك البسطاء العظماء قدروا على تمريغ انف هذا الاحتلال وجيشه بالوحل. الشرعية الدولية مفصلة على قياس الأقوياء فقط. اما قيادتا الجهاد وحماس فالى اين انتم ذاهبون ؟ ماذا تريدون ان تجربوا ؟ اتفاقا جديدا ؟ واجتماعا اخر ؟ وإعلان انتصار على الانقسام على الورق ؟ بالله عليكم ؟؟ كاتب واعلامي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

نائب الرئيس الفلسطيني يُرحّب بإعلان نيويورك

رحب نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ ، اليوم الأربعاء، بإعلان مؤتمر نيويورك، الذي صدر عن مجموعة الدول المشاركة، الذي دعا إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وإحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين، وإعادة الاعتبار للشرعية الدولية، ووقف الحرب في قطاع غزة وإدخال المساعدات فوراً دون أي عوائق.

وأكد الشيخ، الالتزام بما ورد في رسالة الرئيس محمود عباس ، إلى كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وولي العهد محمد بن سلمان آل سعود.

 

المصدر : وكالة وفا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين عبد العاطي: مصر تُدرّب مئات الفلسطينيين لتولي مهام الأمن في غزة 15 دولة غربية تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الخامسة من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في غزة  الأكثر قراءة الاحتلال يعتقل أربعة شبان خلال اقتحام كفر الديك غرب سلفيت الرئيس التونسي: الشرعية الدولية تتهاوى في ظل جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الخارجية تدين جميع أشكال المطالبة بضم الضفة مستوطنون يعتدون على مواطن ويسرقون أدواته الزراعية غرب سلفيت عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الفصائل الفلسطينية تطالب باعترافٍ دولي غير مشروط بالدولة المستقلة
  • الخارجية الفلسطينية تدين تحريض الاحتلال على الشعب الفلسطيني
  • الفصائل الفلسطينية تطالب بوقف الإبادة والتجويع بغزة
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نعتز بالموقف المصري الداعم والمساند لقضيتنا
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نشيد بموقف مصر التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية
  • المومني : غير مرحب بأي مخاطبة أو نداء من قبل زعماء الفصائل الفلسطينية
  • مفاجأة.. أحمد موسى يكشف عن خطة جيش الاحتلال الشيطانية لتجويع الشعب الفلسطيني| شاهد
  • نائب الرئيس الفلسطيني يُرحّب بإعلان نيويورك
  • الخارجية الفلسطينية: هناك حراك دولي لإنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني
  • الشعب الجمهوري: كلمة الرئيس السيسي عبرت عن خارطة طريق واضحة لدعم الشعب الفلسطيني