هل تفكر حماس بالتخلي عن السلطة في غزة؟
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
تعطي المواقف الرسمية الصادرة عن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية مؤشرا على أن حماس "لن يكون لها أي دور مستقبلي" في حكم قطاع غزة.
وبينما تتضارب القراءات والتحليلات بخصوص وضعها الآني والمرحلي ككيان عسكري على الأرض، تتسلط الأضواء على الخيارات التي قد تتخذها في المرحلة المقبلة، وما إذا كان الرجوع إلى الوراء من جانبها سيمثل دفعة إلى الأمام على صعيد إنهاء الحرب.
ويرتبط الرجوع إلى الخلف بمدى اتجاه حماس "بناء على قناعة" ووفق مراقبين إلى "خيار التخلي عن الحكم بصورة ذاتية"، من دون أن يؤدي ذلك إلى تحييد اسمها بالكامل عن مستقبل القطاع، وما إذا كان هذه العملية ستكون بناء على شروط أم لا.
يخوض الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي عمليات برية "هي الأكثر شراسة" حيث وصل غلى قلب مدينة خانيونس في جنوبي القطاع، فيما يصر مسؤولوه على إكمال الحرب حتى "القضاء على حماس وتحرير جميع الرهائن وعدم عودة غزة إلى ما كانت عليه سابقا".
ولا توجد أي بوادر حتى الآن من جانب إسرائيل للتراجع عن أهدافها الثلاثة، وكان قصفها المتواصل خلال الأسابيع الماضية قد أسفر عن مقتل أكثر من 15 ألف شخص غالبيتهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وفي المقابل تواصل الحركة التأكيد على استمرار عملياتها في شمال القطاع وجنوبه، لصد القوات الإسرائيلية المتوغلة، ولا تناقش كثيرا تفاصيل سيناريوهات "ما بعدها في غزة".
ونادرا ما تطرقت الحركة إلى مسارات الإدارة الخاصة بها في القطاع، خلال أيام الحرب الماضية أو عندما طرحت القضية ضمن السيناريوهات المستقبلية، والتي لم يحجز فيها أي اسم لحماس، بينما أعطت على العكس خيارات عن الجهة التي ستكون بديلة عنها، وأبرزها السلطة الفلسطينية.
دور أم لا دور؟وفي الثاني من نوفمبر الحالي، قدمت الحركة، بحسب رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، للوسطاء "تصورا شاملا يشمل فتح المسار السياسي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وحق تقرير المصير".
وقال هنية في كلمة متلفزة نشرت في ذلك الوقت إن "التصور الذي قدمته الحركة يشمل صفقة لتبادل الأسرى وفتح المعابر ووقف إطلاق النار"، من دون أن يتحدث عن أي خطوات تتعلق بحكم غزة على الخصوص، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية أعضاء حماس المتحدثين.
لكن إسرائيل تعتبر هذه الرؤية "مستحيلة" وعلى عكس الأهداف التي تريد تحقيقها من الحرب التي تقترب من إكمال مدة الشهرين، وفق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، مئير مصري.
ويقول مصري لموقع "الحرة" إن "إسرائيل لا ولن تقبل أي خطوة متوقعة من جانب حماس لإنهاء الحرب، ولو من ضمنها إنهاء حكمها في القطاع. يجب محاكمة مجرمي الحركة والجهاد الإسلامي وكل من شارك في مذابح السابع من أكتوبر، ولن ندعم يفلتون من العقاب"، حسب تعبيره.
ويستبعد مصري، وهو أستاذ العلوم السياسية وعضو "حزب العمال"، أن يكون لحماس "أي دور في مستقبل غزة"، من منطلق أنها "المشكلة ولا يمكن أن تكون جزءا من أي حل".
وفي آخر البيانات السياسية الصادرة عن الحركة، قالت عبر موقعها الرسمي، إنه "لا يمكن الانتصار عليها، ولا على الشعب الفلسطيني"، مؤكدة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين "نتانياهو وأركان حربه يغرقون أكثر فأكثر في مستنقع غزة".
وجاء ذلك بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي دخول مناطق جديدة في شمال غزة، ومحاولته التوسع على الأرض، في مسعى لاستكمال مخطط فصل القطاع جغرافيا إلى 3 بلوكات كبيرة.
وبتقدير أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة الأمة" في قطاع غزة، حسام الدجني، "لن تقبل حركة حماس أي طرح ممكن أن يحيدها عن المشهد السياسي"، و"لا سيما لو كان ذلك ضمن وصايا خارجية".
ويأتي ذلك من كونها "تركيب سياسي إيديولوجي لها من مكانة أو زخم جماهيري وعمق عربي وتجسيد مؤسسي على الأرض"، وفق الدجني.
لكن ما يمكن أن تقبله بحسب الدجني الذي تحدث لموقع "الحرة" هو "مقاربة سياسية فلسطينية تؤسس لشراكة في الإدارة والحكم والإعمار والتحضير للانتخابات كمرحلة لاحقة تعبر عن الإرادة الشعبية".
ويضيف أن "حماس ستشارك في هذه الانتخابات وتجدد شرعيتها، كونها إن لم تكن الفصيل الأول والأكبر ستكون بالتأكيد الفصيل الثاني".
ماذا عن السلطة؟وعلى مدى الأسابيع الماضية لم تتوقف المناقشات والمحادثات المتعلقة بمستقبل قطاع غزة "بعد الحرب". وبينما كشفت وسائل إعلام غربية عن سيناريو نشر قوات عربية اتجهت أخرى لتحليل واقعية القوات الدولية.
وما تزال هذه الطروحات "في الهواء" من دون أن يتم تبني واحد منها.
ومع ذلك كان أكثر ما تردد هو أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية الحكم، أي أن تعود إلى ما كانت عليه قبل صعود حماس في 2006.
مجلة "بوليتيكو" الأميركية ذكرت في تقرير لها، الثلاثاء، أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد بدأوا بالفعل في وضع تصوّر لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة تقوم بالأساس على سيطرة السلطة الفلسطينية عليه في نهاية المطاف.
ووفقا للمجلة فإن التصور الأميركي لوضع غزة بعد الحرب الذي استغرق وضعه أسابيع ربما يضع إدارة بايدن على مسار تصادمي مع الحكومة الإسرائيلية، التي أعلن رئيسها بنيامين نتانياهو مرارا رفضه عودة السلطة للقطاع الذي أخرجتها منه حماس بالقوة قبل 16 عاما.
كما أنه وعلى الرغم من أن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، وآخرون في الإدارة الأميركية أعلنوا علنا أن السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها" يجب أن تدير القطاع، إلا أنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية عمل ذلك.
لكن، جمال نزال، عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" والناطق باسمها يعتقد أن إسرائيل تريد "التخلص من السلطة" الفلسطينية، مبينا في حديث لموقع "الحرة" أن السبب وراء المسعى الإسرائيلي هذا هو أن السلطة الفلسطينية "قادرة للوصول إلى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية ووزراء خارجية العالم ودول الاتحاد الأوروبي".
ويعتقد نزال أن الولايات المتحدة الأميركية "تتماشى مع ما تطرحه إسرائيل" بشأن السلطة الفلسطينية.
ويشير نزال إلى أن إسرائيل "تريد سلطة بلديات تختص بالنفايات والماء والشرب والكهرباء بدون سقف وبرنامج سياسي وهوية فلسطينية مرتبطة بالتاريخ الفلسطيني في بعده المتصل بالقدس وحق العودة".
من جانبه، يقول مصري إن "السلطة الفلسطينية غير مؤهلة للقيام بأي دور في قطاع غزة التي فقدته قبل سبعة عشر عاما".
وأضاف أن السلطة الفلسطينية "لم تقم بإدانة حماس على جرائمها بل إنها تغدق على أسر الإرهابيين بالمساعدات وإعلامها الرسمي يمجد قتل اليهود"، وفق تعبيره.
علاوة على ذلك "تفتقد (السلطة الفلسطينية) إلى الحد الأدنى من الشرعية، فلم تنتخب قيادتها منذ عقد ونصف"، وفق مصري الذي يعتقد أن السلطة الفلسطينية "غير قادرة على حماية مقراتها من دون مساعدة إسرائيل، فكيف لها أن تحكم قطاع غزة وكيف لإسرائيل أن تثق بها"؟
ويرى مصري أن "إسرائيل معنية بإعادة احتلال القطاع بالكامل وفرض سلطة مدنية من سكان غزة تكون خاضعة لها".
بدوره يؤكد نزال أن "السلطة الفلسطينية مازالت راغبة في مواصلة تحمل مسؤوليتها عن الشعب الفلسطيني في غزة".
ورغم أن "إسرائيل تقول إن هدفها إزاحة حماس من غزة، يعرف كل خبير عسكري ويؤكد قاطعا أن الوسائل التي تستخدمها لن تحقق ما تريده، لأن الحركة تحت الأرض وليست فوقها"، وفق نزال.
ويتابع نزال حديث بالقول إن "الممارسات الإسرائيلية ضد السلطة في الضفة الغربية مرشحة بأن تنجح في إزالتها قبل أن تنجح إسرائيل في هدفها المكذوب بغزة"، مشيرا إلى "الاقتحامات والعنف وإرهاب المستوطنين وتقطيع التواصل الجغرافي بين مدن الضفة، إلى جانب الضغط المالي على السلطة ما يمنعها من ممارسة عملها الطبيعي تجاه الشعب الفلسطيني".
ويوضح أن "مسيرة تراجع إسرائيل عن اتفاق أوسلو كانت على مدى 23 عاما ومنذ بداية الانتفاضة الأولى عملية خنق تدريجي للسلطة الوطنية، وتوجت اليوم بوصولها حالة عدم القدرة على أداء التزاماتها المالية، بسبب سرقة أموال الضرائب الفلسطينية على يد إسرائيل".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أن السلطة الفلسطینیة قطاع غزة من دون
إقرأ أيضاً:
الفصائل الفلسطينية ترجح موافقة حماس على هدنة غزة
ذكر مصدر من الفصائل الفلسطينية ، اليوم الجمعة، أن حماس أبلغت الفصائل أنها ستسلم ردها مساء هذا اليوم للوسطاء، مرجحاً موافقة حماس على مقترح وقف النار في غزة مع ملاحظات تتعلق ببعض الجوانب الفنية.
ووفقاً لــ ” العربية” قال إن الفصائل تؤيد قبول اتفاق التهدئة كمرحلة أولى لمدة 60 يوما، يجري التفاوض خلالها على ترتيبات الوقف التام للحرب والانسحاب الكامل.
وتابع “الفصائل تجمع على ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار، يمهد الطريق لترتيب الوضع الداخلي ووقف شلال الدم”.
أخبار قد تهمك استشهاد سبعة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة 4 يوليو 2025 - 1:14 صباحًا حماس: نناقش مقترحات لوقف النار في غزة وصلت من الوسطاء 2 يوليو 2025 - 7:01 مساءًلكنه بين أن الفصائل ليست صاحبة القرار النهائي وحسم أمر الموافقة من عدمه عند قيادة حماس.
“رد إيجابي”
وقدمت حركة حماس “رداً إيجابياً” للوسطاء على اقتراح وقف إطلاق النار في قطاع غزة يستمر 60 يوماً، حسبما ذكر موقع “واي نت” الإسرائيلي، اليوم الجمعة.
وستعلن الحركة الفلسطينية عن قرارها خلال الساعات المقبلة.
وأبلغت حماس، قطر بموافقتها على مقترح صفقة تبادل الأسرى في القطاع، بحسب صحيفة “إسرائيل هيوم”.
صعوبات متوقعة
في حين كشف مسؤول إسرائيلي رفيع، أن إسرائيل تتوقع مزيداً من الصعوبات من جانب حماس حتى بعد التوصل إلى اتفاق أولي بشأن الصفقة”، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
وقال دبلوماسيون مطّلعون على سير المفاوضات إنه في حال أكدت حماس قبولها، فقد يتم توقيع اتفاق نهائي خلال أيام، وذلك بعد زيارة وفد إسرائيلي لوضع اللمسات الأخيرة على الشروط.
قد يستمر لأكثر من 60 يوماً
كما أفادت مصادر أن وقف إطلاق النار قد يستمر بعد فترة الستين يوماً الأولى حتى في حال عدم التوصل إلى اتفاق شامل، شرط أن يستمر التقدم في عملية الإفراج عن الرهائن بالتوازي مع سير المفاوضات.
وقال مصدر مطّلع على المحادثات إن الأطراف تقترب من التوصل إلى صفقة. وتفيد التقارير بأن المسؤولين الإسرائيليين متفائلون، في حين تمارس قطر ضغوطاً كبيرة على قيادة حماس في الخارج.
مع ذلك، يتوقع المسؤولون الإسرائيليون أنه حتى في حال وافقت حماس مبدئياً على إطار وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الرهائن، فإنها ستضع عراقيل خلال مرحلة صياغة الاتفاق بهدف الحصول على تنازلات إضافية.
خطة أميركية قد تنهي حرب غزة.. والكرة في ملعب حماس
خلال 24 ساعة
أتت هذه التقاير بعدما قالت حركة حماس في بيان على “تليغرام”، الخميس، إنها تناقش اقتراح وقف إطلاق النار في غزة الذي تدعمه الولايات المتحدة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وأضافت أنها “ستسلم القرار النهائي للوسطاء بعد انتهاء المشاورات، وستعلن ذلك بشكل رسمي”.
بدوره، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الجمعة، إنه من المرجح معرفة رد حركة حماس على اقتراح وقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة خلال الـ 24 ساعة القادمة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أمس أن إسرائيل وافقت على الصفقة، وتنتظر رد حماس، بحسب القناة 11 الإسرائيلية.
والمقترح الجديد بشأن غزة يتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، وإطلاق سراح 10 رهائن، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل جزئي من جنوب غزة. حيث سيحتفظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على ممر موراغ (الواقع بين مدينتي رفح وخان يونس) والمناطق الواقعة جنوبه، بما في ذلك محور فيلادلفي. وينص الإطار على أن الانسحابات المستقبلية ستُناقش ضمن المفاوضات المستمرة للتوصل إلى ترتيب نهائي.
وبينما تقلّصت الفجوات بين المواقف، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من التعديلات والتوضيحات من أجل التوصل إلى اتفاق كامل.