الدعوة التي أُطلقت أخيراً لانعقاد قمة روحية إسلامية – مسيحية في القريب العاجل والتي يبدو الطريق إليها محفوفاً بالعقبات، مهمة بارزة ندب نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب نفسه لبلوغها وتحقيقها مع بكركي تحت عنوان أن انعقادها بات "ضرورة وطنية لجبه التحديات".
وفي هذا الاطار تحدث الشيخ الخطيب ل"نداء الوطن" محذراً السياسيين من مغبة استمرار الوضع على حاله.

وامل أن تنعقد القمة قبل الميلاد ويترك الكلمة النهائية لتشاور يستكمله في جولته التي بدأها من بكركي وستشمل دار الفتوى ومقر الطائفة الدرزية وبقية القادة الروحيين.
وقال:المتعارف عليه أن تعقد القمة مداورة بين دار الفتوى والمجلس الشيعي والبطريركية المارونية ومشيخة العقل. لكن بسبب ظروف متعددة، لم تعقد هذه القمة طيلة الفترة الماضية. ثم ارتأينا بالتشاور أنّ الظروف نضجت، والأوضاع الراهنة بحاجة إلى اجتماع قمة روحية ما من شأنه أن يخدم البلد.
كل القادة الروحيين كانوا في هذا الإتجاه خاصة في ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة والجنوب، والحاجة إلى تثبيت وضعنا الداخلي اللبناني كي نتمكن من مواجهة ما ينتظرنا، وندفع المسؤولين للقيام بواجباتهم، ونؤمّن تكاملاً بين الجهود السياسية والروحية.
وقال: الوضع الفلسطيني وما تتعرض له غزة من إبادة جماعية، والوضع الداخلي اللبناني والذي يحتاج إلى وجود مؤسسات دستورية من رئيس للجمهورية، إلى غيرها من الاستحقاقات ما يفرض ترتيب وضعنا الداخلي. لا نريد أن ينعكس الخلاف السياسي بين الأفرقاء السياسيين على المواطنين. يجب أن تكون هناك وحدة وطنية حقيقية بين المكونات، وان اختلفت في السياسة. 
كما يجب التطرق إلى الوضع الاقتصادي، وموضوع النزوح السوري، اللذين تراجع الاهتمام بهما نتيجة ما يحدث من عدوان اسرائيلي على غزة وفي جنوب لبنان. لكني لست وحدي من يقرر. سنقوم بالتشاور مع سائر المرجعيات ونتفق معها على برنامج العمل.
وكتب ابراهيم بيرم في"النهار": ولكن على رغم بلاغة هذه الدعوة فإن أمر انعقادها لا يبدو محسوماً أو متوافقاً عليه لحد الآن مع أن أوساطاً إعلامية على صلة وثقى برئاسة المجلس الشيعي بدت حاسمة ومتفائلة إذ أعربت عن ثقتها بأن انعقاد القمة الروحية لم يعد بعيداً وربما سيكون قبل عيد الميلاد وإلا ففي مطلع السنة الجديدة على أبعد تقدير، لافتة الى أن الأمر كله بات مرهوناً بالقدرة على إنجاز الترتيبات المتعلقة بها.

فكرة القمة الروحية ليست وليدة الساعة إذ إن المعلوم أنها أثيرت في الأوساط الروحية والسياسية قبل نحو سنة وكان من الدعاة الى عقدها شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى. وقد قطع لهذه الغاية شوطاً متقدماً في الاتصالات الرامية لتأمين انعقادها لكن الاحتدام السياسي آنذاك حال دون بلوغ هذا الهدف فاعتُبر الأمر في حكم الخيار المؤجل وليس الملغى.

وقبل فترة قصيرة حمل الشيخ الخطيب لواء هذه الدعوة الى بكركي مجدداً وانطلق للتوّ في رحلة لبلوغ هذه الغاية.

وحسب مصادر عليمة ثمة أمران يدفعان بالشيخ الخطيب الى تنكب هذه المهمة. الأول ذاتي مردّه أن الخطيب، بعد أن ورث تلقائياً مهام رئاسة المجلس الشيعي وصلاحياته بعد وفاة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان، كان عليه أن يثبت حضوره ويظهر قدراته على الإمساك بإدارة المجلس في وسط طائفي- سياسي ليس للمستقلين فيه أو الخارجين عن إرادة الثنائي الشيعي القابض بقوة على زمام الأمور في الطائفة، مساحات تحرك واسعة، خصوصاً أن ثمة تيارات متنازعة داخل المؤسسة على غرار كل المؤسسات الملية اللبنانية. ومنذ توليه صلاحيات رئاسة المجلس بحكم أنظمة وأحكام "استمرارية العمل في المرفق العام" مضى الشيخ الخطيب قدماً في رحلة الإثبات والمواجهة تلك، فكانت له تحركات وجولات ومحطات مشهودة في مناطق الشمال والجبل والبقاع والجنوب حيث أطلق من منابر عدة هناك خطاباً موضوعياً انفتاحياً هادئاً فيه الكثير من مفاصل خطاب الإمام موسى الصدر فكان له أصداء.
وبعدها عكف الخطيب على تشكيل فريق عمل استشاري خاص به ضم نخبة من أساتذة الجامعات والإعلاميين وعلماء الدين وحقوقيين تحت شعار إعادة بعث الروح في جسد المجلس وإظهاره كمؤسسة لكل الطائفة من جهة وأنها مؤسسة جديرة بالتواصل والتحاور مع كل المكوّنات الطائفية والمذهبية في البلاد.

أما المهمة الثانية التي تصدّى لها فكانت أن يحتفظ لنفسه بخط استقلالي دائم لا يبدو فيه متناقضاً مع الثنائي ولا يظهر في المقابل أنه يأتمر بأمرهما وأنه يعمل وفق مشيئتهما. وبناءً على ذلك وبعد جولاته المناطقية تلك أتت زيارته الأخيرة اللافتة لبكركي على رأس وفد من المجلس واجتماعه مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.


لهذه الزيارة في وقتها أهمية استثنائية فهي أتت بعد سجال إعلامي حول "الصينية" التي دعا إليها البطريرك الراعي لتعود أموالها في ذاك الأحد لدعم النازحين من البلدات الحدودية الجنوبية بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها خصوصاً أن أوساطاً شبابية شيعية اعترضت عليها لأسباب شتى.

وفي كل الأحوال نُقل عن سيد بكركي ارتياحه للزيارة وتقديره لخطوة الزائرين وما حملوه معهم من آراء وتوجهات، فيما كان اهتمام الوفد الضيف مركزاً على أمر أساسي وهو أن فكرة الدعوة الى عقد القمة الروحية التي حملها الشيخ الخطيب معه وجدت مقبولية عند البطريرك الراعي بل وتجاوباً معها. ولاحقاً تحدثت أوساط الوفد عن "تفاهم على كل المواقف الداخلية والخارجية" بين الراعي والخطيب.

وعلى رغم أن أوساطاً مسيحية بيّنت لاحقاً أن ثمة استعجالاً في غير محله لتسويغ فكرة القمة الروحية ما أوحى بعدم رضاها عن عدم تشجعها على المضيّ في هذ الفكرة أكدت أوساط المجلس في مطلع الأسبوع الجاري أن نائب رئيس المجلس مصمّم على المضيّ قدماً في تهيئة المناخات اللازمة لعقد القمة في أسرع وقت.

في هذا الإطار كشفت المصادر أن الشيخ الخطيب يعتزم خلال الأسبوع الحالي زيارة كل من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشيخ عقل الدروز الشيخ أبو المنى للتشاور في الترتيبات المتعلقة بانعقاد القمة، على أن يستكمل جولة لقاءاته بزيارات موعودة لسائر المرجعيات المسيحية.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المجلس الشیعی الشیخ الخطیب

إقرأ أيضاً:

محطات انتقال العمال الكردستاني من دعوة أوجلان إلى تسليم السلاح

أنقرةـ في تحول تاريخي يمهد لمرحلة جديدة من مسار السلام مع الحكومة التركية، شهدت منطقة رابرين بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق اليوم الجمعة انطلاق أولى خطوات نزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وتأتي هذه الخطوة استجابة لدعوة زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان، الذي طالب من سجنه في جزيرة إمرالي بإنهاء العمل المسلح المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي، والدخول في العمل السياسي الديمقراطي.

على مدى أكثر من 4 عقود، خاض حزب العمال الكردستاني تمردا مسلحا ضد الدولة التركية أودى بحياة نحو 40 ألف شخص، فيما تصنفه أنقرة ودول غربية على أنه "منظمة إرهابية".

بيد أن المسار شهد تحولا حاسما منذ فبراير/شباط الماضي، عندما أطلق أوجلان نداء علنيا لمقاتليه بوقف القتال، تلاه في مايو/أيار إعلان الحزب حل نفسه رسميا.

خارطة طريق نحو السلام

جاء هذا التحول نتيجة خطوات ومحطات متعددة ساهمت في تهيئة المناخ لهذه اللحظة. ففي الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية -خلال افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان التركي- عن مبادرة "مصالحة وطنية"، ودعا نواب حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الكردي إلى "فتح صفحة جديدة يسودها السلام". وفي اليوم التالي، أيّد الرئيس رجب طيب أردوغان المبادرة، مشددا على ضرورة توسيع نطاق الحوار السياسي.

وعاد بهتشلي في 22 من الشهر ذاته ليطالب برفع العزلة عن عبد الله أوجلان، معتبرا أنه وحده القادر على إعلان نهاية "الإرهاب" وحل الحزب، وبعدها بيوم، زار النائب عمر أوجلان -ابن عم الزعيم الكردي- سجن إمرالي لأول مرة منذ نحو 3 سنوات ونصف، مؤكدا أن "لدى أوجلان القدرة على تحويل مسار الصراع نحو السياسة إذا ما رفعت العزلة عنه".

وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قدم وفد من حزب الشعوب أول طلب رسمي لزيارة أوجلان، وفي 27 ديسمبر/كانون الأول، وافق وزير العدل التركي على اللقاء. وفي اليوم التالي، زار وفد قيادي من الحزب -يضم بيرفن بولدان وسري ثريا أوندر- الزعيم الكردي في إمرالي، حيث نقلوا عنه تأكيده أن "تعزيز الأخوة التركية-الكردية مسؤولية تاريخية".

اللقاء الأول بين أردوغان ووفد من حزب الشعوب في أبريل/نيسان الماضي (الرئاسة التركية) تحركات ومشاورات

استُؤنفت الزيارات في 22 يناير/كانون الثاني 2025، تلتها زيارة وفد موسع في السابع من فبراير/شباط ضم أحمد ترك وتولاي حاتم أوغلو وتونجر باكيرهان، وأجرى مشاورات معمقة مع أوجلان حول المسار الجديد.

إعلان

وفي 27 فبراير/شباط، أصدر أوجلان بيانا تاريخيا دعا فيه جميع الفصائل إلى إلقاء السلاح وحل حزب العمال الكردستاني والانتقال إلى العمل السياسي، معتبرا أن "الزمن قد تجاوز الكفاح المسلح".

استجاب الحزب للدعوة سريعا، فأعلن في الأول من مارس/آذار وقف إطلاق النار، وتبعه إعلان هدنة رسمية في الثالث من الشهر ذاته، لتبدأ رسميا عملية السلام.

وفي العاشر من أبريل/نيسان، التقى وفد من حزب الشعوب مع الرئيس أردوغان لبحث العقبات التي تواجه المسار ومناقشة آليات تجاوزه. وبعد مشاورات داخلية، أعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو/أيار حل تنظيمه المسلح نهائيا. وقد رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني بالخطوة، واصفا إياها بأنها "تاريخية وتفتح فصلا جديدا من التعايش".

وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في 14 مايو/أيار، استعداد بغداد وأربيل للتعاون مع أنقرة لتنظيم آلية تسليم الأسلحة.

مرحلة انتقالية دقيقة

مع اقتراب الصيف، بدأت الترتيبات الميدانية للمرحلة الانتقالية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين.

ففي 30 يونيو/حزيران، نشرت وكالة "فرات نيوز" بيانا أكدت فيه أن "أوجلان هو الوحيد القادر على توجيه المقاتلين لتسليم أسلحتهم"، وأفادت مصادر كردية بأن بين 20 و30 مقاتلا سيشاركون في مراسم التسليم المقررة بين الثالث والعاشر من يوليو/تموز.

وفي اليوم نفسه، أعلنت المتحدثة باسم حزب الشعوب عائشة غل دوغان أن "الخطوة التاريخية المتعلقة بنزع السلاح ستتم الأسبوع المقبل".

تزامن ذلك مع تحركات تركية على الأرض، زار رئيس المخابرات إبراهيم قالن أربيل في الأول من يوليو/تموز، والتقى قادة الإقليم لبحث ترتيبات المرحلة القادمة.

وفي السادس من يوليو/تموز، عاد وفد من حزب الشعوب لزيارة أوجلان في سجنه، ثم اجتمع في اليوم التالي بالرئيس أردوغان للتشاور بشأن مستقبل العملية السياسية.

حزب العمال الكردستاني أعلن حل نفسه وإلقاء السلاح (الفرنسية)

وفي الثامن من يوليو/تموز، توجه قالن إلى بغداد، حيث اجتمع برئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية رشيد معروف. وأكدت مصادر عراقية دعم بغداد الكامل للمبادرة.

وفي التاسع من يوليو/تموز، ظهر عبد الله أوجلان في تسجيل مصور لأول مرة منذ اعتقاله عام 1999، وأعلن "طي صفحة الكفاح المسلح" ودعا إلى "التوجه الكامل نحو السياسة الديمقراطية واحترام سيادة القانون".

واليوم الجمعة 11 يوليو/تموز 2025، انطلقت مراسم تسليم الأسلحة في مدينة السليمانية، حيث أعلن الناطق باسم حزب العمال الكردستاني أن مجموعة من المقاتلين ستقوم بتدمير أسلحتها تحت إشراف مؤسسات مدنية، في حين أكد مسؤول كردي عراقي أن بعض الأسلحة ستحرق بشكل رمزي "لطمأنة الأتراك بأن السلام لا رجعة فيه".

مقالات مشابهة

  • طرق استخراج شهادتي الميلاد والوفاة والأسعار 2025
  • ياسمين الخطيب تخطف الأنظار بإطلالة جديدة
  • دعوة رسمية لحذف بوبجي وVPN عند تحديث البطاقة التموينية
  • محطات انتقال العمال الكردستاني من دعوة أوجلان إلى تسليم السلاح
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. طابور التخذيل ومهمة المستحيل
  • الأهلي يقرر تعديل عقد إمام عاشور.. والخطيب يضغط بقوة لضم مصطفى محمد
  • شاهد بالفيديو.. زواج رجل الأعمال السوداني والأب الروحي لبعض المطربات “عزيز كوشي” والدولية تشتت أموال طائلة من النقطة بالعملة المصرية فرحة بزواجه
  • دعاء الصباح .. ردد أفضل 40 دعوة مستجابة وشاملة للخيرات وتحقق الأمنيات
  • مع عرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو.. فيلم كلينك توزع "حفل عيد الميلاد"
  • سلطة مأرب تكشف سبب اعتقال الشيخ الزايدي