زلزال السابع من أكتوبر بث الحياة فـي أوصال القضية الفلسطينية «1ـ2»
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
كادت القضيَّة الفلسطينيَّة تُطوَى تدريجيًّا في بساط النِّسيان، وانصرف الجمع، دوَلًا وشعوبًا، إلى مشاغلهم وتحقيق مصالحهم وتنفيذ خططهم وإمضاء سياساتهم، بوسائل وطُرق تُعبِّر عن الأنانيَّة والاستئثار وحُب النَّفْس، وتجاهل حقوق الشَّعب الفلسطيني، وما يتعرض له من إذلال وامتهان. فالعصر ـ كما يدَّعون ويروِّجون ـ عصر سلام وتطبيع وتعايش وانصهار وذوبان مع «الآخر»، وانفصال عن الماضي وملفَّاته وقضاياه، ومِثله وما سُمِّي بـ»الحقوق المشروعة»، الَّتي تعيق عجلة التنمية، وتمنع نُمو الاقتصاد وتقف عقبة أمام الحداثة والعصرنة والازدهار وقِيَم العولمة… وأوشكت ملفَّاتها الفخمة ـ أي القضيَّة الفلسطينيَّة ـ وأرشيفها العامر بالوثائق والحجج، وحراكها الدِّفاعي النَّشط ـ قَبل سنوات ـ في أروقة المنظَّمات والكيانات الدوليَّة، وعواصم العالَم، على مدى عقود طويلة، أن تتلاشى في ذاكرة تشيخ بمرور الأيَّام، فتدخل شيئًا فشيئًا إلى مَرض الزهايمر المدمِّر للحافظة وما وثَّقته من كنوز ثمينة، تفيض بالأدلَّة والبراهين والقرائن والصوَر، الَّتي تتحدَّث عن الحقِّ الفلسطيني وتاريخيَّة فلسطين، وتثبت يقينًا أنَّها أرض لشَعب، ارتبط بها، وطنًا وثقافةً وروحًا ومسمًّى وحياةً، هو الشَّعب الفلسطيني، ولا أحَد يشاركه في هذا الحقِّ سواه… وكشفت الأحداث المتسارعة، وتطوُّرات العصر السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعلميَّة، وتداخُل وتشابُك المصالح بَيْنَ الدوَل والشركات واللوبيَّات، والغزو الفكري والثقافي الهائل، وغسيل العقول عالَميًّا وإقليميًّا، وانهيار الأمن العربي، وتمزُّق كياناته، واختلاف أنظمته حدَّ القطيعة أحيانًا، عن نيَّة مبيَّتة وخطط موضوعة مقرَّة؛ لإنهاء ووأْدِ وقتْلِ تطلُّعات وحلم الفلسطينيِّين، في قيام دَولة مستقلَّة عاصمتها القدس، وضمان أن يحققَ كيانها ومساحاتها وحقوقها، العدل والطموح والحياة الكريمة، واستيعاب جميع أطياف وفئات الشَّعب الفلسطيني، وجمع شتاتهم في وطنهم المسلوب، واستعادة الأرض والمقدَّسات المستباحة، ذلك، في مقابل مؤامرات ومُخطَّطات شيطانيَّة، تستهدف المزيد من التهجير وتشتيت وتصفية الشَّعب الفلسطيني، والتمدُّد والاستعمار والاستيلاء على أراضٍ أخرى جديدة… وأوشكت معاناة الشَّعب الفلسطيني، الممزَّق بَيْنَ المهجر والشَّتات والسجون الإسرائيليَّة المُدمِّرة لروح ونَفْس وجسَد الإنسان، المُسبِّبة للعاهات والآفات والعاقات، الملاحق في أرجاء هذا العالَم بتُهَم وتحقيقات وتلفيقات شتَّى، المُضيَّق عَلَيْه في تنقُّله داخل بلده، وفي عباداته والصلاة في الأقصى، الممنوع من الاجتماع واللقاء بأهله وأبنائه وأحبَّائه وأفراد أُسرته، والاستمتاع بما يملكه من أرض وأملاك خاصَّة، المُحارَب في لُقمة عيشه، المحروم من أبسط حقوقه، الحُريَّة والحياة الكريمة والخدمات الإنسانيَّة المتواضعة، أن تهملَ ويتمَّ تغافلها والتشاغل عَنْها والتفريط فيها… فالدوَل العربيَّة، صغيرها وكبيرها، المرتبطة بحدود مع فلسطين، والبعيدة عَنْها جغرافيًّا، ذات الثقل والتأثير أو الَّتي لا أثرَ لقراراتها وسياساتها، من التزمت بتعهُّدات ومسؤوليَّات في الدِّفاع عن القضيَّة الفلسطينيَّة وحقوق الفلسطينيِّين، أو مَنْ تنصَّل عَنْها منذ زمن، جميعها تسرع الخُطى وتحثُّ السَّير، وتتجاوز المتخيّل في تطبيعها مع الكيان الإسرائيلي، متجاهلةً للحقِّ الفلسطيني وقضيَّته الثَّابتة… فماذا بِيَدِ الفلسطيني، فردًا وشَعبًا ومقاومةً، أن يصنعوا أمام هذا الواقع المُؤلم والمُخجل، وقَدْ تركوا وحْدَهم في مواجهة إعصار جارف، إمَّا أن يقتلعَهم من جذورهم فتمحى فلسطين وقُدسها وأقصاها من الوجود، وإمَّا أن يثبتوا ويواجهوا ويقاوموا ويصمدوا، ويتسلحوا بثبات العقيدة، وإرادة المجاهد، وصلابة المقاوم، وسِيرة القادة العظام، الَّذين لَمْ تثنهم الشَّدائد والمعيقات والمستحيلات وتفوُّق العدوِّ وقوَّته التسليحيَّة والعدديَّة وغطرسته وظُلمه وعنجهيَّته عن مواصلة الجهاد وتحرير الأوطان والمقدَّسات… صحيح أنَّ التضحيات المتوقعة عظيمة، والخسائر مهولة، والآلام والأحزان والأوجاع مُدمِّرة، ولكن هل أبقى لَهُم العالَم الظالم والجائر من خيار آخر يلجؤون إليه؟ لقَدْ حسمت المقاومة الفلسطينيَّة الأمْرَ، واتَّخذت القرار، وأخذت خيارها اليتيم في استعادة الوطن وتحرير الأرض، فكان السَّابع من أكتوبر الزلزال الأوَّل من نَوْعه الَّذي تميَّز بالعبقريَّة في التكتيك، والبراعة في إعداد وتنفيذ الخطَّة، والصَّلابة والقوَّة في الإرادة، إلى جانب الجرأة العالية، الَّتي اهتزَّ لها عرش النظام في تل أبيب، وأفقدته توازنه، وجعلت مِنْه أضحوكة عالَميَّة.
سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الفلسطینی العال م
إقرأ أيضاً:
79 مريضا فى خطر .. متحدث الصحة الفلسطينية: قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر مستشفى العودة شمال قطاع غزة
قال الدكتور خليل الدقران المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى وأحد متحدثي وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر مستشفى العودة شمال قطاع غزة وتطالب بإخلائه الفوري باستخدام نداءات عبر روبوتات مفخخة، وهو ما وصفته الوزارة بـ"جريمة مكتملة الأركان" تستهدف المنظومة الصحية بشكل مباشر.
وأضاف الدقران، في تصريحات مع الإعلامية داما الكردي، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ مستشفى العودة يضم 97 مريضًا، من بينهم 13 مصابًا، بالإضافة إلى 84 من الكوادر الطبية، جميعهم باتوا مهددين بفقدان المأوى والعلاج في حال تنفيذ الاحتلال تهديده بإخلاء المستشفى، مؤكدًا، أن هذا الإجراء يمثل استهدافًا صارخًا للمرضى والطواقم، وامتدادًا للانتهاكات المستمرة بحق القطاع الصحي في غزة.
وتابع، أن مستشفى العودة سيكون المستشفى رقم 23 الذي يخرجه الاحتلال عن الخدمة، من أصل 38 مستشفى في قطاع غزة. وأضاف أن المنظومة الصحية تعاني شللًا شبه تام، حيث لم يتبقَ سوى 15 مستشفى تعمل جزئيًا، منها فقط خمس مستشفيات حكومية، ثلاث منها فقط قادرة على استقبال المصابين، بينما المستشفيان الآخران مخصصان للأطفال.
وأكد، أن العدوان الإسرائيلي المستمر بات يهدد بانهيار تام في القطاع الصحي، إذ تُستهدف المستشفيات بشكل متكرر، وتُمنع من تقديم خدماتها الإنسانية، مناشدا المجتمع الدولي التدخل العاجل لحماية المرافق الطبية والطواقم العاملة فيها، محذرًا من كارثة صحية وشيكة تهدد حياة الآلاف من المرضى والجرحى في غزة.
https://www.youtube.com/watch?v=gvsPlKKbG-E