جنود الاحتلال يحصلون على سترات واقية تعود لحرب فيتنام
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
سرايا - أثارت ورقة مرفقة بسترة واقية من الرصاص صدمةً بين جنود بصفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ كُتب عليها ملاحظة تعود إلى تاريخ 22 أغسطس/آب 1963، أي إلى حقبة حرب فيتنام (1955 – 1975)، وتم تقديم هذه السترة الواقية إلى أحد جنود الاحتياط ضمن جيش الاحتلال.
موقع Times Of Israel الإسرائيلي ذكر، السبت 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن الورقة كُتب عليها هذه الملاحظة: "عزيزي الجندي، هذه السترة لا جدوى منها إن لم ترتدِها، يمكنك ارتداؤها فوق قميصك أو معطفك، أو تحت طبقات أخرى من الملابس إذا اقتضى الأمر.
لفت الموقع إلى أن جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي تم تزويدهم بسترات قادمة مباشرة من خط تجميع يعود لعام 1963، وقال إن الكتيبة التي تتلقى هذه السترات كتيبة قتالية احتياطية تتألف من جنود مشاة في الجيش الإسرائيلي يُتوقع أن يكونوا جاهزين للقتال.
أكد الموقع أن هذه الوحدات ليست وحدات دعم، وأن معظمها يتمركز في مناطق شديدة الخطورة بالقرب من الحدود، ولكن ليس داخل غزة.
لا يُعرف تحديداً إن كان جيش الاحتلال اشترى هذه السترات حديثاً ونقلها جواً إلى إسرائيل، أم كانت مخزنة في مستودعات الطوارئ التابعة للجيش الإسرائيلي منذ عشرات السنين.
يُشير الموقع الإسرائيلي أيضاً إلى أنه بعد اندلاع الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عمدت الكثير من المنظمات المدنية إلى تعبئة وجمع التبرعات من آلاف الأشخاص، من أجل توفير سترات واقية من السيراميك بكميات كبيرة للجنود الاحتياطيين (وربما القوات النظامية).
من جانبه، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن لديه سترات واقية سيراميكية لجميع الجنود النظاميين والاحتياطيين، وعزا أي تأخير في الإمدادات إلى "مشكلات تنظيمية داخل سلسلة التوريد".
بحسب "تايمز أوف إسرائيل"، فإن "أي مقاتل يدخل غزة أو مناطق القتال الأخرى، يُلزم بارتداء درع من السيراميك، الذي يصدف أن أول استخدام عملي له كان خلال حرب فيتنام".
لفت الموقع إلى أن "مواطنين وكيانات خاصة نجحوا في شراء ونقل وتوزيع آلاف السترات الواقية في أول أسبوعين من الحرب، لكن استيراد معدات عسكرية أو شبه عسكرية إلى إسرائيل يقتضي أن توقع جهة أمنية مُعترف بها على المستندات لضمان تخليص هذه المعدات من الجمارك".
عادةً ما تكون الشركات الخاصة العادية عاجزة عن استيراد منتجات من هذا النوع، ولمواجهة هذه الصعوبات الإجرائية يمنح جيش الاحتلال الإسرائيلي تصاريح استيراد خاصة.
مكّن هذا الإجراء الكيانات الخاصة أو الأفراد من شراء السترات في الخارج، ونقلها جواً، وسداد نفقات التخليص الجمركي، وتسليمها. وفي بعض الأحيان، كانت تُسلَّم مباشرة إلى أيدي جنود الاحتياط، وفي أحيان أخرى، كانت تُسلَّم من خلال الوحدات المعنية في الجيش الإسرائيلي.
وقال مدني شارك في استيراد السترات خلال الحرب لموقع Times Of Israel، إنه لا يزال يتلقى طلبات يومية من أفراد عائلات وأقارب جنود يحتاجون إلى سترات واقية من السيراميك، غير أنه لم يعد مسموحاً للجهات المدنية بإدخالها، ولا توجد مستودعات طوارئ مدنية تخزن هذه السترات.
بدوره أشار جيش الاحتلال لوجود مركز تبرع يمكن التواصل معه، وتتولى وزارة الدفاع التعامل مع هذه التبرعات المقدمة للجيش، وتفحص الوزارة المعدات المُتبرَّع للتأكد من أنها تفي بالمعايير القياسية، وبعدها تُسلّم للجنود.
لدى سؤال الجيش الإسرائيلي عن السترات التي تعود إلى حقبة حرب فيتنام، قال: "هذه السُّترات فحصناها وهي تفي بالمعايير"، وفقاً للموقع الإسرائيلي.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي بضوء أخضر أمريكي، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 17 ألفاً و490 شهيداً، و46 ألفاً و480 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: جیش الاحتلال الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
ظلال سايغون.. كيف تعيش فيتنام حربها بعد نصف قرن؟
في مقهى "كونج كافيه" بمدينة هوشي منه الذي يتميز بساحته الخارجية ذات اللون الأخضر الزيتوني، يجلس شباب فيتناميون يحتسون أكواب القهوة العصرية. المشهد يبدو طبيعيا في أي مدينة عالمية صاخبة لولا التفاصيل التي تصرخ بتاريخ مختلف.
النُدُل يرتدون الزي الرسمي لمقاتلي "الفيتكونج"، وأدوات الحرب وخوذات التمويه تزين الجدران. ويعلق الموظف دوك آن لي على هذا المشهد قائلا "من خلال الملابس التي نرتديها نريد أن نكرم الجنود الذين قاتلوا من أجل بلدنا في الماضي". هنا لم تنته الحرب تمامًا، لقد تحولت إلى خلفية للحياة اليومية، وذاكرة حية يروي فصولها المنتصرون.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2“اليربوع الأزرق”.. حين صنعت فرنسا مجدها النووي على أنقاض البشر والرمال الجزائريةlist 2 of 2اكتشاف أثري تحت الركام.. ما مصير القرى الأثرية بعد سقوط نظام الأسد؟end of listبعد مرور أكثر من 50 عامًا على انتهاء ما يسميها الفيتناميون "الحرب الأميركية"، خرجت البلاد من رماد الصراع لتحتفل بذكرى توحيد شطريها. في شوارع مدينة هوشي منه، التي كانت تُعرف سابقًا بـ"سايغون"، انطلقت الاستعراضات العسكرية المهيبة، لكن بين صفوف المحتفلين، كانت هناك وجوه تحكي قصة أكثر تعقيدًا.
بيل، أميركي من ولاية فلوريدا وأحد نشطاء السلام وقت الحرب، وقف يراقب المشهد وعيناه تغرقهما الدموع. لم يكن سائحًا عاديا، بل كان واحدًا من أولئك الذين دفعوا ثمن مواقفهم. يقول بصوت مختنق "سُجنت في الولايات المتحدة بسبب معارضتي الحرب الفيتنامية. حضوري الاحتفالات هنا في فيتنام مهم بالنسبة لي لأعرب عن تقديري لمواطني هذه الدولة". قصة بيل هي شهادة على الانقسام العميق الذي أحدثته الحرب ليس فقط في فيتنام، بل في قلب المجتمع الأميركي نفسه.
بدأت هذه الحرب المعقدة، التي دارت رحاها في أدغال كثيفة، بعد وقت قصير من استقلال فيتنام عن فرنسا عام 1954. وبحلول منتصف الستينيات، تورطت الولايات المتحدة بشكل كامل، حيث ساندت قوات فيتنام الجنوبية في محاولة يائسة لمنع انتشار الشيوعية في جنوب شرق آسيا.
إعلانوفي المقابل، خاض الشطر الشمالي المعارك تحت قيادة الزعيم التاريخي هوشي منه، الذي يلقّب بحبٍ "العم هو"، ودعم الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام (فيتكونج)، التي تلقت مساندة من الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد انتصار الشمال، تغير اسم سايغون رسميًا إلى مدينة هوشي منه.
ورغم الترسانة الهائلة التي استخدمتها واشنطن، من قاذفات "بي-52" إلى النابالم والعامل البرتقالي، فإنها وجدت نفسها غارقة في مستنقع حرب العصابات المعقدة التي أتقنها مقاتلو "الفيتكونج". وعلى بعد ساعتين بالسيارة من هوشي منه، يمكن لأي زائر اليوم أن يزحف داخل "أنفاق كو تشي"، وهي الشبكة الأسطورية الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر تحت الأرض.
لم تكن مجرد مخابئ، بل كانت مدنًا كاملة بثلاثة مستويات تحت الأرض، تضم مطابخ ومستشفيات ومراكز قيادة، وشكلت أحد أهم أسباب الانتصار الفيتنامي. تحولت هذه الأنفاق الخانقة اليوم إلى معلم سياحي جذاب، يجسد سخرية التاريخ بتحويل ساحات الموت إلى وجهات للترفيه.
لكن بعيدًا عن الاحتفالات الرسمية ودموع الندم، تحمل فيتنام ندوبًا غائرة لا تزال تنزف. عند مدخل "متحف مخلفات الحرب" في هوشي منه، حيث تصطف الدبابات والطائرات المقاتلة الأميركية كشواهد صامتة على هزيمة عسكرية كبرى، يجلس هوي البالغ من العمر 56 عامًا. جسده خريطة حية للدمار: بلا ذراعين، وبساق واحدة، وعين كفيفة.
يروي قصته بهدوء للسياح بينما يبيع الكتب ليعيل نفسه "كنت في الثامنة من عمري عندما دست على لغم أرضي في المرتفعات الوسطى". هوي واحد من ملايين الضحايا الذين خلفتهم الحرب، التي تقدر خسائرها البشرية في الجانب الفيتنامي بما يتراوح بين مليونين و5 ملايين إنسان.
في الداخل، غرفة مخصصة لـ "العامل البرتقالي" (Agent Orange)، السلاح الكيميائي الذي ألقته الطائرات الأميركية لإزالة الغطاء النباتي وكشف مقاتلي الفيتكونج. الصور المعروضة لا توثق حربًا انتهت، بل أجيالا من العذاب اللاحق: أطفال يولدون بتشوهات مروعة، وأجساد تنهشها الأورام.
إعلانهنا، لا يتمالك الكثير من الزوار أنفسهم، وتتحول زيارتهم إلى لحظة بكاء صامتة أمام بشاعة ما يمكن أن تفعله الحروب. ومن بين الصور، تبرز تلك الأيقونة الخالدة للرعب: صورة الطفلة "فان ثي كيم فوك" عام 1972، وهي تركض عارية تصرخ من الألم بعد أن أحرقت قنابل النابالم ثيابها وجلدها. "فتاة النابالم"، كما عرفها العالم، لا تزال حتى اليوم تعاني من آثار حروقها.
على مسافة ساعتين بالسيارة من المدينة، يمكن للزوار الزحف داخل أنفاق كو تشي، وهي الشبكة الأسطورية الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر. لم تكن مجرد مخابئ، بل كانت مدنًا بثلاثة مستويات تحت الأرض تضم أماكن إقامة ومطابخ ومدارس ومستشفيات، وشكلت أحد أهم أسباب الانتصار.
لم تكن الحرب مجرد معارك في الغابات، بل صراعًا ثقافيًا وإعلاميًا دارت فصوله في أروقة الفنادق الفاخرة. في هانوي، عاصمة الشمال آنذاك، استضاف فندق "سوفيتيل ليجند ميتروبول" صحفيي العالم، لكنه استضاف أيضًا نشطاء سلام بارزين مثل الممثلة الأميركية جين فوندا. صورتها عام 1972 وهي تجلس على مدفع مضاد للطائرات تابع لمقاتلي فيتنام الشمالية أكسبتها لقب "جين هانوي"، وأثارت غضبًا عارمًا في الولايات المتحدة.
وفي سايغون (هوشي منه)، يمكن للنزلاء الإقامة في الغرفة نفسها التي كتب فيها الروائي البريطاني غراهام غرين رائعته "الأميركي الهادئ" في فندق "كونتيننتال"، وهي رواية كشفت ببراعة السذاجة والغطرسة التي ميزت التدخل الأميركي المبكر.
وبالنسبة لمجموعات الشباب الفيتنامي الجالسين ليحتسوا أنواعا عصرية من القهوة، تعد هذه الخلفية بالمقهى جزءا من الحياة اليومية، فالحرب لا تزال حاضرة في فيتنام، يروي وقائعها المنتصرون الشيوعيون.