تشهد محافظات يمنية ثورة تنخرط فيها النساء بشكل مكثف، وأبرزها في محافظات عدن وتعز وأبين، الواقعات تحت سيطرة للحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، والممولة من السعودية والإمارات، وتتخذ من عدن عاصمة لها.

 

وشهدت شوارع هذه المدن طوال الفترة الماضية خروج آلاف النساء في مظاهر احتجاجية متواصلة، للمرة الأولى، ومثل انعدام الخدمات وتردي الوضع المعيشي أبرز دوافع ومبررات الخروج النسوي.

 

بدأت تلك المظاهرات بشكل عفوي في مدينة عدن، على خلفية تراجع مستوى الخدمات، وأبرزها الكهرباء، وانقطاع الرواتب، ثم امتدت الشرارة إلى محافظة أبين المجاورة، التي تعيش هي الأخرى وضعا مشابها، وتوسعت الدائرة لاحقا لتصل محافظة تعز ذات الكثافة السكانية العالية، والتي تشهد تراجعا غير مسبوق بالخدمات الأساسية، وأبرزها الماء والكهرباء، وانقطاع الرواتب.

 

 

وحدت هذه المعاناة، والخروج النسوي اليمنيين في المدن التابعة للحكومة، وأبزرها تعز وعدن، رغم تنامي مظاهر المناطقية، وحصر الانتقالي سيطرته على ما كان يعرف بالمدن الجنوبية، لكن التدافع المستمر للشارع، عكس واحدية الحياة المعيشية، والهم المشترك.

 

المظاهر الثورية للنساء انخرطت فيها نساء من مختلف الفئات العمرية، وخرجن في ذروة فصل الصيف، التي ترتفع فيه درجة الحرارة إلى مستويات قياسية، وتنعدم فيه خدمات الكهرباء، ورفعن شعارات منددة، وهتافات غاضبة، خاصة في عدن، التي كان لها النصيب الأكبر من الحضور والمشاركة.

 

وتعكس هذه الثورة مستوى الضيق الذي وصل له السكان في هذه المدن، ويعبر عن حالة من المستوى المريع للوضع المعيشي، ووصول السكان إلى مرحلة من الضيق من أداء السلطات الحاكمة، وعبرت عنها النساء في هذه المظاهرات المستمرة.

 

ولعل الفارق بين التظاهرات في تعز وعدن، أنها جاءت بعيدا عن حالة التجاذب والدوافع السياسية، مع فارق أن الأولى لايزال فيها روح العمل السياسي، والفاعلية للأحزاب، بينما تغيب في الثانية التحركات السياسية التي يمكن اعتبارها تقف خلف دفع النساء للشوارع، ما يجعل الثورة النسائية في عدن تكتسب زخما كبيرا، ودلالة قوية، وتعد بمثابة استفتاء على السلطات القائمة، وردا على عمليات التضييق المناطقي، وهيمنة اللون الواحد، المتمثل هنا بالمجلس الانتقالي، الذي يسيطر بشكل كامل أمنيا واقتصاديا على عدن.

 

قوبلت هذه الثورة بالبرود أحيانا، وبمحاولات القمع أيضا، ففي تعز وأبين خرجت العديد من المظاهرات، لكن لم تتعرض لاي مضايقات أو محاولات إجهاض، بينما في عدن تعرضت النساء المشاركات لعمليات تضييق مستمرة، ومحاولات منع من التجمهر، ووصل الأمر حد الاعتداء على بعض النساء، وإخراج عناصر نسائية لمنعهن من التظاهر، وهو ما انتقده المركز الأورومتوسطي في تقرير حديث له.

 

ونجحت النساء في عدن بإيصال صوتهن للمجتمع المحلي والدولي، من خلال الإصرار المستمر في التظاهر، وتحدي قرارات اللجنة الأمنية التي منعت التظاهر، في محاولة لمنع التدفق المستمر إلى الشوارع، وهو ما يعكس أيضا مدى الشعور بتدهور الأوضاع، والحاجة الملحة لإجراء تدخلات عاجلة تلبي مطالب النساء.

 

قابت السلطات الحاكمة في تلك المدن المطالب بالصمت، وأبدى رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، ورئيس الحكومة الجديد سالم بن بريك تفهما لمطالب النساء، وذلك من خلال خطاب العليمي في ذكرى الوحدة اليمنية الـ35، وكذلك في تغريدة لرئيس الوزراء الذي اندلعت الثورة مع تعيينه رئيسا للحكومة، واستبقت عودته الأولى لليمن.

 

على المستوى السياسي لم يصدر عن الأحزاب اليمنية والكيانات ما يوحي بالتأييد لهذه الثورة النسوية، أو معارضتها، بينما رحبت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان تأييدها لمظاهر ثورة النساء في كل المحافظات.

 

أما بالنسبة للمجلس الانتقالي فقد بدا متناقضا في التعامل مع هذه المظاهر الثورية، خاصة في مدينة عدن، ففي حين تتحدث مواقفه عن دعم المتظاهرات، فقد بادر أيضا لقمعهن، واستخدم أجهزته الأمنية للتضييق عليهن، وبنفس الوقت واصل اتهام الحكومة بالتقصير في الخدمات، رغم كونه شريكا رئيسيا في إدارتها.

 

تعد هذه الثورة النوعية حالة فريدة من النضال في اليمن، المعروف بالمحافظ، ونظرته للنساء مجتمعيا، وتأتي هذه المظاهرات لتقدم رسالة واضحة على الوضع الذي تعيشه الحكومة اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتعكس مستوى التدهور للخدمات، وحالة الضيق الشعبية، ومن المرجح استمرارها، خاصة مع انعدام وسائل الحلول والمعالجات الملبية للمطالب المرفوعة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: ثورة النساء ثورة نساء اليمن نساء عدن نساء تعز نساء أبين هذه الثورة النساء فی فی عدن

إقرأ أيضاً:

اختتام الدورة التدريبية الثالثة للباحثين اليمنيين في الجامعات المصرية

شمسان بوست / القاهرة:

اختتمت في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم، الدورة التدريبية الثالثة حول طرق إعداد الرسائل العلمية للباحثين اليمنيين في مساق الماجستير والدكتوراة في الجامعات المصرية.

وهدفت الدورة، إلى اكساب 30 باحثاً وباحثة، عددا من المعارف والمهارات الضرورية في مناهج البحث العلمي، وأساليب إعداد الخطط البحثية، وتوثيق المراجع والمصادر، وفقاً للقواعد العلمية ، وطرق البحث في الأدوات الحديثة، وكتابة الرسائل والأبحاث بدرجة عالية من الجودة، بما يعزز من مكانة الباحث كونه أكثر دقة وموضوعية في قراءته وتحليلاته واستنتاجاته، وتمكنه من الإسهام والإضافة والإبتكار إلى المعرفة في مجال بحثه.

وفي نهاية الدورة التي تم تنظيمها بالتعاون بين مندوبية اليمن الدائمة لدى جامعة الدول العربية، ومركز التدريب والبحوث والدراسات التابع لمجلس الوحدة الإقتصادية العربية، تم توزيع الشهادات على المشاركين وعددهم 30 باحثاً وباحثة.

حضر الاختتام، القائم بأعمال مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير الدكتور علي موسى.   

مقالات مشابهة

  • الحجاج اليمنيين.. معاناة مستمرة بين خلافات الحكومة والحوثيين والجبايات غير القانونية (تقرير)
  • اختتام الدورة التدريبية الثالثة للباحثين اليمنيين في الجامعات المصرية
  • عودة العليمي وبن بريك لعدن تثير التساؤلات على وقع ثورة النساء (رصد)
  • شاهد.. الأضاحي في اليمن عبء ثقيل والأسعار تقهر الناس
  • لماذا الرعب من ثورة النسوان؟
  • ‎غروندبرغ يبحث مع وزير خارجية مصر الأوضاع في اليمن والبحر الأحمر
  • رغم القمع والتضييق…احتجاجات نسائية غاضبة في عدن وتعز تندد بانهيار الخدمات وتطالب بطرد المحتل
  • الشعب يريد حياة كريمة.. ثورة نساء تتصاعد في ‫عدن وتنديد بالأداء الحكومي وغياب الخدمات
  • وقفة احتجاجية نسائية غاضبة في تعز تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية والخدمات