يتكون العديد من الأدوية الشائعة من مواد كيميائية مصدرها الزيت الخام، وهي حالة يجب تغييرها إذا أردنا تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري.

فقد تمكن العلماء الآن من صنع اثنين من مسكنات الألم المعروفة، الأسيتامينوفين (المعروف أيضا باسم الباراسيتامول) والإيبوبروفين، من مركب موجود في أشجار الصنوبر. ويعتبر المركب أيضا منتَج نفايات من صناعة الورق ويمكن أن يكون بديلا مستداما للمواد الكيميائية الزيتية.

كما أن المركب المعني "بيتا-بينين"، يأتي من زيت التربنتين. وتمكن الباحثون أيضا من صنع العديد من المواد الكيميائية المفيدة الأخرى من زيت التربنتين، بما في ذلك تلك التي يمكن تطويرها إلى حاصرات بيتا، وأدوية الربو، ومنتجات التنظيف.

ويقول جوش تيبيتس، الكيميائي في جامعة باث في المملكة المتحدة: "يستخدم نموذج التكرير الحيوي القائم على زيت التربنتين الخاص بنا نفايات المنتجات الكيميائية الثانوية من صناعة الورق لإنتاج مجموعة من المواد الكيميائية المستدامة والقيمة التي يمكن استخدامها في مجموعة واسعة من التطبيقات من العطور إلى الباراسيتامول".

إقرأ المزيد طريقة جديدة لعلاج فقدان السمع بسبب الشيخوخة

وتستخدم الطريقة التي استخدمها فريق Tibbetts ما يُعرف بمفاعلات التدفق المستمر، وهي بالضبط ما تبدو عليه: تحدث التفاعلات الكيميائية باستمرار، وليس على دفعات، مثل حزام ناقل للمواد الكيميائية.

وهناك حاجة إلى سلسلة من التفاعلات التي تمت معايرتها بعناية للانتقال من بيتا-بينين إلى مركبات وسيطة للأسيتامينوفين والأيبوبروفين.

وتحتاج الطريقة إلى التطوير قبل الارتقاء بها إلى المستوى التجاري، ومن المرجح أن تكون أكثر تكلفة من العمليات القائمة على النفط الخام. ويمكن أن يتغير كل ذلك مع مزيد من التحسين، ودفع جهد إضافي قليلا في الوقت الحالي هو شيء قد نميل إلى قبوله إذا كان ذلك يعني حماية مستقبلنا على هذا الكوكب.

ومن خلال النظر إلى المدى الطويل، يعد الوقود الأحفوري موردا محدودا. في النهاية، سنحتاج إلى بديل.

ويعني العديد من الخطوات المفضية إلى إنشاء المنتجات القائمة على النفط المزيد من استخدام الوقود الأحفوري، ابتداء من إخراجها من الأرض في المقام الأول، وصولا إلى تكريرها فإلى شيء آخر. وقد يكون التحول إلى المواد والعمليات البديلة خطوة رئيسية أخرى في إبطاء تغير المناخ.

نُشر البحث في ChemSusChem.

المصدر: ساينس ألرت

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا بحوث

إقرأ أيضاً:

التدريب لا يصنع المعجزات.. بل يبني الوعي

 

 

 

غزلان بنت علي البلوشية

 

لم يعد التدريب اليوم مجرد محطة يقف عندها الشباب لجمع الشهادات أو اجتياز عقبة في طريق التوظيف. بل تحوّل في ظل التغيرات المتسارعة في العالم المهني والاقتصادي إلى أداة وجودية، تعكس علاقة الفرد بنفسه، وتفضح عمق وعيه بما يريد، وكيف يصل إليه، ولماذا يسعى أصلًا.
لقد أفرزت السنوات الأخيرة ظاهرة باتت مقلقة: شبابٌ يتنقلون من دورة لأخرى، ومن شهادة لأخرى، دون أن يتحقق فيهم التغيير الحقيقي. السبب؟ لأنهم لم يتوقفوا يومًا ليسألوا أنفسهم: هل أنا أتدرّب لأكتشف نفسي؟ أم أهرب من المواجهة؟
التدريب الفعّال لا يُقاس بعدد الحاضرين، ولا بكمية المحتوى، بل بقدرته على تفكيك الصورة الذهنية القديمة عن الذات، وإعادة تركيبها بوعيٍ جديد. هو تدريب لا يُلقّن، بل يُحرّك الداخل، ويوقظ الإمكانات، ويخلق مسارًا واضحًا بين الشخص وسوق العمل، لا مسارًا بين الكرسي والشهادة.
في مجتمعاتنا، ما زال كثير من الشباب يركض خلف الرغبات الآنية، ويُهمل أساسيات الاستدامة الشخصية والمهنية. يغيب عنهم التقييم المالي الذاتي، ولا يُدركون أن القرارات المتسرعة، حتى وإن غُلّفت بلغة التطوير، قد تكون سببًا في ترسيخ الفشل بدل كسره.
من هنا، فإن إعادة تعريف التدريب كأداة للتوجيه المهني والتحليل الذاتي والتخطيط الواقعي، أصبح ضرورة وطنية وإنسانية. لا نريد شبابًا أكثر شهادات، بل نريد شبابًا أكثر وعيًا بذاتهم، بمسؤولياتهم، وبحجم الأثر الذي يمكن أن يحدثوه حين يعرفون من هم، وإلى أين يتجهون.
في الوقت الذي أصبح فيه التدريب عنوانًا شائعًا بين الشباب، لا تزال الفجوة كبيرة بين ما يُقدّم في بعض البرامج وبين الواقع الذي يعيشه المتدرّب بعد خروجه إلى سوق العمل. كثيرٌ من الشباب يدخلون عالم التدريب بدافع الرغبة في التحسين، لكنهم يخرجون منه دون أدوات تحليل ذاتي حقيقية، أو دون بوصلة واضحة ترشدهم في قراراتهم. النتيجة؟ مشاريع عشوائية، استهلاك مفرط، وانتظار طويل لفرص قد لا تأتي.
لقد أصبح تأثير وسائل التواصل الاجتماعي عاملًا مباشرًا في صياغة وعي جيل كامل. منصات مليئة بإعلانات "الثراء السريع"، و"النجاح في أسبوع"، والمنتجات التي تُروّج وكأن السعادة تُشترى. في وسط هذا الزخم، يبدأ الشاب في تغليب الرغبة على الحاجة، والمتعة الفورية على التخطيط المستقبلي. فيصرف ما في الجيب، بحثًا عن رضا سريع أو مظهر اجتماعي زائف، دون أن يدرك أن هذا النمط الاستهلاكي قد يجره إلى أزمات يصعب الخروج منها.
إنَّ التوازن هنا ليس حرمانًا، بل حماية. فالفرد الذي لا يعرف كيف يدير دخله، ولا يملك تصورًا واقعيًا عن مستقبله المهني، سيجد نفسه عاجزًا أمام أول أزمة مالية أو شخصية، كما حدث مع آلاف الشباب في زمن كورونا. لقد كشفت تلك المرحلة هشاشة القرارات غير المدروسة، والمشاريع القائمة على الاندفاع، وعدم وجود خطط بديلة أو وعي مالي حقيقي.
ولعل أبرز ما يغيب عن تجارب كثير من المتدرّبين اليوم، هو التحليل المالي الشخصي. قليلٌ من الشباب من يعرف كم يصرف، ولماذا، وما العائد من ذلك. ينطلق البعض في تأسيس مشاريع صغيرة بدافع الشغف، دون فهم دقيق لجوانب التمويل، التكاليف، أو آليات السوق، فيسقطون سريعًا عند أول تحدٍ. والأسوأ أن البعض يعتبر الفشل أمرًا عابرًا، فيُعيد التجربة دون مراجعة أو تصحيح، مما يرسّخ الإحباط ويفقد الثقة بالنفس.
لهذا، يجب أن يُعاد بناء مفهوم التدريب ليشمل أكثر من مجرد تنمية المهارات. التدريب الفعّال يجب أن يُدمج مع استشارات مهنية وشخصية حقيقية، وتوعية مالية مدروسة، تُعلّم الشاب كيف يفكر، لا فقط كيف يعمل. ما يحتاجه الجيل الحالي ليس دافعًا لاستهلاك أكثر، بل وعيًا أعمق، يساعده على فهم نفسه، وتحديد أولوياته، وبناء قراراته على أساس من الاستدامة، لا الرغبة المؤقتة.
الشباب في كثير من الأحيان يفتقرون إلى التوجيه المهني الفعّال، فيقعون في فخ العمل في مجالات لا تناسبهم، أو إطلاق مشاريع غير مدروسة، ما يؤدي إلى ضياع الموارد والطاقة. التدريب هنا يجب أن يكون مصحوبًا باستشارات مهنية وشخصية مدروسة، تساعد الفرد على الإجابة عن أسئلة أساسية: من أنا؟ ماذا أريد؟ ما المهارات التي أحتاجها؟ ما طبيعة السوق؟ كيف أستعد نفسيًا ومهنيًا لاقتحامه؟
ومن أبرز الثغرات التي يقع فيها كثير من الشباب بعد التدريب، هي ضعف التحليل المالي، سواء على مستوى المصروف الشخصي أو على مستوى تأسيس مشروع. فيركض البعض خلف الرغبات والاستهلاك أو المشاريع السريعة دون أن يمتلكوا وعيًا حقيقيًا بجدوى ما يُقدمون عليه، فيصبح التدريب بلا أثر، والنتائج مؤقتة وهشة.
نصيحة من ذهب
لا تجعل التدريب محطة عبور مؤقتة، بل اجعل منه مرآة تراجع بها ذاتك، وتكتشف من خلالها إمكاناتك الحقيقية. لا تنخدع ببريق الشهادات ولا عدد الساعات، فالعبرة ليست فيما تحمله في ملفك، بل فيما تحمله في وعيك. درّب نفسك أولًا على أن تفكّر، لا فقط أن تتلقى. أن تُحلّل، لا أن تُقلّد. وأن تُخطّط، لا أن تندفع.
الحياة اليوم لا ترحم من يركض وراء الرغبات المؤقتة، ولا تنتظر من يجهل طريقه. اجعل من كل تدريب تخوضه فرصة لتعيد هندسة علاقتك مع ذاتك، مع مالك، ومع مستقبلك. حينها فقط، ستحوّل التدريب إلى خطوة نحو التمكين، لا مجرد لحظة عابرة على ورقة مطبوعة.
وفي الختام..
التدريب ليس حلًا سحريًا؛ بل هو نقطة بداية، يشترط أن تُبنى على وعي داخلي واستعداد فكري ونفسي. في زمن يعجّ بالتحديات والتقلّبات، لم يعد كافيًا أن نعلّم الشباب مهارات العمل، بل أصبح واجبًا أن نعلّمهم كيف يقرؤون أنفسهم، وكيف يتعاملون مع المال، وكيف يصنعون قراراتهم بوعي واستدامة.
إذا ما أردنا فعلًا بناء جيلٍ منتج، مستقل، ومسؤول، فعلينا أن ننتقل من التدريب الذي يُلقَّن، إلى التدريب الذي يُحفّز، ويُوجّه، ويُحلّل. تدريب يعيد للفرد علاقته بنفسه، ويمنحه أدوات الرؤية لا أدوات التكرار؛ فالمستقبل لا ينتظر المترددين؛ بل يصنعه أولئك الذين عرفوا من هم، وماذا يريدون، وكيف يبدؤون من أنفسهم، لا من انتظار الفرص.

مقالات مشابهة

  • غزة من وسط النار يولد الصمود وتكتب الحرية بوهج الألم
  • إحباط محاولة تهريب كميات من الزيت المدعم للسوق السوداء بالبحيرة
  • جوزيف عون عن زيارته للقاهرة غدا: سأناقش مع الرئيس السيسي العديد من الملفات
  • صندوق النقد الدولي يتطلع الي زيادة مشاركة القطاع الخاص في العديد من المشروعات
  • «العمل» تعلن عن وظائف بشركة لإنتاج الورق بالعبور.. اعرف التخصصات المطلوبة
  • قمة الورق والحبر… وباقي الحكاية في غزة
  • روسيا.. ابتكار مسكنات ألم جديدة منخفضة السمية
  • كريستال بالاس يصنع التاريخ ويحقق كأس الاتحاد الانكليزي على حساب السيتي
  • المشاريع نصف المنجزة: الخرائط على الورق.. والواقع ينتظر
  • التدريب لا يصنع المعجزات.. بل يبني الوعي