عربي21:
2025-05-20@22:06:36 GMT

غزة وإذلال المتربصين بها

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

صحيح أن الموقع الجغرافي لغزة يمثل الحلقة الأضعف أمنيا وعسكريا من ناحية التطويق والحصار الإسرائيلي لها ومشاركة مصر بهذا الحصار من خلال الخضوع لشروط المراقبة الصهيونية على كل شيء يرد إلى غزة، وبمقارنة إمكانيات المواجهة فيها للمقاومة مع إمكانيات الاحتلال الضخمة في العتاد والتسليح والتفوق الجوي والتكنولوجي والدعم غير المحدود من الولايات المتحدة والدول الغربية، إلا أن المواجهة المستمرة وقدرة المقاومة على صد الهجمات، والتصدي للعدوان وإيقاع خسائر كبيرة في صفوف قوات الاحتلال بعد شهرين من بدء العدوان، أربك المؤسسة العسكرية الصهيونية التي حاولت التعتيم على مجريات المواجهة في غزة، وكالعادة بثت الأكاذيب وفبركت قصص كذبتها وقائع الأحداث في الميدان وفي كل أحياء غزة، من بيت حانون وبيت لاهيا في الشمال إلى رفح جنوبا، والتي بقي فيها شاهدٌ ناصع من تفوق الهمجية الصهيونية على حياة الغزيين وتدميرها، وكثرة المذابح بحق المدنيين في غزة، انتقاما من المقاومة فيها على جرأتها وقدرتها على إيذاء المحتل والتصدي له.



شعور الاحتلال بالألم المهين والمذل، استدعى سُعارا عالميا لحمايته، من واشنطن إلى لندن وباريس وروما وبرلين، وبالهرولة لتقديم العون لهذا المشروع الاستعماري وإبداء كل القلق والخوف عليه من التصدع، وبدأت العقلية المشتركة للقوى الاستعمارية محاولة رسم مستقبل غزة والفلسطينيين، بما يتناسب وتخفيف القلق على هذا المشروع بإعادة شيطنة الفلسطينيين ومقاومتهم، وربطها بأجندات ومشاريع "خارجية" على أساس الاطمئنان للماضي؛ بالتسليم بأن الشعب الفلسطيني وقضيته مصيرهما مربوط بما يمن عليهم المحتل به من قبوله عزلهم في كانتونات ورضوخهم للأمر الواقع من المراوغة والتسويف لأكثر من ثلاثة عقود، والأهم أن هناك طوقا وسياسة عربية تنظر للفلسطينيين من باب "إنساني" تمقت فيهم أي مقاومة يبدونها بوجه المحتل، وتجتر قلق من سلوكه الفاشي نحوهم، وهذا يلائم حالة انهيار عربي رسمي أعقبت أوسلو 1993، وتوجت في دعم ثورات مضادة على الربيع العربي، وعودة تمتين أنظمة الاستبداد والقمع العربي الذي فُهمَ منه في جولة العدوان الحالية على غزة، حاجة صهيونية متبادلة بين هذه الأنظمة والاحتلال للتخلص من عبءٍ فاضحٍ للمقاومة الفلسطينية التي أظهرت جيوش أنظمةٍ عربية تعيش حالة عطالة تامة عسكرية وسياسية وتاريخية.

وأخبار من غزة لم تبعث على السرور في نفوس الصهاينة، ولا في دوائر حلفائهم العرب المنتظرين نصرا صهيونيا على المقاومة، فأخبار الميدان والمواجهة التي تكشف عنها بيانات المقاومة وتقاريرها المصورة، وأرقامها المرعبة للاحتلال، والكاشفة لأباطيل كثيرة عن سير المعارك هناك، وكشفت عن بسالةٍ ظهر عليها المقاوم الفلسطيني، وأحدثت قلقا لدى الدوائر الصهيونية.

والجدل الأخير في الصحافة العبرية عن أرقام الخسائر والخلاف بين رقمي الألفين والخمسة آلاف إصابة بين جنود الاحتلال، يكفي لكشف المأزق الكبير الذي تتخبط فيه حكومة الاحتلال من وراء التورط بالعدوان البري في غزة، لكن هذه الأرقام والحقائق يجري تسخيفها والنيل منها ومن مصداقيتها في إعلام عربي يخدم الرواية الصهيونية ليدافع عن عطالة أنظمته السياسية والعسكرية والأخلاقية والوطنية، في محاولة لعب دور المؤثر لتأكيد عدم جدوى مقاومة الفلسطينيين للمحتل، وأن يكونوا أدوات لتنفيذ مصالحه على الأرض مقابل ما يمنّ عليهم به.

ونعود لغزة ولظروف واقعها المرتبط مع بقية القضية الفلسطينية ولدور السلطة الفلسطينية منذ 17 عاما، والتحريض المستمر عليها، ومواجهتها لخمس حروب طاحنة مع ظروف الحصار، وتطور المقاومة فيها بالشكل الذي يجري هذه الأيام، بمقابل الاصطفاف والتحالف ضد المقاومة وإدخال بعض النظام العربي الرسمي في خندق التحالف المعادي للمقاومة والمساهمة بالضغط عليها لصالح المحتل الإسرائيلي ولمشاريعه في تصفية المقاومة.

وتطبيق الاحتلال لسياسة التهجير في غزة لا يتأثر بالقلق منها والرفض العربي لها. وكما هو معروف فإن التفكير الجدي هذه الأيام بقدرة السياسة العربية على امتلاك إرادة قادرة على إفشال أو لجم هذه المشاريع أو القدرة على رسم سياسات لها علاقة بالمالح الوطنية؛ هو تفكير ساذج بمنطق المعرفة والوعي بهذه الأنظمة ودورها ووظائفها. لذلك نرى أن إنقاذ البشر من الجوع يفشل لأنه ببساطة وصراحة النظام في مصر يعبر عن إخلاص منحط لشروط صهيونية وبكفاءة غير إنسانية وغير أخلاقية. فالصمت عن المذابح يتم بطريقة استبدال المواقف بإرسال أطنان من المساعدات المكدسة في العريش ورفح كرفع العتب عن العطب الأخلاقي، من خلال التستر بعبارة الحاجة الملحة لوصول المساعدات (المتوقفة على الحدود) والتي دخل بعضها أثناء الهدنة بفضل بسط المقاومة لشروطها، فيما حاول البعض التمسح بمظهر إنساني أمامها.

أمام كل التحولات التي حدثت في غزة، من خلال إيقاع المقاومة لخسائر في صفوف قوات الاحتلال، ومن خلال وتيرة المواجهات التي أذلت المتربصين بالمقاومة الفلسطينية في محاولة لحرمانها من مواقعها بين أبناء شعبها، فهي قد لا تنتهي بنصر عسكري يؤدي لهزيمة "إسرائيل" وتفكيك بنيتها الاستعمارية، لكن المواجهة أعادت للواجهة أهم قضية لشعبٍ تحت الاحتلال، مع تجربة نضالية بأن الصراع التاريخي والمصيري مع المشروع الاستعماري في فلسطين يمكن أن تحسمه عدة معارك سياسية وأخلاقية وقانونية وعسكرية.

وهذه الجولة من معركة غزة ومقاومتها للعدوان وتصدي الشعب الفلسطيني في كل المدن الفلسطينية للسياسة الاستعمارية؛ تدحض بعض أفكار وسياسات وتمنيات عربية متصهينة ومستبدة عن حتمية خضوع وسحق إرادة ملايين العرب والفلسطينيين الذين تتفاقم معاناتهم ويتضاعف عذابهم بسبب الانهيار العربي الشامل أمام العدوان الصهيوني، فيما التصدي له أحدث إذلالا عربيا رسميا وصهيونيا غير مسبوقين بتاريخ الصراع.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة الفلسطينيين إسرائيل فلسطين غزة العالم العربي طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

قيادي بحماس: الاحتلال يربك الساحة بأخبار مزيفة للضغط على المقاومة

قال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج، إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول إرباك الساحة بأخبار مزيفة من أجل الضغط على المقاومة وتمرير جرائمه بحق أهالي غزة.

وأضاف أبو زهري في تصريحات لفضائية الأقصى -التابعة للحركة- أنه لا حقيقة لما يتردد حول موافقة الحركة على الإفراج عن 9 من الأسرى الإسرائيليين مقابل هدنة لمدة شهرين.

وأردف قائلا "لقد بادرنا بتسليم الجندي إلكسندر عيدان من أجل تهيئة الأجواء للتوصل إلى اتفاق ولكن الإدارة الأميركية لم تقدر خطوتنا".

وأكد أبو زهري أن حماس لن تسلم للاحتلال أسراه طالما استمر إصراره في الذهاب إلى ما لانهاية لعدوانه على قطاع غزة، مشيرا إلى أن الحركة جاهزة للإفراج على الأسرى دفعة واحدة شريطة التزام الاحتلال بوقف الحرب بضمانة دولية

وأشار إلى أن المقاومة بخير ولا يوجد قلق حول مستقبلها وعملياتها مستمرة رغم الفارق الهائل في العتاد مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

شروط أميركية وإسرائيلية

وفي وقت سابق الأحد، قال المبعوث الأميركي لشؤون "الرهائن" آدم بولر، إن على حماس إطلاق المحتجزين لديها إذا أرادت أن يتوقف القصف.

وأضاف بولر، في تصريحات صحفية، "سنشهد إطلاق سراح الرهائن من خلال الصرامة والقوة".

إعلان

وبدأت الجولة الجديدة من مفاوضات الدوحة قبل أيام بالتزامن مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمنطقة، والتي شملت السعودية وقطر والإمارات.

وقبيل اجتماع للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانا قال فيه إن فريق التفاوض الإسرائيلي يعمل في الدوحة لاستنفاد كل فرصة من أجل التوصل إلى اتفاق، سواء وفقا لخطة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أو كجزء من إنهاء القتال.

وأضاف أن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن كل المحتجزين، وإبعاد مقاتلي حركة حماس من غزة، وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.

وظل رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض وقف الحرب على غزة قبل إحراز "نصر مطلق" و"تدمير حماس"، واستعادة كل المحتجزين في القطاع.

وفي المقابل، أبدت حركة حماس استعدادها للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الأسرى لديها دفعة واحدة مقابل وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وإعادة إعمارها.

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أزيد من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات الآلاف من النازحين.

مقالات مشابهة

  • لجان المقاومة الفلسطينية: قرار الحظر اليمني خطوة استراتيجية لردع العدو
  • حماس: قناة العربية تضلل الرأي العام وتشوّه المقاومة
  • حماس”: ما ورد في قناة “العربية” محاولة رخيصة لتشويه صورة المقاومة
  • ما دلالة تزايد أعمال المقاومة وفشل عملية الاحتلال؟ الدويري يجيب
  • واشنطن تُسلّع المساعدات وتستخدمها كسلاح لإجبار الفلسطينيين على التراجع
  • الاحتلال يسعى لسيطرة كاملة على غزة ويقر بقتال شديد من المقاومة
  • الحرب على غزة كنقطة تحول تاريخية
  • حماس: الاحتلال فشل مجددا في غزة بعملية خان يونس
  • الدويري: المقاومة تعتمد حرب العصابات ولم ترفع الراية البيضاء
  • قيادي بحماس: الاحتلال يربك الساحة بأخبار مزيفة للضغط على المقاومة