جبهات غزة والضفة الغربية والجنوب اللبناني: أي ترابط قائم؟
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
كتب الدكتور ناصيف حتي في " النهار": بدأت إسرائيل باعادة اثارة موضوع استكمال تطبيق القرار ١٧٠١ الخاص بلبنان عبر اخلاء المنطقة الواقعة بين الحدود ونهر الليطاني من اي قوة مسلحة غير الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل تحت عنوان عدم العودة الى الوضع الذي كان قائما قبل السابع من تشرين اول. الوضع الذي كانت تنظمه قواعد الاشتباك التي تبلورت بعد عدوان صيف ٢٠٠٦.
ومن الواضح ان المطلوب بداية التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة قبل البحث الفعلي والجدي ببلورة "قواعد اشتباك جديدة" على الحدود اللبنانية الاسرائيلية. قواعد تاخذ في الاعتبار المتغيرات التي احدثتها حرب غزة في الجبهات المشتعلة، عندما تتوقف هذه الحرب. متغيرات تدل على الترابط الفعلي والجديد في بعض اشكاله وفي ادارته بين جبهتي غزة والجنوب مرورا بجبهة الضفة الغربية .
والى حين التوصل الى ذلك، اي وقف الحرب في غزة، ستبقى كافة الاحتمالات قائمة بشان جبهات القتال رغم اختلاف حدة هذه الحروب وطبيعة ادارتها، وستبقى المنطقة على صفيح ساخن وقابلة لحدوث سيناريوات مستقبلية مختلفة، وذلك رغم الضغوط الدولية لمنع حدوث حرب مفتوحة على الجبهة اللبنانية .
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
مع إبرام اتفاق غزة، بدت ميليشيا الحوثي الإيرانية في مأزق استراتيجي؛ فقد تلاشت الشماعات التي استخدمتها طوال سنوات الحرب الأخيرة لتبرير تصعيدها الإقليمي، وتحولت الحاجة إلى إيجاد مبرر جديد لاستمرار الحرب إلى أولوية.
فبعد أن وظّفت الميليشيات الحوثية الملف الفلسطيني لمشروع الابتزاز الدولي وتهديد خطوط الملاحة، باتت اليوم مطالبة بأن تُبرّر بقاءها على الوضع الحالي، اختارت اليوم أن تعيد إشعال الحرب داخلياً. إذ تشير المعلومات الميدانية والعسكرية إلى أن الحوثيين بدأوا فعليًّا في دفع تعزيزات ضخمة إلى جبهات مأرب والجوف وتعز والحديدة وحجة ولحج، مع استحداث مواقع جديدة وخنادق في خطوط التماس.
والتحركات لا تكاد تُقرأ بمعزل عن حملة تعبئة حزبية واجتماعية داخل ما يُسمّى بـ "التعبئة الشعبية العامة" تحت شعارات ضخمة مثل "مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل"، حيث برز التصعيد العسكري الداخلي بوضوح من في خطاب زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي الأخير، الذي دعا إلى ما أسماه رفع الجاهزية القتالية. غير أن رفع الجاهزية لا يظهر فقط كجزء من المواجهة الخارجية، بل هو تحضير لمرحلة جديدة من القتال في الداخل، خاصة بعد أن تآكلت القدرة على استخدام تصعيد الإقليم كغلاف مقبول. الممتدّ إلى الداخل، الصراع الذي يعتمده الحوثي كأداة للبقاء، هو اليوم خيارهم الرئيس.
بحسب مصادر عسكرية ميدانية أوضحت أن الميليشيات الحوثية دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات إضافية إلى عدة جبهات، حيث سجلت مأرب تحشيدًا غير مسبوق، إذ دفعت الجماعة بآلاف المقاتلين مع آليات ثقيلة صوب جبهات مثل صرواح والجوبة ورغوان والمناطق الحدودية. في الجوف، تستمر عمليات التوتر مع تبادل القصف والتسلل، مع وصول دعم عسكري من محافظات تحت سيطرة الحوثي، وفقًا لمصادر ميدانية.
وفي تعز ومحافظات الجنوب، تشير المصادر إلى خروق متكررة للتهدئة من جانب الحوثيين، وتصاعد في القصف والتقدم البطيء في بعض المحاور، في محاولة لربط شبكات القتال بين عدة جبهات. حيث لا تكتفي الميليشيات الحوثية بإرسال عناصرها المسلحة فحسب، بل تعمل على استحداث مواقع استراتيجية وخنادق جديدة على طول خطوط التماس، كجزء من ترسيم خريطة قتال بديلة.
هذه التحركات تأتي بالتوازي مع حملات التعبئة والتجنيد الجبري التي تنفذها الميليشيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت شعارات زائفة بينها المعركة المقدسة والنفس الطويل وغيرها من الشعارات التي ترفعها لتبرير استمرار حربها العبثية ضد الشعب اليمني. ويُرَجَّح أن الحوثي يحاول من خلال هذه التحركات إرسال رسالة ابتزاز مفادها: "إذا لم تسمحوا لنا بالحرب الخارجية، فستضطرون لمواجهتنا داخليًا".
ويرى محللون إن ميليشيا الحوثي استخدمت موضوع فلسطين ونصرة غزة كستار أخضر لحشد الأموال والتسليح والسيطرة على الشارع اليمني، وكذا لتهديد وخطف خطوط الملاحة بين الحين والآخر من أجل ابتزاز المجتمع الدولي. ولكن مع الاتفاق في غزة، انخفضت قيمة هذا الستار، وأصبح الحوثي مكشوفًا أمام تحدّي تبرير استمرار الحرب داخلياً.
وأضافوا: "اليوم، وبعد أن فقد قوة جاذبية الحرب الإقليمية، لا خيار أمام الحوثي إلا أن يعتمد على الحرب الداخلية كمشروع "بديل" يستمر من خلاله في الاستفادة من الموارد المالية التي يجمعها بالقوة (جبايات وفرض "ضرائب الحرب")، وكذا إضعاف أي تحركات سلمية أو مطالب مدنية داخلية مناهضة لسلطتهم، إضافة إلى تمرير إخفاقاته في الإدارة الخدمية عبر ذريعة "القتال". إلى جانب الاستمرار في جذب المقاتلين الجدد تحت شعار الجهاد واستخدامهم داخليًا.
وتحاول الميليشيات الحوثية من خلال تحركاتها العسكرية الأخيرة ربط جبهات الجنوب والشمال، لفسح المجال لعمليات هدفها إحكام السيطرة وإشعال المواجهات في أكثر من محور. كما أن تصاعد خسائره البشرية – التي وفق تقارير محلية تجاوزت العشرين قتيلاً خلال أسبوعين في جبهات مثل تعز والضالع – لا يبدو كدليل على ضعف، بل جزءًا من استراتيجية التهديد والإبقاء على الرعب في الداخل.
هذه الأسلوبية ليست جديدة، لكن توقيتها مرتبط بتحوُّل البيئة الدولية والإقليمية التي لم تعد تعطي الحوثي الغطاء المُتوقع في مرحلة ما بعد غزة. فالاستمرار في الحرب يمنح الحوثي غطاءً دائمًا للهروب من استحقاقات المواطنين: من دفع الرواتب إلى توفير الخدمات إلى السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل دون قيود. كما أنه يُقدِم فرصة لتعطيل أي جهود سلمية، وجعل التفاوض مرتبطًا بمقايضات عسكرية.